عبدالعزيز محمد الدعيج
(1256-1355هـ/1840-1936م)
المولد والنشأة : هو عبدالعزيز بن محمد بن عبدالمحسن بن عبدالرحمن بن أحمد بن عبدالله الدعيج، ولد عام 1256هـ الموافق 1840م، في أرض الدعيج بالقرب من الشماسية شمال شرقي عنيزة في منطقة القصيم من نجد بالمملكة العربية السعودية.
قدم إلى الكويت وعمره لم يتجاوز التاسعة، بصحبة أخيه الكبير علي، الذي انتقل بآل الدعيج وأقربائهم إلى الكويت حيث ترعرع وشب في ربوعها. وعندما بلغ الثانية عشرة من عمره بدأ الاشتغال بالتجارة وأخذ يتردد على محل أخيه الأكبر، وما هي إلا سنوات قليلة حتى أتقن المهنة وأصبحت له تجارة واسعة يساعد من خلالها الآخرين.
حفظ القرآن الكريم وتعلم القراءة والكتابة ومبادئ الحساب في الكتاب كغيره من أبناء جيله في ذلك الوقت إذ كان هو مكان التعليم الشائع، كما درس الفقه وأتقنه حتى أصبح متمكنا من الإفتاء في الحلال والحرام.
وقد جعل حفظ القرآن الكريم والفقه منه رجلا تقيا خاشعا ورعا لا يتوقف لسانه عن ذكر الله سبحانه وتعالى.
أوجه الإحسان في حياته: تعددت أوجه الإحسان في حياة المحسن عبدالعزيز الدعيج ما بين عطائه للفقراء والمعوزين، وتفريج كرب المكروبين، والإصلاح بين الناس وصلة الأرحام، إلا أنه برز في مجال توفير مياه الشرب لأهل بلده الكويت، فمنذ أن شب عن الطوق، وبدأ الاشتغال بالتجارة في سن الثانية عشرة، تفجرت في وجدانه ينابيع الخير وسعى إلى نشره بين الناس، وفي ذلك الوقت كانت الأزمة الكبرى التي تواجه أهل الكويتهي ندرة المياه، وكانت قطرة الماء تساوي الكثير عند الناس،
وصدق الله تعالى إذ يقول :
(... وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون) سورة الأنبياء
يقدر أهمية المياه للشرب وحفظ الحياة إلا من عاش في الصحراء والأراضي الحارة الجافة نادرة المياه، ولذلك فقد تسابق أهل الخير والمروءة في الكويت لتوفير مياه الشرب لأهلها بشتى الطرق والوسائل، وكان المحسن عبدالعزيز الدعيج في مقدمتهم منذ الصغر، فلم يكن عمره قد تجاوز الثانية عشرة عندما وضع أمام منزله غرشة ماء "جرة" وعليها مغرفة، ليساهم في إرواء ظمأ جيرانه، وأهله وأبناء السبيل.
لا يرد سائلاً:
بعد اشتغاله بالتجارة بسنوات بارك الله له في رزقه فنمت تجارته واتسعت أملاكه وفاضت أمواله، فكان يرحمه الله لا يرد طالبا ولا سائلا حتى يعطيه مما أعطاه الله، ومن أقواله المشهورة في هذا الصدد: "إن المال مال الله، ورب العباد جعلني عليه وكيلا".
فلقد كان ساعيا إلى رضوان الله، طامعا في مغفرته وجزيل ثوابه، واعيا بقول الحق جل جلاله: (إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم)
سورة التغابن
الخوف من الربا:
وكان يرحمه الله حريصا كل الحرص على الرزق الحلال، وقد عرف عنه أنه كان لا يصرف روبية من الفضة بنصفين أو بأربعة أرباع خوفا من اختلاف الوزن، فيدخله ذلك في باب من أبواب الربا لا قدر الله، إذ كان يدرك تمام أن عاقبة الاقتراب من الربا هي الاقتراب من غضب الله، وأن الانغماس فيه يعني الدخول في حرب مع الله في الدنيا والخسران في الآخرة مصداقا لقوله تعالى: (يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون)
سورة البقرة
صلة الأرحام:
كان المرحوم عبدالعزيز الدعيج حريصا على صلة رحمه وجمع شمل عائلته، بارا بأهله وأقاربه، لا ينقطع عن زيارتهم والسؤال عنهم والاهتمام بمصالحهم. ولا عجب في ذلك فالرجل – رحمه الله – كان يقتدي في أعماله وعلاقاته مع الناس بالهدي النبوي والخلق الإسلامي، وكان في هذا الصدد يتمثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه" "متفق عليه".
اطلاق اسمه على إحدى شوارع الكويت :
وقد أحسنت الحكومة الكويتية عندما أطلقت اسم المحسن عبدالعزيز محمد الدعيج على أحد الشوارع الرئيسية والذي يطل عليه ديوانه بمنطقة القادسية، تخليدا لذكراه وعرفانا بما قدمه للكويت وأهلها.
الإصلاح بين الناس:
بقدر حرصه على الإسهام في سد حاجات المعوزين، والفيض بما رزقه الله على عباده المحتاجين، كان المرحوم عبدالعزيز الدعيج حريصا على تحقيق الوئام والإصلاح بين الناس، فكان لا يتوانى في المسارعة إلى الصلح بينهم وإزالة خصوماتهم، حتى أصبح مشهورا بين الناس بذلك، فكان حاكم الكويت آنذاك الشيخ/ سالم المبارك الصباح – يرحمه الله – يستعين به في حل خصومات الناس والإصلاح بينهم. وقد ذكر الشيخ عبدالله النوري – يرحمه الله – في كتابه (حكايات من الكويت) أن الشيخ سالم طلب من عبدالعزيز الدعيج الفصل في منازعات الناس، فقد حضر اثنان إلى الشيخ سالم يوما لخصومة بينهما، وبعد أن استمع إلى شكواهما سألهما عن مقر سكنهما، فعلم أنها من حي عبدالعزيز الدعيج نفسه، فأمرهما بالذهاب إليه لحل تلك الخصومة، وعند حضور عبدالعزيز الدعيج لمجلس الشيخ سالم، قال له الشيخ: "لا يأتيني من حيك أحد، أنت أفصل في خصوماتهم، ثم قال للحضور إني أعرف فيكم عبدالعزيز هذا وأمثاله كثيرون، أعرفهم مخلصين وإخلاصهم يأمرهم بالإصلاح، وعبدالعزيز شيخ صالح، وله مكانته في مجتمعه، ويحرتمه الجميع، وقو قادر ينضم دائما إلى المظلوم فيقوى به على أخذ حقه.
ولهذا فإني أهيب به وبأمثاله أن يراعوا بالإصلاح مكانتهم بيننا وفي وطننا، حتى تبقى المودة بيننا والألفة فينا ونحافظ على هذه الأسرة كما حافظ عليها الأسلاف، ثم التفت إلى عبدالعزيز وقال له: يا أبا عبدالله، إن شئت فاذهب عزيا وإن شئت فعد إلينا مكرماً...".
وهكذا نال الرجل يرحمه الله ثقة الناس وثقة الحاكم لعدله في الفصل بين الناس ولحرصه على تحقيق الصلح وإشاعة الأخوة والمحبة بينهم، وذلك دليل رضا من الله القائل في كتابه العزيز: (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما). سورة النساء
وفاته:
وبقي الإنفاق في سبيل الله والتصدق على الفقراء وإعانة المحتاجين والإصلاح بين الناس ديدنه حتى انتقل إلى رحمة الله تعالى عام 1355هـ الموافق 1936م.
رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.
وصية عبد العزيز محمد الدعيج
الداعي لكتابة هذه الأحرف الشرعية هو أنه لا يخفى أن الحوش الكائن في محلة المرقاب ف مدينة الكويت المحدد قبلة الطرق العام وشمالا بيت هارون الهارون وبيت مطلق العصيمي يحدها الطريق النافذ وجنوبا بيت موسى الدوسري وبيت حسين بورشيد وبيت عبدالجريدي وبيت محمد بن عامر لما كان هذا الحوث المبينة معالمه وحدوده ملكا لعبد العزيز بن محمد الدعيج وقد جعله تسعة بيوت أخرج منه طريقا نافذا متوسطا بين هذه البيوت وقد أراد توقيف هذه البيوت وتحبيسها لوجه الله وابتغاء مرضاته فاقر إقرارا صحيحا شرعيا أنه أوقف حال كونه جايز التصرف ستة منها على سقايته التي أخرجها من بيت سكناه لسقي الماء وتسبيله وثلاثة على عمارة البيوت وجعل الناظر على ذلك والمتولي عليه الصالح الرشيد من أولاده القادر على القيام بوظيفة الوقف الأكبر فالأكبر والبيوت الثلاثة التي على العمارة ويأكل الناظر اثنان على يسار الداخل من شرق طريق البيوت المذكورة وواحد على يمينه وكلها من أول الطريق المذكور من مدخله الشرقي يمنة ويسره والستة التي على السقاية الماء أربعة في طريق البيوت النافذ يمينا ويسارا واثنان على الفضاء من جهة قبلة بذات الحوش ووقف عبدالعزيز المذكور وتسبيل الماء فيها للشرب وقف عبدالعزيز المذكور ذلك كله وحبسه وسبله على الجهة المعينة المذكورة حال كونه جائز التصرف مختارا في ذلك فبموجب ذلك صارت الدكاكين والبيوت المذكورة وقفا صحيحا لازما لاتباع ولا تورث ولا توهب وقد حررت هذه الوثيقة بتاريخ 10 جمادي الأولي إحدى شهور السنة الثامنة والثلاثين بعد الثلاثمائة والألف من هجرة من خلقه الله على أكمل وجه صلى الله عليه وسلم.
- منقول من موقع أسرة الدعيج