زيارة الملك محمد الخامس للكويت
في 30 من يناير 1960 وفي الساعة الحادية عشرة حلت الطائرة الميمونة بأرض الكويت فوجد صاحب الجلالة محمد الخامس في استقباله بالمطار سمو أمير الكويت الشيخ عبد الله سالم الصباح برفقة ولي عهده الأمير عبد الله وكبار شخصيات الإمارة وأعضاء السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي.
وبعد السلام على صاحب الجلالة وتهنئة جنابه الشريف بسلامة القدوم تألف موكب رسمي تتقدمه السيارة التي يركبها صاحب الجلالة وبجانبه الأمير الشيخ عبد الله سالم الصباح وقصد محل النزول الذي أعده هذا الأمير إلى ضيفه الكريم، وكانت شوارع المرور غاصة بجماهير غفيرة لا تحصى ولا تعد كثرة وهي واقفة على جانبي الطريق تصفق وتهتف بحياة الضيف الجليل محمد الخامس وبحياة العروبة والإسلام، ومختلف أنواع الزينة في كل مكان وأقواس النصر ممتدة في عرض الشوارع الكبرى تتوسطها لافتات الترحيب مكتوب عليها أجمل العبارات وأحسن كلمات الترحيب بصاحب الجلالة وبأعماله الجليلة الخالدة، وسيدنا واقف في السيارة يرد على تحية المهنئن والمستقبلين إلى أن وصل إلى محل النزول.
- جولة ملكية في شوارع المدينة وحفلة شاي وزيارة مدرسة ثانوية ومعسكر حربي وناد رياضي للضباط
بعد استراحة صاحب الجلالة محمد الخامس بالقصر المعد لنزوله وتناوله طعام الغذاء به شخصياً خرج رعاه الله بعد الظهر متجولاً في شوارع المدينة واطلع على مختلف المنشآت العصرية التي أحدثتها الكويت بأرضها بفضل أميرها الشيخ عبد الله سالم الصباح وبالأخص ما يرجع للنفط الذي ينبع في هذه الإمارة بغزارة وتدفق والذي اشتهرت به أكثر من غيرها من البلدان العربية المنتجة لهذه المادة الهامة التي يتوقف عليها سير العالم في شؤونه الاقتصادية والحيوية. وقد حضر حفظه الله بعد ذلك حفلة شاي أقامها على شرفه وزير التهذيب الوطني بالكويت الشيخ عبد الله الجابر حضرتها علاوة على الحاشية الملكية عدة شخصيات بارزة بالكويت.
كما زار أيده الله مدرسة ثانوية وسر بما لاحظه فيها من نشاط في تدريس العلوم وإعطائها مجاناً وشجع التلاميذ الذين قابلوه بابتهاج كبير على الاجتهاد والتحصيل في كلمات مؤثرة للغاية حتى يكونوا من رجال المستقبل الذين ينفعون وطنهم ويخدمون مصلحة بلدهم، ثم غادر مولانا هذه المدرسة في عاصفة من التصفيقات والهتافات من هيئتها أساتذة وتلاميذ وقصد المعسكر الحربي حيث شاهد استعراضاً عسكرياً للقوات الكويتية المسلحة. وبعده زار النادي الرياضي للضباط، حيث كانوا مصطفين به في حلة الرياضة وفي نظام بديع، ثم اطلع في الأخير على كيفية إحياء أراضي جرداء بفضل تصفية ماء البحر في معامل خاصة وسقيها به حتى صارت أراضي خصبة ينتفع بها. ومن هذا المكان عاد مولانا إلى محل النزول مسروراً مما شاهده ووقف عليه في إمارة الكويت من هذه المنشآت الهامة.
مأدبة العشاء
وفي المساء أقام أمير الكويت الشيخ عبد الله سالم الصباح بقصره مأدبة عشاء رسمية تكريماً لصاحب الجلالة محمد الخامس حضرها أمراء الكويت وأعضاء الحكومة وأفراد الحاشية الملكية وأعضاء السلك الدبلوماسي وعدد كبير من المدعوين يقدر بأكثر من ثلاثمائة مدعو. وبعد تناول طعام العشاء تقدم كل الحاضرين للسلام على جلالة الضيف الكريم وتهنئته بسلامة القدوم والإعراب لجنابه العالي عن الابتهاج الذي خامرهم بزيارته لإمارة الكويت فقابلهم رعاه الله بما فطر عليه من أخلاق كريمة فاضلة وتواضع وبشر وسرور، وبعد انتهاء المأدبة ودع مولانا أمير الكويت وعاد إلى قصر النزول في سلامة الله.
المحادثات السياسية
اغتنم مولانا صاحب الجلالة محمد الخامس زيارته للإمارة الكويتية فأجرى محادثة سياسية مع سمو أمير الكويت الشيخ عبد الله سالم الصباح الذي كان محفوفاً بإخوته الذين يقاسمونه الحكم وبكبار مساعديه في مهام الإمارة وقد دارت هذه المحادثة حول المسائل المالية والاقتصادية باعتبار أن الكويت تعد أغنى بلد عربي في النفط ونظراً لما تزخر به أرضها بهذه الثروات الهامة ولما لها من رغبة ملحة في توظيف رؤوس أموال هامة بالمغرب وعلى الخصوص في إقليم طنجة ودامت هذه المحادثة مدة طويلة وعلم أنها كانت منتجة للغاية.
مغادرة إمارة الكويت والتوجه إلى الجمهورية العراقية
وفي صبيحة يوم الأحد 31 يناير غادر صاحب الجلالة محمد الخامس قصر النزول صحبة أفراد حاشيته متوجهاً إلى مطار الكويت حيث حضر لوداعه به الأمير الشيخ عبد الله سالم الصباح مرفوقاً بإخوته وأعضاء حكومته وأكابر الشخصيات وبعد انتهاء مراسم حفلة الوداع امتطى مولانا صاحب الجلالة الطائرة ووجهته مدينة بغداد عاصمة الجمهورية العراقية.
http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad40/Rev11.htm
الشيخ عبدالله السالم مستقبلا ملك المغرب محمد الخامس
__________________
تهدى الامور بأهل الرأي ماصلحت ***************** فان تولوا فبالاشرار تنقاد
|