31-05-2009, 03:04 PM
|
|
مشرف
|
|
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 2,208
|
|
يوسف سالم الحسينان
من دفاترهم
يوسف سالم الحسينان: تمت تزكيتي لوظيفة المختار في عام 1989 م، ومازلت أكمل رسالتي الوطنية.
نستعرض اليوم ونقلب بعض دفاتر احد رجالات الكويت الكرام، فقد عمل بكل تفان وإخلاص في خدمة أبناء وطنه بعيدا عن الأضواء، وقام بتأدية رسالته الوطنية على أكمل وجه، وذلك من خلال عمله في وزارة الداخلية وتحديدا في إدارة الجوازات وبعدها المختارية.
أكثر من خمسين عاما من العمل الجاد والمخلص تجعلنا نقف احتراما وتقديرا لهذه الشخصية الكويتية المحبوبة لدى الجميع، ونتعلم منها فن التواصل مع الآخرين.
نستعرض اليوم جزءاً من حياة مختار منطقة الخالدية (يوسف سالم علي الحسينان) - أطال الله في عمره -، وهو أحد أفراد عائلة كويتية كريمة قدمت الكثير من الرجال.. نقلب معه اليوم بعض دفاتره الخاصة بحيث يستذكر لنا العديد من المواقف والأحداث التي مر بها وحدثت معه طيلة حياته الكريمة، لعلنا نستطيع أن نتعلم من هؤلاء الرجال معنى الإخلاص والوفاء والتضحية في سبيل الكويت العزيزة.
((الولادة والنشأة))
ولدت في عام 1936 م في فريج "العوازم" الواقع بحي "المرقاب" في بيت الوالد، وكان موقعه بجانب مسجد "بن هلال"، وكانت البيوت القريبة منا بيت الودعاني والمسعود والعميري والدويلة والدخيل وحمادة، وبعد ذلك انتقلنا إلى منطقة حولي، وكانوا جيراننا هناك بيت الرباح وحمادة وعطية الأثري.
((المرحلة التعليمية والعملية))
التحقت في بداية تعليمي بمدرسة سليمان الخنيني في "الصفاة"، وكان من زملائي يوسف الغنام وأحد أبناء البسام وعيال عمي، ثم انتقلت إلى مدرسة "المرقاب" وبعدها إلى المعهد الديني.
بعد الانتهاء من التعليم اتجهت الى العمل فعملت في أوجه مختلفة، ثم بعد ذلك تم توظيفي في وزارة الداخلية (إدارة جوازات ميناء الشويخ) وكان ذلك في عام 1958 م، واستمررت بعملي هناك الى التقاعد، وقد زاملت الكثير من المسؤولين منهم الاخوة الأفاضل فهد السميط وسليمان العمر ومساعد الحداد ومجرن الحمد وآخرون، حتى تقاعدت في عام 1984 م.
في عام 1989 م تم اختيار مختار الخالدية المرحوم عبداللطيف البرجس محافظا لحولي، فتقدمت لشغر منصب المختار فزكاني أبناء المنطقة ومنهم الأخوة الأفاضل احمد السرحان وعلي الفضالة وعبدالرحمن الجحيدلي وآخرون، وتقدموا لسمو الأمير الراحل الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، وكان وقتها وليا للعهد ورئيسا لمجلس الوزراء وطلبوا منه تعييني مختارا لمنطقة الخالدية، وكنت في هذا التوقيت مسافرا للأردن مع الأخ الفاضل خالد العتيقي، وتم إبلاغي بأنه تم تعييني مختارا للخالدية، فتسلمت العمل ومازلت مستمرا أؤدي رسالتي على أكمل وجه في خدمة أبناء المنطقة من خلال تعاونهم معي.
((مرحلة الغزو العراقي الغاشم))
بعد عام من تعييني مختارا للخالدية حدث الغزو العراقي الغاشم على الكويت، فقمت فورا بنقل الملفات والأوراق الرسمية من المختارية إلى سرداب منزلي مستعينا ببعض الأقارب، وقمنا بفرز ملفات الضباط والعسكريين وقمنا بإتلاف بعضها والاحتفاظ بالبعض الآخر حسب أهميتها لكي لا تتوصل إليها قوات الاحتلال، وأيضا قمت بإخفاء متعلقاتي الشخصية من أسلحة صيد حيث كنت من هواة الصيد واحتفظ ببعض بنادق الصيد، وأيضا أوراق ثبوتية وملفات المختارية في إحدى غرف المنزل.
بعد أيام من الغزو قامت قوات الاحتلال بمنطقة الخالدية بالبحث عني كوني مختارا للمنطقة، وبعد السؤال استطاعوا الوصول إلى بيتي، ودخلوا علي وسألوني عدة أسئلة تتعلق بأبناء المنطقة وخاصة العسكريين والقياديين، فأبلغتهم بأني لا اعرف أحدا منهم، فقاموا بتفتيش المنزل أكثر من 6 مرات، وكان الله عزوجل في كل مرة يعمي أبصارهم عن الغرفة التي بها ملفات المختارية ومتعلقاتي الشخصية.
((موقف صعب))
من أصعب المواقف التي مرت علي اثناء الغزو العراقي الغاشم هي عندما جاء جنود الاحتلال إلى منزلي وألقوا القبض على أبنائي سامي وأسامة وتم إيقافهم بجانب الحائط ليقتلوهم إذا لم أبلغهم بأسماء الضباط والعسكريين من أبناء المنطقة، وأصررت على موقفي السابق بعدم معرفتهم، وألهمني الله الصبر واتجهت إليه بالدعاء، وقدر الله وتم إطلاق سراح أبنائي من قبل هؤلاء المجرمين.
وأيضا في احد الأيام أخذوني العراقيين لمخفر العديلية وسألوني نفس الأسئلة السابقة، وأنكرت وأصررت على موقفي السابق بأني لا أعرفهم، ولا أزال أتذكر اسم الضابط الذي قام بالتحقيق معي وهو (نوري)، وقد أمهلني هذا الضابط مدة أسبوع لكي احصر له أسماء الضباط والعسكريين والقياديين الموجودين بالمنطقة، فذهبت له حسب الموعد المحدد وكلي اصرار على موقفي السابق وأمري مفوض إلى الله عزوجل، وعندما وصلت إلى المخفر وسألت عنه أخبروني انه انتقل إلى الشمال ولن يعود مرة أخرى فحمدت الله وشكرته، وكان معي في هذا اليوم الأخ حسين الخليفة مدير الجمعية آنذاك.
كنت قد تخيلت أنني قد استرحت من هذا الضابط، ولكن فوجئت بعد عدة أيام باستدعائي إلى مخفر كيفان، وقاموا بالتحقيق معي في نفس الموضوع، وكانت إجابتي هي ذاتها التي كانت في مخفر العديلية، وبعد محاولاتهم الفاشلة معي لمعرفة أي معلومة تفيدهم أطلقوا سراحي وعدت إلى منزلي، وفي هذه الأثناء فكرت بالخروج من الكويت لأن وضعي كان صعبا وحرجا جدا، ولا يمر يوما واحدا إلا ويتم استدعائي إلى أحد المخافر للتحقيق.
((قرار السفر))
قررت السفر خارج الكويت عن طريق الخفجي وأبلغت جاري بالموضوع، فركبت السيارة مع "عديلي" صالح الموسى وابني سالم، ونحن في الطريق و بالقرب من مركز الخفجي قررت الرجوع مرة أخرى ولن أغادر وأترك الكويت بل سأصمد وأترك أمري لله، ولم أخرج إلى أن تحررت الكويت بفضل من الله سبحانه وتعالى، واستمررت بتأدية الخدمة الوطنية مع الإخوة اللواء محمود الدوسري ومحمد الفجي في مساعدة أبناء المنطقة.
* كيف كنت تجري اتصالات لخارج الكويت؟؟
- سافرت إلى بغداد أثناء الغزو بصحبة الاخوة عبدالرحمن الخليفة والمستشار راشد الشراح، واتصلنا على أهلنا وأقاربنا بالخارج للاطمئنان عليهم وتوصيل آخر أخبارنا لهم، وعند عودتنا من بغداد اتجهنا للبصرة حيث لدينا أراض هناك وأخذنا بعض الأموال الخاصة بنا من وكيلنا هناك ورجعنا إلى الكويت.
* ماذا عن مرحلة ما بعد الغزو العراقي الغاشم؟؟
- الحمد لله قمت بتكثيف اتصالاتي مع أبناء المنطقة ومع الجهات المسؤولة لإعادة بناء ما تم تدميره من قبل القوات العراقية من مدارس ومساجد ومرافق عامة، وكانت المنطقة في تلك الأيام كخلية نحل، والكل يقوم بواجبه على أكمل وجه في مجال تخصصه.
أتذكر قبل الغزو العراقي ذهبت لمقابلة الشيخ عبدالله المبارك الصباح - رحمه الله - مع المحافظ عبداللطيف البرجس - رحمه الله - والأخ تركي العلي نطلب منه أن يقوم ببناء صالة للأفراح بمنطقة الخالدية باسمه، فوافق على ذلك جزاه الله خيراً، ولكن حدث الغزو وتوقف كل شيء، وبعد التحرير قامت الشيخة الدكتورة سعاد الصباح بإكمال مشروع وتنفيذ وصيته فجزاهم الله خيرا، وكذلك أشكر النوخذة عيسى العثمان الذي قام ببناء مسجد بجانب صالة الأفراح، وكذلك السيد عبدالله مساعد العبدالهادي الذي قام بترميم أكثر من مسجد، وأيضا السيد عبدالله المحري والسيدة شريفة المحري قاموا ببناء مستوصف.. فالحمد لله الكويت تحتضن الكثير من أهل الخير.
* بعد عملكم مختارا خلال هذه الفترة.. ماذا ينقصكم كمختارين في الكويت؟؟
- هناك أشياء تنقص المختارين، وهي إعطاء المختارين صلاحيات أوسع للقيام بمهامهم، لأن المختار هو حلقة الوصل الدائمة بين متطلبات المنطقة ووزارات الدولة وهيئاتها المختلفة، وهو أعلم بمتطلبات واحتياجات المنطقة، فلا بد من توسيع صلاحياته وزيادتها.
((صندوق العائلة))
بعد التحرير فكرنا بأن نجمع العائلة تحت مظلة واحدة، وقمنا بتأسيس جمعية للعائلة تضم جميع أبناء العائلة داخل الكويت رجالا ونساء، وبعد ذلك توسع الأمر وقمنا بترخيص الصندوق من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وإشهار جمعية أو صندوق عائلة الحسينان في الجريدة الرسمية، وفتحنا حسابات للصندوق في احد البنوك المحلية.
بعد ذلك اتجهنا إلى أبناء عمومتنا في المملكة العربية السعودية، وتحديدا في الرياض والحوطه والمجمعة والزلفي وجمعناهم معنا.. والحمد لله في كل عام نجتمع سويا في أحدى الصالات بالسعودية للتعارف والتقارب بين الأرحام، أما في الكويت ففي كل شهر تجتمع العائلة عندي في الديوان، ونستخدم كذلك الرسائل الهاتفية للتواصل بين الأبناء في جميع المناسبات.
* من قام باقتراح وتنفيذ هذه الفكرة؟
- الحمد لله.. أنا من قمت بذلك، وقد عينوني أمينا عاما للصندوق والمسؤول الأول عن أمواله وإيداعاته ومصروفاته والمشرف العام على جميع الأنشطة، فأنا والحمد لله مؤمن بالحديث الشريف "لا يدخل الجنة قاطع رحم"، فالحمد لله على نعمه.
* هل الصندوق مخصص للصرف على أبناء العائلة فقط؟
- المستفيد الأول من هذا الصندوق هم أبناء العائلة.. فالأقربون أولى بالمعروف، وهناك أيضا أشخاص من خارج العائلة يستفيدون من ريع هذا الصندوق كلا حسب حاجته.
((الحياة الشخصية))
* حدثنا عن حياتك الخاصة.. فأنا أعرف انكم من عشاق السفر خارج البلاد؟
- نعم.. كانت أول رحلاتي في أوائل السبعينات مع الصديق العزيز المرحوم الشيخ عبدالرحمن الفارس، حيث كان يصحبني إلى الشارقة وعجمان ورأس الخيمة في دولة الإمارات العربية المتحدة لتعمير المساجد هناك والإشراف عليها على نفقة وزارة الأوقاف حيث كان المرحوم وقتها وكيلا مساعدا في وزارة الأوقاف، وعادة ما نكون في ضيافة احد الحكام هناك، فكانوا يمنحوننا الأراضي هناك ونقيم عليها المساجد، فقد كانت لـ "بواحمد" رحمه الله بصماته الاسلامية الواضحة في الكويت وخارجها، وخاصة تعمير بيوت الله.
وكنت كثير السفر إلى البصرة والعشّار حيث أن لدينا أملاك هناك، وبعد ذلك سافرت إلى القاهرة، والآن أنا دائم السفر إلى لبنان منذ عام 1994 م حيث يجتمع الكويتيون هناك في ديوانيات وقد خصصت في ديوانيتي عدداً من العاملين لخدمة الرواد هناك، والحمد لله قمت أنا وصديقي فيصل المرشد وبعض المحسنين بترميم وتكبير احد المساجد هناك في منطقة (رويسات سوفر) وتحويله إلى جامع لكي يستوعب المصلين الكويتيين وغيرهم ولنتمكن من إقامة صلاة الجمعة.
* من هم أصدقاء الطفولة ومازالوا متواصلين معك؟
- نحن مجموعة مكونة من 12 شخصاً تقريبا متواصلين على الدوام ولا يذهبون لديوانية غير ديوانيتي من أيام المرقاب إلى حولي والآن بالخالدية وهم على سبيل المثال لا الحصر : يوسف غنام الرشيد وراشد الشراح وفيصل المرشد وصالح الموسى وآخرون.
* ماذا تعلمت من والدكم الملا سالم الحسينان رحمه الله؟
- تعلمت منه الشيء الكثير.. درست عنده في المرقاب لفترة صغيرة، ولكن تعلمت منه من أمور الحياة كثيرا، فقد كان عطوفا وكريما ولا أذكر انه قام بشيء إلا وشاورنا فيه رحمه الله.
* في أي عام تزوجت؟ وكيف كانت استعدادات العرس؟
- تزوجت في عام 1960 م، وكانت أعراسنا في الماضي بسيطة وسهله، ولا يوجد بها تكليف أو إسراف، واذكر أنني عقدت قراني في مسجد الحمد بحضور الأهل وبعض الأصدقاء المقربين، والذي عقد قراني هو الملا عثمان عبداللطيف العثمان - رحمه الله -.
* كم كان المهر؟
- كان 600 دينار، وكانت هذه القيمة هي القيمة المتوسطة والمتعارف عليها تقريبا.
* كم لك من الأبناء؟
- لدي سامي وأسامة وسالم و 4 بنات.
* هل من كلمة أخيرة؟
- أشكركم جزيل الشكر على هذا اللقاء، وأتمنى لكم التوفيق.
((الملا سالم علي الحسينان))
* ولد في الكويت سنة 1318 هـ الموافق 1900 م.
* بدأ يتتلمذ على اساتذة عصره، وينهل ما استطاع من الفكر والمعرفة من علماء عصره، وممن تتلمذ عليهم الأستاذ محمد السيد عمر عاصم، والشيخ يوسف بن عيسى القناعي.
* ما أن بلغ العشرين من عمره حتى انخرط في سلك التدريس إذ قدر الناس عمله وتنافسه، فدرّس في مجموعة من مدارس الكويت، فمنذ عام 1388 هـ الموافق 1968 م بدأ في التدريس في المدرسة المباركية، ثم في المدرسة الأحمدية، ثم في الروضة ثم في مدرسة المرقاب.
* تتلمذ عليه عدد كبير من أبناء الكويت ومن جميع المستويات منهم الشيخ عبدالله المبارك الصباح، والشيخ عبدالله الأحمد الصباح، والشيخ حمود الجابر الصباح، والشيخ دعيج السلمان الصباح، والشيخ سعد العبدالله الصباح، والشيخ سالم العلي الصباح، والشيخ جابر العلي الصباح، والوجيه عبدالله محمد شاهين الغانم، والوجيه خالد صالح الغنيم، والوجيه عبدالعزيز حمد الصقر، والوجيه عبدالرحمن سالم العتيقي، وغيرهم من أبناء الكويت البررة.
* زار القاهرة، واطلع على النشاط الثقافي والتعليمي هناك، وكانت له كتابات متفرقة معظمها وصايا، ويشير مضمون هذه الوصايا إلى ما كان يتمتع به الملا سالم علي الحسينان من تقى وورع وزهد بالدنيا وإقبال على الآخرة، فقد كان يذكر الناس أن هذه الدنيا فانية، وان الآخرة هي دار القرار.
* أصيب المربي الفاضل الملا سالم علي الحسينان في أواخر حياته بالفالج (الشلل) حيث شل نصفه الأيمن، وتكاثرت عليه الأمراض، فتوفي سنة 1396 هـ الموافق 1976 م في مستشفى الصباح في الكويت، وكان رحمه الله علما من أعلام التعليم في الكويت ومخلصا وفيا لأهله وإخوانه ووطنه.
تغمده الله بوافر رحمته وجعل الجنة مثواه.
** المصدر (مربون من بلدي) كلية التربية الأساسية.
تاريخ النشر 08/05/2009 بجريدة الوطن
|