تاريخ مسيرة السينما في الكويت قديماً
في الثلاثينات من القرن الأخير في الألفية الثانية بدأ الكويتيون في السفر والترحال الى عدد من الدول العربية للدراسة والتجارة وهناك استطاعوا مشاهدة الأفلام في دور السينما سواء أجنبية مستوردة أو أفلاماً عربية منتجة في تلك الدول.
وكان الناس في الكويت وخاصة الموسرين يقومون بعرض أفلام روائية عربية وأجنبية مقاس 16 مم في منازلهم علي آلات عرض خاصة بهم.
ويذكر أن اول آلة عرض سينمائي دخلت الكويت عام 1936 وقد استمرت هذه العادة لدي الكثيرين حتي بعد أن اقيمت دور العرض في الكويت
ومن أشهر الجهات التي كانت تؤجر هذه الأفلام (16 مم ) والتي استمرت حتي منتصف السبعينات أحمد شهاب الوهيب وأفلام الشميس وأفلام شريدة وبدر الطخيم وأفلام السراج وأفلام الأحلام وأفلام ساغر
استمر عرض هذه الأفلام في المنازل حتي بعد تأسيس دور العرض لأن البعض كان يعتبرها نوع من الوجاهة وأيضاً لأنه كان يعطي فرصة للنساء لمشاهدة الأفلام في المنازل دون الذهاب إلي دور العرض حيث أنه لم يكن مسموحا لهن بالذهاب إلي السينما آنذاك
وكان فيلم "أبناء السندباد" الذي قام بتصويره وإخراجه الرحالة الاسترالي الأصل آلان فييرز عام 1939 هو أول فيلم تسجيلي يصور في الكويت عن الغوص وصيد اللؤلؤ وبعض ملامح البيئة الاجتماعية في الكويت وهو يصور رحلة قام بها الرحالة من ميناء عدن إلي الكويت مرورا بسواحل الجزيرة العربية الجنوبية وساحل افريقيا الشرقي حتي وصل إلي زنجبار ثم عاد من هناك إلي الخليج العربي حتي الكويت بتصوير فيلم
و يتضمن هذا الفيلم إلي جانب الرحلة بعض مظاهر الحياة في أواخر الثلاثينات ويعتبر المادة السينمائية الوحيدة عن الكويت القديمة
وتلاه محمد قبازرد بالفيلم التسجيلي ( الكويت بين الأمس واليوم ) هذا بالإضافة إلي عدة أفلام 16 مم التي قام بتصويرها بعض الهواة لمعالم الكويت القديمة
وفي عام 1946 قامت شركة نفط الكويت بتصوير فيلم تسجيلي بعنوان "النفط في الكويت" يظهر فيه أمير الكويت المغفور له أحمد الجابر الصباح وهو يعطي إشارة لتصدير أول شحنة نفط إلي الخارج .
علي الصعيد الحكومي بدأت النشاطات السينمائية بوزارة التربية حيث أسس فيها عام 1950 قسم السينما
وكانت وزارة التربية - تدعي آنذاك "دائرة المعارف" هي أفضل القنوات المتاحة لتوصيل المعلومات المرئية لأكثر شرائح المجتمع قدرة علي الاستيعاب والتطبيق وهي شريحة الطلاب
وقد تمكنت من انتاج 60 فيلماً وثائقياً تعليمياً عن التعليم والصحة وغيرهما من أمور تتعلق بالحياة في الكويت كان ذلك في فترة لم يكن المجتمع الكويتي قد عرف التلفزيون بعد
أما الوزارة الثانية التي أفسحت الطريق أمام الإنتاج السينمائي فهي وزارة الشئون الإجتماعية و العمل عام 1959
وفي عام 1961 أخذت وزارة الإرشاد والأنباء (وزارة الإعلام حالياً) علي عاتقها مسؤلية العمل السينمائي
وفي عام 1964 انتقل قسم السينما إلي تلفزيون الكويت وقد قام هذا القسم بإنتاج أغلب الأعمال السينمائية الرائدة في الكويت علي الرغم من إمكاناته المحدودة وقد انتقل هذا القسم إلي مجمع الإعلام الجديد عام 1981
وجهزت معامله بأحدث الأجهزة ومعدات الطبع والتحميض والتصوير والصوت وكانت الطاقة الإنتاجية لهذه المعدات راوح بين عشرين إلي ثلاثين فيلما سينمائيا طويلا بمقاس 35 مم و16 مم سنويا .
أما بالنسبة لإنشاء دور العرض ففي عام 1954 تأسست شركة السينما الكويتية التي أخذت على عاتقها إنشاء دور العرض واستيراد الأفلام . فلقد أنشأت "سينما الشرقية" كأول دار للسينما في الكويت
ثم أنشأت بعد ذلك العديد من دور العرض وهى تحتكر أيضا حق العرض التجارى الجماهيرى لجميع الأفلام الروائية الطويلة فى الكويت ومعظم الأفلام هى عربية وأمريكية وهندية
وفي عام 1965 قدم محمد السنعوسي فيلم (العاصفة) وفي العام ذاته قدم خالد الصديق فيلم (الصقر) ثم مجموعة من الأفلام التسجيلية الأخرى .
وعلي الرغم من أهمية الأفلام التسجيلية والوثائقية والدرامية القصيرة التي تحول تنفيذها إلي الفيديو فقد جري العرف علي قياس تاريخ السينما في دول العالم بالأفلام الروائية الطويلة
من هنا يمكن أن نعتبر فيلم " بس يا بحر" عام 1972 نقطة تحول في تاريخ السينما الكويتية والخليجية والذي حقق نجاحات عربية ودولية عديدة
واعتمد "بس يا بحر" علي قدرات فنية وتمثيلية كويتية بحتة وبما أنهم جميعا لم يكن قد سبق لهم خوض تجربة التمثيل للسينما فقد أدي هذا إلي إعادة التصوير أكثر من المعدل الطبيعي مما تسبب في مضاعفة عبء الإنتاج
وبما أن العاملين في الفيلم كانوا موظفين في القطاع الحكومي فلقد أدي هذا إلي تأخير التصوير
إضافة إلي ذلك واجهت الفيلم مشكلة عدم وجود الديكورات ومواقع التصوير الأصلية والقصور البالغ في المعدات والأجهزة خاصة تلك التي تستخدم في التصوير تحت الماء إذ ان جزءا كبيرا من المشاهد صور تحت الماء .
أما الفيلم الروائي الطويل الثاني فهو الفيلم الكويتى المشترك "عرس الزين" إخراج وإنتاج خالد الصديق 1977
وهو يعتمد علي قصة من البيئة السودانية للكاتب السوداني الطيب صالح .
ويمكن الإشارة الى العديد من الأسماء التي ساهمت في تشكيل الواقع السينمائي في الكويت مثل هاشم محمد الذي قدم فيلم (الصمت) و (الفنون) و (غوص الردة) و (غوص عدان)
وبدر المضف الذي أنجز العديد من الأفلام التسجيلية منها (مشروع منطقة الشعيبة الصناعية)
وعبد الرحمن المسلم (الفخ) و (الفجر الحزين)
وعبد الله المحيلان (مذكرات بحار) و (إرتريا وطني)
وعبد الوهاب السلطان (سد مأرب) و (نهر الأردن)
ونجم عبد الكريم (النداهة)
ونادرة السلطان (السدو)
وعامر الزهير (القرار)
ويمكن الإشارة أيضاً الى محاولات حبيب حسين وابراهيم قبازد وعبد المحسن الخلفان عبد العزيز الحداد وعبد المحسن حيات وماهر حجي وعبد الله المخيال ووليد العوض وقد تنوعت نتاجات الأسماء الأخيرة ما بين الروائي القصير والتسجيلي كما مزجت بعض المحاولات ما بين تقنية السينما وتقنية الفيديو.
وفي عام 1995 تم انتاج فيلم "شاهين" مقاس 35 مم ألوان سينما سكوب من إخراج وإنتاج خالد الصديق.
ويحكي الفيلم قصة عاطفية تقع احداثها علي خط التحرير خلال رحلة القوافل التجارية من شبه الجزيرة
وهي أول تجربة كويتية تقتبس فيها قصة قصيرة من الأدب العالمي للشاشة الكبيرة وهو يمثل أيضا أول إنتاج عالمي مشترك من نوعه في منطقة الخليج بين الكويت والهند وايطاليا وحتي هذه اللحظة لم يظهر الفيلم إلي الوجود بسبب فقدان بعض بكرات الفيلم
كل هذه المحاولات في مجال إنتاج الأفلام الروائية الطويلة كانت محاولات فردية خاصة وبإمكانات شخصية متواضعة
أما رأس المال الكويتي الخاص فهو بعيد تماماً عن الاستثمار في الأفلام الكويتية علي رغم أن بعض الجهات الأهلية حاولت استثمار أموالها لتمويل بعض الأفلام الأجنبية
ومن خصوصية السينما الكويتية أن معظم الأفلام التي أنجزت في الكويت تتصل بالواقع الكويتي اتصالا مباشرا وأهم هذه الموضوعات هو الحياة الكويتية قبل النفط وكأنما نذرت السينما الكويتية نفسها للحفاظ علي صور ومظاهر انتهت في الواقع ولكنها تحيا فى ذاكرة مخرجيها ومصوريها.
والموضوع الآخر الذي فرض نفسه علي السينما الكويتية وهو لا ينفصل عن الأول هو صراع القديم والحديث في المجتمع الكويتي الذي نال التغير جميع نواحيه بعد ظهور النفط
وتبقى اشارة الى تأسيس نادي الكويت للسينما عام 1976 مع التأكيد على دوره في تطوير التذوق السينمائي من خلال إقامة العديد من الأنشطة والتظاهرات السينمائية في الكويت