آل المزيدي - فرحان الفرحان
إذا كان القضاء وكتابة الوصايا والوقف وغير ذلك استمر قرنين من الزمان في ذرية آل العدساني كان هناك في الكويت عدد لا بأس به من المواطنين الشيعة يتولى القضاء وكتابة الوصايا والهبات والوقف وعقد قران الزواج لا شك ان أسرة المزيدي سدت هذه الثغرة فقد تولى المرحوم الشيخ إبراهيم المزيدي في الكويت ردحا من الزمن وأصبح مرجعا لهذه المجموعة من المواطنين وياليت هذه العقود للزواج وغيرها موجودة لتصبح مرجعا تاريخيا يستفاد منه على مر الأيام المهم السؤال هنا من أين جاءت هذه الأسرة «المزيدي» إلى الكويت؟ كانت هذه الأسرة بعد الترحال من اليمن إلى العراق حيث كانت لهم الكلمة الأولى في جنوب العراق في الحلة وهنا أنقل ما أورده الدكتور فاروق العمر في كتابه تاريخ الخليج العربي صفحة (183) يقول:
الإمارة المزيدية في الفرات الأوسط:
ومثلما كان بنو سليم يسيطرون على البطيحة كان بنو مزيد سادة منطقة النيل والفرات الأوسط. فقد استمرت إمارتهم دون منازع بين 387 هـ ـ 558 هـ . وكان مركزهم مدينة الحلة التي أنشأها أميرها صدقة الملقب «ملك العرب سيف الدولة» وكان تأسيس الحلة 495 هـ /1101 م.
وبنو مزيد قبائل بدوية تنتمي إلى بني أسد، ولبني أسد تاريخ حافل في أحداث العراق السياسية قبل العصر العباسي. أما في هذه الفترة فإن الحياة السياسية قد تعقدت. فقد ضعفت السلطة العباسية المركزية ووقعت تحت تأثير سلطة أجنبية هي البويهية ثم أعقبتها السلطة السلجوقية. كما ظهرت كيانات سياسية عديدة في العراق والجزيرة الفراتية والأهواز وبلاد فارس مما يدل على حالة التردي التي وصلت إليها الخلافة العباسية الخاضعة للاجانب.
ان هذه الحالة بالذات هي التي غذّت طموح المزيديين وغيرهم من القبائل البدوية في الاقاليم الأخرى القريبة. ويبدو ان أمر المزيديين قد بدأ بتكليف من الوزير البويهي أبي محمد المهلبي لحماية منطقة سوار، ولكن المزيديين، من بين القبائل البدوية الأخرى في المنطقة، استطاعوا ان يطوروا طموحهم السياسي ويكونوا كيانا سياسيا مؤكدين سيادتهم على منطقة الفرات الأوسط وما فيها من قبائل مع بدايات القرن الخامس الهجري.
يعتبر علي بن مزيد المؤسس الحقيقي لكيان المزيديين السياسي وخلفه في الرياسة ابنه دبيس بن علي (408 هـ ـ 474هـ) ثم كان منصور بن دبيس ثالث الأمراء المزيديين، الذي تصفه مصادرنا التاريخية بالورع والتقوى وكثرة الهبات حتى ان الوزير نظام الملك قال حين سمع نبأ وفاته «مات أجل صاحب عمامة»!!
على ان أهم شخصية مزيدية في تاريخ الإمارة هي شخصية صدقة بن منصور. ويعتبر عصره عصر ازدهار الإمارة وقوتها. وقد بلغ نفوذ الإمارة أوج اتساعه في عهده حيث امتد من الفرات الأوسط إلى البطائح والبصرة وواسط جنوبا وإلى عانة وهيت وتكريت شمالا. وبدأ يصطدم بالسلطة السلجوقية في بغداد وبنفوذ العقيليين في الأطراف الغربية للجزيرة الفراتية. وقد دام عهده احدى وعشرين سنة أو أكثر قليلا (479 هـ ـ 501 هـ). وقد تمكن السلطان محمد السلجوقي من قتله خشية اتساع سلطته وخطره.
ورغم ان نفوذ المزيديين استمر بعد قتل صدقة إلا انه بدأ بالاضمحلال التدريجي ويعتبر عهد علي بن دبيس آخر عهود القوة المزيدية حيث انتهى الكيان السياسي المزيدي الفعلي بوفاته 545 هـ. وتميزت الفترة التي بعده بالصراع القبلي بين الأمراء أنفسهم وبينهم وبين الخلافة والسلطة السلجوقية. وقد وجه الخليفة المستنجد مقدم المنفق ابن معروف اليهم فأجلاهم عن أرضهم ومركزهم في الحلة وقتل نحو أربعة آلاف من أنصارهم، فافترقوا في البلاد.
جريدة الوطن 8/7/2004
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
|