الوطـــن ... عـــزيـــز
نشأة جريدة الوطن
تاريخ نشأة هذه الجريدة صار بعيدا جدا يرجع إلى سنة 1962م ولأن الشكل الذي تصدر به في وقتنا الحالي مختلف تماما عن الشكل القديم وذلك لاختلاف الظروف وتوافر الامكانات المادية والتقنية وما توفره ثورة المعلومات.
إذ إننا نرى أن الأعداد التي تصدر في هذه الأيام من جريدة «الوطن» تعانق الجرائد العالمية من حيث الصنعة الصحافية ومن حيث تلبية حاجات القراء وامدادهم بكل ما يخطر ببالهم من معلومات سواء أكانت عما يجري في الداخل أم ما هو جار في الخارج، إضافة إلى متابعة قديرة للأحداث في كل مكان ولاسيما في الكويت.
أنشأ جريدة «الوطن» الأستاذ أحمد العامر في السنة التي أشرنا إليها وكان هو رئيس تحريرها إلى أن تنازل عنها بالبيع فتعاقب عليها عدد من رؤساء التحرير
وحين تأسست شركة «دار الوطن للصحافة والطباعة والنشر» بدأت الجريدة في مسيرتها الجديدة وآخر من تولى رئاسة تحريرها هو الشيخ خليفة العلي الخليفة الصباح الذي بذل فيها جهدا كبيرا وسعى إلى تطويرها بصورة مستمرة حتى وصلت إلى ما وصلت إليه وإن كان طموحه يدفع به إلى المزيد من التطوير، والحرص على إبراز جريدته في أحسن صورة وأبهاها.
ومن الجدير بنا ذكره هنا أن شركة «الوطن» قد نوعت منتجاتها فهي إضافة إلى الجريدة تصدر عددا من المطبوعات المهمة منها مجلة «سمرة» ومجلة «نيوزويك العربية» ومجلة «الوطن الممتاز» ومجلة «أوتو تريد» وغيرها.
إضافة إلى صرح مهم من صروح الإعلام المرئي في الكويت هو جهاز «تلفزيون الوطن» الذي صارت له مكانة عند الناس وإقبال المشاهدين الكبير عليه دليل على ذلك.
أما عنوان هذا المقال فهو الهتاف الذي أطلقته أجهزة الدعاية عند الصدور الثاني لجريدة «الوطن» وصار يومها ملفتا للسمع والبصر.
وجريدة «الوطن» بعد التقدم الهائل في العمل الصحافي وبعد تطور فنون الطباعة والإخراج وبعد تغير النظرة الى الصحافة من حيث أهميتها في الإعلام والتوعية والتنبيه الى الأخطاء وفتح الطريق السليم أمام الراغبين في التقدم ومن يطلع على هذه الأعداد الأربعة يعرف كيف أن جريدة «الوطن» كغيرها من الصحف الكويتية اليومية قد انطلقت انطلاقة قوية وأصبحت علامة بارزة في مسيرة وطننا وانتشرت في عدد آخر من البلدان وذلك بفضل الرجال القائمين عليها، وبفضل تفهمهم للرسالة الصحافية الحقة.
أعرض هنا أولاً بيانات بعض الأعداد وهي كما يلي:
1- العدد الرابع عشر من السنة الأولى الصادر في 8/9/1962م
2- العدد السابع والعشرون من السنة الثانية الصادر في 16/12/1963
3- ورقة فقط من العدد الصادر في 17/7/1967م لا تظهر عليه بيانات رقم العدد
والآن أصبح طريقنا الى موضوع هذا المقال واضحاً إذ سنستعرض هذه الأعداد لنعرف المستوى الذي كانت عليه صحافة الكويت في الستينيات من القرن الماضي ثم لنعرف بعض المعلومات التاريخية عن تلك الفترة.
يُرى في أعلى الصفحة الأولى عنوان يدل على خبر مهم هو: «كويتي وقبطان ألماني يخترعان جهازاً جديداً للحفر وتطهير أعماق البحر» وفي صدر الصفحة حديث مبتور عن هذا الاختراع مع صورة تجمع الرجلين. وهو حديث مبتور لأن بقيته في الصفحة الثالثة المفقودة من هذا العدد، ولا أعرف مصير هذا الاختراع، ولعل الأخ الكويتي المشارك للقبطان الألماني يقرأ هذا الكلام ثم يدلنا على المعلومات الكاملة بما في ذلك ما آل اليه أمر الجهاز المنوه عنه في الجريدة.
هذا وتلا ذلك عدة أخبار منوعة من النوع الذي يجري يوميا مما لا يوجب رصده هنا.
عدد «الوطن» الثاني من المجموعة التي أشرنا إليها سلفا كان هو رقم (27) الصادر في اليوم السادس عشر من شهر ديسمبر لسنة 1963م.
احتفل هذا العدد بالذكرى الثانية لجلوس حاكم البحرين الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، وأفردت الجريدة مجالا واسعا لهذه المناسبة مع ذكر البرقيتين المتبادلتين بين الشيخ عبدالله السالم والشيخ عيسى بن سلمان بهذه المناسبة.
وفي الصفحة الأولى عدة أخبار عالمية وعربية منها نبأ زيارة بورقيبة لمصر وزيارة الرئيس الصيني لها.
ويحتوي هذا العدد على مجموعة من الأخبار ذات الصفة المحلية منها وصول وفد جزائري إلى البلاد ليقدم رسالة إلى الشيخ عبدالله السالم الصباح تتعلق بالخلاف الناشب بين الجزائر والمغرب حول حدود البلدين.
وتوقيع الكويت على اتفاقية الطائرات المدنية تنفيذا لميثاق الجامعة العربية.
وخبر عن عزم الكويت على المساهمة بمشروع خط أنابيب البترول عبر الصحراء الجزائرية، وهو أمر لا نعرف عنه الآن شيئا.
وفي صفحة لاحقة خبر عن زيارة الأخ الكريم عبدالرحمن العتيقي وكان وكيلا لوزارة الخارجية في ذلك الوقت لدولة الهند من أجل ترتيب دورات دبلوماسية للشبان الكويتيين الراغبين في الالتحاق بالعمل الدبلوماسي.
في الصفحة السادسة من العدد المشار إليه مقال كتبه الأستاذ سيف مرزوق الشملان، كان امتدادا لحديث له عن مجلة العربي التي كان ينعي عليها عدم اهتمامها بالنشر للأدباء الكويتيين. ولذا فقد أشار في مقاله إلى الأستاذ عبدالله زكريا الأنصاري وأبدى عجبه من عدم نشر أي مقال أو قصيدة له في هذه المجلة.
وجاء في الصفحة رقم (15) - لأن ما قبلها مفقود حديث عن الأدب النسائي لا علاقة له بما نود إثباته هنا مما يتعلق بالمسائل الكويتية.
أما باقي العدد فهو منوعات مختلفة على هذه الشاكلة وأخبار خارجية لا تمس الكويت ولذا فاننا سوف نصرف النظرعنها حتى لا يتشعب الحديث فلا نجد مجالا لنشره.
وفي الصفحة الاولى منه للسنة حديث عن المشكلة الاسكانية التي تفاقمت في ذلك الوقت، وذكرت الجريدة ان الحكومة مطالبة بمواجهة مسؤولياتها قبل ان يفلت الزمام، وبينت ان الهجرة المفتوحة هي سبب جميع مشاكلنا، كما ذكرت ان اجتماعات تمت في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل برئاسة الاستاذ حمد عيسى الرجيب وكيل الوزارة لدراسة الاوضاع التي ترتبت على تأخير تسليم دفعات من بيوت ذوي الدخل المحدود مما جعل المحتاجين للسكن يخرجون في مظاهرة مختلطة تضم الرجال والنساء لأول مرة في تاريخ الكويت.
أما باقي العدد ففيه اخبار متنوعة منها هذا الخبر:
«سافر الى بيروت امس السيد يعقوب الغنيم مدير التلفزيون لانجاز بعض الاعمال الخاصة بتلفزيون الكويت»
أما باقي الاخبار فهي رياضية فنية تربوية اقتصادية الى ما هنالك من امور تهم القارئ الكويتي الذي يتتبع اعداد جريدة «الوطن» وقت صدورها في تلك الايام.
ولقد طاف هذا العدد في مجالات كثيرة حول العالم ولم يترك الحديث عن السياسة والفن والأدب والاقتصاد وهذه كلها سوف نتركها جانبا لأن التزامنا في هذا المقال إنما يقع على ما يتعلق بالكويت الأمر الذي أشرنا إليه مرارا.
آخر ما لدينا من الأعداد هو العدد الصادر بتاريخ السابع عشر من شهر يوليو لسنة 1967م، وليس بين يدي منه غير أربع صفحات منها صفحتان مليئتان بالصور التي تعبر عن المآسي العربية، وبخاصة في فلسطين، وتنادي الجريدة بطلب الثأر وتذكر أنها تنشر هذه الصور البائسة حتى لا نتراجع أو ننسى.
ولقد أطلق رئيس التحرير على هذا العدد اسم: العدد الكسيح لأنه صدر بعد قليل من نهاية حرب الأيام الستة التي بدأت في اليوم السادس من شهر يوليو لسنة 1967م، ولم يكن الرجل في حالة نفسية ملائمة للكتابة وإصدار الجريدة بسبب الكآبة التي كان يشعر بها نتيجة تلك الحرب الخاطفة التي هزمنا بها وهو معذور في ذلك فكلنا أصابته هذه الكآبة - آنذاك - وسيطرت عليه.
فيما عدا كلمة رئيس التحرير والصور التي أشرنا إليها هناك حديث عن مجلة العربي فيه نقد شديد لها وليس هذا هو العدد الوحيد الذي تناول فيه رئيس التحرير هذه المجلة وقد مر بنا في أحد الأعداد التي عرضناها هنا أنه نشر للأستاذ سيف مرزوق الشملان مقالا عن هذا الموضوع، إضافة إلى بعض التنويهات في مواضع أخرى.
ليس هناك ما يمكن الحديث عنه حول هذا العدد لأن حديثنا استوعب كل ما جاء فيه أو على الأصح أنه استوعب الورقات الأربع التي حصلت عليها منه، وليس في يدي شيء آخر من باقي صفحات هذا العدد.
إلى هنا انتهى حديثي عن الأعداد الأربعة من جريدة «الوطن» في إصدارها القديم. وبقي عليَّ أن أقدم شكرين أولهما لمهدي هذه الأعداد الأستاذ عبدالرحمن الخرجي. والثاني للأستاذ أحمد العامر صاحب ورئيس تحرير «الوطن» خلال فترة الستينيات من القرن الماضي، والواقع أنه رجل يستحق الشكر فقد كان من رواد الصحافة في الكويت الحديثة، وكان عصاميا يعتمد على نفسه في كل شيء، ولذلك فقد قدم من جريدته أعدادا يفخر بها تاريخنا الصحافي.
هذا وليس كل ما ورد في مقالنا هذا نقلا عن الأعداد أو بقايا الأعداد من جريدة «الوطن» القديمة هو ما حدث في الكويت خلال الفترة التي صدرت فيها فهناك أمور كثيرة قد تكون أخبارها ضمن الصفحات المفقودة التي أشرنا إليها أثناء العرض.
ومن ذلك أنه في سنة 1962م تمت انتخابات المجلس التأسيسي وثم افتتاح المطار الدولي العامل حاليا، وصدرت جريدة أخبار الكويت التي تغيرت ملكيتها فيما بعد وصار اسمها (الأنباء) وصدرت عدة قوانين على رأسها الدستور وبدأت الحركة التعاونية بالظهور ممثلة بأول جمعية من نوعها وهي:
جمعية كيفان التعاونية
ثم جمعية الشامية التعاونية
وافتتح مستشفى الصباح
وثم إشهار جمعية المعلمين
وافتتحت سفارات للكويت في الخارج
كما افتتحت في الكويت سفارات لدول مختلفة.
وسارت سنة 1963م على المنوال نفسه فتم فيها كثير من الأمور الدالة على التحرك السريع إلى المستقبل وكان أهمها تشكيل الوزارة الثانية في تاريخ الكويت برئاسة الشيخ صباح السالم الصباح وانتخاب مجلس الأمة في دور انعقاده الأول وانتخاب السيد عبدالعزيز الصقر رئيسا له ثم السيد سعود العبدالرزاق بعد استقالة الصقر وأنشئت عدة شركات وجمعيات نفع عام وغير ذلك.
أما سنة 1967م فشهدت تشكيل الوزارة السادسة التي قام برئاستها الشيخ جابر الأحمد الجابر، كما شهدت إنشاء ميناء الشعيبة، وشاركت الكويت بوفد يرأسه الشيخ صباح السالم الصباح من أجل حضور مؤتمر القمة العربي الذي عقد في مدينة الخرطوم السودانية في أعقاب حرب يونيو، وهو المؤتمر الذي عرف باسم مؤتمر اللاءات الثلاث.
جريدة الوطن - الأزمنة والأمكنة
تاريخ نشأة جريدة الوطن
العرض العادي
