الآيات الصباح في حكم مبارك الصباح .. مجموعة مهازل افتراها الأنطاكي
اعداد : ظاهر الشاهر
جريدة الدار
القناعي: نشر الكتاب سيكون أضحوكة الزمان بين أهل الكويت
في عام 1897م، قرر الشاب السوري «عبدالمسيح الانطاكي» الذهاب الى «مصر» والعمل في مهنة الصحافة والكتابة بعد فشل متواصل في بلاده. سافر بحرا على ظهر اول مركب الى الاسكندرية ومنها الى القاهرة، ومع مرور الوقت اندمج في الحياة المصرية وعرف ما كان يخفى عليه من خبايا ومصالح سياسية وتسلط الانجليز، لهذا لم يورط نفسه بأي امر سياسي وحافظ على اتزانه في مصر.
الشهباء
بعد عدة محاولات صحافية وكتابية في الصحافة المصرية، انتهى به الطموح الى اصدار جريدة خاصة، وبالفعل تم اصدار العدد الاول من الصحيفة التي اسماها «الشهباء» لم تصمد تلك الصحيفة وانتهت مع اول اصداراتها لانها لم تحصل على دعم او حتى اعلانات تساعدها على الاستمرار لهذا توقفت الشهباء.
صحيفة العمران
• رغم ما حدث لم ييأس الانطاكي من المحاولة مجددا، وهنا أصدر صحيفة اخرى ولكن هذه المرة وفق دراسة تساعدها على الاستمرار.. وهكذا يصدر «الانطاكي بك» كما اسمى نفسه جريدة جديدة عام 1896م باسم «العمران».. شعارها وهدفها مكتوب على صفحتها الاولى « الله والوطن والاتحاد» وهي صحيفة عربية عمرانية اسبوعية، او صحيفة تاريخ وادب وسياسة وفكاهة.
وتتم المراسلات الى الجريدة من خلال «عبدالمسيح الانطاكي» صاحب جريدة العمران بمصر وبدل الاشتراك 60 قرشا عن سنة في مصر «25» فرنكا عن سنة خارج القطر.. والدفع سلفا، لقد اتضح اتجاه هذه الصحيفة منذ بدايتها، فهي مملوءة بالقصائد والمقالات تمدح الامراء والملوك العرب، وكما يقول «الاستاذ المؤرخ خالد البسام»، ان اغلب الظن ان الدفع يكون سلفا وان الانطاكي استمر في مهمنة النفاق والحيلة وجعل الدفع سلفا ايضا.
جولة خليجية
قرر الانطاكي القيام بجولة لزيارة الخليج 1907م والالتقاء والتعرف على الامراء والملوك والشيوخ في المنطقة، وانه كما يقول: فعل ذلك من اجل خدمة الامراء والسلاطين والشيوخ لان مجد الاسلام مرتبط بهم، ويقول: وكان ذلك الكلام ضمن مقاله في العمران عدد «335» ويكمل قائلا: لان مجد الاسلام مرتبط بمجدهم، وتقدم المسلمين موقوف على تقدمهم، ولعمري لا يستعيد اهل هذا الدين الحنيف قديم سؤددهم فخارهم الا على أكتاف هؤلاء الاقيال العظام والسادة الانجاب الفخام اعزهم الله وأبقاهم وأيد بهم كلمة القرآن والاسلام.
رحلة مباركة
كان يفكر بهذه الرحلة «الجولة».. وفي اثناء ذلك طلب منه امراء لحج «باليمن» القيام بزيارة المنطقة وبالفعل قرر الامتثال لذلك.
وكتب في الرحلة قائلا: «بارحنا القاهرة الساعة السابعة صباحا يوم الثلاثاء 3 سبتمبر 1907م» ونحن نسأل الله ان يوفقنا لخدمة ساداتنا المسلمين، وان يجعل في رحلتنا هذه الخير العميم وعلينا ان نبذل ما في الوسع لتكون رحلتنا مباركة ان شاء الله تعالى.
هذا وستواصل جريدتنا الظهور في مواعيدها.. وان اخاه حضرة «بشير افندي انطاكي» يقوم مقامه في كل شيء.. قائلا ارجو من القراء الكرام اعتماده في كل شيء.
وفي نفس صباح ذلك اليوم ركب «الانطاكي بك» القطار الى بور سعيد وانشد قائلا لاصدقائه الذين ابت مكارمهم: الا تشييعنا الى المحطة:
ويا مصر اودعت فيك الاهل والولدا
والروح قد فارقت يوم النوى الجسد
قصيدة طويلة وكان ذلك هو مطلعها.. وبعد قطار بورسعيد استغل «الانطاكي بك» سفنا عدة ذهب من خلالها الى حضر موت ومسقط، والبحرين والمحمرة واخيرا الى الكويت.
المحمرة
بعد رحلة استمرت ستة اشهر كما رواها بالتفصيل.. قبل ذهابه الى الكويت قابل الانطاكي امير المحمرة الشيخ خزعل ومجده وانظم به اشعارا وقصائد طويلة، ومن حسن حظه انه تصادف اثناء اقامته في المحمرة مع حاكم الكويت المغفور له الشيخ مبارك الصباح وكان زائرا للشيخ خزعل، وها هي الفرصة مؤاتية.. فألقى «الانطاكي» قصائد مدح لا تعد.
صحبة مبارك الصباح
ولما علم الشيخ مبارك الصباح برغبة الانطاكي في زيارة الكويت طلب منه مرافقته في باخرته الخاصة.. وبالتأكيد لم يعترض الانطاكي ورحب بالفكرة.. وذهب بصحبة حاكم الكويت.. وكان الانطاكي لا يعرف التوقف والانتظار فقصائده موجودة في كل لحظة وقريحته ملتهبة في كافة الاماكن والازمان فقد بدأ عمله مباشرة منذ ركوبه السفينة فقد استهلها بقصيدة عصماء كان مطلعها..
خدمت الدين في اسمى جهاد
وكنت له العماد على الليالي
وعز المسلمون بك اعتزازا
ونالوا كل مرجو وغالي
وبعد ان سار اليخت وجد الانطاكي ان في تكسر الامواج فرصة لمدح الشيخ وقد شبهها باعداد سمو مولانا المعظم وقال:
انظر الى الامواج كيف تكسرت
من دون يختك وهي ترغي وتزبد.
وكذلك اعداك اللئام فانهم
قد هاجموك وانت انت السيد
وفي سياق رحلته النفاقية اتت قصائد وقصائد كذب ودجل ورياء منها:
فرؤيتك يامولاي تذهب اتراحي
وفيها سروري واغتباطي وافراحي
هي خلسة في العمران اغتنامها
لفرض على قلب بحبك ملتاح
الى الكويت
واستمر مسلسل النفاق وقصيدة لكل مناسبة وقد تصور لي انه مع كل قصيدة مدفوعة سلفا.. قصيدة مجانية وفي عدد العمران الصادر في 14 نوفمبر 1908م. قائلا: كانت بنايات الكويت تدنو منا فتتجسم كلما كان يدنو اليخت المباركي العالي من المدينة، واول ما ظهر لنا منها هو مآذن الجوامع والمساجد واعلاها مئذنة الجامع الحميدي، الذي شيده سمو مولانا ولي النعم الشيخ مبارك باشا بن الصباح المعظم ، وايضا وصفه بانه مولانا الخليفة الاعظم تيمنا وتبركا ثم جعلت تظهر امامنا بنايات المدينة وهي منتشرة حول البحر على مساحات بعيدة وكنا ننظر اليها بالمنظار فلاح لنا القصر المباركي العالي.. وبينما كان اليخت يدنو من المدينة رأينا اعلاما ترتفع على صروحها، ثم صرنا نرى ازدحام الناس على البحر للاحتفاء بملاقاة مليكهم العظيم واميرهم الفخيم سمو الشيخ مبارك باشا بن الصباح.
استقبال
كان جماع الاهلين على الميناء في انتظار مليكهم المحبوب يتقدمهم سمو مولانا ولي النعم الشيخ جابر باشا مبارك الصباح ولي العهد والشيخ ناصر باشا النجل الثالث لسمو الشيخ مع احفاد سموه واهل بيته الكرام يحف بهم وجوه الامارة وعظماؤها واركانها.. وكانت صفوف الجنود الكويتية في الميناء حاملة بنادقها وهي على متون الخيل فلما قرب اليخت جعلت تطلق بنادقها في الهواء، فيردد صدى طلقاتها ترحيبا بخير الشيوخ وافضل الامراء.
مليكهم العظيم
عندما رسا اليخت في موضعه على البر تماما قبالة السراي خف سمو ولي العهد وسمو اخيه مع ال البيت الصباحي الكرام وكبار المدينة للثم راحات سمو مولانا الشيخ المعظم وكان سموه يتلطف ويسألهم عن احوالهم افرادا ثم تفضل فنزل من اليخت الى البر، وعندما وطئت قدماي الثرى صاح الجنود «فليحيا شيخنا المبارك» فردد هذا الدعاء المستطاب ذلك الجمهور العظيم من سواد الكويتيين المحتشدين لاستقبال مليكهم العظيم وفي ذلك الوقت امطرتنا السماء رذاذا فاستبشر الناس لان المطر عندهم من علامات الخير وكرروا دعواتهم الصالحة للامير وال بيته حفظهم الله.
تنازل فقدمني
ثم سار سموه بموكبه الى السراي المباركة يتبعه ال بيته واعيان ملكه وهي تبعد بضع خطوات عن البحر، حتى اذا علا الى الطابق العالي دخل قاعة الاستقبال وغصت القاعة على رحبها بالوفود المهنئة وهناك تنازل سموه فقدمني لسمو ولي عهده ثم قدمني للجمهور فأخذوا يترحبون بي بمكارمهم العربية.
حلبة الكميت
وهنا بعد هذا الاستقبال كان على الانطاكي ان لا ينسى عادته ودوره فانشد قصيدته التي اسماها «حلبة الكميت في زيارة الكويت» وهي طويلة تقارب مئة بيت ولاشيء فيها كعادته الا النفاق والرياء والدجل الرخيص.. رغم رخصه.
إقامة
اقام الانطاكي في مقر الحاكم وقد ذكر ذلك في نفس العدد من العمران قائلا: وبعد ان انصرف الجميع تفضل سمو مولاي الشيخ المعظم وسار بي الى غرفة بجوار قاعة الاستقبال ذات رياش واثاث فاخر، وقال هذه هي غرفتك واصدر امره الكريم بتعيين خادمين لخدمتي من عبيده الامناء وودعني وعاد باليمن والاقبال الى سراي الحرم وفي الحال اخذ خادماي بنقل حوائجي الى غرفتي، وجاءاني بكانون من النار لان الطقس كان باردا جدا، وامرت فجاءاني بالشيشة وعلى قرقعتها جلست فحررت هذه الرسالة للعمران والسلام على القراء الكرام.
قرقعة الشيشة
ظل «الانطاكي بك» يكتب قصائده الرخيصة على قرقعة الشيشة، وطالت الاقامة وكان بوده ان يقيم مدة اطول، الا ان قليلا من الحياء اخذ يعتريه عندها غادر الكويت والمنطقة كلها محملا باكياس من النقود على امل الرجوع مرة اخرى بنفاق ورياء جديد مدفوع الثمن مسبقا.
الآيات الصباح
فبعد ثلاث سنوات من مغادرة الكويت طبع عبدالمسيح الانطاكي ديوانا في القاهرة واسماه «الايات الصباح في مدائح مبارك الصباح».
وكتب عن ذلك الشيخ يوسف بن عيسى القناعي.. قائلا: ولما وصلت النسخ الى جمرك الكويت، اطلعني المرحوم «ناصر بن مبارك الصباح» على نسخة منه فقلت له: انصح والدك ان يخفي الكتاب لانه مجموعة مهازل واكاذيب افتراها الانطاكي، لا صحة لها بتاتا وان انتشر هذا الكتاب سيكون اضحوكة الزمان بين اهل الكويت وغيرهم. وتحدث ناصر الصباح مع والده الذي امر باحتجاز الكتاب في دائرة الجمارك، وعهدي به انه في صناديق مكدسة هناك ولا اعلم عنه شيئا الان، ولعله احرق او اغرق وباحراق واغراق مثل هذا الكتاب احرقت رحلة النفاق لتصبح مجرد اضحوكة ومهازل في تاريخ الكويت.
أكاذيب
ولا بد من ذكر نبذة من كلام الانطاكي في مبارك الصباح فهو يقول:
ولد مبارك سنة 1260هـ (1844م) ولما بلغ الخامسة من عمره احتضنه جده، فجاء له باستاذ من كبار العلماء، وعكف على تربيته وتهذيبه على آداب الدين الحنيف، ولم يبلغ الثامنة من عمره حتى حفظ القرآن على لوح صدره، وشرع يتفقه في الاحكام الشرعية، كان لا يكتفي بتلاوة دروسه وتلقي شروحات شيخه بل كان يسأل عن كل شيء مما ادهش ذلك الشيخ وفي الرابعة عشرة من عمره انتهى من دروسه بنجاح خارق، فتصدر مجالس الحكم واظهر ميلا شديدا الى العدل ما عهده الناس في حاكم من عهد عمر.
ويضيف القناعي قائلا وما هذه غير ذرة من ساحل الرمل واكتفي بها. أما الكتاب المذكور، فموجود منه نسخ قليلة عند الخواص، وقد اتفق جميع المؤرخين على تكذيبه والمبالغة المتناهية في افتراءاته.
عبدالمسيح الأنطاكي
ولد في عام 1875م وتوفي في عام 1922م
شاعر وصحافي سوري من أصل يوناني ولد في حلب وتعلم فيها
إتصل بعبد الرحمن الكواكبي وتتلمذ على يديه
هاجر إلى مصر وساح في العالم العربي
أصدر مجلة الشذور في حلب ثم مجلة العمران في مصر
مدح بعض الأمراء العرب ونظم قصيدة طويلة في مدح الإمام علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه
"القصيدة العلوية المباركة"
زار دولة الكويت وألف كتاباً عن الشيخ مبارك الصباح سنة 1906م
بعنوان الرياض المزهرة بين الكويت والمحمرة
الاعداد توثق احداث عامي 1908 و1909 كما سجلها عبدالمسيح انطاكي بيك، في مجلة «العمران» التي كانت تطبع في مطبعة العرب في مصر المحروسة. والمجلة خصت امارة الكويت بتغطيات صحفية، ورصدت تحركات الشيخ مبارك الكبير.
و«العمران» صحيفة تاريخ وأدب وسياسة وفكاهة، تصدر كل اسبوع، وثمنها 60 قرشا صاغا عن كل سنة شعارها «الله والوطن والاتحاد».
هناك 20 عددا من المجلة تضمنت مقالات وتقارير عن الشيخ مبارك او وصلت اليناعبر البريد الالكتروني، والقائمة التي اعدها تناولت الموضوعات التالية:
الآيات الصباح في حكم مبارك الصباح .. مجموعة مهازل افتراها الأنطاكي
العرض العادي
