وثيقة سفينة البدري للنوخذة القطامي
«گول» القطامي البدري جابت البحار سبعة عقود من الزمان واشتراها بازرعه
كتب أحمد شمس الدين:
العم الفاضل النوخذة صقر عبدالوهاب القطامي، يجوب بنا اليوم في بحور الذكريات الجميلة، وعلى متن «البقلة» البدري، عندما كانت تمخر عباب البحار بدءا بالعراق، مرورا باليمن، وبسواحل وموانئ افريقيا، وانتهاء بالهند وباكستان.
الوثيقة القيمة التي خص بها العم ابو محمد زاويتنا «وثيقة للتاريخ»، مشكورا، تعود الى عام 1350هجري، ما يعادل 1931ميلادي، قبيل الحرب العالمية الثانية، وقد منحت لوالده النوخذة الكبير عبدالوهاب ابن عبدالعزيز القطامي من قبل حاكم الكويت آنذاك، الشيخ أحمد الجابر الصباح، ومصدق عليها من المعتمد البريطاني في البلاد في تلك الأيام الجميلة من تاريخ هذا الوطن الحبيب، الذي قامت أركانه المتينة على سواعد رجاله الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجله، وجابوا البحار بحثا عن الرزق الحلال.
العم صقر القطامي وجه لنا دعوة كريمة لزيارته في دارته بضاحية عبدالله السالم، للوقوف عن كثب على كل ما يتعلق بوثيقتنا اليوم، «السفينة البدري»، حيث اطلعنا على الكثير من الأوراق والوثائق التي تعود الى سالف الازمان، عندما تناوب على تولي ادارة دفتها وشؤونها والده المرحوم النوخذة عبدالوهاب القطامي وأشقاؤه النواخذة - رحمهم المولى عز وجل جميعا - بدر فيوسف فناصر الذي باع السفينة «البقلة» البدري بعشرة آلاف روبية على احد تجار اليمن بعد خدمة دامت 75 عاما.
يقول العم النوخذة ابو محمد القطامي، أطال الله في عمره، وهو يسترجع الذكريات الجميلة بأن «الگول» كلمة تعني وثيقة تملك السفينة «البدري» الصادرة قبيل الحرب العالمية الثانية، عندما كانت البوارج المنتشرة في البحار تقوم بالتشديد على هوية السفن وملاكها، وذلك لأسباب أمنية تتعلق بتلك المرحلة، مما حدا والده المرحوم النوخذة عبدالوهاب ابن عبدالعزيز القطامي إلى الطلب من حاكم الكويت تزويده بوثيقة تسهل له وعليه عملية الابحار والرسو في الموانئ المختلفة.
يضيف النوخذة صقر القطامي أن «البدري» سفينة تجارية حمولتها حوالي 2800 «مَن تمر»، و«المن» يساوي 75 كيلوغراما، وكانت ترسو في موانئ اليمن، جدة، بورسودان، جيبوتي، الصومال، وسواحل افريقيا، وزنجبار والهند وباكستان لبيع التمور التي يتم شراؤها من تجار العراق، بالإضافة إلى التجارة بالكثير من الأصناف المطلوبة في تلك الأيام.
ويضيف أن البحارة، الذين كان يربو عددهم أحيانا على الــ40 فردا، كانوا خليطا أصيلا من ابناء هذا الوطن المتحاب والمتجانس، سنة وشيعة، لا فرق، الكل يطيع الأوامر التي تصدر إليه من القبطان النوخذة ومن زملائه على متن السفينة، وكانوا مثالا لأهل الديرة الأصلاء العقلاء المتحابين.
ما أجملها من أيام! (الكلام للعم أبو محمد).
ويروي لنا النوخذة القطامي الذي حصل على (اجازة نوخذة درجة أ - ب في 12 ابريل عام 1961 من دائرة الموانئ العامة - حكومة الكويت) قصة بيع «البقلة» البدري على أحد تجار عدن بعد أن خدمت لأكثر من سبعة عقود من الزمان، وآن أوان تقاعدها عن العمل، بأن الشاري وهو من أحد أعيان ومن كبار تجار عدن في تلك الأيام من عائلة بازرعه الذي اشترط على شقيقي ناصر، رحمه الله، (الكلام للنوخذة ابو محمد القطامي)، ان يعبر بها المحيط الهندي الى النيبار بقصد شحن أخشاب لصناعة السفن من كلكوتا الى عدن، فتم له ما أراد واستلم «البقلة» مع حمولتها.
سألت مضيفي صقر القطامي عن الكيفية التي عاد بها شقيقه والبحارة الى البلاد بعد بيع السفينة؟ فأجاب أنه تم توزيع البحارة، وكان عددهم حوالي 27 بحارا على السفن العائدة الى الكويت، ووصلوا جميعا سالمين غانمين ليرووا لأهل الديرة قصة البقلة البدري المشهورة جدا في تلك الايام ومشوارها الطويل وهي تمخر عباب البحار والمحيطات.
الشكر كل الشكر للعم الفاضل النوخذة صقر عبدالوهاب القطامي على دعوته الكريمة لنا، والتي تمت حوالي الساعة العاشرة والنصف من ليل الثلاثاء الفائت 2 الجاري، ولوثيقته الجميلة.
* * *
وفيما يلي النص الحرفي للـ«گول» وثيقة السفينة «البقلة» البدري التي تحمل توقيع وختم حاكم الكويت في تلك الايام من عام 1350هجري، المغفور له بإذنه تعالى - أحمد الجابر الصباح. ومجموعة أختام تصديقية تعود الى المعتمد البريطاني (لاحظوا اللغة البسيطة والأسلوب الذي كُتبت به الوثيقة).
الواقفون على مرسومنا هذا من الساكنين بالبحار والساكنين بالبنادر من جميع الدول العظام الفخام المتحابة منخصوص البقلة المسماة البدري ملك عبدالوهاب ابن عبدالعزيز قطامي هو من جماعتنا أهل الكويت وتابعنا نؤمل من حكم دراية الدول العظام المتحابة اذا نظروا إليه ووقفوا عليه أن يعاملوه بالمعاملة اللائقة كما جرت به أصول وقوانين وشرائط وروابط الدول المتحابة، هذا ما أصدرناه وبيد ناقله سلمناه كي لا يخفى 28 ربيع الأول 1350.
صحيح
حاكم الكويت
أحمد الجابر الصباح
الختم
تواقيع وأختام المعتمد البريطاني
القبس اليوم
__________________
ومنطقي العذب للألباب مستلبٌ *** ومبسمي نضَّ فيه الدر والنضرُ لازم منادمتي وافهـم مناظرتي *** واسمع مكالمتي يفشو لك الخبرُ
|