مواقف طريفة
¼ كان صبيح البراك - رحمه الله - مثالا للتواضع الشديد عن رفعة والصبر والاحسان واللطف..حدث ان طلب منه احد اصدقائه ذات يوم ان يعتني بنخلة كانت امام منزله فوافق مرحبا على طلبه ورغم الحرارة الشديدة بدأ العمل في الحديقة ولما رأت زوجة الجار ذلك قالت لخادمها:«اذهب بالغداء الى العامل في الحديقة» فرد عليها زوجها: «لا يسمعك..هذا صبيح البراك!».
¼ موقف اخر طريف يرويه صهره سعد خيران المطيري فيقول: كان المرحوم صبيح البراك يمتلك في منطقة الخبر في المملكة العربية السعودية الكثير من الاملاك ولديه العديد من المشروعات هناك فاصطحبني يوما الى هذه المنطقة ووصلنا اليها مبكرا ذات صباح وانتظرنا على دكة المحل الرئيسي للمرحوم صبيح البراك فلم يعرفه حارس المحل الذي عين حديثا فهزنا طالبا منا الانصراف وعدم الجلوس على مدخل المحل فليس هذا مكان انتظار ولما كدت ان انهره اوقفني المرحوم صبيح قائلا:«الحارس لا يعرفنا وهو يؤدي واجبه فلا تلمه بل اشكره على اداء واجبه» وبالفعل تحركنا من امام المحل وانتظرنا في السيارة حتى موعد الدوام ولما حضر العمال وبدأوا اعمالهم وحان وقت الغداء شاهد الحارس وكيل المحل ينادي: تفضل يا عم صبيح وهنا أدرك الحارس من يكون الرجل فتقدم إليه واعتذر عما بدر منه لكن المرحوم صبيح لم يعاتبه أو يؤنبه على ما فعل».
الزراعة وتربية الأغنام
كان -رحمه الله- من شدة حبه للزراعة والنخيل وتربية الأغنام كان يرعاها بنفسه ويهتم بها اهتماما كبيرا فقد كانت متعته في الحياة.. ولأن النخلة شجرة مباركة فكان لا يبخل على احبائه وأصدقائه بفسائل النخل الجيدة حيث انه كان يمتلك نخلا كثيرا في البصرة لذلك كان من عاداته أن يسأل عن أصحابه وجيرانه الذين لا يملكون نخيلا ويذهب إليهم بنفسه ويعطيهم منها والاغرب في هذا انه كان يقوم بزراعتها ورعايتها.. على كل حال نستطيع القول بأن أفعال هذا الرجل نابعة من ذاته ومن تواضعه الجم وايمانه الشديد بأن عمل الخير هو الذي يبقى للانسان دائما في حياته وبعد مماته.. وهل هناك تواضع وحب للخير أكثر مما كان يقوم به من توزيع صدقاته بنفسه ويذهب للانسان المحتاج دون أن ينتظره ليطرق عليه الباب خاصة اذا علم بحاجته، لقد كان -رحمه الله- دائم المساعدة لكل انسان في أي مكان فمن أبرز أعمال المساعدة التي قام بها اهتمامه الكبير بأهل منطقة البير في نجد بالمملكة العربية السعودية مسقط رأس جده يوسف عبدالرزاق الصبيح حيث قام وساعد أهل هذه المنطقة في حفر آبار المياه في الأربعينيات والخمسينيات.
سمات نادرة
وكان -رحمه الله- يمتلك ديوانا في القبلة بجوار مسجد الساير وكان هذا الديوان مفتوحا ليل نهار لكل عابر سبيل أو ضيف ويقدم فيه الطعام يوميا للمحتاجين والفقراء.. هذا جانب أما الجانب الاخر فقد امتد عشقه لعمل الخير الى الجيران تحديدا في مناطق الزبير والمدينة المنورة والخبر لدرجة أنه كان لا يدخر وسعا في شراء المساكن للذين لا مأوى لهم ولا سكن.. ومن شدة ايمان هذا الرجل الكريم المحسن كان يقوم بتأدية فريضة الحج كل عام وكان حريصا على اصطحاب الأهل والاصدقاء بل والذين لا يستطيعون تأدية هذه الفريضة من الكويتيين وغيرهم من الفقراء على نفقته الخاصة وكان يمدهم بمصروف الرحلة حيث قرر لكل فرد مبلغ 350 ريالا بالاضافة إلى تحمله نفقات الرحلة كلها يقول الدكتور عبدالمحسن الخرافي: «لقد روى لي ذلك شخصيا بعض من الاعمام الأفاضل الذين حجوا معه وذكروا لي من تواضعه انه كان يقوم بتوزيع الطعام بنفسه على حجاج بيت الله الحرام غير معتمد على الخدم والعمال حتى شهدت ذلك بنفسي حين رافقته في الحج بصحبة العم عبداللطيف العلي الشايع فعرفت من التواضع والكرم معناهما الكبير».
بناء المساجد
وقام -رحمه الله- ببناء المساجد في الكويت وغيرها من المناطق المجاورة.. فقام ببناء مسجد في كيفان سنة 1389هـ الموافق لعام 1969م ومازال هذا المسجد قائما يحمل اسمه حتى الان.. كما ساهم في بناء العديد من المساجد في المدينة المنورة والخبر والزبير وتعددت أعمال هذا الرجل الكريم المؤمن قاصدا من وراء ذلك ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى الذي اكرمه واعطاه الكثير فيقوم بتأسيس جمعية الاصلاح الاجتماعي ويرعاها رعاية كاملة ويقوم بارسال المرضى الذين يحتاجون الى العلاج بالخارج على نفقته الخاصة في سرية تامة.. كما كان له دور فعال في ارسال الطلاب للدراسة في الخارج على نفقته الخاصة وتحمله بعض نفقات الطلاب غير القادرين.
وسام الاستحقاق
عندما وقع العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956م سارع بالتبرع لها بمبلغ وقدره 3 ملايين روبية اسوة بغيره من التجار الكويتيين الذين وقفوا بجانب مصر وقفة مشرفة لذلك فقد منحه الزعيم جمال عبدالناصر وسام الاستحقاق تقديرا له على هذا الموقف النبيل وايمانه الشديد بمكانة مصر في قلب الوطن العربي.. يقول الاستاذ محمد ابراهيم الشيباني: «لقد كان كريما منفقا على الفقراء والمساكين في السعودية والزبير وفي احدى سفراتنا الى لبنان في الستينيات عن طريق صفوان قال لي الاخ الصديق وليد عبداللطيف الصبيح: أرأيت المكيفات التي في المركز كلها؟ كانت من خالي صبيح البراك بل كان يقوم باصلاح جميع ما يحتاجون إليه! والله المستعان».
ويقول الدكتور عبدالمحسن الخرافي: «ويشهد أهل الزبير والخبر انه اذا نفذ مشروعا فيه تمديد مياه أو تعبيد طرق سحب لهم منها نصيبا مفروضا على حسابه الخاص احتسابا لوجه الله تعالى».
وفاته
شاءت ارادة الله سبحانه وتعالى أن يتوفى هذا الرجل الكريم المحسن المضياف صبيح البراك الصبيح في حادث سيارة في طريق الدمام- الاحساء بالمملكة العربية السعودية في عام 1395هـ الموافق لعام 1975م ورحل عن دنيانا بعد ان قدم الكثير والكثير من الأعمال الخيرية ومساعدة الفقراء والمساكين والمحتاجين.. وكان رحيله صدمة لجميع من عرفوه وزاملوه وعاشروه لكنها ارادة الله ولا راد لمشيئته.. رحم الله صبيح البراك رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته فقد وعد الله المؤمنين والمؤمنات بجنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها.. و«إنا لله وإنا إليه راجعون».
المصادر:
- محسنون من بلدي -الجزء الثالث- بيت الزكاة
- جريدة القبس عدد 9860 مقال الدكتور عبدالمحسن الخرافي
- جريدة القبس عدد 9874 مقال الاستاذ محمد إبراهيم الشيباني
- الموسوعة الكويتية المختصرة -الجزء الثاني- حمد محمد السعيدان
- محسنون من بلدي- الجزء الأول- بيت الزكاة
- صفحات من تاريخ الكويت- يوسف بن عيسى-
- حكايات من الكويت -عبدالله النوري-
- تاريخ الكويت - الشيخ عبدالعزيز الرشيد-
- مشاري صبيح البراك الصبيح
تاريخ النشر: الاحد 30/12/2007
|