صالح الشايع كما عرفته (1) 29/12/2006
بقلم: فرحان عبدالله حمد الفرحان المدرسة والأب (1911 - 2006) - 29/12/2006
صالح علي حمود أحمد الشايع
صالح علي حمود أحمد الشايع
(1911م -2006م)
بعد وفاة المرحوم العم صالح الشايع يوم السبت 6/12/2006م كنت قد كتبت كلمة رثاء بحق هذا الرجل الفاضل وقلت في آخرها سيكون هناك لنا حديث متسع في المستقبل بحق هذا الرجل الكبير، وها أنذا ابتدئ بهذه السلسلة من تاريخ هذا الرجل الفاضل وهنا أقول: أول مرة يدخل في ذهني اسم الشايع عندما كنا صغارا ونتوجه الى المدرسة وكان يلازمني في الذهاب الى المدرسة فهد محمد الثويني، وكنا يوما نسير في الطريق العام مقابل بلدية الكويت فإذا شاب طويل يقف امام الباب الكبير وهو يقدم للخارجين الصدقات من هذا المنزل وهن سيدات كل واحدة ربيتين.. هذا الرجل الشاب عرفته فيما بعد بأنه عبداللطيف الشايع، من هنا ابتدأ يدخل في ذهني ويرتسم اسم ''الشايع'' الذين يقدمون للفقراء المقسوم، وبعدها ابتدأنا نتعرف على هذا البيت الكبير والأسرة الكبيرة في المرقاب.. وتدور الايام وفي سنة 1980 - 1981 كنت في لندن وتوجهت الى مسجد لندن للصلاة في يوم الجمعة، وبعد الصلاة شاهدت شخصا عليه سمات الخليج وهو يوزع على الفقراء بعض النقود فتوجهت الى إمام المسجد للسلام عليه وتوجه هو بعدها الى هذا الإمام وسلم عليه وسألني من اين انت؟ فقلت من الكويت ما اسمك؟ فقلت فرحان عبدالله احمد الفرحان قال اني اعرف جدك كان في الهند فقلت من هو العم؟ فقال انا صالح الشايع فقلت له العم ابو احمد؟ فقال هل تعرف احمد فقلت سمعت ان شقيقكم عبداللطيف كان يذهب به الى مدرسة ملا مرشد في القديم وابتدأنا نتحدث ونسير من مسجد لندن حتى شارع بيكر ستريت ومن ثم افترقنا، وهذه هي اول معرفتي بهذا الرجل الطيب.. قبل ثلاث سنوات ونيف كنت في ديوان البحر العامر في ضاحية عبدالله السالم، وكان من بين الجلوس احمد الذي تعرفت إليه بعد أن شاهدني في النقاش سألني لماذا لا تمر على الوالد في ديواننا بالشامية فالجماعة يجلسون كل صباح من الساعة الثامنة.. بعد هذا الكلام حزمت نفسي وتوجهت الى هذا الديوان الكبير ولم يكن لي معرفة ببقية الجلوس وبعد السلام والترحيب تبين لي ان صالح رجل علم لا رجل مال، حيث رمى البحث عن المال وراء ظهره وأخذ يسألني بعض الأسئلة وأنا أجيب ثم قال ''مريم زوجة ناصر الفرحان شتصيرلك''؟ فقلت جدة والدتي ام امها طرفة فقال رحمها الله كانت تأتي كل يوم بعد العصر وتجلس معها مجموعة من النساء وكلهن اميات لا يقرأن ولا يكتبن من الحي الفريج وتقول والدتي ان ابوك (علي الشايع) هو الذي ساعدني على القراءة وجعلني اجمع السيدات في الفريج لكي اقرأ لهم دين وحديث، المهم ا ن جدتكم مريم العيسى كانت من ضمن الحضور واتصورها كأنها امامي اليوم.
كان عمري في تلك الحقبة من الزمن حيث كنا اول انتقالنا الى بيتنا في المرقاب، لا يتجاوز الثماني سنوات، وكانت مريم العيسى جدتكم بيضاء (سمينة) وظاهرة من بين النساء بوزنها الزائد، الشيء الغريب ان في كثير من ابنائنا وزنهم مثل ذلك.
المهم ان والدتي كانت تحدثهم كل يوم حديثا حيث تقرأ عليهم من هل الكتاب الذي بين يديها وكانوا مبسوطين من هل جلسة التي تعتبر تلاقي السيدات في الحي واحساسهم بأنهم يتعلمون شيئا من الدين وكانت الوالدة كما يقول رحمها الله تفرح بهذا اللقاء مع ابناء الحي.
كانت الوالدة هي سعدون السعدون، قد انجبتني اولا ثم شقيقي عبداللطيف رحمه الله.
في هذه الاثناء، كانت جدتي لوالدتي مريم العيسى زوجة جدي ناصر الفرحان على صلة مع آل الشايع عن طريق السيدة هي سعدون السعدون او صالح العلي الحمود الشايع، كانت هناك صلة اخرى مع الرجال فقد كان المرحوم محمد حمود الشايع الابن الاكبر لحمود الشايع قد كان لجدي احمد عبدالله الفرحان مصالح تجارية مع هذه العائلة الكريمة، ذلك في سنة 1916م - 1335ه قبل تسعين سنة تقريبا وكان جدي احمد الفرحان يعمل في تجارة اللؤلؤ وكان يقوم بالطواشة وهي شراء اللؤلؤ من الغواصين في عرض البحر، ومن ثم يتوجه هو او شقيقه الاكبر راشد الى الهند لبيع هذا اللؤلؤ والقماش كما يسمى في 24 شعبان سنة ،1335 1916 ارسل المرحوم محمد الشايع رسالة من الكويت الى جدي احمد الفرحان في الهند بومبي يقول فيها: جناب الاخ المحترم احمد بن عبدالله بن فرحان سلمه الله تعالى امين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وهو يقول عن مبلغ من المال حوله في بومباني الى عبدالله الفوزان التوقيع محمد الحمود الشايع.
مرفق نص الرسالة.
قبل ان ادخل في سرد الاحداث للمرحوم صالح الشايع اقدم نبذة عن هذه الاسرة التي انحدرت من نجد ومن الزلفى بالذات، حيث كان جدهم حمود بن احمد بن علي بن شايع بن عبدالله بن احمد وهذا هو الاسم الذي عرفت فيه في اول مجيئها وصولا الى الكويت في منتصف القرن التاسع عشر حالها حال كثير من الاسر الذين فرض عليهم التنقل من نجد الى الزبير او شرقي الجزيرة العربية او الكويت كان حظ الشايع ان يكون نصيبها الى الكويت.
توجه حمود الشايع الى الشرق من الزلفى الى حفر الباطن فالرقعي شرقا الى الكويت وكان بصحبة زوجته وابنائه محمد وعلي وسكنوا في اول الامر في منطقة وسط المدينة على مقربة من فريج الفرج وبعد ان عمل حمود فترة وتحسنت احواله توجه الى حي القبلة ثم واصل الرحلة منها الى المرقاب وكانت سكنهم مع تأسيس منطقة المرقاب، ذلك مقابل المرقاب الذي كان يستعمله محمد الرجيبة لكي يراقب القادمين في عهد جابر الاول جابر عيش وكان بيت (بن حمود) كما يسمى اخذ موقعه لأنه على ربوة مرتفعة وعلى مقربة منه عندما يأتي فصل الشتاء المنخفض المقابل للمنزل، حيث تتكون الامطار وتشكل خبرة، بل بحيرة، وقد كانت الجمال والحمير والاغنام ترتوي منها في بادئ تأسيس هذا البيت، ولما كانت هذه البحيرة الخبرة مقابلة لمنزل حمود الشايع فقد اطلق عليها فيما بعد خبرة (بن حمود).
اخذ السيد حمود الشايع يعمل في التجارة واخذ نشاطه يزداد ولهذا بنى مسجدا قرب منزله سمي مسجد بن حمود، وتروي الرواية ان ولده علي حمود الشايع ظل اماما في هذا المسجد قرابة اربعين سنة، نظرا لتقاسم النشاط التجاري بين ابناء حمود الشايع، فالكبير محمد توجه الى الهند ليمد اسرته واخاه علي بالمواد التموينية لبيعها في اسواق الكويت. وهنا للحديث صلة.
في اول الشتاء، وربما في آخر الخريف من عام 2004 قابلت الفاضل احمد صالح الشايع ابن المرحوم وولده الاكبر في ديوان البحر في ضاحية عبدالله السالم، وشجعني على ان اغشى ديوانهم، حيث كان كما يقول الوالد يرحب بأمثالك، وفعلا بعدها بأيام اخذت بعضي وتوجهت الى ذلك الديوان العامر، وكما اذكر في يوم سبت.
وكان جالسا في ديوانهم في قاعة الاستقبال التي تقع على الشمال في منطقة الشامية، وكان يجلس على شماله ابن عمه محمد السيد عبدالعزيز الشايع. وقد رحب بي ترحيبا حارا، وكنت ظننت انه ابنه احمد قد زوده بمعلومات عني، لكني وجدته خالي الوفاض، لكن بعد ان عرفته بنفسي قال لي: اعرف جدك احمد الفرحان في الهند، عندما كان يتردد هناك على تلك البلاد، وبعدها ذكرني بحدث والدتي مريم العيسى التي كانت تزور والدته للاستماع الى الدرس الديني مساء في بيتهم في المرقاب، هكذا كان رحمه الله في استقباله لضيوفه، وهنا يهمني ان اجمع ما يمكن جمعه عن سيرة هذا الرجل رحمه الله.
وكان يردد علي في اكثر من مناسبة ان هناك في عائلتنا المؤسسين هم جدي حمود بن حمد بن علي الشايع وكان يثني على عمه محمد الحمود الشايع الذي تحمل المسؤولية في الهند، ويثني على شقيقه عبداللطيف الذي تحمل المسؤولية في الكويت مع ابن عمه عبدالعزيز المحمد الشايع. كانت اقامة محمد الحمود الشايع في الهند، وكان يساعده المرحوم صالح ومن ثم عبدالعزيز المحمد، وكان في الكويت والده علي الشايع ويساعد ابنه عبداللطيف كان علي الشايع عندما بنت اسرة الشايع مسجدها المعروف في المرقاب وسمي مسجد ابن حمود ويسرني في هذا المجال ان انقل ما ذكره المرحوم حمد السعيدان في موسوعته بالتالي حول المسجد وخبرة بن حمود في صفحة 454.
مسجد ابن حمود: مسجد في المرقاب اسسه المرحومان محمد الحمود الشايع وعبدالله سليمان النجدي سنة 1325ه 1917م، وجدده رحمه الله بالاشتراك مع اخيه علي الحمود الشايع سنة 1368 - ،1948 واشتهر عن المرحومين تقواهما والورع لدرجة ان محمد الحمود عندما اسس المسجد بنى حوله عددا من البيوت الصغيرة للايجار، وكان يشترط على المستأجر ان يصلي في المسجد - (انظر شايع).
خبرة ابن حمود: منخفض كبير كان موجودا امام ديوان السادة الحمود الشايع مقابل (دائرة السلكي واللاسلكي (1) يمتلئ بالمياه عند نزول الامطار وقد يبقى سنة كاملة لا يجف وعندما تمتلئ الخبرة بالماء يسعد الاطفال باللهو في الماء والتخوض فيه، والوحل ويعتقدون ان مياه الامطار اذا خوض فيها تطهر الارجل من المشق كما يأتي اصحاب السيارات لغسل سياراتهم في تلك الخبرة وتشاهد خمس او ست سيارات يغسلها اصحابها في وقت واحد وقد ردمتها البلدية عام 1954 بعد مشقة! وهنا انقل ما اورده الشيخ جلال الحنفي في كتابه معجم الالفاظ الكويتية صفحة 194 يقول حول كلمة ''الشايع''.
- الشايع: من اسمائهم، وكذلك يرد لقبا لبعض الاسر الكويتية، وهو ايضا اسم فريج في المرقاب، وكذلك يطلق على مسجد اسسه محمد حمود الشايع وعبدالله سليمان النجدي سنة 1325ه وجدد بناءه محمد حمود وعلي الشايع سنة 1368ه. ولهذا المسجد بابان احدهما على ''فريج الشايع'' والاخر على فريج عبدالعزيز الوزان.
في شتاء 1988 وبالتحديد في 1988م/12/17 كان للسيدة حمدية خلف خط بأن قامت بإجراء مقابلة صحفية سجلتها على صحيفة ''القبس'' الغراء وكانت على حلقتين وكان لي حظ ان احتفظ بهذا اللقاء الصحفي لأنه جزء من تاريخ الكويت وقد جرى في حلقتين.
وفي سنة 2002 في اولها، شهر نوفمبر، أجرى الاذاعي رضا الفيلي لقاء تلفزيونيا وحسنا فعل تلفزيون الكويت، حيث قامت صحيفة ''القبس'' الغراء بتفريغ ذلك اللقاء، حيث ابرزته على صفحاتها في ست حلقات كانت تورد في اول كل حلقة التالي:
تاريخ قرن تحولت فيه الكويت من حال الى حال رواه العم صالح الشايع فتحدث عن رحلته الغنية بالحياة، الزاخرة بالتجارب في مختلف ميادينها، للاعلامي المعروف رضا الفيلي، في برنامجه التلفزيوني المميز 'شخصيات كويتية' وبثه تلفزيون الكويت، وتعيد 'القبس' نشره.
في هذه الحلقة الاولى يتحدث العم صالح اضافة الى قضايا شخصية عن مولده ودراسته، عن قضايا عامة: الدواوين ودورها، وملامح التكاتف والايثار لدى الانسان الكويتي.
ويقول في ملخص الحلقة السادسة التالي:
تاريخ قرن تحولت فيه الكويت من حال الى حال رواه العم صالح الشايع فتحدث عن رحلته الغنية بالحياة، الزاخرة بالتجارب في مختلف ميادينها للإعلامي المعروف رضا الفيلي، في برنامجه التلفزيوني المميز 'شخصيات كويتية' وبثه تلفزيون الكويت. وتعيد 'القبس' نشره.
في الحلقة الاخيرة يستكمل العم صالح الشايع الحديث عن حياته في بومباي ثم عودته الى الكويت.
وفيها نتعرف على دوره في اعادة شخصين بحرينيين الى بلدهما بعد ان نفاهما الانكليز الى بومباي، ثم نتعرف على دوره في اعمال آل الشايع، يحدث عن رفضه تولي منصب احدى الوزارات، وكذلك تولي منصب سفير في الهند وكيف اعتذر بطريقة لبقة غير مباشرة عن ذلك، ثم كيفية ادارة احدى الوكالات التجارية الخاصة بالشايع في بيروت عن طريق الصدفة.
ويلخص العم صالح الشايع مشاعره نحو تجربته في الهند ليخرج الينا بنصيحة التحلي بالصدق والامانة التي هي اساس النجاح في العمل. ثم يتطرق الشايع الى الوضع الجديد في الكويت بعد طول سفر، ويلخص رؤيته للكويت التي يقول عنها انها تغيرت كثيرا عن السابق.
ويتحدث عن العادات الجديدة التي ادخلها في مجال الزواج وكيف ان بيت الشايع رغبة منهم في مساعدة الراغبين في الزواج خصصوا مكانا متكاملا بكل احتياجاته ليقضي فيه الزوجان الاسبوع الاول من حياتهما الزوجية ثم يتحدث الشايع بألم شديد عن حادثة الغزو العراقي، ويقول إنه لم يكن خائفا لأنه لم يكن يتصور ان يكون قد حدث اجتياح فعلا للكويت.
ويختم الشايع حديثه، برؤية لكويت المستقبل، ويؤكد قلقه من الظواهر التي حلت على المجتمع الكويتي.
هذه الحلقات واللقاء التلفزيوني يسجل تاريخا للكويت وصلاتها بالهند على مدى سنوات طويلة.
ولكني هنا سأسجل ما كان علق في ذهني وسجلته من ملاحظات خلال الجلسات الصباحية التي كنا بها التلاميذ وكان صالح الشايع هو الاستاذ.
.
رسالة من محمد الحمود الشايع موجهة الى حمد عبدالله الفرحان
صالح علي حمود الشايع
(من اليمين) الشيخ أحمد الجابر الصباح ثم عبدالله الملا صالح فصاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح ثم عبدالعزيز محمد حمود الشايع و صالح علي حمود الشايع .
التعديل الأخير تم بواسطة عنك ; 27-07-2009 الساعة 01:42 PM.
صالح الشايع كما عرفته (2) محمد الحمود الشايع : المدرسة والأب 1911 - 2006 بقلم: فرحان عبدالله حمد الفرحان - 30/12/2006
علي حمود أحمد الشايع
محمد حمود أحمد الشايع
صالح علي حمود الشايع
كان المرحوم العم صالح الشايع دائما يردد في مجلسه ان الذي علمني ورباني واستاذي هو عمي محمد رحمه الله الذي كان يتحمل المسؤولية في الكويت كان شقيقي عبد اللطيف.
هذا الرجل الذي يؤثر عمه على أبيه ويؤثر شقيقه على نفسه بلاشك هو رجل كريم.
وهو يقول عمي محمد أنجب ولدا أو ابنا واحدا وهوأبو حمد عبدالعزيز محمد حمود الشايع والدته بنت الدخيل الشايع اما والدي فجاء بنا الاثنين انا وشقيقي عبد اللطيف وكان يثني عليه وبهذا كان يزداد احتراما على احترام أمامي لهذا كنت أحببت ان اسجل هذا للتاريخ فكان يثني على عمه اكثر من والده ويثني على شقيقه عبد اللطيف اكثر من نفسه.. رجل كان بعيد النظر.
إنني في هذه الحلقة أريد ان أنقل القارئ العزيز الى الأجواء التي كانت تعيش بها ديوانية الشايع صباح كل يوم من الساعة الثامنة حتى العاشرة صباحا وكان (صالح الشايع) دائما تجده أول الحضور.
هنا يجب علي أن أصف هذه الديوانية غير الرئيسية ذات المجلس الاسبوعي.
فإنك تجد في صدر المجلس يجلس أبو احمد صالح الشايع وكان دائما يجلس على يساره ابن عمه السيد عبد العزيز محمد الشايع وعن يمينه السيد صالح العيسى ابو فهد ومن ثم ابو عادل سلمان عبد اللطيف الدعيج وبعدها قاسم الياقوت وعلى الجانب الايمن يجلس السيد سليمان العيبان ابو عبد الله وبعض الاحيان احمد الصالح الشايع.
وهناك مكان دائم لحمد العبد العزيز الشايع وعبد الله العبد اللطيف الشايع ثم شايع عبد اللطيف الشايع وبعد منصور العصيمي وعلى مقربة من الباب تجد هذا المكان الذي تراه كأنه مملوك للسيد خالد عبد اللطيف الشايع اكبر ابناء المرحوم عبداللطيف الشايع وعندما نتجه الى يسار ابو أحمد صالح الشايع كما قلنا ابوحمد عبد العزيز الشايع ومن ثم يأتي متأخرا محمد المطلق العصيمي ومن بعده كاتب هذه السطور وكان يجلس على شمالي الفاصل عبد الله بودي ابو عبد العزيز وبعده ابوسفيان عبد الوهاب الصالح الشايع وبعده جاسم محمد الجاسر وبعض الاحيان محمد العبد اللطيف الشايع.
هؤلاء هم رواد الديوانية في سفينتها الاخيرة الذين لازموا المرحوم في مجلسه لكن روادا آخرين غير دائمين، وقد جاء اخيرا الدكتور عبد اللطيف الخطيب الاستاذ في الجامعة وكان مجيئه في جلسة يوم الخميس وكان جل هذه الجلسة المناقشات في اللغة العربية.
كان رحمه الله دائما يشغل الجلسة بسؤال عن كلمة وتفسير أو بيت من الشعر يريد ان يعرف قائله والمناسبة والقصيدة التي قيلت فيه.
كنت أتذكر وهو يروي لنا قصة انتقاله من الكويت ليتوجه الى الهند ليساعد عمه محمد هناك، فكان يروي كيف وهو شاب لم يتجاوز السادسة عشرة عندما ركب الباخرة وذلك في أول القرن العشرين وكيف لما دخل الى الغرفة المخصصة لهم ورأى كيف الضوء يفتح ويغلق من الجدار حيث ان مفتاح السويج في الجدار فأخذ يتعجب ويحتار كيف هذه الاضاءة، هذا لشيء عجاب، وكيف انه عمل في خدمة عمه محمد فكان ينقل الرسائل الى البريد ويأتي بالرسائل القادمة من هناك، وكان في كثير من الاحيان ينقل وجهة نظر عمه او ما يوصيه به للآخرين.
واتذكر انه عندما رأى جدي احمد عبدالله الفرحان في بومبي ويروي ان جدي قدم هدية عبارة عن سجادة لأحد الهنود، وذلك في اثناء زواج ابن هذا الهندي، ولكنه لم يقبل هذه السجادة كهدية لانه لا يعرف جدي احمد الفرحان، لكن بتدخل المرحوم محمد الشايع فقبل هذه الهدية، وكان هذا الهندي له مكانته عند الحكومة الانكليزية الهندية في تلك الحقبة.
أخذ يحدثنا كيف ان عمه محمد كان يأخذه الى المجالس، وكان يروي لنا عن احد العلماء، وهو الشيخ عبدالعزيز الميمني، وذات يوم وجه عمه محمد الشايع دعوة للعشاء لعبدالعزيز الميمني، ولما كان الميمني عالما مطلعا في العالم العربي، اخذ يتحدث عن العالم العربي والجزيرة العربية، فقد شد انتباه ابو احمد صالح الشايع ذلك الشاب الصغير السن نسبيا وهو ينظر الى عمه محمد وهو يجل ويبجل هذا الهندي حيث لفت نظره جيدا.
وهو يسترسل، وانا استمع اليه وهو يقول لقد تتبعت حياة هذا العالم الفاضل فهو الشيخ عبدالعزيز بن عبدالكريم الميمني الراجكوتي يعتبر علامة الهند في تلك الحقبة، كان رحمه الله كما يقول (ولد سنة1888م وتوفي سنة 1978م) انه صديق عزيز على نفسي، وبعد ان ترك عمي الهند، كنت على صلة وثيقة به ابان اقامتي هناك، كان رحمه الله يملك مكتبة كبيرة بها كتب كثير من المخطوطات للاسف على كثرة اولاده، لم يخرج واحد يرث هذه الثروة العظيمة وللاسف الشديد ضاعت هذه المكتبة بين هذا وذك، حيث ان ابناءه التفتوا الى المال ولم يشركوه بالعلم.
كان يحدثنا عن قصة الاغا خان وكيف وزنوه بالذهب، وقد رأى هذا المنظر بعينيه، وكانت قصة نسمعها من شخص مشاهد، وهو يروي الاحداث كأنها اليوم بعد ان مضى على ذلك تقريبا سبعين عاما من الزمن.
ويقول ان الاغاخان وهو جد الاغاخان الحالي كان مقيما في الهند وأوروبا ، وفي اواخر عمره توجه الى مصر حيث توفي ودفن في الاقصر.
يقول ابو احمد رحمه الله كنا في بيومين وقيل لنا ان الاغاخان سيوزن بالذهب في ذلك اليوم، وتوجهنا الى المكان المعد لذلك، وقد توجه آلاف من الاسماعيلية الآغاخانيه.. الى نفس واخذوا يقدمون الخطب والموسيقى، وكان كبار المدعوين يجلسون في الصفوف الأمامية، وكان بينهم انكليز، وبعض زعماء الهند وتوجه كم كبير من اتباعه في هذا المكان المعد لذلك، وبعد ان نهض آغاخان من مجلسه ليتوجه الى الميزان علت الهتافات والتصفيق والترحيب به، لتفضله وتلطفه بأن يظهر امامهم ويوزن امامهم، وما هي الا لحظات حتى توجه المختصون واقيمت المراسم وجلس الآغاخان في كفة في الميزان على كرسي داخل الميزان والتصفيق لم ينقطع وهو يقدم التحيات للجماهير التي تدعو له بطول العمر وتقدم المختصون بنقل قوالب وقطع الذهب في الكفة الاخرى وعندما تساوت الكفتان نزل من الكرسي والميزان، واخذ يسلم على كبار المدعوين، والمختصون في الحفل يقيمون الذهب لسيدهم حتى يتبرعوا بما يعادله له ليتصرف به كيفما يشاء ويقول العم ابو الحمد لقد وزن في الهند اكثر من مرة وفي كينيا وزن مرة اما في الهند مرة ثانية سمعت انه وزن في البلاتين انه بالطبع يؤخذ ما يعادلها من المال من رعيته لينفق منه على نفسه وعلى الرعية.
ويقول ابو احمد كان اغاخان ممتلئ الجسم في صحة جيدة يلبس ملابس الهنود لكنه يضع ''كوت او بالطو جاكيت'' طويل الى ما بعد الركبة هذا المنظر لا انساه في عمري هذه من القصص التي كنا سمعناها من هذا الرجل الذي عاش في الهند ردحا من الزمن وسجل ملاحظات كثيرة لتاريخ الكويت مع علاقاتها بالهند وتاريخ الكويتيين هناك كان ابن عمه عبدالعزيز المحمد توجه الى الهند وبقي فترة اقل من ابو احمد لكن ابو احمد بعدها توجه الى لبنان حيث شارك في نشاط شركة آل الشايع هناك وللحديث صلة.
ذاكرة المرحوم العم صالح الشايع عندما تم اللقاء معه قبل سبع عشرة سنة من وفاته كان ادق واكثر حفظا ومعرفة من الفترة التي قابلته فيها وهي قبل ثلاث سنوات من وفاته وكان يقول ''عمي واخي هما اللذان شالونا'' وهنا يقصد ان عمه محمد الحمود الشايع وشقيقه عبداللطيف العلي الشايع ويجب هنا ألا نقلل من نفسه حيث تحمل المسؤولية مع عمه في الهند فترة طويلة ووالده كان تحمل المسؤولية في الكويت ايضا وظل اماما لمجسد بن حمود مسجد الشايع قرابة اربعين سنة، هذا شيء ليس بالهين لكن التواضع بعينه وهذا كما عهدته في مجلسه في ديوان ال الشايع.
المهم اني هنا اجد من المناسب ان اقتطف ما اوردته السيدة حمدية خلف وذلك كما قلت قبل سبع عشرة سنة في مقابلتها مع العم صالح وهو كالتالي: عالمك وامبراطوريتك في هذا المجال؟ - انا لم اصنع امبراطورية، الوالد رحمه الله وضع اوتادا راسخة وقام بالبناء الصعب في البداية ورسم لي المعالم وانا سرت على دربه، الوالد كان يعدني اثناء حياته لهذه المهمة، ظل طوال ست سنوات متوالية يدربني على كل عمل في تجارته وبدأ بالاعمال الصغيرة، كنت امكث تسعة اشهر في الهند وشهرا للسفر وشهرين في الكويت، الوالد لم يهملني ابدا، لكن حين قلت لك في بداية الحوار انني ارتبطت اكثر بعمي، كنت امينا على الحقيقة لان عمي اشرف علي اكثر في سنواتي الأولى، وكان صارما وكان مال ابي وعمي مختلطا، لا حساب ولا عتاب كل واحد يأخذ ما يكفيه وعمي بنى مسجدا دون ان يسأل ابي لانه يعرف ان ذلك سيروقه.
هل تذكر حادثة طريفة اثناء توليك بعض المهام في تجارة والدك خاصة في البداية؟ - والدي كما قلت اعدني بطريقة تدريجية مراسلا ثم كاتبا اكتب الرسائل للعملاء، ومساكين هؤلاء العملاء الذين كانوا يقرأون رسائلي، اولا لصعوبة قراءة خطي، وينطبق عليهم المثل الذي قاله جحا.
ماذا قال؟ - جاءه رجل ليكتب له رسالة لصديق له بعيد فقال له جحا: اسف لا استطيع لانني لن اسافر الى هذا البلد الذي سترسل اليه الرسالة؟ قال الرجل: انا اطلب منك ان تكتب رسالة لا ان تسافر وتحملها اليه، فرد جحا: لابد ان اقرأ له الرسالة هناك لانه لن يجد احدا يعرف كيف يقرأ خطي.
المهم ان الوالد بعد هذه المرحلة كان يدربني بشكل اعمق، اصبح يسافر الى الكويت ويتركني وحدي في الهند، حدث هذا حتى بلغت 25 سنة من العمر، ولكن الوالد لم يكن ليترك شابا لا يفهم كثيرا في التجارة فيخربها له، كان يتركني في فترة الرياح الموسمية حيث يكون العمل كاسدا، حتى لا يخسر وكان ينجز كل الاشياء الجوهرية قبل سفره وانا استكمل الاجراءات الصغيرة ولما استكملت ثلاثين عاما ووثق بمقدرتي اعطاني حق التوقيع على الشيكات ثم اعطاني وكالة عامة تابعة له لاديرها.
فيم كان يشتغل الوالد؟ - كان يعمل في تصدير الارز والشاي والتوابل من الهند الى الكويت والعراق وجهات اخرى، وبجانب ذلك كان تجار الكويت يرسلون إليه اللؤلو من الكويت لكي يبيعه لحسابهم في بومباي، ويأخذ نسبة عمولة، وكانت السفن تشحن من بومباي بهذه الصادرات وتعود بالتمور العراقية والشعير والقمح العراقي والماش لنبيعها لهم في الهند، كنا ايضا نصدر الغزل والاقمشة الهندية القطنية، وقتها لم يكن هناك علاقة مع اوروبا واميركا، لذلك كان التجار الهنود يأتون بالبضائع الاوروبية الى الهند ويضعونها في 'البوند' مقابل اجور بسيطة ونحن نعيد تصديرها مرة اخرى، وقد اقمت بصفة مستمرة في الهند حتى الخمسينات ومحلنا موجود الى اليوم يحمل اسم الوالد.
ويقول وهو يتحدث عن الكويتيين وثقته بالتعامل وكيف ان السمعة اغلى من كل شيء يقول: ولدت فجر الخميس 2 فبراير سنة ،1911م , ترتيبي كان الابن الاول من ابناء ابي الاحياء وقبلي مات اخوة لي رحمهم الله، وانا احتقر الرجل المتصابي الذي لا يذكر عمره الحقيقي، ولي من الابناء نصف 'درزن' ومن البنات ثلاثة ارباع 'درزن' وأحفاد ويتولاها كثيرون، ابني احمد، حفظه الله، جد لخمسة احفاد والحبل على الجرار.
وهل تغفر للمرأة عدم ذكر سنها الحقيقي؟
- المرأة في كل الدنيا اذا اغفلت سنوات من عمرها وتصابت فلا ضير، لأن هذه طبيعة الأنثى.
هل تحملنا على أجنحة الزمن لنتوقف أمام طفولتك؟ أو تذكرها؟
- نعم هناك حقبة منها محفورة في ذاكرتي، خاصة علاقتي بعمي.. تلك العلاقة الحميمة الناجمة عن تعلقي بعمي تعلقا شديدا اكثر من والدي رحمه الله، منذ طفولتي وحتى سن المراهقة.
ويتردد السؤال على احرفي فيدرك بفطنته ما يجول بخاطري ويرد من دون ان اسأل؟
- الوالد رحمه الله كان في الهند وأنا طفل صغير، وكان يروح لتجارته شهورا طويلة يقيمها هناك ويجيء لفترة قليلة، فمن الطبيعي ان أتعلق بعمي الذي كان يحمل كل مسؤولياتنا وكانت دنيانا تدور حوله، حتى الوالد حين يحضر كان بالنسبة إلي كضيف، لا يصرف شيئا من جيبه، وإنما عمي هو الذي يعطي ويدير كل شؤوننا ويتولاها، وبالطبع يحنو علينا نحن الصغار، وكان هذا ملمحا بارزا في طفولتي. وظل تعلقي بعمي حتى كبرت فقد حفرت رعايته لنا في جوانحي، وبالطبع كنت احب ابي، ولكن عمي كان تأثيره أكثر.
ماذا كانت أحلام الشباب في جيلك؟ أحلامك انت باعتبارك واحدا منهم؟
- في ذلك الوقت كانت الهند بالنسبة لعالمنا هي العالم السحري الجذاب، وكانت قبلة الانظار، لذلك كنت أحلم بالسفر الى ذلك العالم الساحر، كانت الهند منية الناس في ذلك الوقت.. ولا أحد كان يعرف مصر ولبنان وسوريا كما يعرف الهند، وهذا يرجع لطبيعة الحياة في المجتمع الكويتي في ذلك الوقت، البحارة والتجار الكويتيون العائدون من الهند كان المجتمع يحيطهم بهالة وعظمة.. تماما كما يعود الناس الآن من رحلات الفضاء.. شيء من هذا القبيل.
ويستعيد شريط العمل فيقول:
هناك وقفة اخرى لاأزال اذكرها وتمثل أول فرحة حقيقية وحلم تحقق، كان ذلك وعمري 14 سنة سافرت مع والدي بالمركب، كان عائدا الى عمله في بومباي واصطحبني معه، ولاأزال اذكر كمية الفرح التي كانت اكبر بكثير من سني، واسم المركب 'باروده' وكان مركبا هنديا بريطانيا وهذا اسم مدينة هندية، مكثنا 14 يوما بالمركب كأني في حلم نمخر عباب البحر ونمر من ميناء الى ميناء، عالم غريب ذلك الذي فتحت عليه عيني في هذه السن المبكرة، مررت بخمسة عشر ميناء منذ خرجنا من الكويت وحتى وصلنا بومباي كانت هذه أول وأجمل رحلة في عمري، ومكثت تسعة اشهر في بومباي.
كلمة الكويت أغلى!
صفة تعجبك في الرجل الكويتي؟
- كلمته قانون هذا في جيلي، في الهند عرفونا بالامانة، جاء تاجر لؤلؤ غني لآخر يطلب ان يبيعه بضاعة دون ان يدفع، فرفض الهندي وقال له اذا تعهد الشايع اعطيك، والدي قال للتاجر الهندي كيف لا تعطيه وتطلب ضمانتي وهو اغنى مني، فرد الهندي انت كلمتك اغلى.. انت كويتي، هذه حقيقة ولا اقولها تحيزا، كان منظرا طبيعيا في الماضي حين كانت العملة قطعا معدنية تحمل على ظهور الحمير ولا يخشى عليها احد من السرقة، بعد طلوع البنكنوت اولاد في سن مها (يشير الى صغيرة جميلة من اقاربه) كانوا يحملون كمية من رزم البنكنوت مربوطة بخيط، كأنها ربطة فجل، لم يحدث ان احدا مد يده وسرق.. هكذا كان الكويتيون في بلدهم، وما يحدث الآن بطبيعة الحال ناتج عن تدفق الهجرة، صحيح فيه ناس احسن منا، ولكن ايضا هناك السيئون، وللإنصاف فإن الجيل الحالي منا مختلف قليلا، والبعض يرى الشطارة في جمع الفلوس ويهمل المعاني النبيلة التي يجب ان نتحلى بها وننشئ عليها أولادنا.
وأقول هنا ان من حسن الحظ ان تقع عيني على هذا العدد من صحيفة 'القبس' الغراء وغيره عندما عملت لقاء مع العم المرحوم صالح الشايع وسجلت لنا وللتاريخ هذه المعلومات التي نحن في حاجة ماسة لها، وهنا اسجل ما أوردته وأسعفته الذاكرة فيقول: وأقول هنا وقبل ان أنهي هذه الحلقة ان صالح الشايع في المقابلات الصحفية والتلفزيونية اسدى لتاريخ الكويت الذي كان مرتبطا مع الهند ابان الامبراطورية البريطانية عندما كانت تستعمر الخليج والهند وباكستان والبنغال وكانت الهند هي النافذة للكويتيين التي يطلون منها على العالم الخارجي اظن لا يوجد اسرة كويتية امثال آل الشايع، حيث الاسر التي تعمل في التجارة لا تضع احد ابنائها في الهند وهم كثيرون ومن دون عد لكن لم يسجل احد منهم مذكراته او ما علق في ذاكرته على مدار الايام اننا اذا استعرضنا التجارة على السفن وتجارة اللؤلؤ وصناعة السفن والذين يتعاطون في تجارة الارزاق (الاكل) منذ اكثر من قرنين وزيادة ليس لهم صلة بالهند كانت الاواني والملابس وغالبية ادوات الزينة وأدوات النقل للحمير والخيول، يمكن ان اقول غالبية الحاجيات جاءت من الهند، ولنتذكر عبد الله الفرج الشاعر لقد نقل الغناء العربي من الحضارمة الذين كانوا يسكنون الهند.
اذن هناك علاقة وشيجة ويمكن ان نستخلص منها دروسا بل نعد منها ابحاثا ودراسات في ذلك.
هنا يكون المرحوم الشايع ساهم بأن اختار الطريق في هذه اللقاءات الثلاثة ووضع خطوط عريضة.
إنني من خلال لقاءاتي اليومية له سجلت الكثير وسآتي عليه فيما بعد، إنني اقول انه مدرسة وأب، كما قلت في أول الحديث والى ان نلتقي في بحث آخر.
في هذه الحلقة الثالثة وانا اتناول لمحات من تاريخ هذا الرجل العزيز الذي فقدناه، يقول الكثيرون ان صالح الشايع وشقيقه عبداللطيف صنوان وان ابن عمهما عبدالعزيز الشايع هو الصنو الثالث، كما كان أبواهما محمد وعلي من قبل في هذا المجال، وهنا احب توضيح لماذا اخترت هاتين الكلمتين 'المدرسة والاب' في العنوان.
لا يختلف اثنان على ان صالح عاش وتربى في مدرسة آل الشايع التي تضم الاساتذة محمد وعلي الحمود الشايع، وان التلاميذ بالترتيب صالح عبداللطيف وعبدالعزيز، لقد تحمل عبء هذه الاسرة في اول الامر حمود الشايع عندما انحدر من الزلفى في نجد متوجها الى الكويت، وفي هذه البلاد (الكويت) تربى ابناه محمد وعلي وحملهما المسؤولية منذ شبابهما الاول، وهذه انتقلت الى احفاد صالح عبداللطيف وعبدالعزيز الذين كما قلت تربوا في هذه المدرسة. من هنا يتضح للقارئ الكريم لماذا اخذت كلمة المدرسة لاضعها عنوانا للحلقات (والاب). لقد سعدت قرابة ثلاث سنوات بمجالسة صالح الشايع في ديوانهم صباح كل يوم من الساعة الثامنة حتى العاشرة، ولقد علقت في ذهني امور كثيرة غير ما سجلته في مفكرتي.
كان صالح الشايع على ما اذكر يتعامل مع ابناء اخيه وشقيقه عبداللطيف وكأنهم ابناؤه المفضلون، وكان يتابع ابناء عبدالعزيز الشايع ويناقشهم، وفعلا عندما دلفت الى هذه الديوانية في اول الامر اخذ يشكل علي من منهم ابناؤه الذين ومن منهم ابناء اخيه ومن منهم ابناء عبدالعزيز اولاد عمه، نظرا لان ثقافتي الشايعية في اول الامر كانت صفرا وفعلا عندما ذهبت الى البيت كنت افكر بكثرة اولاده هل هو خالد ام احمد، هل هو عبدالوهاب ام حمد؟ ضاعت علي الحسبة لكن احد الاخوان، جزاه الله خيرا، انقذني وابتدأ يصحح لي المعلومات.
كل الذي اعرفه ان احمد ابنه لانه هو الذي دعاني اول مرة الى هذا الديوان، وكان صالح، رحمه الله يدعى أبا احمد ومما زاد في عدم المعرفة ان الشباب ابناء الشايع الكل يحترمهم ويقدرهم وهم سواء.
وهنا احب ان اسجل لابي احمد في اول لقاء عندما كنا في مسجد في لندن وذلك في سنة 1981 ذلك الرجل الطويل القامة، وبعد ان تركنا مسجد لندن واتجهنا الى شارع بيكرستريت كان يسبقني في المشي وكان ممتلئ الجسم وجاوز السبعين من عمره، كما كان في صحة جيدة، وبعد لقائي اياه في سنة 2004 وجدته جالسا على الكرسي يمد رجليه نظرا لتقدم السن، وكان اذا اراد ان يخرج من الديوان يتكئ على عصاه وفي السنة التي تلتها ابتدأ شخص آخر يساعده على الوقوف والجلوس، لكن في السنة الأخيرة أي في 2006 كان بعد رجوعه من انكلترا لا يغادر المجلس إلا على 'ويل جير' الكرسي المتحرك ليصل الى السيارة وكانت العصا التي يتكئ عليها ملازمة له.
بدأ بالانفلونزا
كان رحمه الله قبل وفاته بشهر واحد، على ما اذكر، تغيب عن مجلسه اسبوعا كاملا، وكنا نحن الجلوس نلتفت الى بعضنا لنعرف الخبر، وكان أبو فهد صالح العيسى، حفظه الله، انقذنا عندما قال ان ابا أحمد مصاب بأنفلونزا حادة وهو يلازم المنزل والطبيب يزوره بين الحين والحين، كان الناطق الرسمي او شبه الرسمي هو ابو وليد الذي يزودنا بالمعلومات بالقطارة لا أدري ان كان يريد الا يزعجنا، ام كان هذا التغيب هو المرض الأول الذي لاحق ابا أحمد بعد شهر واحد ورافقه حيث توجه الى الرفيق الأعلى رحمه الله.
هذا هو معنى الأب الذي كنت قد اثرته في أول البحث، حيث كان رحمه الله يسأل عن مجالسيه فردا فردا، في سنة 2005 دخلت الى مستشفى مبارك لإجراء بعض الفحوصات وعندما افتقدني رحمه الله في مكاني المخصص، طلب من خالد (ابو الوليد) ان يسأل عني وفعلا فوجئت بأبي الوليد يزورني في المستشفى بصورة مفاجئة علما بانني لم اخبر احدا حتى لا ازعج الآخرين، واخذ السيد خالد يشرح لي زعل عمه ابو احمد بانه يجب علي ان اخبر الديوان عن غيابي ويقول : بعدما عرفت انك في المستشفى توجهت اليك لاطمئن عنك ومن ثم اطمئن عمي في الصباح الباكر.
هكذا كانت ديوانية الشايع وهكذا كان المدرسة والأب لابنائه وابناء اخيه واقربائه وجلسائه انه حقا مدرسة وأب.
كان الأخ منصور العصيمي، وهو من اقربائهم ومن رواد الديوانية منذ امد بعيد، سألته ماذا اضع عنوانا لمقال العم المرحوم صالح الشايع فقال 'المدرسة'، وفعلا اصاب ابو طلال بذلك وانا قرنتها بالأبوة، والابوة قد تكون بالولادة وقد تكون بالعلم والحنان والالفة وهذا ما حصل لصالح الشايع رحمه الله.
ان صالح الشايع لم يكن مدعيا بذلك بل كان شقيقه عبداللطيف كما يقول ابو احمد (احسن مني) وعندما يكون صالح في الهند ام في لبنان كان ابو خالد عبداللطيف الشايع يتصدى للمسؤولية والابوة وفعلا كان نعم الرجل في هذه المدرسة يكفي انه اعتنى بتربية ابناء شقيقه صالح ابان اقامته في الهند مثل تربية ابنائه بل احسن حتى غدت هذه الاسرة بهذه 'اللحمة والسدى' كأنها شخص واحد.
الأب والأستاذ عبدالعزيز
اليوم يقود هذه الاسرة الكريمة السيد ابو حمد عبدالعزيز الشايع الذي اصبح الاب والاستاذ لهؤلاء الابناء والاحفاد وكأن الله جعل لكل زمن منهم من يتحمل المسؤولية في هذه الفترة الزمنية امتدادا من حمود الشايع حتى صالح وعبداللطيف واليوم عبدالعزيز (ابو حمد)
عندما كنت اتذكر هذا الديوان واتذكر المعلومات التي تثار فيه مناقشات كان ابو احمد يصمت ليستمع للآخرين.
اتذكر في احدى الجلسات كنا قد استعرضنا هذين البيتين وهما:
يمرون بالدهناء خفافا عيابهم
ويرجعن من دارين بجر الحقائب
على حين ألهى الناس جل أمورهم
فندلا زريق المال ندل الثعالب
وكان فارس الميدان بلا منازع صالح العيسى الذي قال ان النحويين يستشهدون بهذين البيتين للاستدلال على المفعول المطلق.
وابتدأنا نشرح البيتين كأننا ندرس في الجامعة، واتذكر بقينا قرابة الساعتين حتى ان بعض الجلوس 'ملوا' من هذه المناقشة الحادة في هذه المادة الجافة في اللغة العربية.. المهم استعرضنا كلمة الدهناء
واتذكر ان ابا أحمد رحمه الله يقول: الدهناء رمال مرتفعة تفصل بين الكويت مع الصمان وقال شعرا:
هل الباب مفروج فانظر نظرة
بعين قلت حجرا فطال اهتمامها
الا حبذا الدهناء وطيب ترابها
وأرض خلاء يصدح الليل هامها
ونعى المهاري بالعشيات والضحى
الى بقر وحي العيون كلامها
وقال:
خليلي قوما فارفعا الطرف وانظرا
لصاحب شوق منظرا متراخيا
عسى ان نرى والله ما شاء فاعل
بأكثبة الدهنا من الحي باديا
وان حال عرض الرمل والبعد دونهم
فقد يطلب الانسان ما ليس رائيا
يرى الله أن القلب أصحى ضميره
لما قابل الروحاء والعرج قاليا.
واتذكر رجعنا نشرح البيتين: يمرون بالدهناء..
فكلمة 'عيابهم' كما يقول مفردها عيبة والعيبة تصنع من الجلد مثل الكيس الكبير يوضع فيها التمر.
وكلمة دارين المدينة المشهورة في الاحساء لانهم يشترون منها التمر، وبجر الحقائب كما يقول اتذكر ما تتذكرون الحمير التي تحمل الوجر وهو كيس من الخيش يوضع على الحمار في الوسط ويوضع فيه الجص او الرمل والطين للبناء.
والبيت الثاني يقول: ان هناك لصا يسمى زريق يسرق حاجات الناس المسافرين.
ويقول حول الدهناء وانا اتذكرها ان في اوروبا هناك وثيقة كتبت على الجلد قبل ثمانمائة سنة لسلالات من الكلاب السلوكية اخذ من الدهناء وتناسلت عندهم والكلب الثمين للزينة او للصيد الذي يأتي اصله من الدهناء يعتبر الكلب الثمين، ويقول ان هذه موجودة ومثبتة بقطعة من الجلد موجودة في المتحف البريطاني.
ونحن في اثناء الحديث في اليوم التالي وبعد ان انتهينا من الدهناء كنا في هذا اليوم نناقش وانا اسأل عن 'ابو دواره' الماء المشهور قرب قصر دسمان والذي لولاه ما بني قصر دسمان، حيث اعتمد على ماء ابو دوارة التاريخي والذي ذكره الفرزدق في شعره، ونحن في اثناء المناقشة وفجأة ابو احمد رحمه الله يقول تذكرت كان عندنا مثل يقول فيه 'مربوط على اثمام وماي ابو دوارة'.
هذا المثل يقوله الكويتيون القذامى كما يقول ابو احمد، حيث الوجاهة مثل قاعد على 'مركه ذهب' والمركة المقعد وهنا الثمام نوع من النبات مثل النص تأكله الحمير والحصن حيث الطعام والماء متواجدان عنده ففي هذه الحالة قمة العز.
انا اتحدث عن ابو احمد اقفز من فقرة الى فقرة اتذكر من الحكم التي كان قد قالها لنا:
'المرء مخبوء بطي لسانه لابطيلسانه'.
انظر الى هذه الحكمة حيث جمع بين الكلمة الاولى والمشابه للكلمة الثانية حيث المعنى يختلف، والاولى كلمتان والثانية كلمة واحدة، والاولى كيف ان الانسان عندما يحكم لسانه ويتحكم به محترم، اما الذي يكون بوجاهة ملابس طيلسانه فهو ليس له مكانة ما دام لسانه مغلوقا وهذا يذكرني بقول الشاعر العربي:
وان كانت اثوابي ملفقة ليست بخز ولا من نسج كتان
فان في المجد هماتي وفي لغتي ولساني غير لحان
اخيرا، فهذا هو المرحوم صالح الشايع الذي فقدناه في يوم 8/12/2006م المدرسة والاب والذي اثرانا بعلمه وادبه واخلاقه حيث تركنا نتحدث ونتذكر بعد ان رحل عنا رحمه الله رحمة واسعة.
التعديل الأخير تم بواسطة عنك ; 18-06-2009 الساعة 12:34 PM.
صالح الشايع مستقبلا رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري والى جانبه عبدالعزيز محمد الشايع.
صالح علي الشايع و شقيقه عبداللطيف علي الشايع.
في هذه الحلقة الرابعة المفروض ان اسجل تلك الجلسات الصباحية مع المرحوم صالح الشايع بآلة التسجيل وعن طريق الفيديو، لكنني اقول فاتني الحظ لان هذه المدرسة يجب ان يستفاد منها انه في كل يوم يأتيك ببحث جديد لمناقشته، ومع ضعف جسمه ونظره فإنه بالعموم لم يكن يقرأ اليوم مثلما كان يقرأ في القديم وفي اول حياته، واظن ان هذا المخزون التاريخي العلمي الجغرافي والمعلومات العامة نتاج المطالعة والمجالسة، وكما يقولون في مجالسه: 'الرجال تخلق الرجال'.
أتذكر اننا في احد الايام كنا انفقنا ساعين من الوقت ونحن نناقش النخلة والتمر وحلاوة التمر، وكنت في هذه الجلسة اخزن الكثير في حافظة الذهن والبعض اسجله في مذكرتي الصغيرة واكتشفت ان الرجل كأنه مستثمر نخل او فلاح عاش جل حياته بين النخل لانه يعرف كل صغيرة او كبيرة عنه.
كان يتحدث عن الانواع ومنها الاشقر والبرحي والجبجاب والحلاوي والخضراوي والزهري، وقال ان السكري تختص فيه المملكة العربية السعودية ولا يطلع في بلد آخر وقال ان النخلة تستطيع ان تنتفع من كل شيء فيها فتأخذ التمر كحلال ورطب وتمر ودبس، وتأخذ السعف وتصنع منه الحصير والقفص والليف والوقود من الكرب.
النخل الباسق
هذه كما يقول النخلة التي كرمها الله، حيث قال في كتابه العزيز: 'وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا' وتذكر المثل القائل 'كناقل التمر الى هجر' وهذا المثل كما يقول معروف قبل الاسلام حيث هجر او الاحساء هي بلاد النخيل كما يعرف في القديم، ودلل على ذلك في البيتين اللذين ذكرناهما في الحلقة الثالثة والتي يقول فيهما الشاعر القديم بذلك:
يمرون بالدهناء، خفافا عيابهم
ويرجعن من دارين بجر الحقائب
على حين ألهى الناس جل امورهم
فندلا زريق المال ندل التعالب
قال ابو رحمة رحمه الله: هؤلاء الذين يمرون في الدهن على بعارينهم وهي خالية وهم متوجهون الى دارين الاحساء، حيث يملأون الحقائب والجيوب بالتمر أليس ذلك دليلا قويا على ان النخلة الاولى كانت في الاحساء والى يومنا هذا حيث اجود انواع التمر الاخلاص ينبت هناك. ثم ذكرنا بطفولته بأنهم يذكرون ان النخل يعمر كما كان يسمع في تلك الحقبة ويقولون: هناك نخل في حايل يعيش مدة طويلة لطيب الهواء والشمس والارض والماء. ثم ذكر كيف ان بيرم التونسي ذكر في مطلع قصيدته النخلة حيث قال:
'شمس الاصيل ذهبت
خوص النخيل يا نيل'.
ثم ذكر كيف ان احمد شوقي امير الشعراء ذكر النخلة في قصيدة طويلة وقد ذكر المطلع بذلك حيث قال:
'ارى شجرا في السماء احتجب
وشق العنان بمرأى عجب'
وهو يصف النخل الباسقات.
وهنا يسرني أن آتي على تلك القصيدة وما ذكر عن النخل الباسق في التاريخ:
'أرى شجرا في السماء احتجب
وشق العنان بمرأى عجب
مآذن قامت هنا وهناك
ظواهرها درج من شذب
وليس يؤذن فيها الرجال
ولكن تصيح عليها الغرب
وباسقة من بنات الرمال
نمت وربت في ظلال الكثب
كسارية الفلك او كالمسلة
أو كالفنار وراء العبب
تطول وتقصر خلف الكثيب
إذا الريح جاء بها أو ذهب
تخال إذا اتقدت في الضحى
وجر الأصيل عليها اللهب
وطاف عليها شعاع النهار
من القصر واقفة ترتقب
قد اعتصبت بفصوص العقيق
مفصلة بشذور الذهب
وناطت قلائد مرجانها
على الصدر واتشحت بالقصب
وشدت على ساقها مئزرا
تعقد من رأسها للذنب
أهذا هو النخل ملك الرياض
أمير الحقول عروس العزب
طعام الفقير وحلوى الغني
وزاد المسافر والمغترب
فيا رملة النخل لا تبخلي
ولا قصرت نخلات الترب
واعجب كيف طوى ذكركن
ولم يحتفل شعراء العرب؟؟
أليس حراما خلو القصا
ئد من وصفكن وعطل الكتب؟
وانتن في الهاجرات الظلال
كأن اعاليكن القبب
وأنتن في البيد شاة المعيل
جناها بجانب اخرى حلب
وانتن في عرصات القصور
حسان الدمى الزائنات الرحب
جناكن كالكرم شتى المذاق
وكالشهد في كل لون يحب'
فارس المناقشة البارز
واظن انه بعد ان كتبت واسهبت عن النخلة علي ان انتقل الى موضع آخر، لقد كان ابو احمد - رحمه الله - الفارس البارز في المناقشة، كان يتحدث رحمه الله في احد الأيام عن الخيل وسباق الخيل فقال عندما سألته: هل عندنا خيل للسباق؟ فقال: كل اللي عندنا في الكويت كدش وكديش للحمولة، كان في القدم هناك خيل وكان لها جاخور قرب مسجد الرزاقة وغالبية الكويتيين كل اسرة كان عندها حصان او فرس وبعدين اخذت الخيل تستعمل للحمولة مع الحمير من الفرضة الى المناخ والسوق وكانت الجمال تنقل المؤن والتموين الى صحراء الجزيرة العربية والى اواسط نجد، لكن كان عندنا تجار خيل حيث تجلب الخيل من مرباها في العراق وسوريا والجزيرة العربية وهناك بيوتات تاجرت في هذه البضاعة (الخيل).
وذلك ان الانكليز ابان استعمارهم لبعض من اجزاء آسيا والهند كانت هناك عندهم اماكن للسباق في بومبي وغيرها وكانت بريطانيا في ذلك التاريخ قبل قرنين من الزمن حتى منتصف القرن العشرين يجلبون الخيل من الجزيرة العربية وتمر عبر الكويت ويتولى الكويتيون التجار نقلها على ظهور السفن الشراعية الى الهند لتوصيلها وبيعها هناك وكان يؤخذ لها في اثناء الرحلة العلف من الشعير وغيره وماء الشرب متيسر.
كانت هذه المجموعة من الخيل موجود لها ارشيف في الهند وربما نقل الى انكلترا وكانت تعرف باصولها العربية والقبائل التي تنتسب اليها.
كانت هذه الجلسة ونحن نناقش ممتعة وقد سألته عن الحمير فأخذ يتأسف ويقول كان عند غالبية الأسر الكويتية الميسورة حمار او حمارة، واذا انجبت حمارا او حمارة فعنده عيد حيث يستفيد منها.. كانت الحمير قديما توصل المعزب راعي البيت الى السوق ومن ثم تذهب الى الكوت آبار المياه لتحمل الماء العذب الى المنزل وفي المساء يتوجه بها راعي البيت المعزب الى الديوان الذي يقصده اذا كان في شرق توجه بها الى قبلة واذا كان في قبلة توجه الى مضيفه في شرق وكانت هي الوسيلة السهلة لكبار القوم في تلك الحقبة للتنقل وتوصيلهم وكأنها 'الكدلك' اليوم فالذي يملك حمارة او حمارا للتنقل هذا من الشخصيات الاغنياء الميسورين البارزين كانت هذه حال الكويتيين في تلك الحقبة.
ويعلق ابو احمد: كان هناك سوق لبيع الجمال وآخر للحصن وآخر للحمير وكل له المحرى المنادي للبيع كان، كما يقول ابو احمد رحمه الله، من اشهر البيوت التي عملت في تجارة الخيل آل البدر وآل العامر وكان ياخور آل العامر مشهورا وهو الذي صار فيما بعد قيصرية المعجل وكانت تجارة الخيل رائجة في الكويت في تلك الحقبة اسوة بتجارة اللؤلؤ الذي يستخرج من البحر ويرحل الى الهند للبيع هناك. كانت الكويت فيها حياة ونبض اقتصادي بارز في تلك الفترة.
الموسوعة أبو فهد العيسى
هذه بعض الافكار والملاحظات التي كان يلقيها علينا ابو احمد رحمه الله، وكان الموسوعة ابو فهد صالح العيسى الذي كان يجلس الى شماله عندما يتوقف ابو احمد في نقطة فانك تجد ابو فهد زاهب للاجابة ويذكر ابو احمد ببعض الملاحظات والموضوعات التي قد نسيها ويريد ان يستعيدها.
كان صالح العيسى من الرجال الاوفياء لهذا الرجل صالح الشايع وكان لا يفارق هذا الديوان الا اذا كان متوجها الى الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية لانجاز بعض الاعمال التجارية، ونجد مكانه في المجلس خاليا شاغرا ينتظر ملازمة ليملأه - اتذكر بعد وفاة ابو احمد رحمه الله رفض ابو فهد ان يجلس في مكانه المخصص، وقال علينا ان نغير اماكننا فما كان من السيد عبدالوهاب صالح الشايع الابن الثاني لابو احمد رحمه الله، إلا أن توجه الى صالح العيسى واخذه لمكانه القديم، وقال: هذا مكانك الدائم لقد فقدنا ابانا ولا نريد ان نفقد اماكن جلسائه من اماكنهم (الله لا يغير علينا).
هكذا كانت الاجواء في هذا الديوان وكان كما كنت الاحظ عندما يكون ابناء عبداللطيف الشايع او ابناء عبدالعزيز الشايع عندما يريد احدهم مغادرة الديوان ليتوجه الى مكان عمله يقف حيث هو حتى يأخذ الاشارة من ابو احمد للانصراف: ما احلاها من عادات طيبة تربى عليها الاولون واوصلوها الى هؤلاء الذين بدورهم سيغرسونها في ابنائهم انها ذرية طيبة.
لا اريد هنا ان امدح، لكن هذا واقع الحال او نقله بحذافيره كما كنت اراه في كل صبيحة من هذا الديوان العامر، هذه مظاهر طيبة نرجو ان يعمل بها غالبية المجتمع الكويتي.
الحلقة الخامسة و الأخيرة في هذا البحث سأحاول نقل القراء الكرام الى ما كتب وبحث ونوقش عن المرحوم صالح الشايع.
كان الحظ يحالفنا بأن تصدت السيدة حمدية خلف، حيث سجلت وقيدت كثيرا من الملاحظات والافكار ابان لقائها للمرحوم ابو احمد في شهر ديسمبر 1988، ولقد نشر هذا البحث في صحيفة 'القبس' على حلقتين وكانت السيدة الخلف واصلت في لقاءاتها امثال صالح الشايع، هؤلاء الاشخاص الذين عاشوا في الهند، حيث كانوا يمثلون تجارة اهلهم هناك وكانوا رسلا وسفراء للكويت ايضا، حيث كانوا يقدمون السمعة الطيبة لبلدهم.
وأنا استعرض هذا البحث القيم الذي يجب ان يدرس، لا بل يدرس - بتشديد الراء - للتلاميذ في المدارس لأنه يعطي فكرة عن جيل الآباء والاجداد الذين كانوا هناك في شرق آسيا، يقدمون ويساعدون على تمويل وتموين الكويت بالغذاء.
صحيح انهم يتاجرون لكن المادة التموينية الرئيسية لا تنقطع عن هذه البلاد.
وهنا استعرض ما عرض على صفحتين لطول اللقاء والذي يشكل كتابا صغيرا يذكرنا بالهند والرحلات اليها برؤوس الاقلام التالية:
في بومباي عملت مراسلا لدى الوالد في تجارته اجوب شوارعها سيرا على الاقدام.
ويقول:
التجار الكويتيون في الهند تميزوا بالسمعة العطرة واشتهروا بالامانة وكلمة الشرف.
هذا في سنة 1988.
ثانيا: قام الاعلامي رضا الفيلي الوكيل المساعد في وزارة الاعلام سابقا باجراء مقابلة تلفزيونية مع ابو حمد، رحمه الله، في شهر نوفمبر 2002 وقد كان هذا اللقاء التلفزيوني ثريا جدا، حيث يعتبر جزءا مهما لتاريخ الكويت للتعامل مع الهند واقامة الصلات معها.
لقد كانت المصادفة وانا اتصفح صحيفة الوطن ذات يوم في 2002 فوجدت اللقاء الاول الذي قلت انه سجل تلفزيونيا وبدأت اتابع اعداد هذه الصحيفة الغراء فوجدت في العدد الاول ملخصا قصيرا جدا لا يفي لقصة حياته يقول، انه ولد في المرقاب وان والده علي حمود الشايع وكان تعليمه الاولي على يد المطوعة سارة الحنيان ثم درس في المدرسة المباركية ثم انتقل الى مدرسة العامر فإلى المدرسة الاحمدية، وعندما كان عمره اربع عشرة سنة سافر مع والده الى بومباي حيث كان والده وعمه قد اسسا مكتب الشايع في بومباي الهند سنة 1895، وهناك واصل الدراسة فالتحق بمدرسة الفلاح احدى المدارس التي اسسها علي رضا زينل للجالية العربية هناك، ومن الذكريات التي سجلها انه رأى التلفون لأول مرة واخذ يراقب الحروف والكلمات في هذه الآلة الجديدة وبها تعلم الارقام بالانكليزية عن طريقه، وكان يقول انه رأى اكبر عائلتين من العرب الاغنياء هناك وهما عائلة علي رضا وآل الابراهيم، حيث كانوا يملكون املاكا كثيرة في الدور في العراق، فكانوا في تلك الفترة يملكون (120) يعني مائة وعشرين مليون روبية.
ويواصل ابو احمد رحمه الله حديثه فتحدث عن الشخصيات فيقول: ان غاندي الذي حرر الهند يعتبر داهية الدواهي، هذا الرجل تربى في اول حياته في جنوب افريقيا وبضعفه انتصر على الانكليز، ويقول كان هناك محمد اقبال الذي يعتبر من كبار الشعراء وكان هناك طاغور شاعر الهند الاخر.
ويقول: قابلت شخصيات كثيرة منهم الحاج امين الحسيني والشيخ علي الطنطاوي والشيخ عبدالعزيز الثعالبي والحبيب ابو رقيبة.
ويقول: كنا اذا حدث حادث لاحد ابناء الكويت، او احصل عطب لسفينة اي كويتي تداعينا للنهوض به واصلاح سفينته وعودته الي الكويت سالما.
هذه الاحداث تمر على ابو احمد كأنها شريط سينمائي، وهو يقول بكل صراحة في اخر اللقاء: عندما عدت الى الكويت لم يكن لي اي دور في عمل آل الشايع، والرجل رحمه الله، واقعي، يقول: فقد جلست في هذا الديوان استقبل الناس وارحب بهم واودعهم وهذه مهمة ليست بسهلة.
هذا كله في الحلقات التي كان يتذكرها ابو احمد، لكن اعتبارا من يوم الجمعة الفائت (8/12/2006م) عندما رحل عنا هذا الفارس وترجل كانت صحيفة القبس سباقة الى رثائه والكتابة عنه، وقد كتب حمزة عليان رئيس مركز الارشيف والمعلومات بحثا قيما على صفحة كاملة تحدث عن ابو احمد ولخص قصة حياته كلها.
بعدها جاءت صحيفة الوطن في 9/12/2006م وكتبت عن قصة صالح الشايع وحياته على نصف صفحة، وفي اليوم نفسه كان الدكتور عبدالمحسن الجارالله الخرافي قد كتب بحثا قيما عن المرحوم صالح الشايع لخص فيه قصة حياته كاملة.
وجاء كاتب هذه السطور في اليوم نفسه (9/12/2006م). وفي الصفحة التي كتب فيها الخرافي، فكتبت نعيا للمرحوم قلت فيه 'العم صالح الشايع في ذمة الله'، وبحكم تواجدي على مقربة منه في سنواته الاخيرة سجلت هذه الكلمات التي اقول فيها: 'انني محظوظ وغير محظوظ في صحبتك ومجالستك في سنواتك الاخيرة من عمرك المديد، كنت محظوظا لأنني اغترفت منك من التاريخ والادب والمعلومات العامة في ماضي هذه البلاد الشيء الكثير، بل قيدت ذلك في مذكراتي المتتالية، وكنت غير محظوظ حيث كانت صحبتي لك او صحبتك لي متأخرة ولم احصل على الشيء الكثير'.
في يوم الاثنين (11/12/2006م) كان الدكتور احمد الربعي الوزير السابق قد كتب في 'القبس' مقالا على الصفحة الأخيرة عنوانه 'صديق المزاج المعتدل'، لخص فيه جلسة ابو احمد اليومية الصباحية بكلمة موجزة وقلم سيال. وفي الصحيفة نفسها واليوم نفسه في باب مقالات، كتب الباحث الدكتور يعقوب يوسف الحجي بحثا في وداع عميد آل شايع ذكر فيه انه كان بمنزلة السفير للكويتيين في الهند، ويعقوب الحجي يتابع تاريخ الكويتيين الذين وردوا في تلك الحقبة ولهذا جاء وصفه بحق وحقيقة.
وفي يوم الاربعاء (13/12/2006م) في صحيفة القبس نشر السيد يعقوب يوسف الابراهيم نصف صفحة جاء فيها 'سنفتقد جلساته وحديثه بصراحة وامتلاكه ناصية الكلام ينتفي من الشعر اطيبه ومن الحديث افضله'.
وفي صحيفة القبس يوم 17/12/2006م كان الدكتور حمد محمد المطر استاذ الكيمياء في جامعة الكويت، وهو شريكنا في ا لجلسة الصباحية، دون كلمة قيمة في هذا المجال.
هؤلاء هم من كتبوا عن المرحوم صالح الشايع في بنت ساعتها، لكن هناك الكثيرين تذكروه في القلوب وعلى الألسن. لقد كان ديوان الشايع في اليومين اللذين تليا وفاته لا تجد مكانا تجلس فيه من كثرة المعزين والمحزونين على وفاة هذا الرجل الصالح صالح علي الحمود الشايع، الذي لحق بشقيقه الصالح عبداللطيف علي الحمود الشايع بعد أشهر قليلة، وكأن الاثنين يترافقان في المجيء الى هذه الدنيا والرحيل عنها . لقد كان صالح في الهند وعبداللطيف في الكويت بحيث لا نستطيع التمييز بينهما.
هذه هي الرفقة والاخوة والالفة. رحم الله ابا احمد وابا خالد رحمة واسعة وأسكنهما فسيح جناته.
صالح العلي الحمود الشايع
كتب عبدالمحسن الجارالله الخرافي :
فقدت الكويت بالأمس أحد رموزها الاجتماعية رغم جفائه للأضواء والشهرة.
ولد العم صالح علي حمود أحمد الشايع، رحمه الله، في منطقة المرقاب عام 1911م لأسرة محافظة ترجع في نسبها إلى الأساعدة من الروقة من قبيلة عتيبة بعد نزوحها من الزلفي إلى الكويت في النصف الأول من القرن التاسع عشر.
تعلم في الكتاتيب، ثم في المدرسة المباركية، ثم في مدرسة العامر ثم الأحمدية، ثم سافر مع والده إلى الهند وعمره لم يتجاوز السادسة عشرة، حيث كان توزيع العمل التكاملي بين والده علي وعمه محمد ان الأول يستقر في الهند لإدارة الشؤون التجارية للعائلة، بينما يستقر محمد في الكويت.
ومع ذلك فقد حرص والده عليه وعلى تعليمه فاستعان بأفضل المعلمين، ومنهم الأستاذ أحمد فريد ليعلمه اللغة الإنكليزية، فعلمه ودربه على قراءة الصحف الإنكليزية في الهند، فنمت رغبته في القراءة للصحف الإنكليزية والعربية على السواء حتى انه أصبح يشترك في الصحف العربية فتأتيه الأهرام من مصر إلى الهند بالباخرة أسبوعيا.
وهكذا أصبح العم صالح مؤهلا رغم حداثة سنه للقيام بالمراسلات باللغة الإنكليزية، فكان نعم المعين له في الترجمة والكتابة والمراسلة، بل في قضاء المعاملات في البنوك والبريد والدوائر الرسمية في الهند.
فلما عاد والده واستقر في الكويت أصبح هو المسؤول الأول عن مكتب العائلة في الهند.
وكان منزله مضافة لكثير من الشخصيات المرموقة كرؤساء بعض الدول والمسؤولين ورجال الأعمال والأمراء الذين يزورون بومبي.
وكان أثره الاجتماعي واضحا في بومبي، حيث بنى عدة مدارس مثل مدرسة عائشة أم المؤمنين ومدارس أخرى ومساجد في أنحاء الهند بل وفي سيلان، حيث كان يركز على مدارس البنات بالذات لأنهن لم يأخذن حظهن من التعليم هناك في ذلك الوقت، وكانت الأولوية مع تدني المستوى المعيشي لمدارس الأولاد، بالإضافة إلى بعض التقاليد الاجتماعية لدى المسلمين الهنود آنذاك.
انتقل بعدها إلى لبنان وأسس فيه عدة شركات أهمها وكالة سيارات دودج وبلايموث.
ثم عاد إلى الكويت عام 1951م ليستقر فيها.
عرضت عليه الوزارة وأرسلت له الحكومة كلا من المرحوم عبدالعزيز الصقر والمرحوم عبداللطيف النصف فاعتذر ورشح ابن عمه عبدالعزيز محمد الحمود الشايع.
كان وجوده في ديوان الشايع وبقية كبار الأسرة عاملا مهما في تحويل الديوان من شكله التقليدي إلى منتدى أدبي يشهد الأدب والفكر والحوار الهادف البعيد عن بعض آفات المجالس التي تنخر في بعض الدواوين الكويتية - مع الأسف - كالغيبة والنميمة، وكان لا يسمح لأي زائر للديوان أن يقع في هذه المحظورات بأن يحول الموضوع بكل لباقة إلى جانب آخر له فائدة.
وكان، رحمه الله، بسيطا لا يحب التكلف، متسما بالتواضع مع الصغير والكبير بشكل لافت للنظر فارضا للاحترام من الطرف المقابل، لا يتورع عن أن يسأل من هو أصغر منه سؤال المعلم ليستمع منه ما يتعلم منه السائل والمسؤول.
بل كان، رحمه الله، كثيرا ما يفتتح جلسة الصباح في الديوان بقراءة تفسير آية أو حديث بسؤاله اللبق لأحد المختصين من رواد الديوان الذين كان يحتفي بهم، رحمه الله، حيث كان يعتز بأهل الصلاح في ديوانه، ويقرب العلماء، ويحب مجالستهم، ويدنيهم منه مجلسا، ومن لطيف ما كان يصف به أخاه عبداللطيف وصحبه 'المطاوعة' الذين سبق ان تكلمت عنهم في مقال سابق حين أبنت المرحوم عبدالمحسن عبدالله الفارس، وذكرت طباعهم وحفاوتهم انه كان يسميهم 'صحابة عصرهم' وكذلك كان يقدر أهل العلم بشكل عام من التخصصات كلها، كان حريصا غاية الحرص على إخفاء صدقاته ومساعداته للمحتاجين، كما كان، رحمه الله، يحرص أيما حرص على تواصل العائلة وجمع شملها وحل أي إشكال يطرأ على علاقاتهم ولو بشكل عارض، فكان حساسا رقيقا حانيا على الكبير والصغير والرجل والمرأة والصبي والفتاة.
وكان هؤلاء الكبار والصغار موضع استشارته حين يلتقي من يفاتحه حتى يصل بهم إلى الرأي السديد لما يلم بهم من مستجدات الأمور.
وكانت عنايته بتشجيع البنات حين يوصي بهن قائلا عنهن: 'يغلبن الكريم ويغلبهن اللئيم'.
لقد قدم نموذجا اجتماعيا فريدا في الاعتناء بأخيه المرحوم عبداللطيف الذي يصغره بثماني سنوات حتى سنة وفاته من حيث متابعة صحته ودراسته وأسرته والتوصية عليه فكان لأخيه أبا وأخا.
لقد شهدت بنفسي صموده خلال الاحتلال الآثم على الكويت بل فتح ديوانه العامر - ديوان الشايع بالشامية - وجمع الناس وحبب إليهم البقاء في الكويت، وجعل ديوانه مقرا لتبادل المعلومات والأخبار التي تعين الصامدين على صمودهم، وكذلك تسليتهم من السأم في ظل الاحتلال.
فلم يخرج إلا عندما تردت حالته الصحية واحتاج إلى علاج لا يتوافر في مستشفيات الكويت المنهوبة، وقدم خير مثال للمواطن رغم تقدم سنه، فكان له من اسمه نصيب.. رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.
د. عبدالمحسن الجارالله الخرافي .
صالح علي حمود الشايع
السيرة الذاتية صالح علي الحمود الشايع ولد في حي المرقاب سنة 1911م و له من الأبناء أحمد وهو الأكبر وسليمان وعبدالوهاب وعبدالرحمن وفهد توفي رحمه الله وسهيل و3 بنات.
تعلم عند الكتاتيب، ثم في المدرسة المباركية ثم مدرسة العامر وسميت بهذا الاسم بعد ان استأجر المدرسون ديوانية العامر وأسسوا هذه المدرسة بعد ان تركوا المدرسة المباركية إثر خلاف مع إدارة المدرسة، وهي في سوق المعجل، ثم انتقلت مدرسة العامر إلى الأحمدية وكانت بيتا قديما، تقع بالقرب من البرح وبينها وبين البحر سكة (شارع) قديم، وبعد إقبال التلاميذ على هذه المدرسة وازدياد الطلبة انتقلت المدرسة الأحمدية إلى مبنى آخر على البحر مباشرة، واستمر صالح الشايع في هذه المدرسة حتى خريف سنة 1344 ه ـ .1926 سافر بعدها مع والده في الخريف الى الهند في مركب يسمى 'برودا'، وكانت أول رحلة له وسنه لا يتجاوز 16 عاما، وفي الهند أحضر له والده مدرسا هنديا يدعى أحمد فريد ليعلمه اللغة الانكليزية، وكان المدرس ينصحه بقراءة الصحف الهندية التي تصدر باللغة الانكليزية كصحيفة Times Of India، وكان يقرأ الإعلانات المبوبة وبعدها نمت عنده رغبة المطالعة باللغتين العربية والانكليزية، واشترك في صحيفة الأهرام التي كانت ترد اليه اسبوعيا كل يوم سبت في الباخرة ومجلة اللطائف المصورة وهي مجلة ثقافية.
عمل صالح بن حمود الشايع في مكتب والده علي بن حمود الشايع، فكان يساعده في كتابة المراسلات والترجمة الى اللغة الانكليزية، وانجاز اعماله خارج المكتب كالذهاب الى البنك والبريد وهو صغير السن، ولما عاد والده واستقر في الكويت تسلم صالح بن حمود الشايع العمل في الهند الى سنة 1350 ه عندما طلب عمه العمل مكانه في الكويت، لأن عمه كان ذاهبا الى الحج.
كانت له علاقات مع الزوار العرب الذين يفدون الى مومباي فقابل الكثير من أمراء الخليج وبعض الرجال العرب، وكان يدعوهم لزيارة منزله، واستقبل الرئيس التونسي السابق بورقيبة عند زيارته للهند.
كونا
التعديل الأخير تم بواسطة عنك ; 18-06-2009 الساعة 12:30 PM.