خالد التليجي: أنا أول كويتي احترف الصحافة عام 1956م
القبس 9/5/2008م
خالد التيلجي:أنا أول كويتي احترف الصحافة عام 1956
الرعيل الأول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا مر الفترتين وذاقوا حلاوتهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا، رجالا ونساء، إلى ان حققوا الطموح أو بعضا منه، ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم، فان قاسما مشتركاً يجمعهم هو الحنين إلى الأيام الخوالي، «القبس» شاركت عدداً من هؤلاء الأفاضل والفاضلات في هذه الاستكانة.
في مستهل لقائنا مع خالد خلف التيلجي قال: حديثي سيكون عما لم أقله في اللقاءات السابقة في الصحافة أو التلفاز، لقد اشتهرنا بالتيلجي لان والدي عمل عام 1919 بالتلغراف وبعد عدة سنوات جاء أحد الانكليز فدرب والدي ومن معه على طريقة الاستلام وتوزيع الرسائل، فسمي بالتيلجي أي موزع البرقيات والرسائل،
واضاف أبو وليد: أنا من مواليد 1931، كان عمري سنة واحدة عندما تعرضت الكويت في الصيف لموجة عارمة من مرض الجدري، قدرت ضحاياها بأكثر من 3000 شخص، أغلبهم من الاطفال، سنة سميت بسنة الجدري، وفي سنة ولادتي انتشر مرض العيون والاذن، وفي هذه السنة طبق الحجر الصحي بحزم كل قوانينه بحراً وبراً للحفاظ على سلامة المواطنين، وفي سنة الهدامة كان عمري 3 سنوات قالوا لنا: نزلت الأمطار في 7 ــ 12 ــ 1934 أي في أول يوم من شهر رمضان سنة 1353 هجرية، كما سمعت من أهلي ان كثيراً من المنازل تهدمت وشرد سكانها وكانت هذه الأعوام والاحداث تسجل وتذكر دائماً وكانوا يقولون مثلا:
البلدية كانت تشرف على نظام عمل المروري الإداري، وفي سنة 1939 طلب رئيس الشرطة المغفور له الشيخ صباح السالم الصباح من البلدية احالة ما يتعلق باجازات القيادة إلى الشرطة، ويقال ايضاً ان السور الأول بني عام 1760 وطوله 750 متراً، وان فلانا ولد سنة بناء السور 1920وكان طوله 6400متر، ودائرة الأمن العام تأسست في نهاية عام 1938.
وأخي فاضل خلف، تعرض للجدري وعولج بسرعة لعلاقة والدي بالطبيب الشرقي وهو كرين وي الذي كان يتحدث اللهجة الكويتية بوضوح، كان مقره بجانب مسكف صباح الناصر في احد بيوت آل معرفي، كما نؤرخ اعمال أولادنا الصغار واحفادنا أثناء سنة الغزو 1990.
وتحدث التيلجي عن قنطر أو جسر صغير يقام بين سكة واخرى أو بين بيت وآخر فوق السطوح يسمى «مسكّ.ف»، كان الاقرباء يبنونه دون اللجوء إلى الخروج للسكة أو الشارع، وأشهر مسكّ.ف كان للشيخ صباح الناصر الصباح رحمه الله، يذكر دائماً لكرمه وجوده، واشتهر ايضاً بعصاه «أم ريال» لأنه رأسها رصع بريال فرنسي، كان، رحمه الله، صديقا لوالدي، حيث كان يتردد عليه ويتناول القهوة، وكنت أذهب معه أحياناً.
واضاف أبو وليد: هناك مسكفات اخرى باسم مسكف ملاحسين ويوسف القطامي وآل الرومي، وفكرة المسكف جاءت حسب الظاهر من ايران، لان معظم البنائين من الايرانيين، ومنطقة القبلة كانت تخلو من والمسكفات، وهناك مسكف في المرقاب، فأهل المرقاب أخذوا فكرة المسكف من أهل الشرق لان هذا الفريج من أقدم فرجان الكويت.
وعن الدراسة قال: درست عند الشيخ عبدالعزيز قاسم حمادة في مدرسة والده رحمه الله التي تأسست عام 1914 ، استاذنا الجليل كان حريصا على نشر العلم توفي في عام 1962، وأهله اهدوا مكتبته، الشهيرة بالمراجع والنفائس النادرة، الى ادارة المكتبات العامة، رحمه الله، فهو صاحب فكرة تجميع اموال الزكاة لصرفها في شؤون الأيتام والاوقاف وذوي الحاجة، وبعد ثلاثين سنة اقترح مجلس الامة إنشاء بيت الزكاة، وكان حمادة، رحمه الله، يدرس معه ويساعده اخواه يوسف اطال الله في عمره، وعلي حمادة رحمه الله، وبعد مدرسة حمادة درست في المدرسة الشرقية التي كانت شمال مقبرة هلال، وفي عام 1941 تأسست الشرقية التي اصبحت فيما بعد مدرسة للبنات، وهي الآن متحف على شارع الخليج، وفي العطل الصيفية ندرس في مدرسة حمادة للاستفادة من وقت الفراغ، اكملت الثانوية في القاهرة من عام 1945 الى 1951، كنا 40 طالبا من مدارس الكويت المباركية والاحمدية والقبلية والشرقية، ومن ثم اكملت الدراسة في انكلترا، وتذكر خالد خلف «يحيشة» الشيخ عبدالعزيز حمادة وعصاه الطويلة التي كان يعاقب بها الاولاد، طلب مني ان اساعده بمسك ر.جل احدهم ولكنه رفسني ولم يطلب مني مساعدته بعد الرفسة، اي بعد الركلة بالقدم، وكان الشيخ عبدالعزيز يضع على ايدي الطلاب ختما فيه دواء لكي لا يذهبوا الى البحر، فكان يعاقب كل من يذهب والدليل كان ازالة الختم، وكنت اسرق ختم والدي الخاص بالبريد، واختم ايدي الطلبة بعد السباحة وبعد سنين اكتشف ذلك وعلق قائلا: «اشطرهم أشطنهم».
الميدان.. يا حميدان
وتحدث عن اكبر احياء الكويت، وهو ساحة تقام فيها الاحتفالات والعرضات وسباق الخيل، واذا اختلفنا قلنا «هذا الميدان يا حميدان»، حي الميدان يقع بين براحة المجيبل، ومبارك، وفيه مستشفى الميدان، فريج مشهور بلعبة الصفروك، والدقة التي لا يلعبها الا اولاد الشرق، ولعبة امكاسر الجوز، كنا نكسرها بعد الاتفاق بالرهان، ولعبة المعجالة الخشنة المشهورة عند الشرقاوية الخشنين لم يسلم لاعبوها من الاصابة بالفلعات، الدوامة والبلبول والجبس، والى الآن تجدهم في الشرق يلعبون التيل، والهول والحرامية والجنجفة من ألعابنا.
وقال: العاب البحر لأهل الشرق وفريج الميدان، صنعنا التناك (السفينة الصغيرة) من الصفيح، والسعدوه لصيد الاسماك من صنعنا، و«العدالة» كنا نتباهى في صناعتها وهي سفينة صغيرة بأشرعتها دخلنا فيها البحر مع هبوب الرياح، فريج الميدان هم الحداقة بالسعدوه والطاسة والخيط والكمبار، ولعبتنا الرجولية «الحق وطبع» ورمي قطعة من بقايا غوري مكسور نغطس لها، والكاف السور البحري كنا نتعداه ونخرج من النقع (جمع نقعة) من فتحتها المسماة «فاتك».
واذكر: حفرة الميدان الكبيرة والصغيرة، وحفرة الروضان، والمياه التي كانت تتجمع فيها من الامطار، حفر حفرت بأيدي كرماء الشرق للاستفادة منها.
واضاف: حي الشرق غني بالنقع التي كانت تحمي السفن وتخدم اصحابها بلا مقابل، وحتى الصيانة على حساب صاحبها وبانيها، منها نقعة الشيوخ، وابن خميس، والشملان، والنصف، والغانم، ونقعة هلال والمناعي وابن غيث، والنقيب، ومعرني، والروضان والعسعوسي وقديما في الحي الشرقي قرب قصر السيف إلى نهاية الفريج اتذكر حوالي 35 ديوانية، وفي الشرق قصر دسمان الذي اسسه الشيخ جابر المبارك الصباح عام 1904، وفي الشرق ايضاً «رأس عجوزة»، واحياؤها كثيرة في هذه المنطقة التي تقع شرق الديرة (العاصمة) منها: المطبة ــ الميدان ــ عايش ــ العبكل ـ الشملان ــ الرومي ــ ملا حسين ــ البلوش ــ سكة العودة ــ العوضي ــ بورسلي ــ المناي ــ البحارنة وقميضة.. وغيرها الخ
المحامون
وذكر أبو وليد مهنته التي كانت تسمى «وكيل» (أي محام) قال كان معي في المهنة: المرحوم عبدالوهاب المفلح، والمرحوم سيد هاشم الرفاعي، والمرحوم صالح السميط والمرحوم صالح التوحيد، والمرحوم يوسف اليماني وخليفة مبارك حي برزق.
قال: عملت بالمحاماة بعد اغلاق جريدة «الشعب» الاسبوعية السياسية التي صدرت في 5 ديسمبر 1957 واغلقت (عطلت) في 2 فبراير 1959 ولأسباب سياسية.
وأول كاريكاتير كان في جريدة «الشعب برسم» حاكم وبهجت واحمد النفيسي، وأول قضية كانت جريمة قتل المتهم فيها 3 من الكويتيين نجحت في براءة المتهم، وعند وضع القوانين للمحاماة سجلت في أول جدول لها في الكويت كنا 12 محاميا منهم: سليمان خالد المطوع، ومحمد مساعد الصالح، وخليفة الفرج، ويوسف اليماني، وأحمد قربان، ومن ثم تمدد جدول القوانين لدخول الآخرين، والآن يوجد عندنا اكثر من الف محام في جدول المحاماة، عدا العاملين في الموسسات والشركات والدوائر الحكومية.
الصحف العربية
قال المحامي والصحافي: كنا على صلة بالصحف العربية وغيرها كانت النخبة المثقفة من الأولين، تحلم باصدار صحف كويتية، وفي مطلع القرن العشرين كان هذا الحلم يكبر حتى نشروا كتابا لهم في الصحف العربية الصادرة في العراق ومصر والشام حتى وصلت مواضيع الاولين من الكويتيين إلى اندونيسيا، وهذا هاشم الرفاعي أسس جريدة «صدى الدستور» في البصرة عام 1934، كما ساهم جاسم حمد الصقر بتأسيس دار نشر وطباعة اصدرت جريدة «الناس» في 1947.
وقال التيلجي: تحقق حلم الكويتيين باصدار مجلة شهرية «الكويت» في 1928 للشيخ عبدالعزيز الرشيد، وبعد ان توقفت قام باصدارها مرة اخرى في عام 1931 بمشاركة السائح العراقي «يونس بحري»، وتغير اسم المجلة إلى «الكويت والعراقي» وكان مكان صدورها اندونيسيا استمرت حتى عام 1937.
ثم جريدة «التوحيد» في عام 1933 اصدرها ايضاً الشيخ عبدالعزيز الرشيد، وجريدة «الحق» ايضاً اشترك فيها مع السائح العراقي يونس بحري، ومجلة «الطالب» اصدرتها مجموعة من اساتذة المباركية في 1946، ومجلة «البعثة» صدرت عن بيت الكويت في مصر، وكاظمة مجلة شهرية للاستاذ عبدالحميد الصانع في عام 1948، و«البعثة» اصدرت في 1950 لأحمد العدواني، وحمد الرجيب، ومجلة «الفكاهة» صاحبها عبدالله الحاتم، ومجلة «الفكاهة» صاحبها عبدالله الحاتم، و«الرائد» مجلة شهرية صدرت عن نادي المعلمين في 1952، ومجلة «الإيمان» و«الارشاد» و«الكويت اليوم» الجريدة الرسمية في 1954 و«الفجر» لنادي الخريجين و«الاتحاد» عام 1955 و«أخبار الاسبوع» اصدرها داود مساعد الصالح 1955.
«الشعب» قبل 50 سنة
تحدث أبو وليد عن صحيفته «الشعب» التي صدر منها العدد الأول في الكويت في 13 جمادى الأولى 1377هـ 5 ديسمبر 1957، وعددها الاخير 1 ـــ 2 ـــ 1959، و«الشعب» اول جريدة ادخلت الكاريكاتير في الصحافة الكويتية، واول جريدة ابتكرت هذه الشخصيات «ولد عريب وطبل أفندي»، وفي عددها الاول أجريت لقاء مع الرئيس جمال عبدالناصر،«الشعب» قادت معركة لتحرير المرأة، وعدد صفحاتها وصل الى 48 صفحة، وكان سكرتير التحرير يعقوب الرشيد وذكر بعض الصحف الكويتية القديمة منها: المجتمع، الرابطة، العربي، حماة الوطن، الهدف، الجماهير، البشير، الرسالة، الرأي العام.
وقال: انا اول كويتي احترف الصحافة في عام 1956 حيث تفرغت لصحف شركة نفط الكويت وهي: الكويت الاسبوعية، ورسالة النفط الشهرية، و«بولتن اليومية» باللغة الانكليزية.
الثقافة الكويتية
تذكر ابو وليد بعض الاعمال الثقافية التي تحققت، وكانت حافزا ودليلا على تفتح تلك العقلية، قال: في 1913 افتتحت الجمعية الخيرية، وتعد مكتبتها من افضل المكتبات في العالم العربي بوصفها المكتبة الاولى في الكويت، والمكتبة الاهلية التي افتتحت في 1922، كان بيت علي العامر المقر الاول لها، وأول امين لها كان عبدالله العمران النجدي، ومكتبة ابن رويح 1923 مقرها في السوق الداخلي، ومكتبة ابن درع اسسها عبدالمحسن حمد الدرع، ساهمت في نشر الثقافة والمعرفة في مجتمع الكويت، ومكتبة اسسها محمد البراك في عام 1938، واخرى لحمود المقهوي، وعبدالله الحاتم افتتح مكتبة الطلبة، ومكتبة الخليج صاحبها عبدالله زكريا الانصاري، ومحمد بن سيار تجول بالكتب بائعا ثم افتتح مكتبة له في سوق واجف، واحمد سيد عايد الموسوي افتتح المكتبة الاسلامية في الشارع الجديد (عبدالله السالم).
الثقافة العلمية تقبلها المجتمع الكويتي، قام بإنشاء النادي الادبي 1924، والديوانية الثقافية والرابطة الادبية 1958.
وذكر كان هناك مطبعة قديمة منذ عام 1928، ومطبعة المباركية التي كانت تسمى مطبعة السيد عمر عاصم التي طبعت فيها امساكية شهر رمضان للعام 1939 ومطبعة المعارف في سنة 1947، التي اشتراها احمد هاشم الغربللي سنة 1948 بخمسة عشر الف روبية، ومطبعة الكويت لحمود المقهوي ودخيل الجسار وخالد محمد جعفر ومحمد ملا حسين.
__________________
ومنطقي العذب للألباب مستلبٌ *** ومبسمي نضَّ فيه الدر والنضرُ لازم منادمتي وافهـم مناظرتي *** واسمع مكالمتي يفشو لك الخبرُ
|