جريدة القبس - 16/2/2009م
وجدت أن لا ظل ولا صوت ولا اسم للمرأة إلا دينها وعلمها
لطيفة الفهد: مستحيل أن يأتي مثل سعد العبدالله
طباعي طباع فهد السالم أواجه فورا .. والشيخ سعد كان يواجه ويحسم بشجاعة لكنه يغفر ويستصغر الرد على من ضره.
هي ابنة المغفور له الشيخ فهد السالم الصباح، ولدت وكل شيء مفتوح امامها في الحياة، فحققت الكثير لوطنها، درست في المدرسة الشرقية للبنات، وأكملت علمها بدراسة التاريخ الاسلامي والأدب العربي واللغة الانكليزية، تطبعت بطباع والدها واتسمت شخصيتها بالقوة والتميّز.
كثرة اطلاعها وسفرها جعلاها تنضج منذ صغرها، تزوجت في سن الحادية عشرة من المغفور له سمو الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، ولم تمنعها أبواب القصر من البحث والاهتمام بعلوم الدين والأدب والتاريخ والشعر والتراث، والفنون الاسلامية.
أسست جمعية الرعاية الاسلامية، وقامت بتوحيد اللجان النسائية خارج الكويت أثناء الاحتلال، ثم اسست الجمعية التطوعية بعد التحرير، تترأس اليوم الاتحاد الكويتي للجمعيات النسائية ولجنة شؤون المرأة في مجلس الوزراء، دورها بارز في رعاية وتشجيع الانشطة الاجتماعية،
وهي اول من رعى ذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين والايتام والمتفوقين في دور القرآن الكريم،
وهي اول من اسس مركز القرآن الكريم للنساء، ومن خلال الاسواق الخيرية التي تقيمها الجمعية التطوعية النسائية تساعد الاسر المحتاجة، كرمت في مصر عام 2006، وحصلت على لقب «سيدة العام» لما قدمته ولما تبذله من خلال موقعها .
التقيناها في قصر الشعب وعلى مدار ساعة ونصف الساعة كان لنا منها الاستقبال الطيب واللقاء المميز بحديثها المليء بالذكريات وبالابتسامة التي لم تفارق مبسمها عندما تتذكر طفولتها ووالدها ووالدتها والسنوات الستين التي عاشتها مع المغفور له سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله الذي تعجز كلماتها وكلمات الآخرين عن وصفه ووصف مناقبه. إنها الشيخة لطيفة الفهد السالم الصباح التي كانت لنا معها هذه الاستراحة:
ما المشروع الجديد الذي تهيئينه لهذا العام؟
هناك أمور تفرض نفسها للعمل بها، وأمور أخرى نتمنى عملها وقد لا تساعد الظروف على القيام بها، والحمد لله نحن اليوم بصدد التطرق إلى السلبيات الاجتماعية الموجودة في مجتمعنا من خلال المؤتمر الذي نظمناه وسيقام في 191817 فبراير،
سنتناول السلبيات التي يراها ويحسها الكل، لكن لا يريدون الكلام والخوض فيها، فيقولون هذا موضوع صعب فكيف سنتطرق إليه، اليوم أفضل من الغد لطرح هذه المواضيع الحساسة، والحقيقة أنا أشكر الإعلام الصحفي لأنه يتكلم ويكتب على الرغم من أن ذلك لا يعجب الكثير من الناس، ولقد قلت عن الصحافة في مؤتمري الصحفي مؤخرا بأنها مرآة المجتمع، وعندما تتكلم عن هذه السلبيات يتنبه المجتمع لها ويتداركها.
السلبيات على الطاولة
هل هناك طرح من قبلكم يحمل حلولا لهذه السلبيات؟
أرى الحلول بعيدة، لكنها تتضمن الضوابط القانونية والإجرائية، كذلك لا بد من اشراك المجتمع معنا في الحلول والدراسة كما فعلت، فحاولت طرحها على الرأي العام لأرى ردات فعل الناس، حيث توجد أمور سلبية تمارس في المجتمع، لكن لا وجود لدراسة ميدانية تبين نسبتها فيه،
فكل ما نسمعه مصدره الاشخاص الذين يمارسون بعض المهن إن كانت في التربية أو في الصحة كما ينقل إليّ ما يحصل في الاسواق،
وللأسف البعض يعتقد أن الإنسان إذا تكلم عن السلبيات الممارسة في المجتمع، كأنه يعيب مجتمعه وهذا غير صحيح، فإذا لم يسلط الضوء على هذه الأمور ستصبح عادة يمارسها أفراد المجتمع ويصعب التخلص منها، والآن هو التوقيت الأنسب لطرح هذه السلبيات على الطاولة والتعاون مع المجتمع المدني والاسرة والمدرسة والشارع. ولقد دعونا وزيرة التربية ووزير الإعلام ووزير الشؤون الى تنبيه أصحاب الشأن ليتولوا هذه المسائل.
بماذا تعلقين على لجنة الظواهر السلبية التي ظهرت اخيرا في الكويت؟
لا أعرف شيئا عن هذه اللجنة، لكنها هي الظاهرة السلبية في المجتمع، كيف يتعرضون للناس في الشارع؟ وإذا لم تكن فلانة محجبة فهل تضرب؟! أم يوجهونها بالكلام والحوار الطيب، أنا أكره هذه الأمور، وأنا ضد النقل والتأويل.
نحن نعيش وقتا يختلف كليا عن الوقت السابق، فلا نستطيع ان نعيش كما عاشت أمهاتنا أو جداتنا، تستطيعين الاستيلاء على عقول راكدة، لكنك لا تستطيعين الاستيلاء على عقول متحركة متعلمة، وبكل صراحة نحن ،الكويتيين، اختلطنا وسافرنا في البدايات الى لبنان وسوريا ومصر، لكن من دون توعية للنساء وللرجال.
ففي الخمسينات، حيث أول ظهور للثروة، الناس اندفعوا الى السفر وظنوا المدنية هي التي يرونها أمامهم، لكنها ليست المدنيّة وليس هذا هو التطور. اكتسبنا العادات السلبية التي يحاول الآخرون محاربتها، وهذا أمر مؤسف جدا، والرجل انغمس قبل المرأة في هذه السلبيات،
فهناك رجال سافروا الى سوريا والى لبنان وتزوجوا هناك، واليوم الرجل الكويتي يتزوج الفلبينية والسريلانكية، فلم يقدّر المرأة الكويتية التي تحمل بعض اعبائه في الاسرة من خلال عملها، حتى أن الزوج الكويتي وزوجته الكويتية غير متفاهمين، بحيث يعين الزوج زوجته ويأخذ برأيها.
لماذا اصبع الاتهام يوجه دائما نحو الرجل، فقد اعتبرت الرجل دكتاتوريا، خصوصا في وقت الانتخابات النيابية، لكن اذا بحثنا وجدنا المرأة لا تثق بالأخرى ولا تريدها ان تتولى أمورها، وهذا من خلال اقتراع النساء للرجال؟
هل تعتقدين أنها أرادت فعلا انتخابه؟! فلولا سيطرته عليها وخوفها من وقوع مشكلة في بيتها لما انتخبته، والزوج المثالي تعيش الزوجة معه مرتاحة، فكيف لا تنتخبه أو تنتخب مرشحا عزيزا عليه؟!
هل يسيطر المناخ الديني اليوم على المناخ السياسي في الكويت؟
لا يمكن أن يسيطر إلا إذا كان الكل أعمى، وأعني عميان البصيرة والصدور ليقودهم شخص معين مهمته ان يقول «قال الله ورسوله».. وفي كثير من الأحيان هذه الأقوال لا يوجد لها مصدر ثابت.
أنت جزء من هذا المجتمع وعشت في بيت سياسي، كيف تقيمين الديموقراطية في الكويت؟
كلنا نريد الديموقراطية فهي الأساس وهي امتداد لنا كأسرة الصباح وامتداد لي، هناك ممالك تهالكت عندما غابت الديموقراطية عنها، ويجب أن أكون قدوة لغيري في ممارسة الديموقراطية، فأعطي وأضحي من دون مقابل.
ماذا عن الاستجوابات الدائمة للحكومة؟
علينا إعطاء بلدنا القوانين الصلبة وكسر بوز النائب الذي يريد أن يسرق ويهبر لمصالحه، وعندما يعرف النائب ان الذي أمامه مستقيم فلن يجرؤ على طلب أي شيء منه.
بعض الناشطات يقلن أنهن تركن الجمعيات النسائية لأنها لا تفيد بشيء، وهي مكان للمظاهر والبرستيج، فماذا تقولين؟
هذا كلامهن، وإذا لم يكن هناك عمل مفيد في الجمعية فليوجدنه، والحقيقة ان اللواتي يعملن في الجمعيات النسائية قلة قليلة من المتطوعات، وحتى في الاجتماعات لا يحضرن، وبالنسبة لي لم أقل خلاص لا أريد أن أعمل ولم أيأس بل شجعت الكل فأصبحن يعملن، وهن غير مجبرات ليعملن طوال النهار، والعمل التطوعي يفيد مجتمعنا وكل من تعمل تبرز، وتترأس ولها الكلام والترتيبات وهي من تجمع الكل.
هل تجدين المرأة الكويتية مؤهلة لتكون قاضية؟
نعم، وإذا أصبحت المرأة قاضية على الرجل سيعم العدل، مجتمعنا مجتمع ذكوري من ايام جداتنا، فلا يمكن للرجل العودة للوراء، هناك رجال بلغوا من العلم درجات وتجدينهم يحترمون المرأة ويأخذون برأيها ويناقشونها بأمورهم، وهناك رجال لا يقولون اسم المرأة الا بتصغير، فمثلا بدل ان ينادي زوجته بفاطمة يقول لها فطموه، او فطيمة، واجد المرأة مؤهلة، لتكون قاضية وتصحح ما افسده الرجال.
مدللة
نعلم أنك تسافرين منذ كنت طفلة فما سرّ عشقك للسفر؟
أحب السفر كثيرا، وأول ما سافرت كان عمري اربع عشرة سنة لانني احب الاماكن التاريخية سواء في الدول الاوروبية أو العربية وفي السفر إلى الخارج
انظم وقتي فيوما اذهب فيه إلى السوق لارى ما لديهم من موضة وتراث فلدى الغرب تطريز عجيب وأنا احب التطريز، وعندما كنت في المدرسة اخذت جائزة في التطريز .
سأذكر قصة ما زالت في ذاكرتي في احدى سفراتي حيث التقيت والدي صدفة في مدينة «نيس» في فرنسا، فقال لي المرحوم: يالله بتمشين معاي،
فقلت: أنا أتيت قاصدة السفر الى اسبانيا للتعرف على هذا البلد الذي قرأت عنه كثيرا، وهو بلد اجدادنا اريد ان ارى الآثار الموجودة فيه فرد علي: هذا اول وكل شيء اليوم اندثر،
اراد المرحوم الذهاب الى سويسرا فقلت له: لاوقت لدي، فسأذهب الى اسبانيا لان الشيخ سعد سيذهب إلى الكويت والبنات في بيروت يدرسن، فلا استطيع التأخر فلم يجد فائدة مني،
فقال لي: سافري فسافرت بالسيارة لانني احب ان اشاهد مناظر البلد ومعالمه فذهبت الى مدريد، والشيء الوحيد الذي ندمت عليه هو عدم زيارتي للمكتبة الى الآن لكن النية موجودة، المهم كان في تفكيري انني سأرى الآثار العربية في اسبانيا وعلى درجة عالية من التقنية فذهبنا، وجلسنا عند الوادي الكبير والنهر،
وبعد الغداء كنت جالسة على السجادة وانا شاردة في التفكير اتخيل قافلة تمر بها فرسان، ركبنا السيارة ووصلنا قرطبة الساعة الرابعة، فوضعنا الحقائب في غرفنا في الاوتيل، واردت الخروج الى قصور الزهراء التي قرأت عنها فهي خارج قرطبة، وتقع على سفح جبل فذهبنا هناك ولم نجد شيئا، ثم اخذنا السائق الى مسجد الثقة
وهو المسجد الوحيد الباقي في اسبانيا، فطلبت منه ان يأخذني الى قصور الزهراء
فقال: لم اسمع بها، فقلت له: أنا قرأت عنها وهي قصور لا يوجد مثلها في العالم ثم عدت الى الاوتيل وطلبت من السائق ان يسأل عن مكان هذه القصور، ثاني يوم اتى السائق، واخذنا الى مكان بعيد مسافة عشرين كيلوا مترا، وصلنا بالفعل على سفح جبل ووجدت سوراً مهدماً وبقايا لا نعرف البداية من النهاية، مشينا واذ بباب خشبي حقير، وحفريات لا يسمح لنا بالمرور من خلالها،
فطلبت من السائق ان يقول لهم انني اميرة عربية اتيت من مسافة بعيدة لارى بلد اجدادي، وقد لا تكون فرصة اخرى للعودة الى هنا، واذا بمدير المشروع والمهندس يأتيان اليّ ويقولان لي تفضلي معنا، فكانت الحفريات رهيبة والسلالم الخشبية والحبال، فكنت اتعلق واتمسك بها وانزل إلى الحجر السفلية، فرأيت اشياء ليست على مستوى قصور الحمراء فقط حجرة فيها أعمدة رخامية ومشغولة وفيها مباخر رخامية،
فقلت للموجودين يمكن هذه الشرفة التي فيها السبع نافورات، وتعجبوا لانني اتيت من الكويت وهم لا يعرفون اين تقع وما هو الخليج العربي؟!
وعندما رأيت الذي قرأته في التاريخ كحقيقة واقعة فرحت كثيرا،
سافرت الى بلدان كثيرة الى السويد والنرويج ورأيت السفينة الشراعية التي ركبها ماجّلان، امي فتحت عيني على هذه الامور، مع انها كانت اميّة، وابي كان يعشق السفر كنت معه دائما عندما كنت صغيرة وبعدها تزوجت واخذتني الدنيا،
كان ابي رحالا يحب السفر الى اقصى الحدود، وكان يعجبني كثيرا كرجل فشخصيته صريحة له طلة حولها هالة قوية، وكان منطقه جميلا له حجة مقنعة اذا تكلم واذا نظر الى احد يفهم معنى نظراته، كنت اراقبه في كل سفراته وفي رحلاته للقنص.
هل كنت تهابينه؟
نعم كنت اهابه، واعمل حسابه كثيرا، وكنت ارى الكل يهابه، ومع ذلك طلعت مدلعة ومدللة عنده، لكن وقت الجد جد والضحك ضحك، ابي كان مثقفا كثيرا ورثت عنه الكتب التي كان يدرس فيها، وكانت تعليقاته مكتوبة بخط يده عليها كما اهداني مكتبته الخاصة.
اما زلت تحتفظين بها؟
لا فللاسف، امي الله يرحمها اعطت كتب ابي لابن خادمتها، فعندما عدت من السفر سألتها: اين الكتب؟ فقالت لي لم ارسلها إلى المكتبة واعطيتها لابن ام عمر، فرديت عليها: يايمّى هذي من ابوي ذكرى فقالت: زين روحي اشتري في منها كثير. (تتذكر وتضحك)
كيف كان اثر امك في شخصيتك وتفكيرك؟
كانت امي على قدّ حالها طيبة كثيرا، متدينة جدا حريصة على دينها وحاول والدي تدريسها القرآن لكنها توقفت عن دراسته عندما وصلت الى آية الزاني والزانية يجلدا فقالت: هذا ما يصير، القرآن ما فيه شيء كهذا فكنت اضحك على كلامها.
ربينا سوا وتزوجنا
خرجت من بيت اهلك صغيرة جدا عندما تزوجت بعمر الاحدى عشرة سنة، كيف قالوا لك انك ستتزوجين؟
لم يقل لي اي احد انني سأتزوج ففي ذلك الوقت لا يؤخذ برأي البنت، عرفت ليلة زواجي انني سأتزوج، وكنا انا وسمو الامير الراحل الشيخ سعد عايشين في بيت واحد،
فوالدي ربّى اولاد الشيخ عبدالله الشيخ سعد والشيخ خالد الذي توفي صغيرا في عمر الثلاثين، ربيت معهم والمرحوم الشيخ جابر العلي ربى معي، وكان قاسي اللعب يشد شعري،
وكان يسألني عندما يراني ادرس ماذا سأصبح اذا درست،
وامي تقول له: اتركها شتبي فيها، فيرد عليها: انا رح أؤدبها لانكم ما تضربونها.
لماذا اختاروا سمو الامير الراحل الشيخ سعد زوجا لك؟
منذ كنا صغارا قالوا لطيفة لسعد، وكان يكبرني بسبع سنوات .
دخلت بيت الزوجية وأنت طفلة، هل وعيت كيف أصبحت زوجة وأم؟
يختلف وقتنا عن هذا الوقت، فلم نكن نعرف أمورا كثيرة، في ذاك الوقت كانوا يعتبرون سننا مناسبا للزواج، أما اليوم فابنة الاحدى عشرة سنة مازالت تحبو على الأرض.
كم سنة دام زواجك؟ وكيف كانت العلاقة بينكما وذكرياتها؟
حوالي الستين سنة، عشت مع الشيخ سعد شخصية لشخصية، فكل واحد فينا شخصيته تختلف عن الآخر، لم يكن يتدخل بي كالأزواج الذين يتحكمون بشخصيات زوجاتهم، ولم أشعر بكل عمري معه أنه استخف برأيي لمرة واحدة، كان يحترم رأيي وكنت أحترم رأيه، ولم تحصل أي مشكلة بيننا،
كان من النوع الساكت، كثير القراءة، بينما كنت أنا في بداية زواجي أقرأ كثيرا فلم أكن كبيرة لأجلس مع الكبار ولا استطيع الخروج مع اللواتي في سني للعب معهن لأنه عيب كوني أصبحت زوجة، فأخذت أقرأ كتب والدي كلها، وحفظت الأشعار وقرأت كتب التاريخ والأدب
وعندما أرسل والدي الشيخ سعد الى بريطانيا ليدرس سمعت من بعض الحاسدين يقولون لماذا يُرسل المرحوم للدراسة بالخارج؟ وعلمت أنهم سيرجعونه الى الكويت،
فكتبت رسالة الى عمي عبدالله والد الشيخ سعد، وذهبت إليه وقابلته وجلست وأعطيته المكتوب وقلت له: طال عمرك هذا مكتوب مني، فقال: عجيب جايتني ومعك مكتوب، فطلبت منه قراءته، وعندما قرأه قال لي: من كتبه لك؟
فقلت له: لماذا يا عمي هذه الإهانة؟ قال: أسأل لأن لغته العربية سليمة، فرددت عليه: كنت الأولى يا عمي في العربي ومازلت.
بعد رحيل سموه الى ماذا تفتقدين؟
إلى كل شيء، ولاأجد له مثيلا، لهذا لا أحب أن يكتب عنه شيء لأنني أخاف أن ينقصوه حقه، فمهما كتبوا وقالوا عنه فهو القليل القليل لأنهم لا يعرفونه،
سعد العبدالله مستحيل أن يأتي للكويت سعد ثان مثله، يحمل من صفات والدي ووالده وجده الشيخ سالم، كان شجاعا كريما، صاحب حجة، عندما يتكلم يتكلم بارتجال وبمنطق سليم وفكره مرتب، كان حليما جدا غير مندفع، حنونا جدا على عائلته.
أكنتما تتحدثان في الأمور السياسية؟
أنا من كان يتحدث، ولا يمكن أن تعرفي كيف كان يأخذ بالرأي، فإذا تكلمنا بموضوع ما، لا يبين إن كنت على حق أم لا، كان يتصرف بقناعاته ولا يمكن أن يُفرض أي شيء عليه،
أما أنا فطباعي طباع فهد السالم، فإذا لم أرض عن شيء أتكلم فيه فورا وأواجهه، والشيخ سعد صحيح كان يواجه ويقول بكل شجاعة ويحسم لكن صدره كان واسعا ويغفر ويتغاضى، حتى لو ضرّه انسان لا يضره، ويستصغر أن يرد عليه لاعتباره هذا الإنسان صغيرا،
كان يبدّي مصلحة الناس كلها على مصلحته وعلى راحته، قلت له كذا مرة إذا ضره أي أحد: حطّه تحت رجليك ودوس عليه، فلماذا تتحمل؟ فينظر إليّ ساكتا وأظنه في قرارة نفسه يقول لو كنت مكاني لعملت.ها.
من أول طفل نوّر بيتك؟
كانت مريم أول طفلة، وكنت أرغب في انجاب اثني عشر طفلا، فكنت أتخيلهم جالسين على السفرة يأكلون ويلعبون وواحد يضرب الثاني، كنت أحب الأطفال كثيرا، واذا مرضت واحدة من بناتي أبكي كثيرا وأقول خلاص ستموت، وبالفعل قضيت حياتي في طفولتي وأول شبابي منغصة بسبب هذا،
عندما أنجبت مريم كان عمري ثلاث عشرة سنة ونصف السنة، بعد مريم جاءت حصة ثم جمايل ثم شيخة، أما فادية ولدتها بعد أن توفي والدي،
وكان المرحوم ينتظر الولد بفارغ الصبر، ويقول لي: يا لطيفة متى ستنجبين الولد لنسد عين سعد العبدالله حتى لا يقول ابنتي لا تنجب إلا البنات.
فادية ولدتها في لبنان وحينها كتب لي الشيخ سعد العبدالله، رحمه الله، يقول سنسمي البنت إما فادية أو فايدة لأن فيها من أسماء الوالد، رحمه الله، فآثرت فادية وكانت جميلة جدا عندما ولدتها
وبعدها ولدت فهد، وكان بالنسبة لي شيئا لا يوصف من خلال اسمه، وكنت اخاف عليه من نسمة الهواء، لكنه مرض مرضة، حيث التهب مصرانه فتعبت نفسيتي كثيرا لأجله، الله يحميه ويطول عمره.
ما الذي ميز المرحومة مريم؟
رحمها الله، كانت تُشعر بالانكليزية، فكان حبها للأشعار لا يوصف، كانت رقيقة وتحب جدتها كثيرا، وعندما توفيت جدتها تأثرت بعمق، توفيت ببداية الاربعينات،
لكن الايمان كبير بداخلي، ولأنني مؤمنة فدائما المصيبة تهون عليّ، صحيح أتذكرها وأبكي وحتى أتذكر المرحومة شيخة كثيرا وأتألم عليها أكثر لأنني كنت على علم بأنها ستموت لاصابتها بالسرطان، لقد توفيت بعمر التسعة وأربعين عاما، وبكل صراحة لم يأت احد بعد مثل المرحومة شيخة، لقد كانت فلتة بذكائها وعلمها.
حدثينا عن أحفادك؟
الله يحفظهم، هم نعمة كريم، الشيخ فهد عنده خمسة أولاد وبنت، كبيرهم عبدالله وهو المقرب إليّ لأنه أول حفيد عندي، وحتى كان المقرب عند الشيخ سعد، والشيخة حصة عندها ولد واحد، وفادية عندها ثلاث بنات وولد، والحمد لله أحفادي يملأون البيت عليّ، والله يديمهم لي.
كيف عشت حياتك مع سموه في القصر.. هل كنت أسيرة البروتوكولات؟
لم أعش أي بروتوكولات، عشت حياة عادية مع سموه والى اليوم اشعر بوجوده وكأنه لا يزال معي في البيت، لم يعش في هذا القصر كثيرا بعد ان اصلحناه، كان يجلس في الطابق العلوي في مكان خاص وفي الحديقة،
وعندما بنينا البيت لم يسألني ماذا فعلت وماذا حطيت او شلت، واول دخوله البيت قال لي جزاك الله خيرا على كل ما قمت به، كان كريما جدا، لكني حينها لم اكن سعيدة لأن شيخة توفيت، كنت أسرّع في فرش هذا البيت من اجلها، فعملت لها جناحا خاصا لانني اردتها ان تشعر به وتعيش معنا في البيت.
مَنْ مِنْ بناتك تشبهك في تصرفاتك وتفكيرك؟
كل بناتي مثلي شخصياتهن قوية ومثقفات.
هل تلتقين عائلتك دائما على الرغم من انشغالك وسفرك؟
نحن نعيش مع بعضنا، ونفتقد حصة لانها يوم في الكويت ويوم في اليمن ويوم في البحرين، فهي دائمة الترحال والسفر.
ألديك صديقة رافقتك منذ البداية الى اليوم؟
كانت المرحومة هداية السلطان معي دائما، كنا نلعب بالاشعار على القافية ونلعب بالتاريخ والمعلومات التي درسناها في المدرسة، لكني لم اصادق الكثير من الصديقات في المدرسة، بعدها تزوجت وكنت اخرج من البيت كل ثلاثة اشهر، واقضي وقتي في قراءة الكتب والمجلات الاسبوعية،
وما زلت نادمة على عدم اكمالي دراستي في ذلك الوقت لأن احدا لم يشجعني على ذلك، فأمي لم تنجب غيري انا واختي التي توفيت وكان كل همها ان أتزوج وأحمل وألد، واذا قلت لها سأدرس تقول: «واخزياه ماذا ستدرسين؟»
ما هواياتك؟
السباحة احبها، علمني اياها ابي فكنت اركب على ظهره واسبح، كما احب المشي في الطبيعة وخصوصا المشي في جبال لبنان، لدينا اليوم بيت في «اللويزة» وهو بيت جميل جدا لم انته من تجهيزه بعد.
كونك مهتمة بالرياضة على أنواعها ماذا تقولين عن الرياضة في الكويت؟
أتألم ويحترق قلبي لما حلّ بالرياضة في الكويت، لقد احتكروا اللاعبين واستملكوهم وسيّسوا الكرة لمصالحهم الخاصة، فأين الفريق الكويتي؟ وأين الموهوبين؟ لماذا لا يتركونهم يلعبون براحتهم ويحترفون؟انه لشيء مؤسف جدا، لقد كان سمو الامير الراحل الشيخ سعد عرباويا وانا مثله عرباوية.
ما الألوان المفضلة عندك؟
أحب الألوان الفاتحة ولا احب الالوان الصارخة، كان جسمي جميلا جدا ومتناسقا، فلم اكن اتعب في اختيار ملابسي، اما اليوم فجسمي عليه «Cross»، ذهبت عدة مرات الى ال«SPA» وأنزلت وزني عشرة كيلوغرامات ولكن سرعان ما استرددتها بعد فترة، افضل شيء ان يأكل الشخص ما يريده وبكميات قليلة.
ماذا تتابعين من البرامج التلفزيونية؟
لا اتابع شيئا محددا، إذا اعجبني برنامج اتابعه كما اشاهد الافلام الجميلة واحب القصص المحبوكة ولو كانت خيالية والافلام الواقعية التي تبرز الحقائق التي نعيشها.
نسألك في ختام اللقاء إلى ماذا تطمحين اليوم؟
يحقق الانسان طموحاته اذا كان كل شيء متاحا امامه، ومن بداية حياتي كان كل شيء مفتوحا امامي بوجود والدي الذي جعلني ادرس واسافر واقرأ، كما التقيت كل الرسميين الذين يأتون الى الكويت وقابلت زوجاتهم وتعرفت عليهن فلم اشعر بأي نقص،
وأنا أول من اعتنى بالمعاقين واهتم بمعارضهم ويومهم الرياضي، فأي مشروع رسمي كان لدي فيه طموح،
وعندما وعيت على المجتمع وجدت ان لا ظل للمرأة الا دينها وشريعتها فلا صوت ولا طرح ولا اسم لها سوى دينها وعلمها وثقافتها، فطمحت الى عمل مركز للقرآن وحققت هذا الطموح،
وللاسف كنت ابني هذا البيت فابتعدت عن اكمال ما بدأت به لعدم اتساع الوقت للمتابعة، ولو كان الله كتب لي إتمام طموحي لكان مفهوم الدراسات مختلفا كليا عما هو عليه اليوم،
والحمد لله اليوم في الجمعية انا مع نساء كثيرات أصبح تفكيرهن مختلفا فأخذن الدين كعلم وليس كتبعية.
.