مقابلة الفنان إبراهيم الصَّلال
القبس 7/7/2008م
الفنَّان القدير إبراهيم الصَّلال: إذا زعلت أُم خالد مني أعتذر فوراً وأغني لها.
ولد في قرية «الفنطاس» عام 1940 في ظل عائلة ملتزمة دينياً حيث الأب شيخ دين وقاض ومدرس وأصبح شيخا في عمله. بداياته التمثيلية كانت على خشبة المسرح المدرسي ثم انتقل إلى نادي المرقاب الذي كان يرتجل فيه اسكتشات تنتقد الحياة اليومية، عام 1963 انضم إلى المسرح الشعبي وكان له أول عمل مسرحي في مسرحية «سكانه مرته» وعندما تم فتح تلفزيون الكويت وهو أحد مؤسسيه كانت بدايته مع المسلسل التلفزيوني «أسباب النزول» الذي كان سبباً للصعود إلى سلم النجاح والشهرة.
جسّد شخصيات كثيرة أحبتها الناس وابتعد عن كل عمل إسفافي بحق صورة المجتمع الكويتي. لديه مآخذ علي ما وصلت إليه الدراما الكويتية والمسرح ويرى الدراما هزيلة وعرجاء لعدم وجود كتّاب ومخرجين حقيقيين فيترحم على العصر الذهبي الماضي ويجد كلا من الدولة والفنان مقصراً وسبباً في هبوط مستوى الفن في الكويت.
اليوم هو بصدد طباعة مذكراته التي تتناول كل مراحل حياته والمواقف التي مرّ بها. يهوى السباحة وسماع الموسيقى الشرقية ويتمنى أن يرزقه الله بمخرج جيد يخرج من داخله مواهبة التي ما زالت دفينة.
التقيناه في المسرح الشعبي بيته الثاني والذي هو جزء من كيانه وكانت لنا معه هذه الاستراحة، إنه الفنان القدير المحبوب إبراهيم الصلال:
• الفنان القدير إبراهيم الصلال، بداية نسألك عن دور الصحافة في مشوارك الفني؟
ـــ بدأت التمثيل على خشبة المسرح المدرسي ثم انتميت إلى فرقة المسرح الشعبي والتي أرأسها الآن، وفي بداياتي الفنية لم يكن هناك وسائل إعلام مرئية عدا المسرح والإذاعة والصحافة،
وللصحافة مكانة كبيرة في قلبي وفي قلب كل فنان كويتي لأنها ساندتنا وأعطتنا حقنا وأكثر في تحاليلها ونقدها الصحفي ونقلها لأخبارنا وأعمالنا ومتابعتها لمسرحياتنا ومسلسلاتنا الاذاعية، ثم جاء دور التلفزيون الذي كان مساعدا للفنانين لكن الصحافة كان لها السبق في نشر الوعي الثقافي في دولة الكويت.
انطلاقتي
• من كان عراب الفنان إبراهيم الصلال ولولاه لما دخلت عالم الفن؟ وكيف تقبل أهلك في ذاك الوقت أن تصبح ممثلا؟
ـــ أولا: عائلتي محافظة جدا فوالدي كان شيخ دين وقاضيا ومدرسا، وكان يشجعني دائما، قالوا له انتبه ابنك اتجه الى عمل آخر غير الذي تتمناه له من دراسة وتعليم وان يصبح شيخا مثلك، فرد عليهم قائلا:
هو شيخ في عمله واعتبر أن ما يقوم به في مجال المسرح اذا استغل بشكل جيد فهو كالمنبر وكالمدرسة، والدي دفعني بشكل كبير،
وايضا لأساتذتي دور كبير لا انساه منهم عبدالرحمن الضويحي صاحب الفضل الكبير علي كمخرج حيث تبناني والاستاذ عبدالله خريبط الذي كان الاب الروحي لنا في المسرح وزملائي في دفعتي والذين كانوا معي في بداياتنا الفنية في أواخر الخمسينات وبداية الستينات ولا أنسى دور الصحافة التي كان لها الفضل في شهرة الفنان وفي انتقاده إن كان النقد نزيها أو غير نزيه فأعتبره جيدا لي، فالذي انتقدني لو لم أؤثر فيه لما كان انتقدني.
• هل حاولت تقليد فنانين كبار لتدخل التمثيل؟
ـــ تأثرت بفنانين عمالقة وقرأت كتبا وتابعت السينما والمسرح في الدول العربية، لكني لم أقلد أي احد على الإطلاق ولا أحب تقليدهم.
• هل هذا لأنك لا تعرف تقليدهم؟
ـــ لا، أعرف تقليد كثيرين منهم، وكنت متأثرا بالفنان «حسين رياض»، و«زكي رستم»، و«الريحاني» فمسرحهم مدرسة كبيرة لتعلم الكوميديا ايضا، وكذلك تأثرت بمسرح القباني في سوريا. وكان لمسرحياتهم دور مهم في حياتي الفنية، كذلك المسرح اللبناني والعراقي والتونسي والمغربي...
• هل طمحت وحلمت بالتمثيل منذ كنت صغيرا؟
ـــ كوني كنت تابعا للمسرح المدرسي ومنه انطلقت، كنت امثل في مسرح المدرسة مسرحيات تاريخية باللغة الفصحى «كإسلام عمر»، و«حرب البسوس»، وبعد ان ظهر وطل علينا الدكتور «صالح العجيري» و«عقاب الخطيب» «محمد النشمي» و«حسين الصالح الحداد» و«عبدالله منيس»، والكشاف الوطني،
فحاولت الانتماء الى هذه الفرقة وقتها كنت صغيرا في العمر وطلبوا احضار موافقة من الوالد طبعا موافقة خطية، فأحضرت موافقة الوالد، بعد ان طلب مني التنسيق بين الدراسة والتمثيل، فأخذت ذلك بعين الاعتبار ودرست جاهدا حتى لا يؤثر المسرح على علاماتي المدرسية وهذا كان التزاما مني بما اوصاني به الوالد، رحمه الله،
فكان التشجيع والمساندة من الاسرة ومن المسؤولين في المسرح، وانتميت إلى هذه الفرقة، وقضيت حوالي 90% من عمري إلى اليوم فيها، ومازلت بينهم ومازلت أجد كل التشجيع من كل زملائي.
• عشت عمراً طويلاً تساكن هذا المسرح، هل سيأتي يوم تتخلى فيه عن هذا الجزء المهم في حياتك؟
ــ على الإطلاق، الفنان لا يعتزل طالما في داخله حياة، ويستطيع أن يمشي، وقادر على العطاء، واعتبر أن الفن هو قضيتي لا مهنتي، فهو هوايتي.
قصة طريفة
• أمازلت تعزف على العود؟
ــ كان هذا أيام زمان أما الآن، فلا وللعود قصة طريفة معي، فعندما أردت دخول المسرح الشعبي عام 1957، قالوا لي عمرك صغير وطلبوا موافقة والدي، وبعد أن أحضرت الموافقة كان في المسرح الشعبي ثلاث فئات فئة للتمثيل وفئة للكشاف الوطني وفئة للموسيقى،
وكانت الموسيقى تدرس في المسرح الشعبي من قبل الاستاذ محمد حسن صالح - رحمه الله – وهو مصري الجنسية واستاذ سوري هو محمد الشرباتي، فهذان الاثنان كانا مدرسين في المدارس وأيضاً يأتيان للمسرح ليلاً كعمل إضافي فيدرسان الطلبة الموسيقى،
وكان في ذلك الوقت يدرس ملحنو الكويت أمثال يوسف دوخي وعبدالرحمن البعيجان وإبراهيم الصولة وسعود الراشد، وغيرهم وحتى أدخل التمثيل طلبوا ورقة من الوالد ولم يمش الحال، فحاولت الدخول من الباب الآخر، حيث الكشاف الوطني وكذلك لم ينفع لأن عمري صغير، وكان الباب الثالث لدخول المسرح هو الموسيقى،
فسألني الاستاذ محمد حسن إذا كنت أعرف العزف علي أي آلة،؟
فكذبت وقلت له: نعم أعرف العزف على العود، فشعر أني غير صادق، وأعطاني ثلاثة أشهر فرصة للتمرن قبل فتح باب القبول لدراسة الموسيقى،
طبعاً أخذت أجمع المال من أمي وأخوتي ووالدي واشتريت عوداً، وكان له كل الفضل في تعليمي العزف على العود الكاتب الغنائي يوسف ناصر، اشتريت عوداً متواضعاً من أبو شاكر محمود الكويتي - رحمه الله- حيث كان يبيع أعواداً كان فناناً كبيراً مطرباً وملحناً، تمرنت حوالي الشهرين العزف على العود،
فعزفت عليه «النهر الخالد» وعزفت لمحمد عبدالوهاب، وأيضاً كلثوميات وعزفت لأصوات كـ«محمد الزويد» ومحمود الكويتي وعبدالله فضالة، بعد ذلك قدمت إلى المسرح ووجدت القبول لدخول الموسيقى، لكني لم ادرس الموسيقى، بل دخلت من باب الموسيقى إلى المسرح وبدأت في المسرح عام 1963 في «مسرحية سكانه مرته» كبطولة.
وهذه قصة العود التي كانت الباب لدخولي إلى المسرح، لكن لم تكن لدي رغبة في الاستمرار بالعزف على العود، وأيضاً قد أطرب نفسي وأزعج غيري.
• هل كنت تغني وأنت تعزف على العود؟
ــ طبعاً كنت أغني أغاني كثيرة سواء خليجية أو عربية.
اسكتشات ارتجالية
• ما أبرز عمل تمثيلي أديته وكان هو بداية صعودك سلم النجاح والشهرة؟
ــ الحقيقة أننا انتقلنا بعد المسرح المدرسي إلى الأندية الصيفية، وكانت دائرة المعارف في وزارة التربية تعمل أندية صيفية، وكان في المدينة ثلاثة أندية، نادي المرقاب والنادي القبلي والنادي الشرقي، فأنا وزميلي المرحوم عبدالعزيز المسعود انتمينا الى نادي المرقاب وكنا نمثل اسكتشات ارتجالية فيها نقد لحياتنا اليومية،
فكان مسرحا مباشرا، كل مانراه ونعيشه في حياتنا اليومية نوظفه على المسرح كإسكتش تمثيلي كوميدي لمدة عشرين دقيقة يتضمن احيانا الغناء او نقدا لاذعا للحياة اليومية،
وهذا ما أعتبره ديموقراطية فعلية كانت في ذاك الوقت حيث تنتقد كل ما يدور في التعليم والوزارات والمؤسسات العامة للدولة وما كان يلاقيه الفرد من صعوبات في مجتمعه في ذلك الوقت،
جسدنا شخصيات مختلفة بحيث عرفت الناس بي،
وعندما بدأت في المسرح الشعبي بمسرحية «سكانه مرته» كنت مألوفا ومعروفا نوعا ما عند الناس من المسرح المدرسي ومن الاندية الصيفية، وبعد ان فتح تلفزيون الكويت وانا احد مؤسسيه فأول عمل تلفزيوني لي كان «اسباب النزول» وهو مسلسل يضم ثلاثين حلقة، وكان يصوّر على الهواء مباشرة، فكنا نحفظ ادوارنا حفظا بنسبة 200% ويحضر للتصوير على الهواء بالأخطاء، ولم يكن أي احد من الناس يشعر بهذا الخطأ كونهم مبهورين بهذا الجهاز الاعلامي الجديد.
• وما الدور الذي لعبته في هذا المسلسل؟
كان دوري يهوديا، حيث المسلسل ديني، عملت دور زعيم بني قريظة «فنحاس» الذي عذب سلمان الفارسي والصحابة، وكنت مقتنعا بهذا الدور كل القناعة وكنت مندفعا ومبهورا بالمجموعة التي تمثل معي.
واعتقد اني نجحت في تجسيد شخصية الرجل الشرير رغم ان عمري كان صغيرا واخذت دور رجل كبير السن وهذه بدايتي الناجحة حيث الكل هنأني على دوري في هذا المسلسل.
في دور فنحاس.
كاريكاتير مزعج
• لماذا هاجموا دورك في مسلسل «جحا»؟
الذي حصل أنه في اواخر السبعينات أيام جحا تقريبا وكان العامل المشترك في جميع المسلسلات في تلفزيون الكويت هو ابراهيم الصلال فحوالي تسعة اعمال لي كانت موجودة في المكتبة ودخل رمضان علينا فعرضت كل هذه الاعمال في شهر رمضان،
فأصبحت كالزوج الذي جلب لزوجته مؤونة لشهر وطبختها في يوم واحد فمن سيأكلها؟
إضافة الى اننا كنا نضع على جهاز إرسال التلفزيون اي شيء ليلتقط بث التلفزيونات الاخرى كالبحرين وقطر وإيران والعراق اي الدول المجاورة لنا،
فكنت اشاهد اعمالي تعرض ايضا في نفس الوقت التي تعرض فيه على شاشة تلفزيون الكويت، فالصحافة الكويتية ولا اريد تسمية الصحف الثلاث الكبرى انزلت كاريكاتيرا عني ازعجني كثيرا، وأيامها كان بعض اولادي في الثانوية العامة والبعض الآخر في المرحلة المتوسطة وعندهم امتحانات وتأثروا كثيرا بهذا الكاريكاتير الذي رسم فيه مدفع الافطار وكتب عليه سينطلق الآن ابراهيم الصلال،
واذكر ان هذه الحادثة كانت ايام خطوبة ديانا والامير تشارلز وبعض الصحف كانت تكتب ان الناس ضجروا من ديانا في الصحافة والصلال في التلفزيون، واحدهم ينكت عليّ في احدى الصحف بالقول ان الوالد يقول لابنه: لماذا لم تذهب الى المدرسة فيرد الابن قائلا: خفت من فتح الحنفية لاغسل فينزل ابراهيم الصلال منها،
هذا ضايقني كثيرا كون اولادي وعائلتي انزعجوا من هذه التعليقات، وكان عرض المسلسلات التسعة بشكل يومي غير جيد لتقييمي، فلم اعرف آراء الناس في هذا المسلسل او ذاك، والناس ضجروا من ابراهيم الصلال
فأخذت درسا من يومها في عدم الاشتغال الا بعمل واحد خلال السنة أو بالكثير عملين، واشترطت ان يكون لي مسلسل واحد في شهر رمضان.
دراما هزيلة عرجاء
• لماذا لا ينتج التلفزيون الكويتي الدراما الكويتية، ويتم الانتاج في تلفزيونات أخرى كتلفزيون قطر أو تلفزيون دبي..؟ فما سبب انتاج مسلسل كويتي في تلفزيون غير كويتي؟
ــ أحسنت هذا سؤال وضعته على الجرح تماماً، قبل الغزو الصدامي للكويت كان هناك نشاط مكثف لتلفزيون الكويت، وأيضاً مراقبة الدراما حيث يوجد لها مراقب ومدير وكتّاب سيناريو وقراء نصوص وكان هناك استوديوهات مفتوحة، وكانت الدولة تشجع وتدعم المنتج وتعطيه 60% من موازنته فكان هناك إنتاج وكتّاب
وللأسف بعد الغزو سافر كل الإخوان العرب سواء قراء نصوص أو كتّاب سيناريو أو مخرجون ولم يعودوا إلى الكويت حيث بخلت الدولة في إعادتهم، وأخذت الدولة تفكر في كيفية إنقاذ الدراما الكويتية فتحت مجالاً للمنتج المنفذ ولمن هبّ ودب
فأصبحنا هكذا الدراما عندنا هزيلة وأصبح الفنان الكويتي يبحث عن الفضائية العربية التي تحتضنه سواء في دول مجلس التعاون الخليجي أو الدول العربية.
فكثر المنتجون المنفذون وقلّ وجود الكتّاب وبدأ المنتج بأخذ رأسمال كبير وبيعه بالباطن لمنتج آخر، ولا أدري ما القضية؟ لكن الأعمال أصبحت غير الأعمال التي اعتدنا عليها في العصر الذهبي.
• هل الدراما الكويتية تعكس الصورة الحية والواقعية عن المجتمع الكويتي؟
ــ أكثريتها لا تمت بصلة إلى الحقيقة، ونقل الصورة الخاطئة عن الأسرة الكويتية ودور الرجل والمرأة في الأسرة والمجتمع مضر بصورة المجتمع الكويتي في الخارج.
• إذن ماذا يترتب عليكم كفنانين للتصدي لهذا الأمر؟
ــ لا يوجد بأيدينا شيء لنعمله إلا أمر واحد وهو عدم المشاركة في هكذا أعمال، ولقد قاطعت ولم أشارك في مثل هذه الجريمة التي تقترف بحق صورة مجتمعنا، فلم أشارك إطلاقاً في عمل اسفافي لا يمت لحقيقتنا ولبيئتنا بصلة، ولا حتى لبيئتنا العربية، فأي شخص قد يشتري أي نص من الخارج ويكوّته باسم كويتي ويقدمه،
وللأسف الفضائيات غول لديها بثّ لأربع وعشرين ساعة، وتريد تغطيته بأي كلام فيبيعون بالرخص ويعرضون بالرخص، وهذا سبب لنا كلنا في المنطقة نوعاً من القلق على الدراما فأين دراما أيام زمان ودراما اليوم؟!
وحتى على مستوى المسرح كنا نقدم مسرحيات لكتاب عرب يمنع عرض هذه المسرحيات في دولهم، وتعرض عندنا، وعلى سبيل المثال سعد الله ونوس -رحمه الله- ومحمد الماغوط من أكثر الكتّاب العرب عملنا لهم نصوصاً سمح بتقديمها على أرض الكويت بينما كانت ممنوعة في بلدانهم وهذا يدل على الديموقراطية التي كانت متميزة في الكويت سابقاً، حيث كانت الجرأة في الطرح منذ عام 1975 إلى ما قبل الغزو.
• أين الذي بنيتموه على مدى سنوات طويلة من مسرح ومسلسلات هادفة؟
ــ للأسف كله ذهب، ونبكي اليوم على الأطلال ولا يتوقف ذلك على الفن وحده فالكويت لا يتوقف تطورها على الفن فقط بل أيضاً يتعداه إلى الرياضة التي كانت في عصرها الذهبي منذ سنوات بعيدة وأيضا الصحة والصناعة والاقتصاد والتنمية الادارية للبلد، وحتى مجلس الامة كان مختلفا كل ذلك عاش عصرا ذهبيا في السابق، أما اليوم فنترحم على كل ذلك.
• من كان وراء هذا النزول؟
ـــ أحمّل جزءا كبيرا في ذلك للدولة، صحيح ان هناك عيبا فينا لكن الدولة مازالت مقصرة، فهل يوجد دار مسرح للعرض في الكويت؟! الصالات مبنية من سنة 1956م على أيام حكم عبدالله السالم ـ رحمه الله ـ في كيفان وفي الدسمة وفي المعاهد الخاصة،
أما اليوم فلا يوجد اي اهتمام للمسرح وللفنان وأيضا الفنان مقصر فلا يبادر لمطالبة الدولة بشيء ولو بادر فأعتقد ان الدولة ستبارك مبادرته.
• متى ستوجد نقابة للفنانين الكويتيين؟
ـــ لا يوجد أي نقابة واتمنى ان يصبح لدينا نقابة، كان لدينا اتحاد للفنانين وانحل بسبب مشاكل الزعامة داخل الاتحاد، وبعدها فكرنا في النقابة ووقعنا في المسرح الشعبي وفتحنا مكتبا لهم بعد ان تبنيناهم ووقع كل الفنانين لكن بعض الفنانين الذين فكوا الاتحاد مازالوا ضد النقابة لاننا جردناهم من الاتحاد وانتقدناهم واعطيناهم الفرصة ولم يعملوا اي شيء
فحبينا ان نعمل شيئا فوقفوا ضدنا واشتكوا علينا في المحاكم، لانهم ضد هذه النقابة وضد اشهارها وإلى اليوم مازلنا في المحاكم، للأسف نحن نتكلم عن وضع كان مزدهرا واليوم تدهور ولا يقتصر على الفن فقط بل يتعداه على كل الصعد.
• كم يتقاضى إبراهيم الصلال اجرا على الحلقة؟
ـــ اجري على الله (ضحك) الحمد لله جيد، فأنا فنان أكثرمن درجة أولى.
• أين يمكن تصنيف الدراما الكويتية بالنسبة للدراما السورية والمصرية؟
ـــ لا استطيع وضع الدراما الكويتية في مصاف الدراما السورية والمصرية في هذا الوقت، حيث لا يوجد نص كويتي بمفهوم النص ولا يوجد مخرج كويتي بمفهوم المخرج،
ولا توجد ادوات كالسابق أمثال الرعيل الأول عبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج وجاسم النبهان وسعاد عبدالله وغانم الصالح وحياة الفهد ومريم الصالح الذين مازالوا محافظين على القيمة الفنية للكويت وهؤلاء زملائي لا انفسخ عنهم
ويوجد القليل من الفنانين كصف ثان كالفنان عبدالعزيز المسلم وجمال الردهان وإبراهيم الحربي، فلا استطيع قياس هؤلاء بالدراما السورية الضخمة الناجحة والدراما المصرية فلا توجد نسبة وتناسب بيننا وبينهم، اذا سألتيني عن الدراما الكويتية سابقا
فأقول اننا كنا ننافسهم على الاقل بمسلسل او بمسلسلين او بثلاثة وايضا يكون كاتب النص سوريا او مصريا والمخرج اما هو مصري او سوري او عراقي لكن بعد الغزو اصبحنا نعاني من الدراما العرجاء في الكويت، قبل أيام صورت مسلسلا في البحرين وتمنيت العمل مع الكاتبة «وداد الكواري» والمخرج الاستاذ «احمد يعقوب مقلة» وهذان الاثنان مبدعان،
وصحيح ان وداد الكواري تكتب نصا ولا تكتب سيناريو لكن اجد حواراتها جيدة وان شاء الله تشاهدوننا على «MBC» في شهر رمضان.
• اختاروك لتمثيل شخصية المرحوم الشيخ صباح السالم الصباح، لماذا اختاروك انت لتجسيد هذه الشخصية؟
ـــ نعم اختاروني في فيلم «جمال عبدالناصر» ولا أعرف لماذا؟ اختاروني لأقوم بهذا الدور ومثلت أربعة مشاهد وللأسف تم حذف مشهدين من الأربعة لقد حذفهم أخونا الله يخليه أبو شادي الرقيب وعضو مجلس الشعب وفايدة كامل حذفوا المشهدين
لان الفيلم سوري وليس مصريا فإنتاجه سوري واخراجه سوري حتى الاخوان في مصر لم يتعاونوا معنا ويعطونا المواقع التي طلبناها للتصوير، طلبنا التصوير في «القصر الجمهوري» ورفضوا.
• لماذا اليوم بعض فناني مصر يشتمون فناني سوريا ويعتبرون ألمع النجوم السوريين الذين يذهبون الى مصر للتمثيل مستواهم اقل من مستوى الممثل المصري، ولاحقا قررت نقابة فناني مصر عدم السماح للممثل السوري او اللبناني القيام الا بعمل واحد في السنة؟
حصل ذلك من قبل فنان او فنانين مصريين واعتبره مسألة شخصية ليس على مستوى دولة او شعب، بل المسألة شخصية عند البعض في ان هذا الفنان السوري الذي نجح نجاحا باهرا جاء من سوريا ومثّل دور صعيدي ونجح في أداء هذا الدور،
ومصر فتحت ابوابها للفنانيين العرب منذ القدم أمثال النابلسي والريحاني وماري منيب وصباح وما يحصل اليوم لا يتعدى المسألة الشخصية بين فنان وآخر.
نمط شخصيتي
• متى تدمع عينا الصلال؟
ــ بكيت مرة واحدة عندما توفي سمو الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله ولم ابك على امي وابي ولا ابكي فدمعتي صعبة جداً.
• متى تعصب؟
ــ كل انسان معرض لان يعصب مع ان الغضب هو ريح عندما تهب تطفئ سراج العقل فاعرف هذا تماما لكن الحياة فيها امور مزعجة وخاصة عندما يكون لدي معاملات في وزارات الدولة وتتعرقل فاعصب، اي اتخذ موقفا وبعد خمس دقائق ينتهي كل شيء فأنا لا احسر في قلبي الغضب.
• الم تعصب على ام خالد طوال حياتكما الزوجية؟
ــ ابدا، ولا مرة حصل بيننا اي خلاف او زعل قد يحصل سوء تفاهم بسيط لكني ابادر بسرعة لمصالحتها.
• هل تمثل لها موقفا كوميديا او تغني لها او تشتري لها هدية؟
ــ لا اعمل اي شيء بل اعتذر فوراً، وقد اغني لها احياناً.
• ماذا اعطاك الفن وماذا اخذ منك؟
ــ اعطاني الشهرة ومعرفة وحب الناس واخذ مني الوقت الطويل والجهد الكبير لكن حب الناس وتقديرهم لي يعوض كل شيء.
• متى تأخذ اجازة لتستمتع مع عائلتك؟
ــ في شهر رمضان هو الوقت الوحيد الذي امضيه مع العائلة وكون زوجتي لا تحب السفر فقط تحب الذهاب الى مكة للعمرة فاذهب معها.
• ما هو اصعب مشهد صورته؟ وما هو اصعب موقف واجهته؟
ــ اصعب عمل اشتغلت فيه ان كان عملا مسرحيا او تلفزيونيا؟ لم يمر علي مشهد صعب وانا رجل معروف في الكويت ولو سألت الفنانين عني فسيقولون الصلال اسرع فنان في الحفظ.
وفي الحياة اصعب موقف واجهته هو الغزو العراقي الذي اثر بي تأثيرا بالغا وكسر بداخلي الحب الذي كان للعراق وقبل الغزو بثلاثة شهور قابلت صدام حسين وقابلت الوزير الاول له واعطيته شيكا واموالا وعرضت عروضاً عليهم للتبرع لاعمار مدينة «الفاو» وبين يوم وليلة اعتدوا على بلدنا واحتلوها فهذا كان امراً صعبا كثيرا علي الى اليوم
وبالنسبة لاصعب عمل تمثيلي قمت به هو اخر عمل اشتغلت فيه في مسلسل «ظل الياسمين» حيث اخذ هذا العلم ثلاثة شهور بسبب الاخطاء التي يؤديها من يمثل امامي فاضطر للوقوف امامه لينظر الي من زاوية معينة ليصوروا المشهد
وكان طقس البحرين حارا ورطبا وتصويرنا اغلبه كان خارجيا وبكاميرا واحدة وبين مساجد، يؤذن الاذان فنقطع التصوير لنصلي ونتوقف لتناول الطعام، واذا مر علينا صوت سيارة نتوقف ونعيد التصوير، فكان هذا العمل متعبا كثيرا بالنسبة لي.
• ما هواياتك؟
ــ السباحة والاستماع للموسيقى الشرقية.
• ما طموحاتك؟
آمل أن يعطيني الله الصحة والعافية لأحقق ما أريده، وأن أرى أولادي وأحفادي كبروا وتعلموا، ومازلت إلى اليوم أتعلم وأتمنى من الله أن يرزقني بعمل جيد وبمخرج جيد يخرج مني أشياء لم تظهر إلى اليوم في موهبة التمثيل فلدي قدرة وطاقة كبيرة أحمد الله عليها.
• التكريمات التي حزتها، هل أرضتك؟
ــ أرضتني لشيء واحد بأنه تم تكريمي في حياتي قبل مماتي.
• أظن أنهم طالبوا بتكريمكم قبل سنتين من تكريمك!
ــ نعم، هذا صحيح ربما كانت القصة تريد شغلاً كثيراً وهذا يزعج لأن التكريم لم يكن تلقائياً.
• طالبتم وزارة الإعلام بإعادة تصنيفكم حيث مازلتم بدرجة كومبارس وإلى اليوم لا أحد يرد عليكم، لماذا؟
ــ تعبنا كثيراً ونرجو من معالي وزير الاعلام والمسؤولين عن الفنانين في الوزارة أن يفكروا في أن تصنيفنا كان منذ عام 1979، أي منذ ثلاثين سنة ومازلنا على الدرجة نفسها فهل هذا يجوز؟
ونعاني كثيراً في أخذ مستحقاتنا فمثلاً أعمل اليوم برنامجاً إذاعياً فاستلم مستحقاتي السنة المقبلة، أما في إذاعات العالم وتلفزيوناتها فلا يحصل فيها كما يحصل عندنا،
وإذا اخذنا مصر على سبيل المثال فعندما ينتهي الشخص من التسجيل في الاستوديو يأخذ حقه المادي فوراً، سواء في الاذاعة أو في التلفزيون ونحن لنقبض تمر المعاملة على سبعين شخصاً وكل موظف تبقى عنده المعاملة ثلاثة أيام، فتخيلي بعد السبعين موظفاً، تصل المعاملة للمكتب الأعلى لتوقع ومن ثم للبنك المركزي ومن البنك المركزي ترسل إلى البنك المختص ليتم صرفها، وهذا أمر مضحك مبك.
• مرّ على وزارة الإعلام وزراء كثر، ألا يوجد أحد فيهم يقيّم الفنان ويسهل أموره؟
ــ الوزير الدكتور أنس الرشيد كان سيحقق حلمنا وما نطمح إليه، لكن للأسف فالجيد لا يبقى وكانت وزارته عمرها قصير.
• دائماً توجد علاقة ما بين الفن والسياسة ما حصل ويحصل على الساحة الكويتية، كيف تقف عنده؟
ــ برأي الصريح لا أحب وجود شيء اسمه مجلس أمة لتنتعش الكويت وحتى تلتفت الحكومة للمشاريع ولمصالح البلد، فكل مؤسسات الدولة مريضة بسبب مجلس الأمة وبحاجة إلى دواء، ولست متفائلاً لا بالحكومة الجديدة ولا بالمجلس،
فأنا وشريحة كبيرة في الكويتيين لا نريد مجلس الأمة الكويتي، نحن في ديموقراطية منذ ولدنا ومنذ تأسيس الكويت وآباؤنا وأجدادنا كانوا يتكلمون بكل حرية وديموقراطية وكان كلامنا وتعاملنا مع الناس دستوراً وكانت كل الأوراق الرسمية مكتوبا عليها الكويت بلاد العرب مفتوحة لكل العرب.
• أنفهم أنك لم تنتخب أحداً من الذين ترشحوا للنيابة؟
ــ للأسف انتخبت.
• مَن؟
ــ يعني لازم أقول....
• ما أمنياتك؟
ــ أتمنى أن تعود الكويت كما كانت سابقاً، وأن يصبح لدينا كاتب أو كاتبة كويتية، وأتمنى إزالة الرقابة عن العمل الجاد الذي يتكلم بكل صراحة عن البيروقراطية وما يحصل في البلد ومراقبة الأعمال التلفزيونية في شهر رمضان.
***********
عائلتي
• منذ ست سنوات قلت انك تعمل على اصدار كتاب يضم مذكراتك في كل محطات حياتك. حدثنا عنه
- مازلت اعمل على انجازه ويتضمن عدة فصول، فيه مسيرتي مذ كنت طفلا الى يومنا هذا، اتكلم فيه عن كل ما مررت به في حياتي عندما كنت في الحارة الى ان انتقلت الى المدينة الى ان دخلت المسرح واصبحت رئيس مجلس إدارة المسرح،
اضافة الى المهرجانات العربية وعروضنا في الدول العربية والاجنبية واحتكاكي بالفنانين والمخرجين والمواقف الكثيرة التي مررت بها في حياتي من فرح وحزن وظرافة.
• لنأخذ قليلا من هذه المذكرات وتخبرنا عن نشأتك.
ولدت في قرية «الفنطاس» عام 1940، لدي اخوة كثيرون وترتيبي التاسع بينهم، طبعا اخوتي من نساء كثيرات تزوجهن والدي، علاقتي مع اخوتي الى اليوم جيدة واجتمع معهم دائما تأثرت بوالدي كثيرا واخذت منه الاهتمام باللغة العربية بالدين والفقه وقراءة القرآن والتجويد
إضافة الى الالتزام بالصلاة وبالسلوك، والحمد لله عائلتي كلها مثلي ملتزمة،
وامي كانت صاحبة مواقف كوميدية اخذت منها الفكاهة وكانت دائما تعلق على الشيء بمكانه ونضحك كلنا على ما تقوله، وانا اخذت منها الحس الفكاهي والتعليق الكوميدي، وهذا الكتاب سأصدره قريبا قبل السنة الجديدة، اي بعد رمضان حيث اعتمدنا البدء بصف المادة للطبع.
• متى تزوجت؟
ـ عام 1959
• أكان زواجا تقليديا ام بعد قصة حب؟
- أم خالد زوجتي وهي ابنة عمي احببتها وتزوجتها
• هل عزفت لها على العود؟
نعم بالتأكيد، كنت اسهر معها وأغني لها وأنا اعزف على العود، لكنها لم تكن تريدني ان استمر في العزف على العود بل شجعتني على التمثيل وانتقاء الادوار الجيدة، فلدي في البيت رقابة صارمة حيث يقرأ اولادي النصوص التي سأمثلها ويقررون ما هو الجيد وغير الجيد.
• ماذا أحببت في ام خالد؟
كل شيء احبه فيها، وهي الام والاب للاسرة كلها، الله يعطيها الصحة والعافية وانا طفلها المدلل كثيرا.
• بما أنك فنان دائم السفر والانشغال في التمثيل، هل شكل هذا نوعا من الغيرة عند ام خالد؟
نعم تغار عليّ، فكل امرأة عندما يكون زوجها مشهورا ويسهر خارج البيت للتصوير داخل اوخارج البلد وانا اقدر لها تضحيتها وصبرها طوال مشواري الفني لذلك انا احبها دائما.
• هل تساعدها في الطبخ اذا سنحت لك الفرصة؟
ــ انا اجيد الطبخ لكنها لا ترضى ان ادخل المطبخ، اعرف طبخ معظم المأكولات وكنت أطبخ عندما اكون خارج البلد فادعو زملائي لتناول الغداء معي واراهم يستحسنون مذاق طعامي ويمدحونه.
• ماذا عن اولادك؟
ــ لدي ثلاثة اولاد وثلاث بنات، ابني خالد الكبير يعمل نائب مدير المكتب العسكري في سفارة دولة الكويت في الرياض و«عبد الناصر» يعمل رائدا في الجيش، و«مزعل» مهندس، اما البنات فكلهن خريجات جامعة الكويت موظفات ومتزوجات ولديهن اولاد.
• لماذا لم يتأثر اي واحد من اولادك في عملك ويصبح فنانا كوالده؟
ــ الحمد لله لا يوجد اي واحد فيهم تشجع على ذلك، ومن حبي لاولادي لم ارد لهم الدخول الى مجال الفن لان المجتمع لا يرحم ولا يقدر
والفن طريقه صعب جداً ولا احب هذا لاولادي ولو كان لدى اي واحد من الشباب هواية التمثيل لكنت شجعته لكن الحمد لله لا احد عنده هذه الهواية
وكل شاب من اولادي لديه شخصيته الخاصة وعبد الناصر لديه الحس الفكاهي وهو مرح جداً وكل من يجلس معه يقول له انت مثل والدك بصفاته.
__________________
ومنطقي العذب للألباب مستلبٌ *** ومبسمي نضَّ فيه الدر والنضرُ لازم منادمتي وافهـم مناظرتي *** واسمع مكالمتي يفشو لك الخبرُ
التعديل الأخير تم بواسطة الأديب ; 24-06-2009 الساعة 01:15 PM.
|