22-05-2012, 01:26 PM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 45
|
|
فريج سعود: مجتمع كويتي مصغر
فريج سعود: مجتمع كويتي مصغر
يُعد فريج سعود الواقع بحي الجبلة (القبلة) من أقدم وأشهر الفرجان في الكويت. فهو ينتسب الى الشيخ سعود بن جابر الصباح الذي سكن تلك المنطقة منذ القدم وكان محبا للخير ويساعد الناس فعرفت البراحة التي كان يلتقي بها الناس ببراحة سعود. وعندما بنيت البيوت الكويتية القديمة حول البراحة، عرفت المنطقة بفريج سعود نسبة لذلك الرجل. ولفريج سعود بوابة بالسور الأول لدولة الكويت الذي بني في عهد الشيخ عبدالله بن صباح ثاني حكام الكويت 1760، والذي كان يحده من الشرق نقعة بن نصف، ومن الغرب نقعة سعود. وللسور الأول أربعة بوابات، وهي بوابة الخليفة لقربها من مسجد وفريج الخليفة، وبوابة سعود لقربها من فريج سعود، وبوابة الفداغ، وبوابة السوق التي كانت تقع خلف السوق الداخلي من الجنوب. وهذا يدل على قدم هذا الفريج الذي ارتبط اسمه بالسور الأول بل بتأسيس الدولة في القرن الثامن عشر.
يطل فريج سعود على ساحل البحر والفرضة مكان بيع الخضراوات والذي كان يعد الميناء البحري القديم الذي تجتمع فيه السفن الشراعية القادمة من مختلف بنادر الخليج. ويجاور فريج سعود العديد من الفرجان ويتقاطع مع السكك المؤدية اليها كفريج الصقر، وفريج العثمان، وفريج الغنيم، وفريج الصانع وغيرها. وكان فريج سعود مرتفعا من الجهة الشمالية ومتساو مع الأرض من جهة الجنوب فمن كان يريد أن يدخل الفريج من جهة البحر يصعد الدرج الذي بناه أحد رجال عائلة العبد الجليل. أما الموقع الحالي لفريج سعود، فهو يقع في المنطقة التجارية المطلة على مجلس الوزراء من الشمال ومقابل البنك المركزي من جهة الشرق.
ومن أهم معالم فريج سعود، مبنى المدرسة الأحمدية على شاطيء البحر و هي تعتبر ثاني مدرسة نظامية تم افتتاحها في عام 1921 بعد مدرسة المباركية والتي تأسست عام 1911. وأيضا وجود مسجد العبدالجليل الذي أسسه القاضي احمد بن عبدالله بن عبدالجليل في عام 1779 ومسجد المديرس، أسسه السيد عبدالله بن محمد بن سليمان المديرس عام 1810م،ومسجد سعود الذي أسسه عبدالله بن علوان سنة 1788، ومسجد الخالد الذي تأسس سنة 1818، ومسجد السرحان وغيرهم من دور العبادة والتي يتداخل بعضها مع فريج آخر ملاصق بفريج سعود. ونظرا للتسامح الذي كان يسود المجتمع الكويتي بجانب التنوع الحضاري والديني، فقد كانت هناك كنيسة في احد البيوت العربية بفريج سعود وكان يديرها شخص يدعى يعقوب شماس، وهو مسيحي حضر الى الكويت عام 1919 وصار أيضا مسؤولا عن مكتبة بيت المقدس.
أما العوائل التي سكنت فريج سعود، فنذكر منهم: عائلة الخشتي، والنوخذة رضا الشطي، وعمر الدرباس، وبن سلامة، والمباركي، والتورة، والعبدالجليل، وجعفر الكندري، والحساوي، عبدالنور الكندري، وصالح العوضي، والقاضي حمادة، والسمكة، ورضا أشكناني، والعنجري، والنوخذة عبدالكريم أبو الملح، وحسين آل هيد، والصقران، والتورة، والعمران، والقصار، وعبدالمحسن العريفان، وابراهيم الناصر الهاجري، وعبدالله الحسيني، والمواش، والمديرس، والمانع، وأحمد الراشد، والغانم، والفليج، والنوخذة ابراهيم التركي، والبحريني، والسديراوي، واللوغاني، والمسباح، والمشاري، والياقوت، والنصرالله، والدعي، والثنيان، والماجد، والسيد، والمضاحكة، والحسيني، وبهمن، وانكي، وناصر المقهوي، والجزاف وغيرهم من الأسر والعوائل الكويتية الكريمة.
هذا التنوع في النسيج الاجتماعي والديني والعرقي في الفريج يبين مدى الانسجام بين كافة أطياف المجتمع الكويتي، الذين ضربوا أروع الأمثلة في التلاحم والترابط والتواصل الأخوي. فحق الجار في الفريج كان يماثل حق الوالدين وصلة الأرحام. ولعل من الأدلة الدامغة في مدى تلاحم الشعب بكافة فرجانه وأحيائه هو تسميتهم للسنوات التي تمر بها أحداث مهمة تمس شريحة أو حتى فريج من المجتمع لتصبح هذه التسمية لكل أهل الكويت. ولعل خير مثال على ذلك هي سنة 1934 والتي أطلق عليها الكويتيين "سنة الهدامة" بالرغم من تأثر فريج العوازم والرشايدة فقط من سقوط الأمطار الغزيزة، لكن فزعة الكويتيين لمساعدة الأسر المتضررة والتي تهدمت بيوتها من الأمطار جعل من هذا الحدث الذي كان يخص فريج واحد فقط، ليصبح حدثا مهما لكافة الكويتيين وجزءا لا يتجزأ من تاريخهم. وأمر كذلك في الأحداث الأخرى التي مرت عليهم كالطاعون والطفحة والبطاقة والطبعة والهدامة الثانية (سنة 1954). واستمرت عادة التسميات حتى في تاريخنا المعاصر، فتجد الى الآن يطلق الكويتيون أسماء على الأحداث الاقتصادية والسياسية المهمة التي مرت على الكويت في بداية الثمانينات حتى نهاية الألفية الثانية كسنة المناخ والغزو وغيرها. أما في الألفية الثالثة وبالأخص في أيامنا هذه، فمهمة التسمية باتت أصعب بكثير لتسارع الأحداث وتعددها في السنة الواحدة والشهر الواحد بل حتى في اليوم الواحد! فلو نظرنا الى عام 2009 الذي شهد في يوم واحد أربعة استجوابات فاطلقت الصحافة ووسائل الاعلام على يوم 8/12/2009 "بيوم الاستجوابات" وليس "سنة الاستجوابات" ولعل هذا السبب وراء انتشار المثل الدارج بأن "يوم الحكومة عن سنة" هو لأن الحكومة اذا كانت في حالة استجواب، فانها تعمل عمل سنة كاملة في يوم واحد وليس العكس طبعا!!. أما العام الحالي 2011، فهناك خلاف شديد بين الكويتيين على التسميات المقترحة لهذه السنة الكبيسة، لأن عليهم أن يختاروا ما بين "سنة الايداعات" و"سنة الكوادر" و"سنة الاستجوابات" أو "سنة التأزيم". ولكن من الملفت للانتباه، أن غالبية الكويتيين يتفقون على أن السنوات الأخيرة التي مرت على الكويت وأهلها استحقت بأن يطلق عليها اسم المسلسل التركي المدبلج "سنوات الضياع" !! فأين نحن اليوم من فريج سعود آنذاك؟
د. عبدالعزيز ابراهيم التركي
|