الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
*****
ذكرى لا تموت
قبل ثمانية وعشرين عاماً، وبالتحديد الساعة الثانية عشرة من ظهر يوم 1982/9/16، رحل عن عالمنا شاب اسمه نجيب سيد هاشم سيد أحمد الرفاعي، وذلك في عملية اغتيال بشعة وقذرة في مدريد نفذها احد ازلام الارهابي صبري خليل البنا (المعروف حالياً بأبونظال) الذي كان يرأس تنظيماً منشقاً على منظمة التحرير الفلسطينية كان يسمي نفسه «حركة فتح – المجلس الثوري» فكانت حركة التحرير الفلسطينية منذ تأسيسها حتى اليوم منقسمة الى فصائل متنازعة فيما بينها مع اختلاف تسمياتها وتوجهاتها حسب المرحلة الزمنية، نفذت هذه المنظمة 16 عملية ضد شخصيات ومصالح اسرائيلية و15 عملية ضد شخصيات ومصالح عربية و69 عملية ضد شخصيات ومصالح فلسطينية وتمت تصفية هذا الارهابي من قبل النظام العراقي البائد في منتصف اغسطس 2002 في بغداد بعد ان استنفد دوره لصالح ذلك النظام.
في بداية الثمانينات ضاق ابو نضال ذرعاً بالدعم اللا محدود من جانب دولة الكويت لمنظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات، بصفتها الجناح الرئيسي المعترف به عربيا فقرر ان تحرير فلسطين يتم عبر اغتيال دبلوماسيين كويتيين، تماما كما قرر ياسر عرفات وقيادة منظمة التحرير في سنة 1990 ان تحرير فلسطين يمر عبر البوابة الكويتية جنوبا.
ليس الموضوع اخطاء منظمة التحرير الفلسطينية في عهد ياسر عرفات، التي أوجزها وزير خارجية اسرائيل السابق، آبا ايبان، في مذكراته بقوله: «ان الفلسطينيين – يقصد القيادة الفلسطينية – لا يفوتون فرصة لتفويت فرصة»، بل ان موضوعنا هو ذلك الشاب المغدور، حيث اعتقلت السلطات الاسبانية منفذ عملية الاغتيال وأودعته السجن ثلاثين عاماً.
لقد كان من حسن حظي انني عرفت نجيب معرفة لصيقة كزميل ثم كصديق حميم من خلال عملنا معاً في وزارة الخارجية الكويتية. وأتذكر انني قلت له مازحا ذات مرة «ان اهلك لم يسموك نجيبا عبثا». واليوم اؤكد على عبارتي هذه بكل قوة وثبات.
هذا الدبلوماسي من عائلة كويتية كريمة ومعروفة هي عائلة الرفاعي. تلقى تعليمه في مدارس الكويت حتى المرحلة الثانوية، ثم درس المرحلة الجامعية في فرنسا، حيث تخرج في مادة العلوم السياسية في عام 1972. فالتحق بوزارة الخارجية وابتعث للعمل كدبلوماسي في وفد الكويت الدائم لدى الامم المتحدة في جنيف. وعاد الى وزارة الخارجية في عام 1976 وكنت حينها ارأس قسم المنظمات الدولية في الادارة الاقتصادية في الوزارة. وكان من حسن الطالع ان الوزارة الحقته بنفس القسم باعتباره تمرس في شؤون منظمات الامم المتحدة المتخصصة. وهنا بدأت صداقتنا، حيث عاصرته في الوزارة وفي عدد لا بأس به من المؤتمرات والاجتماعات الدولية وكنا نلتقي خارج اوقات العمل، خاصة بعد الدوام المختصر كل يوم خميس، حسب نظام العمل آنذاك.
كان نجيب على ثقافة عالية وعميقة، وكان يجيد اللغات العربية والانجليزية والفرنسية، ثم تعلم الاسبانية خلال فترة عمله الوجيزة في اسبانيا التي انهاها اغتياله الدنيء، كان دمث الخلق واثقا بنفسه مع تواضع شديد، وكان وسيما وحسن المظهر، كان نجيب هادئا في حواره مقنعا، يجيد فن الحديث والاصغاء معا، كان مخلصا لاصدقائه ودودا لزملائه متفانيا في عمله وخدمة وطنه، وكان يزينه التدين الصادق الصافي البريء المخلص التلقائي المتسامح على طريقة آبائنا وامهاتنا، لا كتدين وقتنا الحاضر الذي يغلب عليه التعصب والكراهية والتكفير، وفي الاجتماعات الدولية كنت اراه محاوراً ذكيا لماحا يعرف كيف يكسب ود محاوريه ويقنعهم، وذلك رغم صغر سنه، وكان وطني الحس مدافعا عن مصالح بلاده وعن قضايا العرب، وبالذات عن قضية فلسطين التي اغتيل باسمها.
في سنة 1978 – اذا لم تخني الذاكرة – تزوج نجيب ورزقه الله ولده أحمد. وفي صيف عام 1980 صدرت قائمة التنقلات الدبلوماسية المعتادة، فشملته الى مدريد وشملتني الى بون، وقبل مغادرتنا الى العاصمتين المذكورتين تناولنا العشاء مع الزوجات بدعوة منه في احد مطاعم الكويت، وكأنما قصد توديعي للمرة الأخيرة. وبقينا نتواصل خلال عملنا في اوروبا، وكان رحمه الله يعمل تحت قيادة سفير دولة الكويت لدى اسبانيا، السفير والاستاذ المخضرم الفاضل محمد جاسم السداح أطال الله عمره.
كانت جماعة ابي نضال قد خططت لاغتيال اكثر من دبلوماسي كويتي منهم السفير محمد السداح، لكنه كان في اجازة في الكويت وكان المرحوم يمثله كقائم بالاعمال بالانابة، فترصد له احد ازلام ابي نضال – ظنا منه انه السفير – وأطلق عليه عدة عيارات من مسدسه بينما كان يركب السيارة الرسمية بعد انتهاء دوام السفارة. وفي التحقيق الذي اجرته معه السلطات الاسبانية اعترف قائلا: «كنا نريد اغتيال السفير». وكانت زوجة نجيب آنذاك حاملا بابنه محمد. وهكذا غادرنا نجيب مغدورا مخلفا زوجة وطفلين، وبقيت كل سنة اتذكر نجيب في هذا التاريخ بالذات، وهو صاحب الشخصية التي تجعلك تتذكرها في كل مناسبة.
وفي نفس الفترة نفذت جماعة ابي نضال عملية اغتيال ثانية بدبلوماسي كويتي اخر في دلهي، هو المرحوم مصطفى محمد المرزوق، ابن عائلة المرزوق الكريمة ودبلوماسي آخر من الطراز الاول، كما تعرض دبلوماسي ثالث السفير حاليا – الأخ حمد الجطيلي لمحاولة اغتيال مماثلة، لكن الله تعالى نجاه منها ولحقت به اصابة غير بسيطة.
نجيب الرفاعي ومصطفى المرزوق شهيدان من شهداء الوطن مثلا بلدنا الغالي في عدة مواقع ويجب الا ننساهما، واتمنى على وزارة الخارجية وكذلك على المهتمين بعملية التوثيق، كالأخ الصديق الدبلوماسي المتقاعد عادل عبدالمغني تسجيل وتوثيق حياة واستشهاد هذين الدبلوماسيين الكويتيين، شهيدي الوطن، رحمهما الله وجعل مثواهما جنة الخلد في مصف الشهداء الابرار.
من الكلام الاثير الذي يحضرني"سمن كلبك يأكلك"
و"اتق شر من أحسنت اليه"
"ومن يصنع المعروف في غير اهله. يكن حمده ذماً عليه ويندم"
،،،والى الان السياسة تحتم علينا ان نكون البقرة الحلوب فإلى متى هذا الخور منا،،،الله يرحم شهداؤنا الأبرار
وشكراً على الموضوع
نبذة عن جماعة أبو نضال (صبري البنا) الذين قاموا بالاغتيال السياسي:
صبري خليل البنا المشهور بأبو نضال (مايو1937 - 16 أغسطس2002). شخصية سياسية فلسطينية. أسس ما عرف باسم فتح-المجلس الثوري أو منظمة أبو نضال. حيث يقال أنه شارك في اغتيال العديد من السياسيين الفلسطينيين بالتنسيق مع المخابرات العراقية إبان حكم الرئيس العراقي صدام حسين. من أشهر الذين قام بتصفيتهم القائد العكسري (عايش عمر بدران)
ولد صبري في يافا لعائلة ميسورة، حيث كانت أمه من اصول علوية(خادمة عند أسرة والده) الذي استقدمها من اللاذقية، لم يكمل تعليمه وعمل كفني كهربائي. انضم إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وعينه أبو إياد عام 1968-1969 ممثلا لمنظمة التحرير في السودان ومن بعدها أصبح ممثلا للمنظمة في العراق. وفي عام 1974 انشق عن حركة فتح وأسس ما عرف باسم حركة فتح-المجلس الثوري، الجدير بالذكر أن محكمة تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية اصدرت حكما بالإعدام على أبي نضال. يذكر انه قد تصاعد الخلاف بينه وبين أعضاء اللجنه المركزيه في فتح في ذلك الوقت حول ما بداء يعرف بالقنوات التفاوضيه السريه التي كانت تجرى في أوروبا سرا" مع الكيان الصهونى والذي كان من أهم مخالفات النظام الأساسى في الحركه ما يتنافى مع حق الفلسطينيين في كامل التراب الفلسطينى وهى الماده الأولى من النظام ويتنافى مع ان الكفاح المسلح هو الخيار الاوحد في تحرير فلسطين "الماده الثانيه " تنقل أبو نضال بين العراقوسورياوليبياومصر، وقضى آخر أيامه في العراق، في صيف 2002 وجدت السلطات العراقية أبا نضال صريعا في شقته ببغداد، مؤكدة أنه مات منتحرا بعد أن أطلق على نفسه رصاصة واحدة اخترقت فمه وخرجت من موخرة رأسه.
بشكل عام تعدى عدد عمليات المنظمة المائة عملية، 16 أستهدفت مصالح إسرائيلية، و 15 إستهدفت مصالح عربية، و 69 استهدفت اشخاصا ومصالح فلسطينية، قامت المنظمة بتنفيذ عملياتها ضمن أكثر من عشرين دولة.
تعليق:
واضح أنها كانت جماعة تعمل مع الموساد لأن كل الذين تم اغتيالهم عرب رفضوا المصالحة، أما عمليات ضرب المصالح الاسرائيلية فمن باب التمويه فقط.
وكانت الكويت تحتضن منظمة التحرير فتح.