أجرت الحوار : حنان عبيد - القبس
15/06/2009
ولد عام 1933 في منطقة قبلة، درس في الكتاتيب فحفظ القرآن وتعلم الكتابة والقراءة والحساب، وعندما بلغ الثالثة عشرة سافر ومارس الغوص وكان يسحب الغيص فعمل «سيبا»، بعد ذلك توظف في وزارة النفط لينتقل عام 1952 الى عالم الشرطة بعد ان عينه السيد عبدالرحمن العتيقي. عمل بالتحقيقات في حوادث المرور، وبعد سنوات طويلة اصبح المدير العام لإدارة المرور في اواخر السبعينات ومديرا للشرطة في الداخلية لفترة قصيرة. بعد تقاعده عمل مديرا لاتحاد وكلاء السيارات لكون العمل فيه مرتبطا كل الارتباط بالمرور. ومع ذلك ما زال يحن لأيام المرور ويتمنى ان تأخذ الادارة بخبرته فيها لتحل مشاكلها.
انسان صريح جدا منضبط ودقيق في عمله، يتأثر بالمواقف الحساسة فتدمع عيناه بسرعة. يهوى صيد السمك ويحب أكل المموش. انه اللواء المتقاعد يوسف عبدالعزيز السعد مدير اتحاد وكلاء السيارات الذي حاورناه في لقاء تصفحنا خلاله ايام الخمسينات من بداياته المهنية ونشأته الاسرية، فإليكم هذه الاستراحة:
< أبو عادل، كونك مدير اتحاد وكلاء السيارات منذ اثنتي وعشرين سنة، فماذا تقول عن آثار الأزمة الاقتصادية على سوق السيارات؟
ــــ الأزمة الاقتصادية اثرت على سوق السيارات، لكنها لم تؤثر عليه كثيرا في الكويت.
حياتي مرور
< حدثنا عن تجربتك المهنية في المرور مبينا الفرق بين المرور في الخمسينات وحاليا؟
ــــ دخلت المرور في الخمسينات وأصبحت مديرا للمرور في السبعينات، ولقد كانت حركة المرور في الخمسينات محدودة جدا، وعدد الناس كان اقل بكثير، فكانت الحوادث نادرة، وكذلك الوفيات، اما اليوم فالعدد الهائل للناس وللحوادث يبين الفرق الكبير بين ما كان عليه المرور في الماضي وما هو عليه حاضرا.
< علام يدل هذا الشيء؟
ــــ يدل على التطور السريع الذي لا يتوافق مع المستوى الاداري المروري، حيث تدنى هذا المستوى، واتصور ان المشكلة بالدرجة الأولى سببها اداري.
< لو افترضنا انك مازلت مديرا عاما لإدارة المرور، فماذا كنت لتفعل؟
ــ سأقوم بتطوير ادارة المرور من ناحية استغلالها لعملية المرور في الشارع لا ان يكون دورها محصورا في الاعمال المكتبية من رخص وفحص فني وامور مدنية يجب ان تتابعها ادارات خاصة بها، ومن ثم يتفرغ رجال المرور لتنظيم الشارع، فللأسف لا نرى لهم إلا دورا جزئيا في الشارع لانشغال الإدارة بالأعمال المدنية والإدارية.
> في أي عمر قُدت السيارة؟
ــــ في عمر السابعة عشرة.
> ما أول سيارة قدتها؟
ــــ فولكس فاغن صغيرة الحجم، وكان لونها بيجا كنت أقودها أيام الربيع خارج الحي، لأذهب مع الرَّبع إلى الصحراء للتخييم. أما اليوم، فاختلف الوضع. لم تعد عندي تلك المتعة للقيادة، فعندي سائق وهو الذي ينقلني من مكان الى آخر، كون تنقلاتي محدودة.
> أبوعادل، تقاعدت منذ سنوات طويلة، فهل كنت تخاف هذه المرحلة؟
ــــ لي سبعة وعشرون سنة متقاعد، وصحيح كان لدي الخوف من الفراغ بعد التقاعد، لكن الحمد لله بعد ثلاث سنوات اشتغلت في الاتحاد ولم أشعر بأي ضغط نفسي خلال الفترة التي لم أعمل بها، لأنني كنت أمارس هواياتي من صيد السمك. فأنا ماهر في صيد السمك، خصوصا السمك الكبير.
> أي عمل هو الأفضل بالنسبة اليك، هل العمل في إدارة المرور أم في اتحاد وكلاء السيارات؟
ــــ لا يوجد وجه للمقارنة، كون أعداد العاملين في الاتحاد لا يتعدى خمسة أشخاص، بينما في إدارة المرور كان عدد الموظفين فيها فوق ألفي موظف، والمسؤولية في المرور كبيرة جدا.
> أتحن إلى أيام الإدارة في المرور؟
ــــ نعم، أحن إليها وأتمنى أن يكون لي دائما دور في علاج المشاكل التي تحصل فيها.
> هل يتصلون بك من إدارة المرور، كونك خبيرا فيها ويطلبون منك استشارات معينة؟
ــــ أقدم لهم بعض الافكار عندما تدعو الحاجة، لكن لا يوجد ذاك الاتصال المباشر معهم حتى أفيدهم بخبرتي الطويلة.
> عندما يكون الإنسان في موقع من مواقع الخدمة العامة يلتف المئات حوله ليخدمهم، وبعد التقاعد لا يجد أحدا، فهل شعرت بذلك؟
ــــ لم أشعر بهذا الشيء، لكني شعرت بفقدان الدور الذي يجب أن أقوم به، ولم أتضايق من عدم وجود من التف حولي، اليوم أينما أذهب فالكل يستقبلني ويساعدني عبر سيرتي التي كان الكل يشهد لها من حسن العمل والخلق والسلوك.
> حدثنا عن تجربتك المهنية في إدارة المرور عندما كنت مديرا عاما فيها، وكيف أثرت في جوانب حياتك كلها؟
ــــ لقد كانت حياتي العملية كلها متعلقة بالمرور منذ أول التحاقي بوزارة الداخلية في أوائل الخمسينات. فعملي الأساسي كله مرور وكانت وزارة الداخلية تسمى إدارة الشرطة، وكنت أقوم بالتحقيقات في حوادث المرور، ثم تطورت مع الزمن إلى أن أصبحت مديرا عاما لإدارة المرور في أواخر السبعينات ثم مديرا للشرطة في الداخلية لفترة قصيرة، بعدها تقاعدت.
> ألم يكن لديك طموح أكبر من أن تكون فقط مديرا عاما لإدارة المرور؟
ــــ طبعا كان عندي طموحات كبيرة في أن أكون أكثر من مدير عام إدارة مرور، لتكون مسؤولياتي أكبر حتى أحقق دوري أكثر.
> هل تصدى الآخرون لطموحاتك؟
ــــ هذا أمر طبيعي، حصل معي.. فكان هناك حُسَّاد ومنافسون لي في العمل، وكنت أعرفهم جيدا وتعاملت معهم بذكاء.
> أما زال لديك لليوم حساد ومنافسون؟
ــــ لا، لقد اختفوا عن الشاشة بعد تقاعدي.
> كيف تصف مزاجك وشخصيتك في إطار العمل وخارجه؟
ــــ شخصيتي وسلوكي لم يتغيرا أبدا، فشخصيتي اكتسبت من حياتي العملية منذ البداية -عندما كنت شرطيا- الصفات الكثيرة من الانتظام والنظام والحزم والالتزام والدقة، وهذا انعكس على حياتي الاجتماعية والشخصية في البيت ومع الاصدقاء، ولقد اكتسبت مهارات معينة من خلال العمل في المرور، أفادتني كثيرا في عملي بالاتحاد الذي هو مرتبط كل الارتباط بعملي السابق من تطبيقات لقانون المرور، فتجدين الأوراق التي بحوزتي للعمل معظمها مرتبط بالمرور، ولقد اختارني وكلاء السيارات على هذا الأساس لأكون مديرا لاتحاد وكلاء السيارات، حيث خبرتي وخلفيتي الجيدة عن قوانين المرور وتطبيقاتها، فأنا أسهل لهم الكثير في علاقتهم مع إدارة المرور.
> هل تواجهون كاتحاد وكلاء السيارات مشكلة معينة مع إدارة المرور؟
ــــ هناك قضايا تتعلق بقرارات تصدر عن إدارة المرور تعرقل بعض أعمالنا، مثال ذلك قضية التأمين الشامل للسيارات الخاصة للتأجير.
> ما أغرب موقف تعرضت له أثناء عملك في إدارة المرور؟
ــــ يقول ضاحكا: حصل موقف دل على الجرأة والشجاعة، فأتذكر أن المبنى الحالي للمرور الموجود في الشويخ، عندما تم بناؤه أبلغت بأن جهة أخرى في الجيش ستأخذه، فلم أتشكي بهذا الخصوص، لأن المبنى جهز لنا وسيأخذه غيرنا، بل انتقلت ليلا اثناء العطلة إلى المبنى الجديد حاملا كل أغراض المبنى القديم، واصبح أمرا واقعا، فاحتج علي في ذاك الوقت سمو الأمير الراحل الشيخ سعد العبد الله -طيب الله ثراه- عندما كان وزيرا، مستغربا انتقالي من دون اخبارهم. فقلت له إن المبنى لنا ووزارة الأشغال سمحت لنا بالانتقال إليه، فبقينا في المبنى بعد أن سمح لنا سموه.
نعْم الاختيار
> نريدك ان ترجع بالذاكرة الى ايام الفريج والعائلة وتعرفنا على البيئة التي نشأت وترعرعت فيها؟
ـــــ ولدت عام 1933م في منطقة «القبلة» مكان وزارة العدل الجديدة واحن الى الحي والشارع والبيوت والاصدقاء الذين كانوا فيه وتمنيت من الدولة ان تحافظ على تراثنا من بيوت واحياء كما هو في البلدان الاخرى كالمغرب وسوريا، واعتبرها غلطة وخطأ في عدم الحفاظ على المدينة الكبيرة لتكون تراثا يزوره السائحون، عشت في اسرة كبيرة من اب وام وخمسة اولاد وثلاث بنات توفيت منهن واحدة وكنت الولد الخامس في الاسرة.
> يعني الظاهر انك لم تنل جانبا من حب الوالد والوالدة؟
ـــــ اخي خالد كان آخر العنقود وكانت الوالدة رحمها الله مولعة به كثيراً، اما انا فكنت في الوسط فضعت في الزحمة.
> هل تأثرت بمهنة وشخصية الوالد؟
ـــــ كان والدي غواصاً وكنت صغيراً في ذاك الوقت فلم اكن اذهب معه، لكن في فترة من الفترات التي بلغت فيها الثالثة عشرة سنة ذهبت للغوص وللسفر لاسحب الغيص فكنت «السيب».
> كيف تدرجت دراسيا؟
ـــــ لم ألتحق بالمدارس النظامية، بل درست في الكتاتيب القرآن وتعلمت الكتابة والقراءة، بعد ذلك عملت موظفا في شركة النفط وقبل العمل فيها سافرت مع اخي الكبير الى اليمن لمدة سنة، وذهبت للغوص، وفي عام 1952م عملت في الشرطة ثم ادارة المرور.
> من ساعدك لتدخل مضمار الشرطة؟
ـــــ عبدالرحمن العتيقي هو من عيّنني بالشرطة، كان في ذاك الوقت سكرتيرا لرئيس الشرطة وهو من حينا اي ابن منطقته محسوب عليه.
> هل كنت تلبس لباس الشرطة في ذاك الوقت؟
ـــــ كنت ارتدي اللباس المدني، وبعد العمل لسنوات في الشرطة عملوا لنا دورة دراسية لمدة ستة اشهر، فجلبوا خبراء من مصر في مختلف التخصصات في اعمال الشرطة، تخرجت مع خمسة عشر موظفاً وارتدينا بدلة الشرطة الشبيهة بالبدلة الحالية مع اختلاف بسيط بالالوان.
> هل انت من الاشخاص الكتومين لا تحب ان يعرف احد عن حياتك الشخصية؟
ـــــ لا، فأنا دائما أتكلم بكل صراحة ولا أكتم اي شيء، ولا توجد اسرار في حياتي، بل هي واضحة كل الوضوح، والكل يعرفها، كما ان من طبيعتي الصراحة فلا اسكت عن الخطأ ابداً.
> صراحتك وعدم السكوت عن الخطأ هل يرفعان من عصبيتك؟
ـــــ ربما اعصب اذا استدعى الموقف.
> وهل تستعمل يديك اذا غضبت؟
ـــــ أحيانا استعمل يدي لضرب العيال.
> هل أنت حساس تتأثر بالمواقف المؤثرة؟
ــــ نعم وأبكي أمام الجميع عدا الزوجة.
> ماذا عن أولادك؟
ــــ لدي خمسة أولاد وبنت وكلهم متزوجون (عادل - باسل - وائل - نواف - عبدالعزيز - عواطف).
> ألم يتأثر أولادك بمهنتك ويحبوا أن يكونوا مثلك؟
ــــ لا لم يتأثروا، فعادل تخصص في الهندسة، ووائل تخصص بإدارة الأعمال، وعبدالعزيز مهندس كهربائي، وباسل ونواف يشتغلان بالمحاسبة، ومع أنني أردت ان أدخل عادل إدارة الشرطة إلا أن الإدارة رفضت ولا أعرف لماذا؟!
> متى تزوجت وكيف؟
ــــ عام 1956 تزوجت وفقا لاختيار والدتي ووجدت الصورة نفسها التي رسمتها عنها، لذلك أشكرها على اختيارها ل«بدرية الزيد» عشت معها سنوات طويلة وكانت نعم الزوجة حيث الطاعة والسلوك الطيب وحسن إدارة البيت.
> ألم تعيشا شهر العسل في ذاك الوقت؟
ــــ كنا نسمع به لكننا لم نقم به، وهذه العادات الجديدة لا نهتم لها أبداً.
> ألا تدلع الزوجة؟
ـــ منذ تزوجتها الى اليوم أدلعها، وأناديها ب«بدرة» او «بدور»، وهي تنادينني ب«يسّوفي».
> هل تغار عليك أم عادل لليوم؟
ــــ طبعا تغار عليّ كل يوم، امبارح واليوم وبكره، وتطالبني بعدم التأخر في الديوانيات.
> ما هوايات الزوجة؟
ــــ التفنن في الطبخ وأحيانا أساعدها بالتحضير، وأحب الممّوش كثيرا من تحت يديها، كما أنها تبدع في عمل الكيك.
> كيف هو نمط حياتك اليومي؟
ــــ أحضر للمكتب صباحا وأغادر الساعة الثانية بعد الظهر، ونذهب مساءً للزيارات العائلية أو أزور الدواوين، وأيام العطل نذهب مع الأولاد والأحفاد للشاليه، والحمد لله اليوم عندي حفيد الحفيد، فابنتي عواطف زوجت ابنتها واصبح عندها أولاد.
> مما يعاني اليوم المجتمع الكويتي؟
ــــ من الديون وأنا لست فقط مع إسقاط الديون، بل إصلاح نظام تسديد الأقساط، وهذا يشغل بالي كثيرا، وكذلك قضية السكن، فهناك معاناة حزينة بالنسبة للديون وللسكن يعانيها الشباب، وأجد ان الكويت بلد غني يفترض ان يتمتع ابناؤه بنعمه وخيراته.
> هل أنت متفائل بمجلس الأمة الجديد؟
ــــ لا، أنا غير متفائل.
< وماذا تعلق على الاتهامات التي يوجهها العراق للكويت؟
ــــ هي حركات لابتزاز الكويت.
> ختاما أين ستمضي هذا الصيف؟
ــــ لدينا بيت في لبنان في منطقة عاليه، وهناك احتمال لقضاء الصيفية فيه.
(تصوير: عبدالسلام جديد)