الطونة والطوينة - فرحان الفرحان

[AHMAD]

القبس - اليوم




فرحان عبدالله أحمد الفرحان

لو سألت أي واحد من أهل الكويت عن هذين المسميين لأجابك لا أعرف، لكن البعض الذين تجاوزت أعمارهم الثمانين يقول اعرف فقط الثانية، وهي الطوينة، المكان الذي تتوقف فيه السفن العائدة من السفر من رحلتها الطويلة الى الهند وافريقيا، حيث تتوقف بعيدا عن الساحل في الأرض المقابلة للمستشفى الأميركي حتى المقصب وبوابة المقصب آخر سور الكويت الثالث من الغرب.
ولو سألت ما معنى هذه الكلمة لأجابك من دون تردد البحر الذي ترسو فيه هذه السفن وتحته الأرض طينية، لكن أقول رحم الله حمد السعيدان الذي ثبت لنا هذا الموضع، حيث قال في موسوعته في الجزء الثاني صفحة 943 التالي «طوينة» «بندر طوينة» مرسى للسفن في جون الكويت محدد بالعوامات داخل فشت الحدبة على بعد ثلاثة كيلومترات.


لكن اقول رحم الله الكويتيين القدامى الذين ضبطو لنا كثيرا من الاسماء والالفاظ العربية الاصلية، وتجدها هنا وهناك من ارض وبحر الكويت، ومن ضمنها الطوينه التي لا يعرفها كثيرون.كنت اقرأ في كتاب «الجذور التاريخية للبحرية الشراعية الكويتية» تأليف الفاضل جاسم محمد السلامة الصادر في سنة 2004، هذا الكتاب القيم الذي يعيدنا الى الوراء في تاريخ الكويت، وشقاء ابنائها في حياة البحر، ولقمة العيش، لقد ذكر في كتابه هذا كلمة الطوينة في ثمانية مواضع، وقد استفدت من هذا الكتاب بما يتعلق بشؤون البحر والعمل فيه، خصوصا انني ولدت على ضفاف البحر، حيث كان منزلنا ملاصقا لمبنى وزارة الصحة القديم، وكانت الاسرة غالبيتها تعمل في البحر، لكن بعد ان انتقلنا الى المرقاب تغيرت الصورة.وكل الذي اعرفه عن الطوينه اننا نخرج من بيوتنا في المرقاب، ونذهب إلى ساحل البحر على شمال المستشفى الاميركي، حيث نقضي وقتا في السباحة، وكان امامنا بالبعيد السفن الراسية في الطونية ونسأل ويقال لنا هذه السفن في الطونية، وكنا نخاف من الذهاب إلى هذه السفن عندما (تثبر) المايه المياه (تنحسر) لأننا نظن ان أقدامنا ستغوص في الطين،ولأننا نجهل الحقيقة لكلمة الطونية التي تركها ووضع تسميتها القدماء الأولون من أهل الكويت.
ذهبت إلى جميع كتب البلدان ومعاجمها وذهبت إلى جميع كتب الله ومعاجمها لم أجد هذه الكلمة إلا عند الإمام الزبيدي في كتابه «تاج العروس» الذي طبعته دولة الكويت، وقد يخرج المجلس الوطني فهارسه في السنة القادمة.
المهم ماذا يقول «تاج العروس»؟ يقول في الجزء الخامس والثلاثين صفحة 360 حول كلمة الطاء والواو والنون (الطونة بالضم كثرة الماء، نقله الأزهر عن أبن الأعرابي)، والأزهري هو الذي عاش على مقربة من صحراء الكويت كاظمة أسيراً لمدة سنتين، واستفاد أبناء المنطقة بأن حفظه منهم كثير من الفاظ المنطقة التي سجلها في كتابه «معجم التهذيب الكتاب الكبير».
وقد نقلها عن ابن الأعرابي، فمن هو ابن الأعرابي الذي ولد قبل الأزهري بمائة وخمسين سنة ذلك في سنة 150 وتوفي 231 هـ.
ويمكن أن أقول إن الإمام الاعرابي الوحيد الذي حفظ لنا هذا اللفظة والكلمة، ويسرني أن أذكر نبذة عن حياته منقولة من الإعلام للزركالي الجزء السادس صفحة (131) التالي:

ابن الأعرابي
(150 - 231 هـ = 767 - 745م).
محمد بن زياد، المعروف بابن الأعرابي، أوعبدالله: راوية، ناسب، علامة باللغة. من أهل الكوفة. كان أحول. أبوه مولى للعباس بن محمد بن علي الهاشمي (المتقدمة ترجمته) قال ثعلب: شاهدت مجلس ابن الأعرابي وكان يحضره زهاء مائة إنسان، كان يسأل ويقرأ عليه، فيجيب من غير كتاب، ولزمته بضع عشرة سنة ما رأيت بيده كتاباً قط، ولقد أملى على الناس ما يحمل على أجمال، ولم ير أحد في علم الشعر أغزر منه. وهو ربيب المفضل بن محمد صاحب المفضليات. مات بسامراء. له تصانيف كثيرة، منها «أسماء الخيل وفرسانها - خ» و«تاريخ القبائل» و«النوادر - خ» في الأدب و«تفسير الأمثال» و«شعر الأخطل - ط» و«معاني الشعر» و«الأنواء» رسالة، و«البئر - ط» رسالة، و«الفاضل - خ» أدب، و«أبيات المعاني - خ».
هذا العالم هو الذي دلنا على معرفة هذه الكلمة والموضع في البحر الكويتي
كان الأقدمون يعرفون أن كلمة الطونة بالضم كثرة الماء، وكعادة الكويتيين الأقدمين الذين قاموا بتصغير كثير من الألفاظ القديمة مثل «الفردة» المعروفة قرب الجهرة سميناها الفريدة والكوت الكويت، والبهت اللون الباهت للصخر والحجر سميناها البهيتة، المنطقة المعروفة وهكذا ينطبق على المنطقة التي تقف بها السفن (الطونة التي سموها الطوينة) فكان الكويتيون عندما تصل سفنهم قادمة من الهند أو شرق افريقيا لا تستطيع السفن أن ترسو في الأنقع الساحل، لأن بها حمولة ضخمة والماء على الساحل ضحل قليل لهذا جاء ذكاؤهم الى المنطقة المقابلة للمستشفى الأميركي (طبعا قبل المستشفى الاميركي بمائة سنة) وتتوقف السفن في هذا المكان الطوينة، ومن ثم تفرغ حمولتها في السفن الصغير الشوعي الجالبوت التشاله بعدها يقوم البحارة بإنزال عامود الاشرعة (الدقل والعود) ومن ثم سحبها في سفينة اصغر الى مستودعها كراجها الى «النقعة».
حيث يقوم بحارتها برعاية هذه السفينة من دهنها وتنظيفها وإصلاحها إذا كان بها خلل، وتستريح ويأخذ البحارة قسطا من الراحة عند أهلهم لرحلة قادمة، من ثم تسحب السفينة البوم بسفينة أصغر مع البحارة والمجاديف الى الطوينة، ومن ثم يقومون بارجاع أعمدة الاشرعة (العود والقلمي) الى مكانهما في البحر الغزير (الصوينه) حيث الماء العالي، وذلك استعدادا للرحلة القادمة على بركة الله الى الهند أو افريقيا والعودة ثانيا الى الكويت حيث السفينة الى مربضها في الطوينة. هذه اللفطة التي اختفت من ألسنتنا وتاريخنا مع انتهاء العصر البحري الشراعي لتاريخ الكويت، ولا تجد أحدا يذكرها اليوم، ونحن في صحيفة القبس الغراء نعتبر تاريخ هذه البقعة من بحر وأرض الكويت للذكرى والتاريخ إنها الطوينة عل الذكرى تنفع المتذكرين بتاريخ هذه البلاد العزيزة.

ملاحظة أولى
في مساء أول يوم من رمضان، وأنا أهاتف الأخ جاسم محمد السلامة، وأنا أشكره على بحثه القيم في كتابه «الجذور التراثية للبحربة الشراعية الكويتية التاريخ والذكريات»، وأنا أناقشه في موضوع الطوينة، حيث ذكرها في كتابه أكثر من ثماني مرات فقال لي: الطوينة هي قاع البحر المملوء بالطين، حيث إن الكويتيين عندما يقتلعون الصخور من قاع البحر لن يبقى في القاع إلا الطين، ولما شرحت له اصول اللغة العربية وظاهرة التصفير عند الكويتيين المحببة في كثير من اسماء المواقع، شاركني الرأي حول اصل التسمية، وكما قلت إن ابن الأعرابي الذي نقل منه الازهري وهذا نقلها الامام الزبيدي في كتابه تاج العروس الطونة والطوينة، وكذلك أرشدني الأخ جاسم السلام الى ان المرحوم بدر القطامي كان ان رسم الطوينة في كتابه «حديث الألوان» صفحة 158، ولما رجعت إلى هذا الكتاب وجدت نفسي مسرورا بوضع هذه اللوحة التاريخية للقراء الكرام.

ملاحظة ثانية
لما ذكره الأخ جاسم السلام حول قوله «إن الصخور عندما تقتلع من قاع البحر يبقى تحتها الماء، أقول الطوينة بعيدة كل البعد عن اعشيرج الأرض الصخرية، حيث اعشيرج عندما تثرب تنحسر المياه عنها يكون قاعها كالأرض ممكن استعمال «الهيب والفؤوس لتقطيع الصخور ونقلها بعدما ترتفع المياه في السفن الصغيرة».
اما الطوينة، فالمياه فيها غزيرة مرتفعة فلا يمكن ان تقتلع الصخور منها والمياه عالية وهذه الطوينة هي أحسن مكان لرسو السفن المؤقت عندما تكون حمولتها مكتملة.

[PAC3]

الأخ المشرف العزيز شكراً لك على النقل وهذه معلومة عن الطوينة التي جاء ذكرها في الموضوع فقبل ابحار سفن السفر الشراعية في رحلاتها يتم اخراجها من النقع وسحبها بوسطة الماشوة إلي الطوينة الواقعة في جون الكويت وفي هذا المكان الذي يتم به تجهيز السفن الشراعية الكبيرة حيث يتم تحميل السفن المبحرة للبصرة في السابق بأكياس رمل " خياش " ويتم توزيع الأكياس في السفينة وتسمي تلك العملية " اطعان "ومن ثم يتم تركيب الصاري الصغير " القلمي" مكان الصاري " العود " وتسمي تلك العملية " سكب" القلمي مكان العود " ويتم " خزر " أي تنزيل الصاري " العود" وتلك العملية تساعد على اتزان السفينة لانه في حال تركيب الشراع العود سوف يؤدي إلي إنقلاب السفنية وتبحر السفينة بهذا الشكل حتي مدينة البصرة فمجرد وصولها لمدينة البصرة يتم بها اخراج اكياس الرمل الناعم وبيعها ومنثم يتم تجهيز السفينة بعد تحميلها بالبضائع والتي في الغالب تكون تمور ومن ثم يتم " خزر" أي تنزيل الصاري " القلمي و" سكب" أي تركيب " الصاري " العود " مكانه وتركيب القلمي في مكانه الصحيح ومن ثم تبحر السفن إلي وجهتها .

تحياتي

[بو نمش]

في ألبوم verity cridland في فليكر .. صور تحدد موقع طوينه بالنسبة لساحل الكويت .وهما كالتالي :
http://www.kuwait-history.net/vb/up/...9820120625.jpg

http://www.kuwait-history.net/vb/up/...9820120625.jpg

وهذا الموقع يقابل تقريبا ثانوية الشويخ .. كما ذكر لنا كبار السن
http://www.kuwait-history.net/vb/up/...9820120625.jpg