تأسست مدرسة آل ابراهيم في عام 1845م 1255هـ، فكانت اللبنة الأولى للتعليم في الكويت، نهل من رحمها العلماء الكويتيين الأوائل، فكانت دار علم وأدب، يجتمع فيها كل من كان بالعلم شغوفا، فكانت الكويت سباقه في مجال العلم وطلبه.
أقيمت دار العلم هذه على نفقة الشيخ علي بن محمد آل ابراهيم، دار علم وضعت الكويت في مقدمة بلدان الخليج بعد أن كان طلاب العلم يرتحلون الى البصرة والاحساء سعيا وراء العلم والمعرفة، فكانت تجربة فريدة رائدة، يرتشف من ينبوعها أبناء هذا البلد الصغير ما أتيح لهم من علم وثقافة، تربيهم على حب كل ما هو حميد، وتغرس فيهم الانضباط وحب الاطلاع والتعلم، تهيء هؤلاء الفتيان لمعركة الحياة متسلحين بما تعلموه، فكانت دليل ساطع على تفرد الكويت وأهلها بهذا المجال، كيف لا وهم التجار الذين جابوا المدن المتحضرة ببضائعهم، فانفتحوا على تجارب مدنية سباقه، يمدون بلاد الجزيرة العربية بكل ما جادت به الهند وفارس من بضائع، فوضع الكويت الاقتصادي أتاح لأهلها ما لم يتاح لغيرهم من الاحتكاك بتجارب حضارية كان أهم ما فيها العلم والمعرفة، درس ودرَس فيها علماء الكويت الأوائل نذكر منهم حسب الترتيب الزمني:
1- الشيخ عيسى بن علوي
ذكره الأستاذ المؤرخ يعقوب يوسف الابراهيم، ومما قال فيه:
أول طالب كويتي رحل الى مصر لطلب العلم، ويذكر ان هذا الشيخ له صلة بعائلة المصيبح (عائلة المصيبح أقدم من يذكر بالمراجع التاريخية سكنا للكويت مع عوائل أخرى قليلة كبورسلي)، افتتح حانوتا (متجراً) للتجارة، ثم رحل في العقد السادس من القرن الثالث عشر الهجري الى مصر ودرس الدين هناك، وبعد ذلك درس الطب عند احد شيوخه حين ادرك ان التخصص في الدين فقط لا يشبع لإنسان قوت يومه في ذلك الزمن.
2- المعلم ماجد بن سلطان آل بن فهد
ولد المعلم ماجد بن سلطان بن فهد عام 1844م في بهيته (الوسط) وهو من أبناء الفهد "النواخذة"
درس بالأزهرعام 1281هـ، وأشرف على اصدار عدة كتب، اشتهر عنه كرهه للاستعمار ووجود الاجنبي، وله مواقف سياسية أبان حياته، تنقل في حياته أما طالبا للعلم أم هارباً من المستعمر الانجليزي، فحط بالبصرة وبغداد والبحرين والقاهرة والحجاز وعمان وزنجبار والاستانه، حتى وقع بيد الانجليز سجينا في عام 1916م بالبصرة، وتوفي ودفن بمقبرة الحسن البصري بالزبير.
3- الشيخ أحمد الفارسي
من رواد الحركة العلمية بالكويت، تتلمذ على يده العديد من علماء الكويت التابعين، زامل ماجد بن سلطان في الأزهر، حيث ارتحل الى القاهرة عام 1281هـ، مضى بالقاهرة ثمان أعوام درس الفقه وأصول الدين، ومن ثم عاد الى الكويت، والتحق بمدرسة آل ابراهيم مرة أخرى، ليدفع بالحركة التعليمية الكويتية نحو أفاق جديدة، ويتسنى لطلبة العلم في الكويت أن ينالوا من المعرفة ما ناله الشيخ أحمد الفارسي في القاهرة.
4- الشيخ مساعد العازمي
بعد الشيخ عيسى بن علوي والمعلم ماجد بن سلطان والشيخ أحمد الفارسي، سار الشيخ مساعد العازمي على خطاهم وارتحل الى القاهرة، مكث فيها عدة سنوات، تعلم الفقه وأصول الدين، كما تعلم أصول التطعيم ضد مرض الجدري الذي كان بمثابة وباء إن حل في مدينة، عاد الشيخ مساعد العازمي عام 1300هـ الى الكويت، ليلتحق بمن سبقوه بقافلة العلم الكويتية، وساهم بشكل فعال أيضا بتطور الطب في الكويت.
5- الملا دخيل بن حمود بن جسار
كان الملا دخيل بن حمود بن جسار علما في مسيرة التعليم في الكويت، تتلمذ على يده الكثير من أبناء الكويت، منهم من أصبح أديبا، ومنهم من اتجه الى الدين وعلمه
بفضل هذه المدرسة، أصبحت الكويت وجهة لطلاب العلم من مختلف المدن المجاورة والقريبة، بعد أن كان أبناؤها هم من يرتحل لطلب العلم، يصف لنا ذلك المؤرخ مقبل عبدالعزيز الذكير الذي قدم من عنيزة في اقليم القصيم بنجد مع بعض من اقرانه، ليدرس في مدرسة آل ابراهيم الخاصة،وهذا دليل على تبؤ الكويت مكانة متقدمة بالعلم بين البلدان المجاورة، فقد كان بامكانهم ارسال ابنائهم الى مدن اخرى كالبصرة وبغداد والبحرين والاحساء.
يقول الذكير -الذي كان في الكويت حوالي عام 1313 ه - 1896 م، في مخطوطة 'مطالع السعود':
'وصلت الكويت مع خالي مقبل العبدالرحمن الذكير من عنيزة في 25 ربيع الثاني 1313ه وعمري وقتذاك اربعة عشر فأبقاني خالي في بيت الشيخ يوسف بن ابراهيم للتعلم والكتابة، فافردوا لي حجرة خاصة في المجلس وجرت الحوادث كلها وانا في البيت المذكور، وكنت بمعية عبدالرحمن بن عبدالعزيز بن علي بن ابراهيم، وكان يومئذ في الكويت ومصطفى ابن الشيخ يوسف وكنا في سن واحدة فصحبناهم في الدراسة والقنص ومعنا من ابنائهم واقاربهم واصدقائهم آخرون، وكذلك معنا حمد بن عبدالله الخنيني من عنيزة ايضا'.
كما درَس فيها الاستاذ الفاضل الشيخ محمد بن رابح المغربي الأصل المكي المولد، ومن تلاميذ المدرسة بالاضافة للمؤرخ الذكير، تتلمذ على يد هؤلاء الرواد الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، الشيخ عذبي المحمد الصباح، عبدالمحسن البابطين (أصبح قاضي الكويت فيما بعد) وعبدالحميد الصانع (الذي أصدر مجلة كاظمة الكويتية) وجل علماء وأدباء الكويت في ذاك الزمان.
المصدر بتصرف: بحث للأستاذ المؤرخ يعقوب يوسف الابراهيم
أعده: شرقاوي، موقع تاريخ الكويت
لقد سبقت هذه المدرسة أول مدرسة نظامية كويتية ب 66 عاماً .. ولا شك بأن أهل العلم والجاه من أسرة آل ابراهيم .. كانوا سباقين في الخير والعطاء .. ولهم بصمه واضحه في تلك الفترة ...