سيرة الحاكم الثامن الشيخ جابر بن مبارك الصباح (1915 -1917م)
بسم الله الرحمن الرحيم
سيرة المغفور له
الشيخ جابر بن مبارك الصباح
الحاكم الثامن
هو الشيخ جابر بن مبارك بن صباح بن جابر بن عبدالله الصباح الحاكم الثامن للكويت , تولى الحكم بعد وفاة والده الفارس الشجاع عام ( 1915م) وهو ولده الاكبر . الصديق الوفي لابن سعود الا ان حكمه جاء قصيرا فلم تعطي اي نتائج فيما يتعلق بالاوضاع الخطرة انذاك و خاصة بعد لجوء العجمان الى الكويت بعد وقعة الاحساء عام 1915م و الذي احتضنهم شقيقه الشيخ سالم المبارك , وكذلك النزاع القائم والمتوتر دائما و سريعا بين ابن سعود و الشريف حسين بن علي في الحجاز , وبيت ال رشيد في الجبل و حايل , وبرود موقف علاقاته مع الانجليز الذي اعلنوا و اعترفوا ان الشريف حسين بن علي ملكا على العرب , و هذه السياسة لم ترضي الشيخ جابر و ابن سعود . وكان رحمه الله صرح الحديث و عذب الكلام , ومقداما شجاعا ورقيق الطبع و عندما يرى الالم في غيره تخر الدموع من عينه بسرعة , يحب اهل الكويت ولا يتناساهم ولا يعرف قلبه الحقد . ورقم قصر مدته في الحكم فان حكمه حافل بالحوادث , وكانت الكويت اثناء حكمه انطلاقة ميدانية للكويت , و اخذت في نهوضها وسايرت العرب امجادهم , و بالرغم من جولاته وصولاته فقد تجاهلوا مؤرحو الكويت وتجاهلوا حوادثه و افعاله التاريخية .
توفاه الله عام 1917م ( رحمه الله).
المصادر: -تاريخ الكويت السياسي - حسين الشيخ خزعل - اركان الخليج العربي - عبدالله المزين
يعطيك العافية على المجهود المميز وأردت أن أضيف على الموضوع التالي :
تولي بعد وفاة والدة رحمه الله وكان حليما مع الشعب ولم تكن فترة حكمة طويلة عمل بعض الأمور جعلت الشعب يحبه والاحداث في عهدة كتالي:
1. أول عمل قام به إعفاء الشعب من ضريبة الثلث على العقارات.
2. مؤتمر الكويت لتوحيد العرب ضد الدولة العثمانية .
3. ملاقاته سعود بن عبدالعزيز الرشيد " حيث كان ينزل بالقرب من الجهراء ولما علم الأمير سعود بأن الشيخ جابر قادم لملاقاته رحل" .
الشيخ جابر المبارك الصباح
[ 1334 – 1336 هـ ] [ 1915 - 1917 م ]
كان حليما متسامحا ، سليم الصدر لا يعرف الحقد إلى قلبه سبيلا ، غرس محبته في قلوب قومه بدماثة خلقه ، ولطف بشاشته ، وان كان القدر لم يمهله طويلا ، حيث لم تمتد فترة حكمه ولكنه ما كاد يمسك بزمام الحكم حتى سعي إلى معاونة المحتاجين
ازدهرت الكويت في عهده بسبب ازدياد التجارة مع الشام حاملة لتلك المناطق مختلف البضائع التي كانوا في أمس الحاجة إليها، وقد كان لذلك أثر سلبي لدي الإنجليز، ولكن نظرا لاحترامهم للشيخ جابر فقد آثروا عدم اتخاذ إجراء ضده، رغم أن هذا يعد كسرا للحصار المضروب من أوروبا على الشام باعتبارها جزءاً من الدولة العثمانية
في عهده عقد بالكويت عام 1917م مؤتمر ضم السير بيرسى كوكس الحاكم العسكري البريطاني في العراق، والملك عبد العزيز آل سعود، والشيخ خزعل خان والشيخ جابر بن مبارك لتوحيد كلمة العرب تحت راية زعيم عربي ضد العثمانيين، ومن أقوال الشيخ جابر التي نالت استحسان الجميع: "نحن مسلمون، وإذا ما أجمع المسلمون على شخص فنحن له من الطائعين"
المرجع :منتدى أنا كويتي
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة حلوة الطلة ; 27-07-2008 الساعة 09:00 PM.
من سيرة ثامن حكام الكويت
الشيخ جابر المبارك الصباح
حكم الكويت على امتداد تاريخها ثلاثة شيوخ حملوا اسم (جابر)، وهم ذرية بعضها من بعض، وكان لهذا الاسم المأخوذ من معنى جميل هو (جبر الكسور والعثرات) نصيب من سيرة من حملوا اسمه،
فلو جئنا لجابر الأول لوجدناه حاكم الكويت الثالث جابر بن عبد الله بن صباح الأول الملقب بجابر العيش، والذي حكم الكويت بين عامي (1229 – 1276هـ)، وقد سطر معاصروه من شعراء وأعلام المدائح العميمة بكرمه وجوده منقطع النظير، وكان أن لقب بجابر (العيش) لما كان يفرشه في الأسواق من طعام للفقراء وأبناء السبيل.
كما يعد الشيخ جابر العيش واحدا من أبرز الشخصيات السياسية التي عاشت في القرن التاسع عشر الميلادي، فبحكمته وعلاقاته الطيبة بمعظم القوى الإقليمية والدولية في المنطقة استطاع أن يمنح الكويت دفعة قوية
لتحويل تلك البلدة الصغيرة إلى دولة مستقلة تتمتع باحترام الجميع، وهو بذلك يكون قد وضع لبنة أساسية في ما أكمله حفيده أسد الجزيرة الشيخ مبارك الصباح بعد ذلك.
وقال فيه الشاعر محمد بن مسلم:
إلى من جا العصر نادوا عبيده
هلّم الى العشا ياللي يريده
تزيد مروّته،الله يزيده
وفضل الله جزلٍ بالعطيّة
غفر زلاّت نفسه طيب خيمه
ونفسٍ في مساجيها كريمة
فتى يضحك إلى سوّى الوليمة
كأنّه معطيٍ فيها عطيّة
أما جابر الثالث، فهو أميرنا الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح... أمير القلوب، وحبيب الشعب الذي ذرفت الدموع يوم رحيله أنهاراً، وقد قلت عند رحيله:
دعها تبادرُ...،فالمسجّى (جابرٌ)
والصمت شجوٌ، والكلام رثاءُ
هذا المسجّى: طاب حيّاً.. ميّتا
ضمّته أرضٌ، فاحتوته سماءُ
هذا المسجّى، والقلوب تحفه:
وطنٌ تجسّد حين ضاق فضاءُ
هذا المسجّى: حكمةٌ وعدالةٌ
هذا المسجّى: رفعةٌ وإباء
هذا المسجّى: صفوةٌ من صفوةٍ
عِظَمٌ تصاغر دونه العظماء
وفي هذه الكتابة سوف نحاول إلقاء الضوء على أوسط هؤلاء الحكام، وهو الشيخ جابر الثاني، والذي كان له في تاريخ الكويت سيرة عطرة،
وفي قلوب الكويتيين ذكرى طيبة رغم قصر مدة حكمه، والتي لم تتجاوز الأربعة عشر شهراً إلا بأيام قليلة.
نشأته
الشيخ جابر المبارك حاكم الكويت الثامن هو أكبر أبناء مبارك الكبير حاكم الكويت السابع، والذي قفز ببلاده قفزات واسعة، وجعلها دولة مهابة تحرص الدول الكبرى على استرضائها،
وكسب مودتها، وكان رقماً صعباً بين معاصريه من حكام المنطقة، وعنصراً مؤثراً في الأحداث خارج نطاق بلاده الكويت. وكان الشيخ مبارك يكنى بابنه جابر، فهذا العوني يمدح الشيخ مبارك قائلاً:
مادام (ابوجابر) على العزّ والبقا
عنا ثقيلات الحمول ارتكى لها
الى احترك سبع القبايل تحركت
والى رسا ترسي رواسي جبالها
وتجدر الإشارة إلى أن الشيخ مبارك الصباح كان له ثمانية من الولد هم: (جابر – سالم – صباح - ناصر – فهد – حمد – سعود – عبد الله)، وقد توفى ثلاثة منهم في حياة أبيهم، ولا ذرية لهم،
وهم صباح الذي توفي في 20 يونيو 1906م، وقبله بشهر توفي أخوه فهد في 18 مايو 1906م، وتوفي سعود وهو طفل في الثانية من عمره كما كان للشيخ مبارك ست بنات هن: (شريفة – حصة – موضي – حبابة – موزة – عائشة)
أما والدة جابر، فهي الشيخة شيخة بنت دعيج بن جابر العيش الصباح ابنة عم أبيه. ويقدر مولد الشيخ جابر في العقد الواقع بين عامي 1860م و1870م،
وهو إلى التاريخ الأول أقرب لأن الرحالة الهندي كريتسجي الذي التقى به سنة 1916م يذكر أنه (رجل في الخمسين من عمره تقريباً أو أكثر من ذلك بقليل إلا أنه يبدو دون سنه الحقيقية).
قبل الحكم
وكان قائد الجيش الكويتي في السنوات الأخيرة من حكم أبيه، وكانت أول غزوة قادها على ما يبدو هي (جو.. لبن) سنة 1904م، وقاد كذلك جيش الكويت في معركة هدية سنة 1910م، وكان معه في الغزوتين الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية.
فترة حكمه
تولى الحكم بعد وفاة أبيه الشيخ مبارك الصباح في 28 نوفمبر 1915م (ليلة الحادي والعشرين من محرم سنة 1333هـ)، وعلى الرغم من قصر فترة حكمه إلا أنه قام بعدة أمور حببته إلى الشعب الكويتي،
فقام بإعفاء الشعب من ضريبة الثلث على العقارات التي كانت قد فرضت في فترة حكم أبيه الشيخ مبارك الصباح، وزاد الخير على الكويت خلال فترة حكمه بسبب ازدياد التجارة مع بلاد الشام حاملة لتلك المناطق مختلف البضائع التي كانوا في أمس الحاجة إليها،
وقد كان لذلك أثر سلبي لدي الإنجليز، ولكن نظرا لاحترامهم للشيخ جابر، فقد آثروا عدم اتخاذ إجراء ضده رغم أن هذا يعد كسراً للحصار المضروب من أوروبا على الشام باعتبارها جزءاً من الدولة العثمانية.
عقدت بريطانيا في سنة 1916م مؤتمراً في الكويت غرضه تطمين زعماء العرب بأنها ستفي بوعودها لتحقيق الوحدة العربية، ووجهت الدعوة لحضور هذا المؤتمر إلى أمير الأحواز (خزعل)، وجابر الصباح أمير الكويت، وعبد العزيز آل سعود أمير نجد،
وترأس المؤتمر السير برسي كوكس المستشار الخاص للحكومة البريطانية في شؤون الشرق الأوسط، وفي نهاية المؤتمر أرسل خزعل والشيخ جابر برقية إلى الشريف حسين في مكة جاء فيها (إن جل قصدنا من هذا الاجتماع هو دعم مسائل الأمة العربية) كما أرسل برقية إلى السير برسي كوكس جاء فيها (أن اجتماعنا في الكويت
كان يهدف إلى دعم مسائل الأمة العربية وصيانة حقوقها). وخلال فترة حكمه انعقد في الكويت سنة 1917م مؤتمر ضم السير بيرسي كوكس الحاكم العسكري البريطاني في العراق،
والملك عبد العزيز آل سعود، والشيخ خزعل خان بالإضافة إلى الشيخ جابر المبارك، ومن أقواله التي نالت إعجاب الجميع: (نحن مسلمون، وإذا ما أجمع المسلمون على شخص، فنحن له من الطائعين).
ومن الأحداث التي وقعت في حكمه قدوم أمير حائل قرب الجهراء دون إعلام الشيخ جابر الذي خشي أن يكون ابن رشيد قد قدم محارباً، فاستنفر الكويتيين، ونفروا معه، ولكن ابن رشيد لما علم بنفرة الكويتيين ابتعد عن الجهراء، وأرسل يخبر الشيخ جابر بأنه لم يجئ محارباً بل كانت الجهراء على طريقه، فمر بها.
زيارة كريستجي
نتوقف قليلاً مع رحلة الشاب الهندي كريستجي إلى الكويت التي وصلها عن طريق البحر بعد ظهر 21 سبتمبر 1916م (أي قبل وفاة الشيخ جابر بشهر ونصف)،
ونزل في ضيافة رجل من تجار الكويت الأثرياء يدعى عبد اللطيف (دون توضيح أكثر)، وفي اليوم التالي زار الرحالة الهندي قصر الحكم، والتقى بالشيخ جابر المبارك، وتعالوا نصحبه في وصف تفصيلي لتلك الزيارة.
يقول كريستجي:
(بعد أن أرسلنا إشعاراً بقدومنا سرنا على أقدامنا نحو قصر الحاكم، وهو عبارة عن مبنى ملتوي يتكون من عدة وحدات إنشائية، ويمتد فوق مساحة واسعة من الأرض،
وإذا كان هذا المبنى لا يتميز بطابع فخم، فهو يتميز بالتأكيد بمنظر رائع كما يبدو جميلاً من خلال شرفاته العديدة، وسطوحه المنبسطة، والمنظر العام الشامل الممتد، وبعد أن صعدنا على سلم خشبي خال من الزخرفة، ومتخلخل إلى حد ما لا يتلاءم مع وجوده في قصر دخلنا غرفة واسعة للانتظار مجاورة لقاعة مجلس الشيخ،
ولغرف المعيشة، وكانت الغرفة مزدحمة بثلة متنوعة من أتباع الشيخ وحرسه الشخصي كما يقف خارجها الحراس والعساكر الذين كانوا ينظرون إلينا شزراً بعيون مرعبة تواقة للقتال كما كانوا مدججين بتشكيلة متنوعة من الأسلحة كالبنادق بأنواعها الحديثة والقديمة،
وبعد أن مررنا بهؤلاء العساكر العرب الذين كانوا يتفرسون فينا ملياً تم إرشادنا نحو غرفة المجلس حيث قام صديقنا السيد عبد اللطيف بتقديمنا إلى حاكم الكويت،
فالغرفة التي يتداولها فيها الشيخ الرأي حول شؤون الدولة مع أعضاء مجلسه عبارة عن قاعة كبيرة واسعة رحبة ذات سقف مرتفع مزخرف على نحو غريب بنقوش بسيطة ملونة من الأشكال الجمالية الشهيرة المصقولة والمحفورة داخل أطر صغيرة مذهبة مربعة الشكل،
وقد أقيمت في صدر الغرفة التي تطل على المرفأ منصة وضع عليها كرسي كبير مذهب، ويصطف على جانبي القاعة عدد من الأرائك والمقاعد كما فرشت أرضية الغرفة بالسجاد الفاخر، وعلقت عند الجدار صورة ملونة مزينة لصاحب الجلالة الملك الإمبراطور جورج الخامس.
وكان الشيخ حاكم الكويت الذي يحمل وسام فارس إمبراطورية الهند من الدرجة الأولى جالساً على كرسي الحكم فوق المنصة، وقد استقبلنا بحفاوة بالغة،
ووقف مصافحاً لنا بيده، وأجلسنا إلى جانبه الأيسر على مقربة دانية من المنصة، وهو رجل في الخمسين من عمره تقريباً أو أكثر من ذلك بقليل إلا أنه يبدو دون سنه الحقيقية إذا يتمتع بمظهر حسن.
وتبدو سيماؤه كئيبة إلا أن تفصح عن ذكاء خارق، وهو لا يتحدث الإنكليزية أو الهندية، ولذا فقد كانت وسيلة التخاطب بيننا معطلة، وكانت القاعة غاصة بأعضاء مجلس الدولة،
ومعظمهم من الكهول الوقورين المبجلين ذوي النفوذ، وأحدهم سبق له أن زار بومباي، وهو يتحدث الهندية تقريباً، وبمساعدته ومساعدة ترجماننا السيد عبد اللطيف، وتبادلنا مع سموه محادثة قصيرة عادية دارت حول سفرنا،
وصحتنا، وحول الطقس، وحول بعض الموضوعات الأخرى العابرة، وقد قال لنا الشيخ أنه يعتزم زيارة بومباي عما قريب، وقد تطوعنا بالطبع بتقديم خدماتنا إليه لكي نجعله يشعر بالراحة أثناء زيارته لها، وبعد تقديم القهوة استأذنا بالانصراف).
وفي الهامش يكتب كريتسجي: (وقد توفي الشيخ الذي قابلناه بعد فترة قصيرة من زيارتنا له، والشيخ الحالي هو شقيق الحاكم المتوفى).
سماته
كان الشيخ جابر المبارك حليماً متسامحا لا يعرف الحقد أو البغض، واشتهر بتواضعه، وبعده عن الظلم حتى غرس محبته في قلوب شعبه بدماثة خلقه، ولطف بشاشته.
ويقول معاصره مؤرخ الكويت عبد العزيز الرشيد:
(كان جابر من الحلم بحيث يغضي عن كثير من الهفوات، ومن سلامة الصدر بحيث لا يعرف الحقد ولا البغض. تواضعه حببه إلى كثير من رعيته،
وبعده عن الظلم والجور رفعه في أعينهم إلى مستوى الإكبار. له من دماثة الأخلاق وطلاقة الوجه ما جذب إليه لقلوب النافرة، وأمال الأفئدة المعرضة إلى جانبه).
(كان حكم جابر على الكويتيين سعيداً، وأيامه مباركة انهالت فيها الأرباح الطائلة عليهم، وسيروا تجارتهم إلى الشاسع من الأمصار إلى نجد والحجاز،
وإلى الشام والعراق بل إلى الأستانة أيضاً. سارت إلى تلك الجهات في الوقت الذي ضرب فيه الحصار البحري على سوريا، فلا من الهند، ولا من أوربا يأتي إليها إلا نزر لا يسد الرمق،
وكان مع هذا يواسي ويسلي، ويعين ويعاضد، ويسعى السعي الحثيث على راحتهم، ويحوطهم بما كان يحوط نفسه وذويه. من جراء ذلك تعلق به الكويتيون تعلقهم بآبائهم المشفقين،
ولا غرو فإنهم لم يروا منه يوماً اغبرت فيه الوجوه، وثارت من وهجه العواطف. لم يروا منه إلا الشفقة والحنان والعطف والرحمة. ولقد ضجت الكويت بأسرها، وشق عويلها عنان السماء يوم نعي إليها ذلك الشيخ الجليل.. عويل محرق، وزفرات أججت النار في الفضاء، وعبرات سقت اليابس من الثرى. إن جابراً عاش سعيداً بين قومه، ومات حميداً).
وذكر الشيخ يوسف بن عيسى القناعي في كتابه (الملتقطات) حادثة عن الشيخ جابر المبارك الصباح : سمعت من المرحوم جابر المبارك يقول:
ضاق صدري في أحد الليالي الممطرة، وأرقت، فأخذت عصاي ولبست عباتي، ورحت إلى دخينة (ديوان عبد الله الفرح شاعر الكويت) ، فطرقت الباب، وفتح لي، وإذ ليس في الديوان غيره، فتلقاني بالبشرى، وبعد جلوسي اخذ العود، وأنشد قائلاً:
سرى يقطع الظلماء، والليل عاكف
حبيب بأوقات الزيارة عارفُ
ما راعني إلا السلام، وقوله
أيدخل محبوبا على الباب واقفُ
فسررت من إنشاده في هذه المناسبة).
ويضيف الشيخ يوسف على هذين البيتين، وبالقافية نفسها من نظمه:
فقلت له أهلا وسهلا ومرحبا
بمن زار في الظلماء والوبل واكفُ
أنست به حتى بدا الصبح ساطعا
وودعني والقلب مني واجفُ
وفاته
وقد توفي الشيخ جابر المبارك في الخامس من فبراير 1917م (13 ربيع الثاني 1335هـ) بعد مرض لم يمهله طويلاً، وعثرنا في أوراق المقيمية البريطانية في الكويت على رسائل كان يبعثها سكرتير الشيخ جابر الملا صالح للوكيل السياسي البريطاني هاملتن يخبره بآخر تطورات مرض الشيخ.
ففي 6 ربيع الثاني 1335هـ يكتب الملا صالح للوكيل هاملتن:
(حضرة الشيخ جابر اليوم صحته أطيب من أمس. أبو فهاق ينقطع مدة قليلة ويعود مدة قليلة ولكن أخف من أمس. أن شاء الله بكره يصير أطيب لا تكون في فكر. جناب الشيخ يخصكم بالسلام).
وفي 8 ربيع الثاني كتب:
(حضرة الشيخ صباحه اليوم بالنسبة لصحته بالأمس أحسن. فكره زين. بو فهاق ما قطع عنه يتردد عليه أهون من الأول. إن شاء الله يصير زين بالصحة والعافية).
وفي 11 ربيع الثاني كتب:
(حضرة الشيخ جابر أمس يوم الجمعة والبارحة ليلة السبت إلى ساعة تحرير كتابنا هذا ما جاته صخونة، وأمس يوم الجمعة كان متكلف من (لو فهاق) ولكن البارحة ليلة السبت والآن صار بو فهاق أهون من أمس فتر عنه بين كل ساعتين ثلاث يعاوده مرة مرتين ويفتر.
فكره اليوم أحسن من أمس قليل وهو نائم في منامه ما يصير متكلف ولا يشتهي الأكل فقط اليوم شرب حليب وسوداء استقر في جوفه ما جذف أمس آخر النهار كوى في رأسه وبلعومه عند التقرة وحضرة الشيخ بنفسه يقول أشوف نفسي أحسن من أمس وإذا ما عاد عليه بو فهاق اليوم يصير أشوا).
وفي 12 ربيع الثاني كتب:
(حضرة الشيخ جابر صحته اليوم مثل أمس ما صار فيه صخونة وفكره ما تغير لكن بو فهاق اليوم يتبين لي أنه أزيد من أمس قليل.اليوم الصبح شرب حليب وسوداء البارحة الساعة ثلاث جذف الحليب الذي شربه أمس وهو متأذي من بو فهاق ومن قلة القوت الله يفكه).
وفي 12 ربيع الثاني كتب:
(حضرة الشيخ جابر صحته الآن مثل ما رأيتموه. ما صار تغير في حاله إن شاء الله بكره يصير أحسن).
وفي 13 ربيع الثاني كتب:
(حضرة الشيخ جابر اليوم آخر النهار فتر عنه (الفهاق) ولكن لسانه صار ثقيل ما يقدر يتكلم مثل أمس واليوم الصبح
يتكلف من نفسه الله يفكه). وفي 13 ربيع الثاني كتب:
(حضرة الشيخ جابر صحته اليوم أحسن من أمس البارحة نام زين والفهاق ما عاد عليه والحرارة التي كانت معه بالجوف هانت واليوم فكره شوي أحسن من أمس فقط صاير كسلان واجد من قلة القوة والصبح شرب حليب وطلب شوربة يسوون له للغدا أنا أشوف اليوم باله أحسن من أمس).
بعد ذلك يكتب هاملتون في 6 فبراير 1917م ملاحظة: (الصاحب أرسل لي الساعة العاشرة والنصف عربي (الثالثة والنصف عصراً) يسأل هل الشيخ جابر توفي قلت نعم، فقال من الشيخ الآن، فقلت سالم).
كما أرسل هاملتون إلى عبد العزيز في 14 ربيع الآخر 1335 (6 فبراير 1917) يعزيه بوفاة الشيخ جابر، ويخبره بتولي الشيخ سالم.
هذا وقد أعقب الشيخ جابر ولدين هما:
(الشيخ أحمد الحاكم العاشر للكويت، والشيخ حمود)، وابنة واحدة هي الشيخة مريم الجابر الصباح التي تزوجها ابن عمها الشيخ عبد الله السالم حاكم الكويت الحادي عشر.
جريدة عالم اليوم 12/8/2007م
__________________
ومنطقي العذب للألباب مستلبٌ *** ومبسمي نضَّ فيه الدر والنضرُ
لازم منادمتي وافهـم مناظرتي *** واسمع مكالمتي يفشو لك الخبرُ