إعداد : سعود الديحاني
30 - 4 - 2010م
الحياة شعاب وفجاج كل يسلك ما يسره الله له فالبحر له حياته الخاصة والتعليم له نكهة وصبره، ضيفنا اليوم يحدثنا عن ولادته في فريج الشيوخ ثم دراسته في المدارس الأهلية ثم انتقاله إلى المدرسة النموذجية في تلك الأيام وهي المباركية ثم نتطرق إلى عمله في البحر والبلاد التي وصل اليها ثم من صفحة إلى صفحة في حياته نتطرق إلى جوانب كثيرة فلنترك له ذلك:
المولد
ولدت في منطقة فريج الشيوخ في الكويت، وكان من جيراننا الشيخ حمد المبارك الصباح، وعبدالله المبارك الصباح، ومحمد شاهين الغانم، وخليفة شاهين الغانم وجاسم شاهين الغانم، والشيخ صالح الإبراهيم الذي يسكن الفنيطيس والشيخ سعود الصباح، وكان بجانبنا بيوت الهاشم.
المساجد
كانت منطقتنا مليئة بالمساجد من أمثال مسجد الخليفة ومسجد الحداد ومسجد السوق الكبير سابقا، ومسجد الفارس الذي بالمباركية، وكان العوازم لهم براحة بجانب بيوت آل رشدان وهم من العوازم ايضا وكانوا أناسا طيبين من أهل البحر وكانوا يملكون اكبر سفينة يسمونها «بوم آل رشدان».
الصباح
فطرت عائلة آل صباح على خدمة الكويت، وكان من اكبر واكثر من خدم الكويت الشيخ عبدالله المبارك الصباح، تولى الأمن العام وكان يخرج للصيد والقنص وكان يحب البحر وكان رحمه الله له فضل كبير في حفظ حدود الكويت حيث كان عند خروجه للصيد قبل ان يبدأ يطمئن اولا على حدود الكويت هو والشيخ فهد السالم، وقد وهبه الله بعض السمات الطيبة حيث كان شجاعا وطيبا ووفيا وكريما.
الوالد
كان والدي يملك بعض السفن التي تسافر للتجارة عبر البحار وقد عاصرته من سن تسع سنوات إلى سن الثالثة عشرة وبعدها توفي ودفن في المقبرة التي بجانب الميرديان وكان رحمه الله يحفظ القرآن الكريم وكان يتمتع بحس ادبي حيث انك لو لاحظت مقتنياته ستلاحظ فيها كتبا لأرسلان وداغور، وقد بدأ بالتجارة في اوائل العشرينات حيث عرفت عائلة الغانم بتجارة البحر من القدم، حيث كانت الكويت قديما مكونة من الخليفة والصباح والزايد وهم الغانم وانقسموا بعدها فذهب قسم منهم إلى البحرين مع عائلة الخليفة وبعضهم بقي في الكويت، ومن سفن والدي كان اسمها «كاكا» اي العم بالهندي والثانية «اوشار»، وقد سافر والدي سفرات كثيرة إلى الهند وافريقيا حتى انه في بعض الاوقات كان يتكلم اللغة الهندية، وقد تزوج والدي زيجتين منهما فضة والدتي، والثانية من الغانم بنت جبر الغانم وقد انجب اولادا اكبر منا شاهين وجاسم وعبدالله وبعدها تزوج والدتي «فضة» بنت فهد بن المساعيد، وكان والدي طيبا كريما زكاء رحيما بالآخرين مؤديا لأماناته، وكان والدي يملك دكانا بسوق التجار في القطعة التاسعة على البحر بجوار قصر السيف وكان من جيرانه السرحان وعلي الابراهيم الفليج وابراهيم عبدالعزيز الرميح وعبدالرضا المطوع وكان الدكان يعتبر مركزا لإدارة تجارة الوالد، وكان من اصدقاء والدي حسين بن سري ومحمود المطوع.
النخيل
ملك والدي نخيلا في البصرة على شط العرب وكان عددها نحو 80 جريبا وكان في موسم التمر في موسم حصاد النخيل كان يحفظ حق الزكاة وحق الفقراء في هذا المحصول ويأتي به إلى الكويت يوزع منه إلى بيوت الاقارب والجيران والفقراء والمحتاجين.
والدتي
كانت والدتي امرأة عصامية وصبورة وقد درست في مدرسة الحياة وكانت متزوجة من قبل السيد محمد الطبطبائي قبل والدي وانجبت منه ولدا اسمه يوسف محمد الطبطبائي، وكانت والدتي في ذلك الوقت تملك ذهبا فاشترت لنا بيتا صغيرا مقابل بيت عيسى بن راشد.
استقررنا فيه وكنا صغارا في ذلك الوقت، وكانت والدتي تتميز بالحس التجاري حيث كانت تنتظر إلى فصل الربيع عندما يأتي اخواننا أهل البادية ويحضرون معهم الدهن العداني فكان يأتيها ابراهيم المواش وكان يعمل دلالا ويشتري لها بخمسمئة روبية اول ألف روبية وتحفظه في تانك كبير إلى ان يأتي علينا فصل الصيف، حيث يقفز سعره من نصف روبية إلى روبيتين أو ثلاث ثم تبيعه إلى التجار، ثم عملت في الذهب حيث كانت تشتري ممن يأتون اليها من التجار والنساء الذين يطوفون على النساء الكويتيات القديمات وتبيع إلى التجار مرة اخرى وقد استطاعت ان تضيف على نخلنا بالبصرة حتى اصبح كثيرا حتى دخل علينا العام 1946 وتغيرت الحياة في الكويت، حيث ظهر النفط وبدأ التثمين في الكويت في هذا العام من شارع دسمان والشارع الجديد وشارع الخليج وقد خرج لنا مبلغ لا بأس به وذهبنا واشترينا بيتا كبيرا بجوار مجلس الأمة وبعدها بعام ثمن بيتنا الجديد مرة اخرى فذهبنا إلى الخالدية واشترينا بها بيتا بنحو 2000 روبية في ذلك الوقت، ثم تركنا الخالدية في العام 1962 وبعدها جئنا إلى البيت الذي نحن فيه الآن والذي توفيت فيه والدتي العام 1978، وقد انجبت امي محمد ومريم وغانم وعائشة وبدرية، وقد توفي لها ابراهيم صغيرا.
الاستمرار
وقد استمرت والدتي بالتجارة وكانت تقوم بالزكاة على الفقير والقريب والبعيد وتكثر من صدقاتها، وكانت تقوم بالاصلاح بين الناس. وكانت تتميز والدتي ببُعد النظر والذكاء الشديد والدليل على ذلك شراؤها للدهن العداني في فصل الربيع وبيعها له في فصل الصيف.
وكانت من عادات والدتي اطعام الطعام للقريب والبعيد والجيران وعابر السبيل.
وقد حجت والدتي مرة واحدة بحياتها مع عبدالعزيز الفهد وصالح الفهد وقد حجت بالسيارات.
الدراسة
كانت بداية دراستي في العام 1929 وذلك العام هو العام الذي كان فيه سعد الشرهان وكان سعد الشرهان يعتبر مديرا كبيرا وقد درس حتى لوالدي وكان ايضا من المدرسين عبدالمحسن الشرهان، وعبدالله التورة وكانت المدرسة مدرسة بدائية وكنا نصعد لها وفيها فتيان الفريج وشبابه وقد ختمت فيها القرآن الكريم وقد كانت الدراسة فترة صباحية فقط من الصباح وحتى الساعة الثانية بعد الظهر وكان من اصدقائي فيها فهد الفارس ويوسف الفارس ومحمد الفارس، وتقريبا في العام 1936 انتقلت للدراسة في المدرسة المباركية وتعلمت فيها الكتابة الصحيحة على يد الملا عثمان اخو عبدالله العثمان، وكان من مدرسي المدرسة المباركية عبدالملك الصالح وحافظ وهبة وعبدالعزيز الرشيد وعبدالله العمر ويوسف العمر، وقد واصلت الدراسة في المدرسة المباركية وكان من اصدقائي فيها الشيخ سالم العلي والشيخ سعد العبدالله والشيخ جابر الأحمد الصباح.
الاستقبال
وفي العام 1936 تم الاتفاق بين المفتي الحسيني في فلسطين وبين الشيخ عبدالله الجابر الاستعانة بالمدرسين الفلسطينيين وطلب منا ان نتجهز لملاقاة المدرسين في المطلاع وقد كان المطلاع في ذلك الوقت منفذ الكويت على السعودية والعراق وكان معنا من يوجهنا مدرسنا سالم الحسينان وبعد انتظار يوم كامل في المطلاع اتوا علينا واستأنسوا بنا ورحبنا بهم ورحبوا بنا واحضرناهم إلى المدرسة المباركية تقريبا في منتصف الليل ورتب لهم الشيخ عبدالله الجابر مقابلة يوسف بهبهاني، وكان مدير المدرسين الاربعة الذين حضروا يسمى احمد شهاب ومحمد المغربي وفيصل افندي وعودة افندي وعمر الدجاري وفيصل الطاهر.
البحر
بعد استمراري في المدرسة المباركية ما يقارب من ست سنوات او اكثر تركت الدراسة فيها واتجهت للبحر لكي أتعلم التجارة مع مبارك بن ناصر على السفينة التي كانت تسمى بوم بن ناصر وكان ذلك في العام 1945 وكانت اول سفرة لنا إلى الهند وكان نوخذة في السفينة هو مالكها مبارك بن ناصر وكانت اول سفرتنا اتجهنا إلى البصرة لأخذ التمر وسافرنا للهند وكانت مدة الذهاب ما يقارب الشهر والاستقرار بالهند ما يقارب ثلاثة او اربعة اشهر ومن الهند قمنا بشحن بعض البضائع والذهاب بها إلى عدن وقمنا بشحن ملح من عدن وذهبنا به إلى زنجبار، وقد هبت علينا الريح الموسمية فرجعنا معها إلى الكويت، وقد كانت مدة هذه الرحلة كلها ما يقارب من احد عشر شهرا وفي هذه الرحلة لم اتقاض اي اجر بل كانت رحلتي كلها للتعليم فقط.
النوخذة
بعد التدرب لمدة عام مع مبارك بن ناصر ذهبت مرة اخرى للسفر في البحر مع عمي عبدالله شاهين وكنت في هذه الرحلة نوخذة مساعدا لعمي عبدالله شاهين هو النوخذة على الخشب (السفينة) واستمرت رحلتي نوخذة لمدة اربع رحلات، حتى المرة الأخيرة قمت بأخذ الذهب وبيعه في الهند عن طريق التهريب، وهربت من الهند في سفينة عمي عبدالرحمن شاهين الغانم.
الدكان
قمت بفتح الدكان في سوق الغربللي، وكنت ابيع في هذا الدكان الحقائب والأحذية وبعض الكماليات وكنت اشتري من عبدالله المطوع ومساعد الصالح وكثير من التجار الآخرين، وقد استمر بي الحال في الدكان منذ العام 1949 إلى منتصف الستينات وبعد الدكان اتجهت إلى التجارة في العقارات والأسهم.
الديون
اصدر اليابانيون القماش الصناعي فكان نكسة للكويت، حيث تساوى القماش الصناعي مع القماش الأصلي وزاد على ذلك تأثر الكويت بالحرب العالمية الاولى والحرب العالمية الثانية فصار في الكويت طائفتان، طائفة غنية بالوراثة وطائفة فقيرة بالوراثة فصار الغني يطالب الفقير بماله الذي عليه فباع البحرية بيوتهم فتجمع نحو خمس عشر شخصية من اطياب العائلات الكويتية وذهبوا إلى الشيخ احمد الجابر وقالوا له: هناك طائفة البحرية الطائفة الفقيرة المعدمة والتجار الكبار يطالبون الفقراء بمالهم من حقوق وديون عليهم... فعليكم مراعاة ذلك، وفعلا انتفض الشيخ احمد الجابر وكتب اعلانا وزعه في المحكمة الموجودة في شارعفهد السالم وسوق التجار وضعوا اعلانا وفي سوق المباركية وضعوا اعلانا وفي الدروازة اعلانا بإلغاء جميع الديون التي على البحرية.
مشاري
وقام مشاري هلال واخوه فجحان ببادرة الخير، حيث اخرجوا كل السندات والصكوك التي عندهم وأحرقوها فكانوا بادرة خير لتجار الكويت الكبار ان يفعلوا هذا.
الرأي العام
اتاني خالي عبدالعزيز المساعيد وكان يعمل رئيسا لتحرير جريدة «الرأي العام» وعملت معه منذ العام 1964 نائبا لرئيس التحرير إلى العام 1972 وكنت اكتب كتابات حرة تحت عنوان «بين الامس واليوم» وكنت اتناول في هذه الزاوية كل القضايا الكويتية الداخلية والخارجية وقد كنت من السباقين في الكتابة عن المفاعلات الذرية التي في ايران.
الأولاد
تزوجت مرتين وجميع اولادي من زوجتي الأولى ووهبني الله يوسف وبلقيس وبسمة وباسلة وجيهان وصقر.
الإرشاد
بدأ تكوين جميعة الارشاد الإسلامي في العام 1951 واشتركت في الجمعية حتى صرت عضوا ومساهما واستمر بنا الحال بالكتابات والخطابات وكان عندي إلمام خفيف بالكتابة فكانت لي بعض الكتابات البسيطة بالجمعية وكانت هناك مثل الدورة على كل واحد ان يفعل شيئا فقمت بالتبرع لتدريس الأمية وكان الدوام صباحا، وبعد توسع نشاط الجمعية وكانت تدعو الشيوخ الكبار في ذلك الوقت لتنوير الشعب الكويت في امور دينه وتوعيته حيث كان عبدالعزيز علي المطوع وعبدالله علي المطوع يقومون بدعوة العلماء الكبار على نفقتهم الخاصة من امثال البشير الابراهيمي ومحمود الصواف وغيرهما فيقومون بإلقاء المحاضرات.
فلسطين
في العام 1956 بعد توسع نشاط جمعية الارشاد الإسلامي في جميع الاعمال الخيرية والمساعدات نزل صقيع بفلسطين فاقترحت على اعضاء الجمعية جمع التبرعات والذهاب بها لأهل فلسطين ففكرنا في ان نكتب كتابا للشيخ عبدالله السالم رحمه الله لكي يتوج العملية ونستمر نحن بعده وذهبنا اليه وتبرع لنا بعشرة الاف روبية في ذلك وكان رفقائي في رحلة التبرعات هذه عبدالعزيز الوزان وعبدالله الكليب وسعود السميط وعبدالله علي المطوع واخوه عبدالعزيز وذهبنا إلى جميع الشيوخ فذهبنا إلى دعيج السلمان فقال: لا استطيع ان اتعدى على الشيخ عبدالله فتبرع بـ 9999 روبية وقمنا بجمع التبرعات وجمع بطانيات والاشياء اللازمة للمعيشة في ذلك الوقت، وذهبنا للسلام على الشيخ عبدالله السالم وكان رجلا بعيد النظر فأخبرنا اننا اذا وصلنا للمفرق لا نسلم الأغراض إلا لفلسطين وفعلا ذهبنا ووصلنا الاردن وطلب الاردنيون ان نترك الاغراض وهم يوزعونها بأخبرناهم اننا معنا امر من اميرنا الشيخ عبدالله السالم ألا نسلم هذه الاغراض إلا للفلسطينيين فاتصل ملك الأردن وأخبر الضابط المسؤول ان يتركنا نمر ووصلنا إلى عمان إلى مركز جمعية الاخوان المسلمين ورافقنا منهم اربعة نفر وقمنا بالانطلاق إلى المدن الفلسطينية وقمنا بتوزيع الاغراض على مستحقيها.
التأليف
وبعد تركي للعمل في جريدة «الرأي العام» العام 1972 اتجهت للتأليف الحر فألفت إلى الآن ثمانية عشر كتابا، وكلها في التراث الكويتي وهذا ما ينقص الأمة الكويتية هو معرفة تراث اجدادها، فالشعب الكويتي معظمه لا يعرف شيئا عن تراثه.
سنة 1950
مع الباحث صالح المسباح
مع الفريق الكشفي سنة 1936
في مكتبته بين مؤلفاته
من مؤلفات الغانم
-