واضاف ان سوق التجار الذي كان يمتد من (تل بهيتة) وهو مرتفع مقابل قصر السيف شمالا الى الساحة المقابلة الى مسجد السوق يعد المركز الرئيسي لتوزيع البضائع منذ القدم اذ كان يتواجد في ذلك السوق كبار تجار الجملة والمستوردون للمواد الغذائية الاساسية كالحبوب والارز والتوابل والتمور والالبسة وغيرها من المواد التموينية حيث تتوزع هذه البضائع الى بقية الاسواق ومراكز البيع الاخرى.
وذكر انه يقع بالغرب من سوق التجار ساحة صغيرة تسمى المناخ وكانت مقرا لاناخة الابل القادمة من بادية الكويت وصحراء شبه الجزيرة العربية.
كما يؤدي سوق التجار من ناحية الجنوب الى ساحة صغيرة يباع فيها مختلف انواع الخضروات اضافة الى الماء ومواد العطارة ويتفرع منها سوقا لا يقل اهمية عن سوق التجار وهو السوق الداخلي.
واوضح الباحث جمال
ان السوق الداخلي كان يشكل سوق التجزئة الرئيسي حيث تباع فيه مختلف انواع السلع كالمواد الغذائية والاقمشة واللوازم المنزلية ويتفرع منه سوق البدر الذي يحتوي محلات لبيع وشراء اللؤلؤ اضافة الى باعة البشوت والزل.
كما تقع في بدايته (قيصرية العوضي) حيث يباع فيها مختلف انواع الاقمشة المستوردة.
وذكر ان (سكة الساعات) كانت تتفرع من الجانب الشرقي للسوق الداخلي اضافة الى سوق (الصنقر) الذي تباع فيه الارز والتمر والمواد التي يقبل على شرائها عرب البادية.
اما سوق البنات فكان يقع في نهاية السوق الداخلي وهو على شكل دائري تحيط بساحته الدكاكين من كل جانب وهو مخصص لبيع الاقمشة النسائية وله مدخلان الاول من ناحية الشرق والاخر على سوق اللحم وقد اشتهر في اربعينيات وخمسينيات القرن الماضي بعرض الاقمشة النسائية الحديثة.
وقال جمال ان السوق الداخلي استمر على حاله الى بداية القرن العشرين اما الساحة التي تبدأ مع نهاية السوق من ناحية الجنوب سميت بساحة الصراريف وكانت تعتبر بداية ساحة الصفاة حيث اتخذت مربطا للابل لانزال وعرض ما تجلبه قوافل الصحراء من بضائع موسمية كالاقط والفقع والصوف.
وقد ازدادت تلك الساحة اهمية بعد ان ضاقت ساحة المناخ بالابل وشكلت ساحة الصفاة بذلك مركزا تجاريا الى ماقبل حكم الشيخ مبارك الصباح.
وافاد ان الحركة التجارية في الكويت كانت بين شد وجذب الى ان جاء عهد الشيخ مبارك وخاصة بعد توقيعه معاهدة الحماية مع بريطانيا عام 1899 حيث بدأت البواخر بالرسو بانتظام على شواطيء الكويت حاملة معها مختلف انواع البضائع.
واضاف انه كان لذلك الاثر الكبير في تمتع البلاد بنوع من الاستقرار النسبي فتوسع النشاط التجاري بصورة كبيرة وارتفع الطلب المحلي والخارجي على البضائع المستوردة فتوسعت الاسواق وامتدت الساحات لتشمل ساحة الصفاة بكاملها ابتداء من ساحة الصراريف شمالا الى موقع قصر نايف جنوبا ومن موقع المسيل (عبارة عن حفرة تتجمع فيها سيول الامطار) شرقا الى مقبرة (الدهلة) غربا.
وقال جمال ان من الاسواق التي بنيت في عهد الشيخ مبارك سوق الخضرة والاسواق المتفرعة منه والمحيطة به والتي امتدت غربا الى براحة (السبعان).
واضاف انه ما ان جاء عهد الشيخ احمد الجابر الصباح حتى اصبحت اسواق الكويت عبارة عن شبكة متكاملة من المتاجر المتصلة بعضها ببعض وكانت تتميز كل مجموعة من الدكاكين بالتخصص ببيع سلعة معينة.
وذكر الباحث جمال ان الاسواق القديمة شهدت على مدى العهود المتعاقبة العديد من التوسعات والاصلاحات والترميمات ومن بينها بناء الاسقف لتغطيتها من اشعة الشمس والامطار والغبار وكانت هذه الاسقف عبارة عن عرشان من الجندل والبواري واستبدلت فيما بعد بالصفيح.
وحول الطريقة المتبعة في تأجير الدكاكين قديما قال انها كانت سهلة وميسرة فلا حاجة الى عقود ايجار او ما شابه ذلك انما كانت الكلمة هي الحكم فيختار المؤجر احد المحلات ويحضر معه قفلا لباب المحل تمهيدا لجلب بضاعته واستخدامه.
وعن دور الحكومة في تنظيم الاسواق ومراقبتها قال انها كانت حاضرة بصورة دائمة فيما يتعلق بمراقبة حركة الاسواق وحماية المشتري والبائع فقد خضعت الاسواق الى نظام امني محكم بواسطة (النواطير) وهم حرس الاسواق الذي كانوا يتواجدون بصورة دائمة خاصة في ساعات الليل عندما تغلق المحلات ابوابها.
واضاف ان (الناطور) كان يتخذ من اسطح المحلات مقرا له اثناء الليل حيث يقوم ببناء (عشة) صغيرة يرتاح بها من عناء العمل وكان من ضمن التقاليد المتابعة ان يصيح احدهم بصوت مرتفع اثناء فترة عمله 'صاحي..صاحي' ويجيبه زملاءه بالصيحة نفسها وتستمر هذه الصيحات تدوي في الاسواق الى ان يتم تبديل النوبات (الزامات) لضرب الجرس الخاص بذلك والذي يكون معلقا على سطح جاخور الحكومة الواقع خلف سوق (الدهن) في وسط منطقة الاسواق ليسمعه الجميع.
وقال ان من عمل النواطير ايضا انارة الاسواق ليلا ومنع التجول وكان من يخالف التعليمات يحجز طول الليل في اماكن خاصة تسمى (المدابس) وهي مخازن التمر التي تكون عادة مليئة بالفئران اما من يثبت ادانته بالسرقة فعقابه الجلد في السوق امام المارة.
واضاف ان الحكومة فتحت مراكز رقابية حيث يمكن لأي مشتر ان يتأكد مما اشتراه من حيث الوزن او الجودة من خلال تخصيص عدد من الموازين الحكومية التي يشرف عليها مندوب ويساعده عدد من الحمالين يقومون بوزن الحبوب في ميزان الحكومة الذي كان يسمى (قبان) مقابل رسوم بسيطة وكان الوزن يتم بوحدة (المن) وهي تساوي 186 رطلا اضافة الى ميزان اخر في (خان الحكومة) وهو مخزن على شكل (حوش) عربي حيث كان المشترون يتوجهون اليه لمعاينة سلعهم الاستهلاكية.
وحول نظافة الاسواق قال جمال ان اصحاب المحلات كانوا يجمعون مبالغ بسيطة من المال لدفعها الى (الخميم) وهو الشخص الذي يقوم بتنظيف وكنس الاسواق وازالة الفضلات وذلك قبل تأسيس البلدية.
وكالة الأنباء الكويتية (كونا)
9/9/2008