عبد اللطيف محمد ثنيان الغانم ( فارس الحركة الدستورية )
عبداللطيف الغانم
ينظر الكويتيون بكثير من الفخر والاعتزاز إلى الصورة التاريخية التي تزين صدور بعض مجالس رجالات الكويت الأفاضل والتي سجلت يومياً مراسيم تقديم مشروع دستور دولة الكويت إلى أميرها الرحل الشيخ عبد الله السالم الصباح من قبل سعادة رئيس المجلس التأسيسي المرحوم عبد اللطيف محمد ثنيان الغانم الذي قدم لسموه وثيقة الدستور ، تحقيقاً لرغبة سموه في استكمال أسباب الحكم الديمقراطي وسعياً نحو مستقبل افضل ينعم فيه الوطن بمزيد من الرفاهية والمكانة الدولية ويفئ على المواطنين مزيداً من الحرية السياسية والمساواة والعدالة الاجتماعية .. ويرسي دعائم ما جبلت عليه النفس العربية من اعتزاز بكرامة الفرد وحرص على صالح
المجموع وشورى في الحكم مع الحفاظ على وحدة الوطن واستقراره في ظل ما قرره المجلس التأسيسي المنتخب الذي تحمل أعباء المسئولية بروح وطنية صادقة ساعياً بكل جهده في بدايات الاستقلال إلى تحقيق الآمال الكبيرة لشعب الكويت الوفي .. حيث أكد المرحوم عبد اللطيف ثنيان الغانم في كلمته الموجزة التي وجهها على سمو الشيخ عبد الله السالم أثناء تقديمه لوثيقة الدستور ، في النص الآتي :
" صاحب السمو أميرنا المعظم إنه لشرف كبير لزملائي أعضاء لجنة الدستور ولشخصي أن نتقدم إلى سموكم في هذا اليوم التاريخي نيابة عن المجلس التأسيسي بمشروع الدستور الذي رأيتم وضعه للبلاد على أساس المبادئ الديمقراطية المستوحاة من واقع الكويت ، وكل رجائنا أن يأتي هذا الدستور محققاً لآمالكم الكبيرة لخير شعبكم الوفي الأمين .
نعم فبهذا الإنجاز الكبير استطاع العم " بو بدر" أن يحقق حلمه الذي أمتد منذ ثلاثينات هذا القرن حين شارك هو ورفاقه عام 1938م في أول حركة دستورية تصحيحية نادت بالإصلاح الإداري والمشاركة الشعبية حيث انبثق عن تلك المطالبة ما سمي بالمجلس التشريعي الأول الذي وافق على إنشائه الأمير الراحل أحمد الجابر الصباح وقد انتخب الوجيه الغانم عضواً في ذلك المجلس الذي كان يتآلف من أربعة عشر عضواً .
لكن المجلس التشريعي الثاني لم يعمر بعد الأحداث السياسية التي شهدتها الكويت في ذلك الوقت والتي كان المرحوم مشتركاً فيها ، ونتيجة لذلك أدخل السجن مع بعض أعضاء التشريعي حيث ظل فيه أربع سنوات وثلاثة أشهر وثلاثة عشر يوماً .. ؟
وبعد الإفراج عنهم انتخب عبد اللطيف الغانم عضواً في المجلس البلدي عام 1954م ورشح مديرا لها ، وفي عام 1962م استقال من رئاسة المجلس البلدي ليرشح نفسه في مجلس الأمة التأسيسي عام 1962م عن دائرته في منطقة كيفان وفاز بالعضوية وتم انتخابه بالإجماع لرئاسة المجلس الذي كان من مهامه وضع دستور دولة الكويت المستقلة عام 1961م .
وفي عام 1963م أي بعد انتخابات أول مجلس أمة رشحه المغفور له الشيخ عبد الله السالم الصباح لتولي وزارة الصحة العامة وبعد استقالة الوزارة رشحه أيضاً لوزارة أخرى هي الأشغال العامة واستقال منها برغبة بعد فترة مجيزة للتفرغ لأعمال الخاصة .
ومما يذكر أن المرحوم عبد اللطيف محمد ثنيان الغانم من مواليد حي القبلة بمدينة الكويت القديمة عام 1912م درس منذ طفولته في المدرسة المباركية ثم تبعها في المدرسة الأحمدية وسافر بعد ذلك في عام 1922 على الهند بصحبة والـده واستقر في مدينة كراتشي لدراسـة اللغة الإنجليزيـة بينما والـده كان يديـر تجارة كبيـرة فـي منطقـة " براوة " .
وفي الهند بدا والده يعتمد عليه في تصريف بعض الأعمال التي كانت تتطلب منه القيام بها ، فأخذ ابن الثامنة عشرة يتوسع في أعمال والده ويتردد على الأماكن المتعددة بين الكويت والبصرة والهند مما أعطاه فرصة لمخالطة الشخصيات الكويتية والعربية والأجنبية التي أسهمت في بناء شخصيته الفذة التي لعبت دوراً بارزاً في وضع اللبنات الأولى للديمقراطية بالكويت .
ويذكر السيد جاسم القطامي إحدى الشخصيات الوطنية التى عاصرت العم " بو بدر " وكان رحمه الله نسيج وحدة وطنية ، فلقد عمل بدافع حب وحرص كبيرين لبلاده فعلى الرغم من انتقاداته لأي ممارسات خاطئة من قبل السلطة فقد رفض كما رفضت جميع القوى التعاون مع المخابرات العراقية حينما أراد عبد الكريم قاسم احتلال الكويت ... فلقد قامت المخابرات العراقية بالاتصال يومها بالقوى الوطنية للحصول على اعترافها بالاستياء من الأوضاع في البلد إلا أن القوى الوطنية رفضت ذلك مؤكدة ولاءها وحبها للكويت وحاكمها وهذا ما أثبته البريطانيون للمغفور له الشيخ عبد الله السالم عندما قاموا بتهنئته على حب القوى الوطنية له .
فالله أكبر يا وطن وسجل يا تاريخ .