17-04-2012, 01:54 AM
|
|
مشرف
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,662
|
|
الشاعر ملا علي الموسى السيف ( 1857 - 1946م )
القبس - اليوم
يزال للشعر الشعبي حضوره، بل ربما تعاظم هذا الحضور في السنوات الأخيرة. وهولا يزال قادرا على التعبير عن جوانب اجتماعية وإنسانية، ربما تفلت من القصيدة الفصيحة، لما تحمله الأولى من بصمة محلية، ترتبط بالبيئة ومفرداتها.
لكن كثيرا من الشعر الشعبي يغفله التاريخ، بسبب اهمال تدوينه، أو عدم جمعه في كتاب. وكان هذا المصير واردا في حالة أشعار وقصائد الملا علي موسى السيف، لولا ما بذله حفيده د. وليد حمد محمد الموسى السيف، الذي راودته فكرة جمع قصائد الجد، بعد لقاء خاص مع د. يعقوب يوسف الغنيم. فاجتهد على مدار سنوات (منذ عام 2006) من البحث والجمع والتوثيق، بمعونة ومراجعة د. خليفة الوقيان، والشاعر مسلم حميد البحيري. حتى أنجز كتاب «الشاعر الملا علي الموسى السيف.. سيرته وشعره ـ 1875/1946».
يقول د. وليد السيف معد الكتاب «بدأت في البحث عن أشعار جدي وعن الشخصيات التي عاصرته في عام 2006، وأول مصدر للمعلومات كان والدتي، بنت الشاعر، رحمها الله، وقد أفادتني بمعلومات قيمة عن والدها وبعض القصائد التي لا تزال محفوظة في ذاكرتها». كانت تلك البداية فقط، حيث تلاها البحث في العديد من المؤلفات المتعلقة بتاريخ الكويت، كما تدخلت الصدفة أحيانا.
فقد عثر د. وليد على نسخة خطية من إحدى قصائد الجد، لدى صديق يدعى بدر الخميس، وهي قصيدة شهيرة في مدح ملك المملكة العربية السعودية عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود عام 1939، غناها المطرب عبداللطيف الكويتي في أسطوانة بيعت بثلاثين روبية، وهي أعلى سعر بيعت به اسطوانة في الكويت آنذاك.
لمسة واقعية
اتبع السيف منهجا تاريخيا لوصف حياة الشاعر، وفقا لتاريخها الزمني، أما قصائده فتم ترتيبها وفقا للموضوع، وتم ربط كل قصيدة باطارها التاريخي، لإضافة لمسة واقعية لشاعرية الشاعر، بحسب ما جاء في الكتاب.
والشاعر الملا علي الموسى السيف عبر من خلال شعره عن الظروف القاسية التي مر بها، وكفاحه، كغيره من الكويتيين، في الحصول على الرزق الكريم. وكانت قصائده مثل ألوان الطيف، لم تقتصر فقط على وصف ظروف العمل الشاق الذي قام به، بل امتدت لتشمل جميع جوانب حياته، فنظم أشعارا، في الفرح والحزن والغزل والمديح، والحرب ومحبة أهله وأهل الكويت.
ولد الملا علي في مدينة بريدة في منطقة القسيم بالمملكة العربية السعودية، وجاءت نشأته في بيت علم ودين. حفظ القرآن الكريم وأجاد تلاوته في سن مبكرة، وأتقن القراءة والكتابة وفن الخطابة والخط وعلم الحساب. كما تعلم بعض اللغات الأجنبية كالفارسية والهندية والإنكليزية. وقد اشتهر بجمال الخط وحسن الأسلوب وبلاغة التعبير، وهو ما عجل بنبوغ شاعريته قبل أن يبلغ العشرين من عمره.
وقد غادر والد الشاعر مدينة بريدة بعد أن أصابها القحط، ورحلت الأسرة إلى الكويت أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، واستقرت في قرية الجهراء في الكويت لكون بيئتها مشابهة لبيئة بريدة الزراعية، ثم كانت النقلة إلى مدينة الكويت، حيث عمل أبناء الشيخ موسى هناك، فابنه علي «الشاعر» عمل سكرتيرا خاصا لدى صقر الغانم، قائد جيش الشيخ مبارك الصباح.
لقب مستحق
وقد حاز الشاعر لقب «الملا» رغم صغر سنه، وهو اللقب الذي كان يطلق بوجه عام على من تميزوا في العلوم الشرعية من خلال التدريس والتأليف والقضاء والافتاء والوعظ، إذ كان الملا علي خطيبا وإماما ومفتيا، وشاعرا مبدعا، وقد ذكره بهذا اللقب معظم مؤرخي المؤرخين مثل عبد العزيز الرشيد وسيف مرزوق الشملان وغيرهما.
ومن المعلومات التي يوردها الكتاب صلة القرابة بين الملا علي والشاعر فهد بورسلي، فالملا هو خال البورسلي، وأستاذه الأول، تعلق الأخير به فما كان يفارقه، ومنه استمع الى الشعر الشعبي، فأحبه وتأثر به.
كافح الملا علي وعمل في البحر فترة من العمر، لكنه تركه بعد كساد تجارة اللؤلؤ في بداية عقد الثلاثينات من القرن العشرين، وعاد الى الصحراء حيث قضى باقي حياته مع الشيخ صباح بن ناصر باشا بن مبارك الصباح، رحمه الله، الملقب بأمير البادية، وذلك إلى أن وافت الشاعر المنية في عام 1946.
سنة الشكوى
تركت هذه المعاناة الحياتية أثرها في قصائد الشاعر وإبداعه ومنها قصيدة عن الغوص، يذم فيها شقاءه، والمخاطر التي تتهدد الحياة، دون أن يكون من ورائها مقابل حقيقي. فلم يكن راضيا عن تلك المهنة.
ومن أبرز القصائد التي كشفت عن علاقته بالغوص «غوصهم ما ينعني له»، و{آه من قلب يشاري»، و{سنة الشكوى».
امتدح الملا علي في قصيدة له الملك عبدالعزيز آل سعود بقصيدة تعتبر من أبدع ما قيل في مدحه، وقد سلم الشاعر القصيدة للمطرب عبداللطيف الكويتي لينشدها نيابة عنه أمام الملك عبدالعزيز حلال زيارته للمملكة في عام 1934، فأعجب بها الملك، ومنحه هدية قيمة.
بعدها سافر عبداللطيف إلى حلب، وسجل القصيدة بلحن جميل على اسطوانة، انتشرت انتشارا واسعا في أرجاء الجزيرة العربية، وتواترت إذاعتها في الإذاعة البريطانية. وفي الكويت كانت تسمع الاسطوانة في أحيائها ومقاهيها، وتنشد في المجالس والدواوين.
ملحق نادر
يذكر أن معد الكتاب د. وليد حمد السيف، قد جعل كتابه على قسمين «فصلين» الأول يتناول حياة الشاعر وعمله حتى وفاته، والثاني يستعرض ما توفر من أشعار الشاعر، ويختتم الكتاب بملحق للصور الفوتوغرافية النادرة معظمها ينشرللمرة الاولى، كما يحتوي الكتاب على اسطوانة رقمية تتضمن مختارات من شعر الشاعر والأغاني التي غنيت له.
قصيدة الملا علي في مدح الملك عبدالعزيز
أهلا وسهلاً مرحباً وبْدي سلام
اتحيةٍ قلبي ايرددها مديم
مني سلام للملك ولد الإمام
الحاكم اللي مع سعة حكمه حليم
ملكٍ ترجّاه الدول شرق وشام
كلٍ يخاف ويرتجي فضل عميم
لا مَعن لا البرمك ولا حاتم شمام
ولا سمعنا بالعرب مثله كريم
ولا تجيب البيض مثلاته حرام
عز العرب ناموسهم حبرٍ فهيم
من حاربه عيّت عيونه لا تنام
على العدا سمٍ وللصاحب سليم
من سمع بفعاله عرف قولي تمام
ملك الملوك اكعام من هُوْ لهْ خصيم
حكمه عدل والكل مرغد في كمام
في ظل ملكٍ جع.ل عزه يستقيم
ما صار مثله في قديمات العوام
ولا تواريخٍ تذكر من قديم
حرٍ شهر حاش الفخر وعلى مقام
نال المعالي والمكارم والنعيم
هداه ربي يوم ولاه الإسلام
صحيح لي من قالوا الحاكم حكيم
واللي رفع راسه وله قصد ومرام
باق العهد بلاه وغواه الرجيم
هذاك راح ادعْاه أبو تركي عدام
جازاه في فعله بقى نسله يتيم
واللي سلم قادوه غصب في خزام
بدايد ربي جعلها حام حيم
ما فاد تجسيم الأصايل والجهام
أيضاً ويومر بالكساوي للحريم
كثر العطا ما فاد فيهم والطعام
قالوا نبي مكه وحايل والقصيم
تجاسموا نجد كلام في كلام
والحكي ما بين الفعل فرق عظيم
الحكم جا فيما يقصّن العظام
اسيوف هند وأم خمس يا غشيم
الحكم ورثٍ من جدود وم ن عمام
وفعل يشيب راس من توه فطيم
كم كون في كون تهيا وزدحام
لما حصل ذا الملك من فضل الكريم
عساه يسلم للعرب دوم الدوام
هو حرزهم هو عزهم ذخر مقيم
والختم صلى الله على خير الأنام
محمد اللي قام بالدين القويم
|