أول مختار للجهراء وانتخب عضوا لمجلس الأمة ثم البلدي
التاريخ صفحات من الماضي تسجل عبر ما يذكره الرواة من احداث شاهدوها بأعينهم او سمعوا بها من غيرهم لتكون وثيقة مهمة وشاهدا على عصره ، ومن الرواة المشهود لهم بالصدق والثقة العم الفاضل لافي اللافي الشمري الذي يقترب من الـ90 عاما- امد الله في عمره، له تجارب مميزة يرويها لنا عبر لقائه مع صفحة نسايم السور ليحدثنا عن حوادث هامة بتاريخ الكويت بشكل عام وبتاريخ قرية الجهراء بشكل خاص.
ولدت سنة حرب الجهراء عام 1920 في زمن الشيخ سالم المبارك رحمه الله وهذه الحادثة مشهورة بالتاريخ ومسقط رأسي ليس الجهراء بل المرقاب عند اخوالي بفريج المطران وقد صد الكويتيون هجوم الاخوان على الجهراء وتحصنوا بالقصر الاحمر وشارك في هذه المعركة والدي وعمي سعد واصيب فيها بطلق ناري بيده واستشهد الكثير من اهل الكويت، اذكر مما ذكر لي امير الجهراء عبدالكريم بن عبداللطيف السعيد واولاده هم صالح ومحمد واخوانه جاسم وعثمان ابناء عبداللطيف السعيد وجريد الشمري ايضا استشهد وهو من الاسلم من شمر واخرين لا اذكر اسماءهم.
وفي حرب الجهراء شارك مرشد بن طواله الشمري وله حادثة مشهوره وهي خروجه من القصر الاحمر بعد ان طلب الشيخ سالم المبارك من المقاتلين الكويتيين رجلا يطلب الفزعة من اهل الكويت فتقدم مرشد وطلب فرسا يقال لها الشويميه وقال للشيخ سالم اريد مرزوق المتعب معي، وركب مرزوق حصانا من نوع كحيلان وانطلقا من البوابة وسط نيران المعتدين وعندما هم الاخوان الى اللحاق بهم قال لهم الدويش لن تستطيع اللحاق بهم لان هاذى الشويميه والثانية حصان، ووصلا الى الكويت وطلبا النجده وفزعوا لهم فزعة طيبة وبعدها طلب فيصل الدويش من سالم المبارك الصلح فرد عليه بالموافقة وانتهت المعركة بعد مقتل عدد كبير من الطرفين.
واذكر ان الاخوان قد احرقوا بيت شعر يملكه ضاري بن طواله واخته في داخله واحترقت وتوفت رحمها الله وهي«صلفه».
ذكريات من الجهراء
يتذكر العم لافي اللافي ايام الطفولة والدراسة بقوله درست عند الكتاتيب بالجهراء وكان المطوع اسمه احمد البواردي جاء الينا من المجمعة وتعلمت منه العلوم كلها كالقراءه والكتابة وحفظ القرآن، ثم اكملت التعليم عند مطوع اخر من اهل الجهراء وهو المرحوم منصور البناق السعيدي الظفيري..
واتذكر السيد خلف النقيب رحمه الله وكان لديه مزرعة وبيت بالجهراء وكان يأتي الينا في فصل الربيع في كل سنة ويقيم لمدة شهرين او ثلاث اشهر وهو رجل جليل وكريم وله احترامه وتقديره لدى اهل الجهراء واتذكره جيدا رحمه الله رحمة واسعة واتذكر زوجته واسمها شيخة وكانت تطلع مع نساء الجهراء رحمها الله.
الشيخ أحمد العراك
ويكشف العم لافي اللافي اعجابه بالرجال الطيبين الذكر ويتذكر ابرزهم بقوله من الرجال النادرين المرحوم أحمد العراك شيخ الزقاريط من قبيلة شمر وهو رجل كريم ويسوى ناس كثيرين وله مواقف ووالده الشيخ عراك لم ألحق عليه ولهم تاريخ مشرف وقد حاربوا ابن هذال على السيطرة على الاراضي في الماضي.
الجد خليفه الشمري
جدي خليفة الشمري جاء من حائل ديرة شمر من جبل اجا وهو جبل طويل طوله 70 كيلو متراً وكان يسكنه الكريم حاتم الطائي وسكن جدي خليفة الكويت قبل مئتين سنة عام 1820م وتزوج وانجب كلا من مفرج وفراج ورجا وعيد ولافي ونهيره وعيده، وجدي لافي انجب فهد وسعد، ووالدي وعمي مزعل السعيد اخو ابي من امه دخلوا الغوص مع سفن الكويت اما عمي سعد فقد كان يحب العمل بالصحراء.
سنة الهدامة الثانية
ويحدثنا العم لافي عن الطقس قديماً بقوله إن البرد في الماضي أشد وأقسى وكنا نسكن بيوتا من طين لا يوجد بها عازل وتحمينا من البرودة، واذكر سنة الهدامه الثانية اللى صارت في عام 1954 حيث استمرت الأمطار تنزل لمدة 21 يوما متواصلة وبعدما خلصت الا ونحن منتهين فبيوت الجهراء كلها تهدمت وأهل الجهراء لم يسكنوا المدارس في تلك السنة لانه لا يوجد آنذاك مدارس مبينة من طابوق فيها، وقام الشيخ فهد السالم رحمه الله فأعطانا ما بين خمسة آلاف روبية إلى خمسة عشر الف روبية فهدينا ما تبقى من بيوتنا وبنينا بيوتا من طابوق وشندل وكذلك الحال كل أهل الجهراء.
مزارع الجهراء القديمة
ويقول العم لافي اللافي بأن الجهراء قرية زراعية ولدينا مزارع قديمة فيها وموقعها مقابل مخفر الجهراء القديمة وهي بالقرب من بحرة سليل وجارنا مزرعة المرحوم سليمان العريفان ومزرعة المرحوم ابراهيم الجاسم التي بها الآن مستوصف الجهراء وبعدها توجد الصويدرة وهي مزرعة يملكها المرحوم سليمان صالح السعيد الذي سكن داخل الكويت، وأهل الجهراء كانوا يزرعون حنطة ونخل وطماط وكان المحصول يوزعونه بينهم ولا يبعونه في الكويت لانهم كانوا على روح واحدة وكلهم رأفة ومحبة بينهم وابرز قلبان في الجهراء هي الصويدرة ومريطبه.
الشيخ صباح السالم
ويحدثنا العم الفاضل لافي اللافي عن هذه الحادثة مع الشيخ صباح السالم رحمه الله فيقول «في سنة هدامة التي تكلمت عنها كنا جالسين بديواننا ليلاً فسمعنا صوتا ينادي يابن لافي يابن لافي واذا به الشيخ صباح السالم الصباح جاء الينا في الليل وسألناه عسى ماشر فاجاب كنت بسيارتي بالقرب من المطلاع ثم غرزت بفضل الأمطار الغزيرة والطينية وقد اوصلني صاحب سيارة اليكم بعد ان طلبت منه ان يوصلني لديوان اللافي فقلنا له سوف نذبح لك ونطبخ لك عشاء فرد علينا «اريد منكم ان توصلوني لأم علي بسياراتكم» وهو يمزح معنا وبعد ان تعشى كلفنا عبدالله ابداح المطيري بتوصيله على احدى سياراتنا «وانيتات» إلى قصره، والشيخ صباح السالم يحبنا وهو شيخ طيب وافعاله حميدة طيب الله ثراه.
تيما الجهراء
ويتطرق أبو فهد إلى اسم الجهراء بان اسمها تيما وهي مسماه على منطقة بالقرب من الحدود الاردنية وهي ديرة عبدالكريم بن رمان من سنجارة من شمر، ولا يطلق على الجهرة اسم نبصة انما هو موقع فيها ويقول الشاعر فهد الشحتلي الرشيدي بعد معركة الجهراء قصيدة مشهورة وهي:
يا سحاب فوق تيما ترزق نوها
في شمالي السليل غدي عج وعسام
مع طلوع الشمس قامت تقابس ضوها
كم غدى بسبابها من جواد ومن غلام
المنايا في مقاديم قبه سوها
من هل التوحيد راحوا بضربتها شمام
امتلا شعيبها مع خرايم جوها
تو ما كلنا اللحم وانجلا عنا الوخام
تأخذ العرجا إلى الحول تدهل جوها
ما تدنق للتلحوس وتمصيص العظام
ليت فيصل حاضراً في ملاقي سوها
ما اتقى عن لابته من ورا روس العدام
ونعم يا سالم مصالي لهايب ضوها
معجبينه لابته يوم خوات الولهام
روصملانك من العين عجل روها
والسلام من أبو عبدالله وصله اليمام
الحرايب عمروها وشبوا ضوها
عمروها عيال سالم مغذين اليتام
حنين الى حائل
ويكشف ابو فهد حنينه الى حائل بان له جماعة من ربعه يسكونها وان جوها يختلف عن جو الدنيا كلها وان اراضيه غير اراضي الدنيا كلها وان بردها ليس كبرد الكويت وعمرت حايل الان بخلاف الماضي وكبرت وكثرت سكانها وقد زرتها لاول مرة في حياتي سنة 1961 واشتريت فيها بيتا ومزرعة وزرعت فيها ستة الآف شجرة استوردتها من الشام لكن لقلة المياه واهمال المزارعين تلف الشجر ثم شريت لي مزرعة بالخطة وهي من القرى القريبة من حائل وحملت النخل من مزرعتي الأولى الى هذه المزرعة الجديدة بواسطة السيارات وحفرت لها مترين وثلاثة امتار وعمرت بفضل من الله وكلفتني المزرعة مليون ريال في تلك الفترة، ولدى مزرعة اخرى في منطقة القفار بحايل واقضي حالياً معظم أيامي في مزرعتي بالخطة التي اعتبرها بيتي الثاني
تجارة تهريب السلاح في الماضي
ويضيف العم الفاضل لافي اللافي في حديثه عن الاعمال التي اشتغل بها في شبابه قبل اكثر من نصف قرن بقوله «لم اعمل في مهمة الغوص على اللؤلؤ مع السفن الشراعية واتذكر ان أول عمل اشتغلت فيه هو تهريب السلاح من الرياض الى الكويت لبيعه على «الشواوي» الذين يسرحون بالحلال في الصحاري لوحدهم واكثر انواع الاسلحة التي نجلبها صناعتها انكليزية والمشترون يفضلون ام مشط التي تعرف باسم أم خمس فهي المفضلة لديهم وكنا نشتري السلاح بسعر زهيد ونبيعه بثلاثة اضعاف وهذه التجارة ممنوعة ويعاقب كل من يعمل فيها بقص رأسه وقتها عمري أقل من عشرين سنة ولم اتزوج وكان اخوياي في تلك التجارة من قبيلة العجمان اولاد مرزوق طيور شلوى منهم سعود الحيان وربعه ومدة السفر من الرياض الى الجهراء تسع ليال بحمولة 30 بندق كل سفرة.
ثم عملت في تهريب الشاي في سنة البطاقة اثناء الحرب العالمية الثانية لان الحكومة ما قصرت واصدرت بطاقة للتموين لتوزيع المواد الغذائية على الكويتيين واحتكر التجار استيراد الشاي وبيعه باسعار غالية فقمنا بتهريبه بوسائل مختلفة كوضعه داخل الخشب بالسفينة الشراعية وهذه الاعمال وقتها لم نخش المخاطر أو العقوبات لآن الحياة صعبة انذاك وكنا شباب.
تاجر الجلود ابن نحاس اليهودي
في ربيع عام 1940م ذهبت مع المرحوم محمد ابو قذيلة العازمي على بعير الى ديار العجمان والعوازم بالمنطقة الشرقية كمليجة وعتيج والصرار وابو ظهير وبقينا عند العوازم ثمان ايام وكل ليلة يذبحون لنا خروفا اكراماً لنا وكان هدف السفرة هو شراء جلود الطليان لانه جاء الى الكويت تاجر الماني يهودي اسمه ابن نحاس وكان مقيم عند الشيخ احمد الجابر رحمه الله ونشتري نحن الجلد بثلاث او اربع روبيات ونبيعه على التاجر اليهودي ابن نحاس بمبلغ يتفاوت ما بين عشرة واثنى عشر روبية وكان الكثير من الناس تشتري الجلود من اهل البادية بواسطة السيارات، أما انا ومحمد فذهبنا الى تلك الديار لأن السيارات لا تستطيع الوصول اليها واستمرت سفرتنا حوالي شهر وجمعنا مئة قطعة من الجلد الطيب، وعند عودتنا اتصل عمي سعد اللافي رحمه الله بالتاجر اليهودي وجاء مع مرافقه واسمه مهلي ابن الشاعر الكبير صقر النصافي وكان الشيخ احمد الجابر قد اوصاه بان يكون مرافقا له بالكويت، وقام التاجر اليهودي وفحص كل قطعة على حدة وقال له عمي سعد ان القطعة على اثني عشر روبيه فرد اليهودي بان القطعة سأخذها بتسع روبيات ولن ازيد انة واحدة فوافق عمي واعطانا تسعمئة روبية وكانت غناة لنا في تلك الفترة.
أول مختار للجهراء
يقول العم ابوفهد بان العمران والتنظيم ساد في الكويت بعد زيادة الناس وصدر قانون بإنشاء مختارية للجهراء في سنة 1958 ورشحت لها وبفضل من الله نجحت واصبحت أول مختار للجهراء وتشمل اختصاص المختار الجهراء كلها والديرة الشمالية كلها وكنت اتساهل مع الناس واعينهم ولا أرد كل من جاني يطلب توقيعي واستمريت مختاراً حتى عام 1963 فتركت المختارية، واتذكر ان في المجلس التأسيسي عام 1962 نجح عن دائرة الجهراء أخي عبدالله فهد اللافي والدكتور أحمد الخطيب وفي انتخابات أول مجلس للأمة نجح أخي عبدالله فهد اللافي وابن عمي بندر سعد اللافي أما انتخابات مجلس الأمة سنة 1967 رشحت لها مع أخي عبدالله وحالفني التوفيق ونجحت ولكن عبدالله لم ينجح، ثم عاد عبدالله لعضوية مجلس الأمة وأنا رشحت لعضوية المجلس البلدي ونجحت وصرت عضوا بالمجلس البلدي وبعدها تركت الانتخابات وخدمت الناس في كل ميدان سواء المختارية أو عضوية مجلس الأمة أو عضوية المجلس البلدي ومازلت استقبل اخواني واصدقائي في ديواني بالجهراء واتواصل مع الناس وازورهم ويزوروني.
الله يعطيك طولة العمر والصحة والعافية يا بو فهد ..
معلومة : بعد تغيير قانون المختارية الذي كان فيه المختار منتخبا إلى تعيين من قبل مرسوم أميري أصبح مختار الجهراء ابن عمه عثمان المزعل السعيد إلى أن توفاه الله عام 1989
العم لافي فهد اللافي - عالم اليوم
العرض العادي
