23-02-2008, 03:46 AM
|
|
مشرف
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,662
|
|
ذاكرة الزمن ... الذهاب إلى المجهول أهم محطة في مسيرة الغوص
-
ذاكرة الزمن ... الذهاب إلى المجهول أهم محطة في مسيرة الغوص
د. محمد فارس الفارس - جريدة الخليج الإمارتية
في السبعينات من القرن العشرين، عرض أول فيلم خليجي من إنتاج كويتي تحت عنوان “بس يا بحر”، وكان الناس يخرجون من السينمات التي تعرض الفيلم وهم يغالبون دموعهم لقصته المحزنة التي تتحدث عن زمن الغوص، حيث ابتلع البحر الابن الوحيد لإحدى العائلات الكويتية، واكتسب الفيلم شهرة واسعة، وظل الناس لسنوات طويلة يتحدثون عن هذا الفيلم الذي كان التجربة الخليجية الأولى الناجحة في مجال إنتاج الأفلام، وربما الأخيرة حيث لم يظهر بعدها فيلم خليجي بمستوى “بس يا بحر”. كان الذهاب إلى المجهول أهم محطة في مسيرة الغوص، فإذا كان رب الأسرة يمثل أهم عنصر في الأسرة في أي مجتمع كان، فإنه يمثل أهمية مضاعفة في تلك الفترة لأي أسرة خليجية بسبب الفقر المدقع، وكونه الأمل الوحيد لاستمرار أي أسرة على قيد الحياة، وكان بدء موسم الغوص الذي يكون عادة في منتصف
شهر مايو/أيار أو أول شهر يونيو/حزيران من كل عام كابوساً يحرق قلب كل فرد من أفراد العائلة الخليجية، لذا كان الإعلان عن بدء الغوص يعتبر مناسبة حزينة، حيث تخرج النساء وأطفالهن وكل من في المدينة لتوديع البحارة الذاهبين إلى المجهول، حيث تتم مراسم الوداع المختلطة بالبكاء والدعاء بالرجوع سالمين من تلك الرحلات التي لا يحبها أحد، فهي ليست رحلة إلى المجهول فقط، وإنما رحلة تنتزع رب العائلة من أسرته أربعة أشهر كاملة تصبح فيها الأم هي رب الأسرة، وإذا كان هناك أبناء للعائلة، فإنهم يتحولون إلى بحارة بالوراثة لمجرد بلوغهم سن الرشد، ويدخلون مع والدهم البحر ليرثوا مهنته بعد دورة تدريبية تستغرق موسماً أو اثنين من مواسم الغوص.
د. محمد فارس الفارس
يقول ريتشارد لوبارون في تقرير له عن الغوص عام 1951 “حتى عهد قريب كان الغواص الذي يقبل سلفة نقدية من النوخذة يحكم على نفسه بالغوص حتى يلفظ أنفاسه الأخيرة، ولسوء طالعه، فقد لا يكون الموت نهاية المطاف، لأن دينه ينتقل ببساطة إلى ابنه أو أخيه، وهما يتابعان من بعده سداده” (1). وتشير كثير من المصادر إلى أن عدم القدرة على سداد الديون من قبل الأبناء أو غيرهم يترتب عليه عقوبات أخرى مثل مصادرة المنزل وغيره، وعلى الرغم من صدور قانون إصلاحات الغوص في البحرين عام 1924 بناء على اقتراح من الوكيل السياسي الرائد دالي، إلا أن هذا القانون الذي صدر متأخراً جداً، لم يشمل كل منطقة الخليج، وكان الهدف من هذه الإصلاحات محاولة تخفيف القيود الخانقة عن البحارة وخاصة فيما يخص توريث الأبناء ديون آبائهم، ويقول ريتشارد بلجريف مستشار حكومة البحرين في تقرير له عام 1928 “إن الهدف من هذه الإصلاحات اعطاء الغواصين امتيازات أكثر عدلاً ومساعدتهم على تخفيض ديونهم، فقبل الإصلاحات، كانت أحوالهم كأحوال العبيد، حيث اعتاد النواخذة تسليف الغواصين الجدد حتى يكونوا عاجزين وغارقين في الديون، وعليهم أن يغوصوا للنوخذة حتى تسديد الديون، وعادة لا يتسلم الغواصون المبالغ التي سجلت عليهم كدين، كاملة، ويتم أحياناً اقراضهم ببضائع عالية الثمن لا يتسلمونها كاملة، والحسابات لا تحفظ بطريقة صحيحة، ولذلك لا يستطيع الغواصون التأكد من المبالغ التي سجلت عليهم، وعندما يتوفى الغواص فإن أولاده يواصلون الغوص لنوخذة والدهم، ويتم تسليفهم بعض المبالغ أيضاً، ومباشرة يصبحون ملزمين نحو النوخذة، واستمر هذا النظام الذي تسبب فيه الغواصون أنفسهم” (2).
ضرائب الغوص
قبل النفط، لم تكن إمارات الخليج بصفة عامة تملك دخلاً ثابتاً، لذا، لم تكن توجد حكومات، فالحاكم هو السلطة الوحيدة، ولكون الغوص هو المهنة الرئيسية التي يعمل بها معظم أبناء المنطقة، كان كل حاكم من حكام الخليج يعتمد في دخله على الضرائب المفروضة على سفن الغوص، ورغم أن هذا يشكل عبئاً على ملاك السفن وبحارتها، إلا أنه لم يكن هناك مفر من ذلك، فالحكومة المصغرة التي يمثلها الحاكم لا يوجد لها دخل آخر، وهناك تبعات كثيرة ملقاة على أكتاف الحكام مثل حفظ الأمن، وتسيير أمور الدولة، ولا يمكننا مقارنة هذه الضرائب التي من المفروض أن تدفع للحكومة، بالتمويل والديون التي يفرضها الممولون، ولكن كلا الأمرين مع الفارق في الأهداف، كانا يشكلان عبئاً على العاملين بهذه المهنة واستنزافاً لمواردهم القليلة.
ويقول ديورند في تقريره لعام 1878 هناك ضريبتان أساسيتان هما ضريبتا “النوب والطراز”، والنوب ضريبة فرضها حاكم البحرين حوالي عام 1801 ليتمكن من تجهيز سفنه الحربية لحماية السواحل، وكانت عبارة عن سهم واحد من مجمل حمولة أي قارب يرسو في السواحل، وإذا رغبت أو فضلت السفن ضريبة مركبة، فعليها أن تدفع 3 روبيات، وقد رفعت هذه القيمة إلى 4 روبيات عندما أصبحت الحكومة البريطانية مسؤولة عن أمن الخليج، ولم تتجاوز هذا الحد، وقد استمرت هذه الضريبة وفقاً لتغير الظروف، وأصبحت مصدراً لتحقيق أرباح كبيرة حيث أصبحت تفرض فيما بعد على السفن المغادرة إلى مغاصات اللؤلؤ، وإذا لم يكن لدى النوخذة نقود يدفعها عند رحيله، فإنه يلجأ للمحول ليدفع المبلغ، ويقوم الممول بتحصيل حقوقه فيما بعد من عمليات الغوص، وعلى الرغم من أن تلك الضريبة فرضت أصلاً في البحرين، إلا أنها عممت في كل منطقة الخليج من الكويت حتى رأس مسندم، وبلغ ناتج هذه الضريبة في البحرين وقطر عام 1872 ما يقارب 10 آلاف روبية، في حين أن عائدها في مدن الساحل من أبوظبي إلى الاحساء بلغ ذلك العام 20 ألف روبية، ولتفسير هذا الاختلاف، فإن السبب يعود إلى أن شيوخ قبائل البحرين كما هو الحال في الإمارات كانوا يمنحون امتياز ارسال من 10 إلى 15 سفينة معفاة من الضرائب حسب مكانتهم وعدد أتباعهم، أما الطراز فهي ضريبة أخرى باهظة تفرض وفق الطقوس العربية وتساوي سهماً واحداً يخصم من اللؤلؤ الذي تجلبه كل سفينة، وكانت هذه الضريبة مخصصة للحاكم، ويختلف حجم الضريبة وفقاً لكمية اللؤلؤ التي يحملها بحارة كل سفينة، وتبلغ في بعض الأحيان ما بين 4 إلى 100 روبية، وكقاعدة لا تتجاوز هذا الحد، ولكن عدم الوضوح هذا يجعل من الصعب تحديد حجم الضريبة المجباة من شيوخ القبائل التي تسكن على السواحل، ولكن بصفة عامة، يمكن القول إن حجم الضريبة كان كبيراً (3). وتقول فروكه هيردباي إن ضريبة الطراز كانت عائداتها تستخدم لتجنيد بعض البدو لحماية المدن والقرى خلال غياب معظم الرجال أثناء موسم الغوص في الصيف، ولحراسة مراكب الغوص التي كان تسحب إلى الشاطئ وترسو هناك خلال فصل الشتاء في المناطق البعيدة عن الساحل في الوقت الذي يكون فيه أصحابها في الصحراء (4)، ويبدو اضحاً مما سبق أن هناك استثناءات لدافعي الضرائب، وأن بعض شيوخ القبائل ممن يملكون سفناً يستثنون منها، ولكن الأغلبية العظمى من السفن المبحرة نحو المغاصات تدفع تلك الضرائب لكونها دخلاً رئيسياً للحاكم، حيث تمول من تلك الضرائب وغيرها المشاريع المتعلقة بالمجتمع كالأفلاج، لكن عائدات معظم تلك الضرائب كانت ملكاً للحاكم، حيث كانت صناعة اللؤلؤ خلال القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين المصدر الأساسي للموارد في الخليج، وكان النمو السكاني في المدن يواكب النمو الاقتصادي ارتفاعاً او انخفاضاً، وانعكس ذلك بدوره على المدخول من موانئ الغوص واختلفت عائدات الرسوم المفروضة من حاكم لآخر في الخليج، واختلفت أساليب جبايتها، وطريقة استخدام الحكام لها.
ولم يكن النظام الضريبي يختلف بين ميناء وآخر فحسب، بل إنه كان يخضع إلى تغيرات معينة خاضعة للمستجدات المحلية وإلى تقلبات هذه الصناعة المهمة (5). ويبدو واضحاً أن عائدات الغوص توزع على أكثر من جهة وهذا ما يفسر خروج البحارة، وهم العنصر الرئيسي في هذه الصناعة بخفي حنين في النهاية، فالمراكب العائدة في نهاية كل موسم يستقبلها أناس كثيرون على الشواطئ، ولكن هؤلاء الناس يختلفون في أهدافهم ومشاعرهم، ففي حين ينتظر أهالي البحارة أبناءهم بقلق وترقب خوفاً من ألا يعود أحد منهم لسبب أو لآخر، ينتظرهم أيضاً الممولون والدائنون وتجار اللؤلؤ الذين يتحينون الفرص وأيضاً جباة الضرائب.
مخاطر من كل اتجاه
“في سبتمبر/ أيلول 1897 هبت عاصفة هوجاء على مغاصات اللؤلؤ أدت إلى مقتل عدد كبير من بحارة الإمارات، كما حطمت ما يربو على 100 قارب في سواحل الإمارات” (6) كان هذا أحد التقارير البريطانية عن حوادث الغوص التي لا تنتهي كتبه المقيم السياسي البريطاني في الخليج مستر ميد، وهبوب العواصف ليس سوى حالة من حالات الخطورة المستمرة التي تحيط بالبحارة من كل جانب، فهؤلاء الفقراء الذين يهربون من الممولين والدائنين في رحلة المجهول التي تستمر أربعة أشهر، خلافاً للمواسم الأخرى التي تستغرق وقتاً أقل، يعتقدون أن دخولهم البحر سينسيهم الجهد الذهني والتفكير بكيفية سداد الديون التي لا تنتهي، ولكن هم البحر لا يقل عن هم البر، فهؤلاء البحارة يقضون جل يومهم في عمل مضن، متحملين جملة من المشاق، فإلى جانب مخاطر الغرق واحتمال تأخر السيوب في جر الغواصين للسفينة في الوقت المناسب مما يؤدي إلى اختناقهم، هناك أيضاً مخاطر البحر الكثيرة وأهمها الأسماك المفترسة، يقول لوبارون “الغواصون في الخليج نادراً ما تهاجمهم أسماك القرش، ولكن في عام 1940 هاجم سمك القرش أربعين غواصاً وقتل اثنين منهم، والعرب يعرفون أن سمك القرش موجود، ولكنهم يخشون سمك أبو منشار أكثر من غيره والذي عرف عنه أنه يقطع جسم الغواص إلى نصفين، كما أن هناك حيوان “الدول” وهو حيوان شبه مائع في حجم يد الإنسان، دائري الشكل له أوتار عديدة يبلغ طولها قدمين تشبه شبكة من الحرير، لا يقوى على الحركة، ولكن تقوده الأمواج والتيارات هنا وهناك، وإذا لامس جسم الإنسان، فإنه يحرقه مخلفاً ندباً عميقاً، والدول هو التسمية الخليجية لقنديل البحر، ويسبح الدول عند أي مستوى في الماء ولا يرى تحت الماء، وهكذا لا يكون بوسع الغواصين أن يبتعدوا عن أوتاره اللاسعة، والتي تحرق جسم الإنسان، وقد تفقأ العينين، وهناك نوع من قنافذ البحر في الخليج يبلغ طول أشواكه من قدم إلى قدمين، ومن المعروف أن هذه الأشواك تصيب الغواص بجروح مؤلمة إذا ما ارتطم بها تحت الماء، وقد يكون قنفذ البحر هو السبب في التقرحات التي تصيب أرجل الغواصين، وإن كان الماء المالح قد يكون سبباً في ذلك، لأن نسبة الملوحة في الخليج تفوق مثيلاتها في المحيطات كافة، والغطس المتواصل في المياه المالحة يؤدي إلى الطفح الجلدي، ولكن وبما أن قنفذ البحر أسود اللون ويبلغ قطر جسمه عدة أقدام، فإنه يرى بسهولة تحت الماء، ويمكن اجتنابه بسهولة أكثر من قنديل البحر” (7). وإذا كان الغواص فقط هو من يواجه هذه المخاطر أثناء غوصه، فإن العاملين في السفينة يواجهون مخاطر جماعية في بعض الأحيان كالإغارة من اللصوص، أو هبوب العواصف القوية، إضافة إلى الزحام الشديد على ظهر السفينة المليئة بالحبال والأشرعة ومعدات الغوص، وحتى الأكل كان يمثل مشكلة بحد ذاتها، فالسفن لا تستطيع أن تأخذ تموين أربعة أشهر بكاملها من الغذاء والماء، فالأعداد الكبيرة من البحارة تستهلك كميات كبيرة من المؤونة، وطبيعة عملهم القاسية تجعل استهلاكهم مضاعفاً، ويقول لوبارون إنه “يتعين على كل سفينة أن تدخل الميناء كل ثلاثة أسابيع تقريباً للتزود بالماء والغذاء، ومن المعروف أن بعض المراكب تحصل على احتياجاتها من الماء من بعض الينابيع الواقعة تحت سطح الماء والتي تتدفق مياهها في الخليج، ويتم ذلك بأن يغوص أحدهم ومعه قربة فارغة ليفتحها عند تيار المياه القابلة للشرب، وعادة ما يعود بمياه عذبة إلى حد ما، وأحد هذه الينابيع والواقع على بعد أميال قليلة من مدينة الجبيل السعودية تم تعليمه بعوامة طافية بأمر الملك عبدالعزيز بن سعود” (8). ويصف ديورند طعام البحارة فيقول “هؤلاء الرجال غير مسرفين في الأكل والشرب، إذ يتناول الواحد منهم نصف رطل من التمر عند الفجر، ويشرب ما بين 3 إلى 4 فناجين من القهوة بعد صلاة الصبح، وينزل الغاصة منهم للبحر عندما تشرق الشمس، وفي حوالي الساعة الثانية ظهراً، يصعدون إلى ظهر السفينة لتناول القهوة وأداء الصلاة، وليحصلوا على بعض الراحة التي قد تستمر لمدة ساعة ليعاودوا الغوص مرة أخرى حتى مغيب الشمس، وفي المساء يتناولون وجبة مكونة من الأرز والسمك والتمر، ولا يفعلون شيئاً آخر” (9). ويمكننا فهم حجم الصعوبات التي يواجهها البحارة فيما يخص الطعام، من المشاهدات الشخصية لأحد البحارة الاستراليين ويدعى ألن فاليرز الذي أبحر مع إحدى السفن الكويتية إلى مغاصات اللؤلؤ عام ،1939 وألف كتاباً بعنوان “أبناء السندباد”، ويصف فاليرز مشاهداته فيقول “بينما كنا راسين مقابل الشاطئ في مكان يدعى “راس شعاب” بالكويت، وصل مركب غوص صغير عليه غواص وافه الأجل، ليدفن على الشاطئ، وقد بدا لي أنه مات من مرض “الاسقربوط”، فقد كانت التغذية على مراكب الغوص سيئة جداً، فلم يكن هناك من الطعام سوى الأرز والسمك، أما الأرز فقد كان مغذياً، وكان بإمكانه لو أضيف إليه السمن العربي الأصلي بكميات وافرة أن يبعد مرض الاسقربوط عن البحارة والغواصين خلال أشهر الغوص، إلا أن النواخذة درجوا في المدة الأخيرة على استبداله بالسمن المصنع المنتج في أوروبا، والذي يتم تصديره للكويت والبحرين وكان هذا السمن يبدو عادياً، كما أنه كان رخيص الثمن، إلا أنه لم يكن سوى نوع رديء من زيت الطبخ لا يساوي شيئاً من الناحية الغذائية، وهكذا بدأ الغواصون يصابون بمرض الاسقربوط ثانية، ووقف النواخذة مندهشين لا يعرفون سبباً واضحاً لذلك، وكانت مراسم دفن الغواص المسكين بسيطة للغاية، وانتهت خلال دقائق وكل ما فعلوه أنهم أنزلوا جثته من فوق السفينة ووضعوها في حفرة في الرمل، ولم يجدوا أية مشقة في حمل الجثة، فقد كانت هزيلة منهكة خفيفة الوزن وكنت قد شاهدت السمن المصنع على ظهور المراكب من قبل محفوظاً في صفائح، وكان النواخذة يستخدمون هذا السمن بسخاء دون أن يعرفوا أنه عديم الفائدة، فالسمن الأصلي غالي الثمن، ولم يكن في امكان النواخذة الفقراء شراءه (10).
الهروب من الديون
ماذا تفعل لو ضاقت بك الدنيا ووجدت الديون تحيط بك من كل جانب؟ ومطلوب منك أن تسدد وتسدد ولا تتوقف لحظة واحدة، وبنفس الوقت هناك أفواه في المنزل تنتظر أن تطعمها، كثير من الناس يلجأون إلى الحلول الممكنة عندما تضيق بهم السبل، كأن يبيع أحدهم سيارته أو منزله، أو يطلق زوجته حتى يتخلص من عبء المصاريف، ولكن هناك أناس يلجأون إلى حلول أقسى كالهروب، وحدث أن هرب كثير من التجار الآسيويين وغيرهم من الإمارات أثناء فترات الركود الاقتصادي في الثمانينات والتسعينات، بل إن بعض التجار يضع حداً لحياته بالانتحار، وهذا حدث كثيراً وقرأنا الكثير من تلك القصص في الصحف ويحدث هذا الشيء في كل مكان في العالم، ولكن لو عدنا إلى موضوعنا، وإلى زمن الغوص، فماذا كان أمام هذا البحار المكبل بشتى أنواع القيود، من الديون إلى العبودية إلى المخاطر المحيطة به من كل جانب؟ لقد كان هناك حل واحد أمام الكثيرين من هؤلاء البحارة الذين يرون سنوات عمرهم تنقضي وهم يقفون في نفس المربع دون أي تحسن في مستواهم المعيشي، لا بل إن أوضاعهم تزداد سوءاً عاماً بعد آخر، هذا الحل هو الهروب من الإمارة التابعين لها إلى إمارة أخرى، والمقصود بالإمارة هنا، ليس الإمارات التابعة للدولة فقط، إنما أي إمارة خليجية فدول الخليج كانت تسمى إمارات قبل استقلالها.
هوامش
(1) Richard le baron Bowen, Pearl Fishries of the Persian Gulf, The Middle East Journal, Spring 1951, VOL.5 NO.2. P.161
(2) C.D Belgrave, The Pearl Industry of Bahrain, 10 Dec 1928, Records of the Persian gulf Pearl Fishries, VOL.2 P.533
(3) Durand, Notes of the Pearl Fishries of the Persian gulf, Bushire 8th July 1878, the Persian gulf Administration Reports, VOL.1, P.35
(4) فراوكه هيرد باي، من الإمارات المتصالحة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، موتيفيت للنشر، دبي 2007 الطبعة الأولى، ص 113
(5) فراوكه هيرد باي، م.س، ص 114 118
(6) Meade, Shirag, 19th July 1898, the Persian gulf Administration Reports, Vol.4, Report for the year 1897 - 1898, P.7
(7) Richard le Baron Bowen, Ibid
(8) Ibid
(9) Durand, Ibid
(10) ألن فاليرز، أبناء السندباد، ترجمة د. نايف حرفا، مراجعة د. يعقوب الحجي، مركز البحوث والدراسات الكويتية الكويت ،2006 ص 530
|