03-09-2009, 11:16 AM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2009
المشاركات: 1
|
|
فلنرجع للتاريخ لمعرفة الحقيقة
كاتب صحفي كويتي متخصص بالشأن النيابي الكويتي والعربي خريج جامعة الكويت كلية الآداب قسم التاريخ وحاصل على الماجستير بامتياز والآن يكمل الدكتوراه في جامعة القاهرة حيث أنه كاتب في جريدة الشاهد يقدم صفحة تاريخية كل سبت من كل أسبوع جرأة في الطرح والموضوعية بمنهجية رائعة هذا باختصار ما اعرفه عن الكاتب,وننوه لحضراتكم انه في طريقه لاصدار كتاب جديد عن الحياة النيابية وتاريخ الكويت ونتمنى ان ينال اعجابكم في القريب العاجل ان شاء الله وإليكم موضوعاً شدني عن تاريخ الكويت ويتحدث عن :
رحلة بحث عن الحقيقة في* الوثائق وصفحات التاريخ بقلم: عايد الجريد
إيمانه بالدستور تجلى في* كل مراحل حياته
الشيخ عبدالله السالم*.. أبو الكويت ومؤسس الدولة الحديثة
انطلاقاً* من ايماننا بأهمية الفترة التي* جاءت بعد الشيخ أحمد الجابر الصباح وتولية الشيخ عبد الله السالم لزم علينا أن نقف أمام هذه الشخصية كرجل قبل أن* يكون حاكماً* وما احتوته هذه الشخصية من خصال أهلتها للنجاح كرجل وكحاكم زرع في* قلوب أهل الكويت محبةً* باقية عندهم وعند الدول الأخرى،* ومن ثم نتناول دوره في* ظهور الدستور*.
فما* يذكره المؤرخون عنه ما ذكره عبد العزيز الرشيد في* كتابه تاريخ الكويت عن الأمير الراحل عبد الله السالم اذ* يقول*: أي* حديث* يسرك أيها القارئ عن هذا الأمر الخطير،* أحديث أخلاقه وهي* كالشمس المنيرة في* الفضاء*: سخاء،* وكرم،* وحلم وعقل،* ومباسطة للجليس بما* يؤنسه،* وأخذ بعضد الضعيف المظلوم،* وتعطف على الأقارب والأصحاب،* وبذل في* سبيل العلوم والمعارف،* ويحادث كل زائر بما هو في* دائرة عمله،* فمع التاجر بما* يلذ له من أخبار التجارة،* ومع السياسي* بما ارتاح اليه من أخبار الدول وأحوالها،* بنظرات صائبة،* وآراء صادقة*.
ومن الجدير بالذكر أن نذكر ما التصق به من الألقاب التي* ان دلت فانما تدل على سيرة ذلك الحاكم الطيبة،* ومما ذكرته المصادر كتاب*» الشيخ عبد الله السالم انسانا* ..ورجل دولة*«،* للدكتور احمد البغدادي* الآتي*: من الألقاب التي* أطلقها أهل الكويت على المرحوم عبد الله السالم لقب* »أبو الكويت*« ولا خلاف أن المقصود بذلك كونه* -رحمه الله*- مؤسس دولة الكويت الحديثة،* لكن ما فات على الكويتيين ملاحظته أن الشيخ عبد الله السالم كان أب كل طفل كويتي* حرمته الظروف من حنان وعطف ورعاية الأبوة،* قبل توليه الحكم باثني* عشر عاما،* وذلك حين أصبح مديرا لدائرة الأيتام التي* أنشئت في* عهد المرحوم الشيخ أحمد الجابر الصباح*.
ومما لاشك فيه أن هذا الحاكم كان له الكثير من المواقف العربية التي* تعبر عن شخصيته العربية أوضح تعبير وإليك بعضاً* من المواقف التي* تحدث عنها الكتاب في* كتبهم ومنه ما ذكره د.أحمد البغدادي* في* كتابه*» الشيخ عبد الله السالم انسانا*.. ورجل دولة*«،* أن من كلماته في* عالم العروبة،* التي* وجهها عام* 1962م في* المؤتمر الاعلامي* العربي*: »لا تقولوا هذا مصري،* وذلك لبناني* والآخر سعودي* أو عراقي* أو كويتي* أو سوري* انما نحن عرب وان حبنا لبعضنا البعض فيه التضامن والوفاق والنصر المرتجى*..«.
لقد سن الشيخ عبد الله السالم سنة حسنة له ثوابها وثواب من عمل بها الى* يوم الدين حين أخذت الكويت تستقبل الطلبة العرب* ،* ثم امتد نطاق الرعاية ليشمل الطلبة المسلمين،* في* بعثات رسمية لاتاحة الفرصة لهم لاكمال تعليمهم وكفالتهم معيشياً*.
أما عن مساندته للاصلاحيين في* مواجهة أي* فساد أو اصلاح،* حيث إنه كان* يستمع للاصلاحيين ويؤيدهم وما* يؤكد لنا ذلك قول د.احمد الخطيب*: إن البريد كان* يخضع لادارة شركة انكليزية تقيم علاقات بريدية مع اسرائيل وتوزع البريد الاسرائيلي* في* الكويت،* فقمنا في* لجنة* »كل مواطن خفير*« بحملة منظمة ضد الشركة فكنا نصور الرسائل التي* تصل،* الى الكويت من اسرائيل ونشرها في* صحيفتنا دون أن* يمنعنا أحد من ذلك،* وكان في* كل ذلك مشجعاً* لنا بالاستمرار في* الحملة الصحافية وتصعيدها،* عندما استدعى عبد الله السالم القنصل الانجليزي* وقال له ما* يلي*: أنتم أصدقاء لاسرائيل ولا تستطيعون أن تمنعوا هذه الرسائل،* وهذا* يحرجني* أمام شعبي* فإذا أممت الشركة ومنعت هذه الرسائل الاسرائيلية رفعت عنكم الحرج وهكذا تم تأميم البريد بطريقة سليمة وهادئة جاءت بتوزيع الأدوار بيننا هذا ما أخبرني* به عبد الله السالم بعد نجاح تأميم البريد*.
فمما سبق* يتضح لنا أن ما كان* ينشده الاصلاحيون من خلال طرحهم في* الصحف لمواجهة الشركة الانكليزية التي* من خلالها* يوزع البريد الاسرائيلي* في* الكويت،* هذا أن دل فانما* يدل على أن الشيخ عبد الله السالم* يؤمن ايماناً* كبيراً* بدور الاصلاحيين الذين* يكشفون له ويساعدونه على كشف ما كان لا* يعلم عنه ولم* يكن مكشوفا أو ظاهرا*.
ويذكر لنا أيضا د.احمد البغدادي* أن من المواقف العربية التي* يذكرها التاريخ للشيخ عبد الله السالم ما قدمه من رعاية شملت الفلسطينيين والأردنيين،
* وتشير المصادر الى الموقف القومي* المتميز للشيخ عبد الله السالم حين كان أول من أصدر مرسوما أميريا* يوم* 26مايو* 1957م* يمنع بموجبه استيراد البضائع الاسرائيلية كافةً* مهما كان مصدرها ويعاقب من* يخالف ذلك بمصادرة البضائع المستوردة وبأشد العقوبات التي* تفرضها المراجع المختصة*.
ويذكر البغدادي* ايضاً* عن مواقف الشيخ عبد الله السالم الخليجية والعربية*: اقترح عبد الله السالم على حكومته آنذاك ارسال بعثة خاصة الى الامارات العربية لتتعرف على احتياجاتها من الخدمات الطبية وكانت نتيجة ذلك قرار الكويت انشاء عيادات طبية كاملة بمثابة وحدات مركزية في* كل امارة كما أمر بإنشاء* 37* مدرسة في* الامارات ولجميع المراحل وتزويدها بالمعلمين والمعلمات والموظفين والكتب وكسوة كاملةً* سنوياً* ووجبة خفيفة من الطعام* يومياً* لجميع التلاميذ*.
ويضيف الى جانب هذا لم* ينس عبد الله السالم ما كان* يجري* على أرض الجزائر وهي* بداية الاستقلال حين قرر ارسال البعثة الطبية عام* 1962م والمزودة بكل الاحتياجات الطبية بما فيها المستشفيات المتنقلة وقد كانت البعثة حينذاك حديث العالم العربي*.
وفي* اليمن أنشأت الكويت المدارس والمستشفيات وتبرع من ماله الخاص لبناء مكتبة عامة في* صنعاء ومسجد في* تعز وآخر في* الحديدة وفي* الهند وباكستان أنشأت الكويت بتوجيهات من المرحوم الشيخ عبد الله السالم مدارس،* أما في* مصر فيذكر التاريخ مسجد منشية البكري* الذي* دفن فيه المرحوم جمال عبد الناصر فقد كان عبد الله السالم في* طريقه للمشاركة في* المؤتمر الاسلامي* للملوك والرؤساء في* يناير* 1964م وقد لا حظ وهو في* طريقه من المطار الى قصر القبة أن مسجداً* ضخماً* بمنشية البكري* قامت قوائمه وأعمدته دون تكملة البناء،* فلما عاد الى القاهرة في* أكتوبر من العام ذاته للمشاركة في* مؤتمر عدم الانحياز وجد المسجد على حاله التي* كان عليها،* فسأل*: لماذا لم* يكتمل بناء المسجد؟ فقيل له*: ان المسجد بحاجة الى المال لأن التبرعات الشعبية لم تكف لتكملة البناء فما كان الا أن تبرع من ماله الخاص لاكمال المسجد*.
وبعد الحديث عن الشيخ عبد الله السالم وما تميزت به شخصيته من خلال أقوال الكتاب عنها وما اتصفت به من صفات ننتقل الآن الى جانب ادارة الدولة من الناحية السياسية في* فترة حكمه حتى قيام مجلس الأمة*.
نظام الدوائر*
فمن خلال ما سأقدمه قبل الدخول في* ظهور الدستور هو كيف كان نظام الدولة كسلطة تشريعية وتنفيذية في* خمسينات القرن العشرين عندما تولى الحكم الشيخ عبد الله السالم فيذكر لنا د*. قدري* قلعجي* في* كتابه»النظام السياسي* والاقتصادي* في* دولة الكويت نظام الدوائر*«.
لقد كان الحاكم رأس السلطتين التشريعية والتنفيذية،* فأنشئت الى جانبه هيئات تساعده في* الادارة والحكم،* وهذه الهيئات هي*:
1*- المجلس الأعلى*: وعدد أعضائه ثمانية،* وهم من أفراد الأسرة الحاكمة،* ومهامه توجيه سير الأعمال العليا لامارة الكويت،* والموافقة على الميزانية،* وتقديم المقترحات للحاكم*.
2*- اللجنة التنظيمية*: وعدد أعضائها عشرة،* سبعة منهم من وجوه الكويت ورجالاتها البارزين،* وثلاثة من أعضاء المجلس الأعلى،* ومهمتها العمل على تطوير الجهاز الاداري* وتقديم الدراسات حول ذلك*.
3*- الدوائر الحكومية*: وهي* بمثابة الوزارات وهدفها تسيير الأمور العامة،* وقد مارست مهمتها من سنة* 1954م الى سنة* 1962م* »كان* يرأس أهم عشر دوائر منها شخص من عائلة الصباح،* وكان رؤساء الدوائر هؤلاء* يكونون المجلس الأعلى الذي* كان* يجتمع مع الحاكم بصورة منتظمة،* وكان لكل دائرة مدير عام ووكيل هما أعلى سلطة بعد الرئيس الذي* كان* ينتقيهم*«.
وفي* فترة تطبيق نظام الدوائر رئي* أنه* يوجد في* بعض هذه الدوائر الى جوار رئيس الدائرة مجلس منتخب انتخاباً* محدوداً،* وبالفعل تمت انتخابات مجلس المعارف والبلدية والصحة والأوقاف،* وكان كل مجلس* يشكل من اثني* عشر عضواً*.
وفي* 19* يوليه* 1954م صدر قانون بتشكيل لجنة عليا لوضع سياسة موحدة للاصلاح الداخلي* وتنظيم دوائر الحكومة،* وانتهت اللجنة الى ايجاد إحدى وعشرين دائرة ومصلحة تتولى الأمور والمرافق العامة*.
* وفي* عام* 1957م جرت محاولة جديدة لاجراء انتخابات لايجاد مجلس نيابي* قريب الشبه بالمجالس البلدية،* ولكن المحاولة لم تأت بما كان مرجوا منها*.
ومن خلال قراءتنا لنظام الدوائر* يتبين لنا أن المجلس الأعلى كان بمثابة مجلس* يقدم الاقتراحات والدراسات التي* تساعد الحاكم في* اتخاذ القرارات،* وأنه بنفس الوقت* يمثل الهيئة التنفيذية،* وأيضاً* نجد أنه في* بداية تطبيق نظام الدوائر كانت هناك مجالس منتخبة في* كل دائرة وأن هذه المجالس ما جاءت الا بعد مطالبات للمشاركة من خلال الشعب في* الاصلاح،* أدت هذه المطالبات في* المستقبل الى ان تكون من الأسباب المهمة في* قيام مجلس تشريعي* وهو مجلس الأمة الذي* سوف نتطرق من خلال هذه الدراسة الى الأسباب التي* أدت الى قيامه*.
دور الشيخ عبد الله السالم في* ظهور الدستور*:
الدور الذي* لعبه الشيخ عبد الله السالم في* رئاسة المجلس التشريعي* في* 1938م و1939م ورغبته في* دعم هذا المجلس ما هي* الا دلالة على حبه للمشاركة الشعبية ودعمها،* وهذا ما جعله في* المستقبل* يدعم وجود مجلس تشريعي* وهو مجلس الأمة،* رغم أن القرار جاء بعد اثني* عشر عاماً* من توليه الحكم حيث انه كان* يرى أن هذا التأخير كان لتهيئة الشعب ثقافياً* والدولة اقتصاديا لخوض هذه التجربة،* وتضاف الى هذا أسباب أخرى أدت الى وجود مجلس الأمة سوف نتناولها*.
يقول د.أحمد البغدادي*: مما عرف به الشيخ تأييده لكل ما قام به المجلس التشريعي* من اصلاحات ادارية واقتصادية وقضائية،* بل ووقوفه مع أعضاء المجلس ضد رغبات بريطانيا خاصة في* مجال العلاقات الخارجية التي* اعتقدت بريطانيا أنها ضمن اختصاصها،* وكانت بريطانيا تتهم الشيخ عبد الله السالم بأنه وراء ذلك كله،* وبرأي* الوكيل السياسي* البريطاني* آنذاك أن عبد الله السالم لديه دائرة معارف عربية لا شك أنه* يرجع اليها فترشده ولم* يستوعب الوكيل حقيقة ايمان المرحوم بأهمية دور الشعب في* أن* يكون له الكلمة النهائية في* شؤونه العامة،* حتى أنه اقترح تسمية المجلس التشريعي* لعام* 1938م بمجلس الأمة التشريعي* ايمانا منه بأهمية دور الشعب في* صناعة القرار السياسي*.
ونجد أن هذه المشاركة والتي* تمثلت بمجلس الأمة لم تأت في* بداية حكمه وانما جاءت بعد فترة،* فيقول د.أحمد البغدادي* عن هذا التأخير الذي* جعل عبد الله السالم* يؤخر وجود مجلس تشريعي* لسبب ان أحد الأسباب التي* أخرت قيام المجلس التشريعي* أن الشيخ عبد الله السالم اختار أسلوب التدرج والتهيئة لمثل هذه الخطوة وذلك من خلال اقدامه على تنمية المجتمع اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا*.
ويشير د.أحمد الخطيب أن عام* 1952م شهد تطوراً* نوعياً* في* الحياة السياسية في* الكويت،* فمنذ تولي* عبد الله السالم الحكم* 1950م سعى الى اجراء انتخابات للمجالس النوعية*.
ومن الأدوار التي* لعبها الشيخ عبد الله السالم على تنمية المجتمع والتي* تؤكد ما سبق ذكره عن سبب تأخيره لقيام مجلس الأمة خاصةً* ان المجلس جاء بعد ثلاثة عشر عاماً* من حكمه،* فالدكتور*.غانم النجار* يذكر في* كتابه مدخل للتطور السياسي* أنه بدأ في* اقرار مبدأ الانتخابات قيام مجالس تدير الشؤون المحلية منذ بداية توليه السلطة حيث أجريت الانتخابات للبلدية والمعارف في* 25* نوفمبر1951م وللصحة والأوقاف* 1* ديسمبر1951م وكان الأسلوب الاجرائي* بالنسبة للانتخابات في* سنة* 1951م حيث كان* يتم اختيار لجنة من عشرة أشخاص من ذوي* السمعة والمقام الطيبين ويقوم باختيار اللجنة الشيخ عبد الله الجابر رئيس المحاكم،* ويشترط فيهم ان* يكونوا من رعايا الكويت،* وتقوم اللجنة باختيار الذين لهم حق الانتخاب* (1000* ناخب تقريبا*) ويشترط فيهم أن* يكونوا من المطلعين على الأمور الثقافية والتطورات السياسية محلياً* وعربياً* وعالمياً* ويتم اخبار هؤلاء الناخبين بأن عليهم أن* ينتخبوا* 12* عضوا لكل المجالس المذكورة أعلاه على ان* يتم ذلك في* حدود زمن معين ولا* يجوز لعضو مجلس منتخب أن* يجمع بين عضوية مجلسين كما* يجب ألا* يقل عمره عن* 30* سنة،* كما* يجب عليه أن* يكون من رعايا الكويت ولم* يدن بجريمة مخلة بالشرف أو الأمانة أو* يودع بالسجن لأي* فترة زمنية مهما قصرت وعند اعلان نتائج انتخابات مجلس ما فان الأعضاء الفائزين* يقومون من بينهم بانتخابات مدير للدائرة عن طريق الاقتراع السري*.
ومن الأمثلة التي* تدل على ايمانه بالمشاركة الشعبية،* يضيف د*.غانم النجار،* أنه في* هذه الفترة وبعد أن بدأت مرحلة اعمار البلد مع تدفق أموال النفط برزت مشكلة المياه في* الكويت،* وقد جرت مفاوضات مع العراق أسفرت عن اعداد مشروع اتفاقية لجلب المياه من شط العرب،* مئة مليون* غالون* يومياً* مقابل تأجير ميناء أم قصر الكويتي* للعراق،* وسميت الاتفاقية باتفاقية أم قصر،* خلاصتها أن تستأجر الكويت الأراضي* العراقية التي* يمر بها أنبوب الماء بمبلغ* دينار واحد سنوياً* ولمدة* 99* عاماً،* ويستأجر العراق ميناء أم قصر لمدة* 99* عاماً* بدينار واحد سنوياً* وكلف الشيخ عبد الله السالم الشيخ* يوسف بن عيسى بدعوة مجموعة من الشخصيات الكويتية لأخذ رأيها في* الاتفاقية،* اجتمعت هذه المجموعة بمدرسة الصديق في* منطقة أم صدة داخل الكويت وبحثوا الاتفاقية وكانت النتيجة أن صوتت الأغلبية لصالح الاتفاقية بعدها اجتمع المجلس الأعلى واصدر قراراً* برفض الاتفاقية وقرر بدلاً* عنها التوسع في* انشاء محطات التقطير مدعياً* أن تلك هي* رغبة الشعب*.
وهناك مثال آخر* يعطي* دلالة واضحة على ايمان الشيخ عبد الله السالم بالمشاركة الشعبية* يذكره د.احمد الخطيب*: أنه في* محاضر جلسات مجلس العموم البريطاني* نجد ما* يؤكد التفاهم بين الحكومة البريطانية والمعارضة،* ففي* مجلس جلسة العموم البريطاني* بتاريخ* 18يونيو1961م أثار السيد* Mr.Brochway* في* بند الأسئلة أهمية الديمقراطية في* الكويت،* فأجابه مستر هيث* Mr.Heath* رئيس مجلس الوزراء بأن الأمير بدأ باتخاذ بعض الخطوات في* هذا الاتجاه ونحن نشجعه على ذلك،* فيقول د.أحمد الخطيب*: فالاستقلال والدستور جاء بسبب الوضع الشعبي* المطالب بالاستقلال والمشاركة في* الحكم*.
ومن الأهمية بمكان أن نذكر ذلك الموقف المهم والذي* جاء في* الفصل التشريعي* الأول حيث الأزمة التي* أثيرت بين النواب والحكومة حول المادة* 131* وقراره الدال على حرصه على تدعيم الدور الفعال للمجلس منذ نشأته الأولى*.
ود احمد البغدادي* يقول ان ايمان الشيخ عبد الله السالم بالمشاركة في* الحكم قد تجلى في* أوضح صورة من خلال معالجته للأزمة الدستورية التي* أثيرت عام* 1964م*- 1965م تجاه التشكيل الوزاري* الذي* تم في* ديسمبر عام* 1964م حين صدر الأمر الأميري* يوم30* نوفمبر1964م بتعيين الشيخ صباح السالم رئيساً* لمجلس الوزراء،* حيث قام بتشكيل وزارته التي* صدر مرسوم بإقرارها بتاريخ* 6* ديسمبر1964م لكن حدث أن اعترضت أغلبية المجلس النيابي* بحجة أن التشكيل الوزاري* يتعارض مع المادة* (131*) من الدستور التي* تنص على عدم جواز الجمع بين المنصب الوزاري* والعمل التجاري* حيث إن التشكيل كان* يضم بعض العناصر من التجار وكان الشيخ عبد الله السالم في* رحلة راحة واستجمام خارج الكويت على الرغم من عدم وضوح هذه المخالفة الدستورية،* الا أن الشيخ عبد الله السالم أثر تدعيم التجربة الدستورية الناشئة وأن* يكون للحكم الدستوري* قيمته المعنوية وفاعليته،* وبموجب الدستور* يعد الأمير حكما في* أي* نزاع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية حال اعلان* (عدم امكانية التعاون*) من أحد الجانبين وبناء على ذلك* يحق للأمير أن* يحل البرلمان ويدعو الى انتخابات جديدة أو* يحل الوزارة لكنه اثر قبول استقالة رئيس الوزراء وتكليفه بتشكيل وزارة جديدة تدعيماً* منه للمسيرة الديمقراطية في* المجتمع*.
ويؤكد لنا ما سبق علي* الرضوان أمين عام المجلس التأسيسي* في* أحد لقاءاته الصحافية حيث* يقول*: صاحب الفضل الأساسي* في* ظهور الدستور هو المرحوم عبد الله السالم فلولا وجوده،* ودعمه الحركة الشعبية في* ذلك الوقت بقيادة د.أحمد الخطيب،* ما كان* يمكن أن* يكون للدستور نظام وتنظيم*.
ويؤكد عضو المجلس التأسيسي* وعضو لجنة الدستور* يعقوب الحميضي* الدور الذي* لعبه الشيخ عبد الله السالم في* ظهور الدستور حيث قال في* أحد لقاءاته الصحفية*: كان للشيخ عبد الله السالم دور كبير في* تجاوبه معنا حيث انه صاحب الفكرة والمتحمس لها بالاضافة الى الضغوطات من مختلف التجمعات التي* كانت موجودة في* ذلك الوقت وكما تعلم أن تاريخ الكويت* يزخر بتجارب المشاركة الشعبية بشكل أو بآخر ولكنها كانت تتطور وحتى حينما كانت تتوقف* يكون مؤقتاً* حيث أنها كانت تعود مرة أخرى*.
فالذي* يؤكد لنا دوره هي* كلمة افتتاح المجلس التأسيسي* حيث كان عنوان مجلة الكويتي* والتي* تصدرها شركة نفط الكويت فكان* يوم السبت الموافق العشرين من* يناير* 1962م* يوماً* مشهوداً* في* تاريخ الكويت،* فقد حدد لافتتاح المجلس التأسيسي* لدولة الكويت الفتية،* وقد تجمع الناس منذ الصباح الباكر،* والبشر* يعلو وجوههم والفرحة تعمر قلوبهم بالقرب من مبنى البلدية الجديد في* أنتظار حضرة صاحب السمو أمير دولة الكويت المعظم لأفتتاح المجلس*.
لقد كانت لحظة تاريخية مفعمه بأنبل العواطف*. وظل جميع من في* القاعة وقوفاً* بينما راح سمو أمير دولة الكويت المعظم* يلقي* خطابه التاريخي* التالي*:-
حضرات الأعضاء المحترمين*
السلام عليكم ورحمة وبركاته*.
*»باسم الله العلي* القدير نفتتح الآن أعمال المجلس التأسيسي* لدولة الكويت المستقلة،* هذا المجلس الذي* تقع على عاتقه مهمة وضع أساس الحكم في* المستقبل*....«.
وعند تقديم مشروع الدستور الى سمو الأمير المعظم المغفور له الشيخ عبد الله السالم الصباح كانت كلمة تدل أيضاً* على هذا الحرص الكبير للمشاركة الشعبية حيث قال*:
أبنائي* الأعزاء*:
نحمد الله العلي* القدير الذي* حقق لنا في* هذه المرحلة التاريخية من حياة شعبنا العزيز أمنيتنا في* وضع دستور للبلاد* يقوم على أسس ديمقراطية سليمة ويتفق وتقاليدنا ويتجاوب وآمال أمتنا،* نحن نبارك اليوم هذه الخطوة ونصدر الدستور نشكر لكم جميعا ما بذلتم من جهود مخلصة وما أظهرتم من روح الأخوة الصادقة أثناء عملكم والله نسأل أن* يسدد خطانا ويوفقنا لما فيه الخير والصلاح*.
اذ كل ذلك* يؤكد أن الشيخ عبد الله السالم كان الداعم الحقيقي* لوجود دستور* يعطي* الأمة حقها في* التشريع والمشاركة هو عندما قامت لجنة الدستور بعرض مسودة الدستور على الشيخ عبد الله السالم الذي* أعتمده دون تعديل*.
|