الاخ سمو حوران شكرا على الصورة ورحم الله احمد البشر الرومي واسكنه فسيح جناته
احمد البشرالرومي
في مكتبته
في منزله بالعديلية 1981
مع الملحن احمد الزنجباري
درس في المباركية.. وركب البحر غواصاً فعرف الاطلاع والقراءة وصنع من نفسه مؤرخاً أحمد البشر الرومي.. دعا لتعليم المرأة .. ودافع ضد إهدار دم الرشيد
يوسف جوهر:
• تذوق الشعر القديم والحديث وحفظه
• اطلع على كتب التاريخ والأدب دون اقتنائها
• واصل مراده باستعارة الكتب وإعادتها بعد نهل علومها
• صقر الشبيب أثار قريحته ليحفظ آلاف أبيات الشعر
• واحد من كبار الأدباء والمؤرخين والمفكرين الذين أنجبتهم الكويت
• «المواصلات» أصدرت طوابع بريدية تذكارية تخليدا لرواد الحركة الثقافية
• تبحر في أعماق التاريخ والتراث الوطني وغدا مرجعاً
• كتاب «مقالات عن الكويت» ضم «ابن عريعر» و «كاظمة» و «الفرزدق الكويتي»
• سجل 7 آلاف مثل شعبي في كتاب من أربعة أجزاء
• امتلك تسجيلات فنية نادرة لـ «يوسف البكر» أول مطرب كويتي
• من الأوائل الذين كتبوا مذكراتهم الشخصية عام 1939
• رحل عن الحياة فخلدته الكتب والقلوب عام 1982
عبر هذه السطور يأخذنا شريط الذكريات المصحوب بأجمل لحظات الحياة وصفحاتها المتعددة ضمن أجواء شهر رمضان الفضيل، لتعود بنا ذاكرة الأيام لحلاوة الإنجاز والطموح وحقيقة الرواد الذين أفنوا حياتهم من أجل ارتقاء الدار ومن فيها من أبناء الوطن في غرس بصماتهم المختلفة في شتي مجالات العطاء الإنساني لتحافظ الكويت على ريادتها وأصالة معدن شعبها المخلص بنقل الصورة المشرقة للبلاد ورسم البسمة على شفاه العباد، لذا فإن الوفاء يحتم علينا أن نستذكر ملامح الإخلاص من خلال عبور بوابة الزمن، وطرق صفحات الماضي بتصفح معالم ذلك التراث الزاخر والإنجاز الخالد لمسيرة الفن والثقافة والأدب مرورا بسرد قصص أبطالها وأبرز أعمالهم وتفانيهم في تقديمها كما يليق بسمعة الكويت، لتبقى صورهم حية في الأذهان على مر الأزمان .
ولد الأديب والمؤرّخ الراحل أحمد البشر الرومي ـ رحمه الله ـ في الكويت، وبها توفي، وبين ميلاده ووفاته تشعبت الرحلات والسياحات المختلفة فبعد مولده في حي الشرق بمدينة الكويت عام 1905 للميلاد وبلوغه سن السابعة من عمره ألحقه والده في المدرسة المباركية وأمضى فيها عّدة سنوات، فنقله بعدها إلى مدرسة الملا عبد الوهاب الحنيان (الكُتّاب)، وهي إحدى المدارس الأهلية لحفظ القرآن الكريم وتعلم أصول الدين، ثم أعاده مرة أخرى للمدرسة المباركية لمجّانيّة التعليم، واستمر بالدراسة حتى عام 1921م، وقد تلقى تعليمه حتى فتح له طريق التثقيف الذاتي بالقراءة ومخالطة العلماء، لتدور به عجلة الأيام فيكون مدرسا بنفس المدرسة التي تلقى فيها تعليمه، لينتقل بعدها كأستاذ بالمدرسة الشرقية الابتدائية في 25 سبتمبر 1939 .
عندما بلغ الأديب والمؤرّخ الراحل أحمد البشر الرومي ـ رحمه الله ـ السابعة عشرة من عمره، ركب البحر غوّاصاً مع السفن الذاهبة للغوص سعياً وراء الرزق الحلال، وعانى الكثير نظراً لمشقّة هذه المهنة لما كان يكتنفها من أهوال ومخاطر، وخلال مزاولته للعمل في البحر صيفاً، انكب على المطالعة والقراءة في فصول السنة الأخرى، وتذوّق الشعر القديم والحديث وحفظه واطّلع على كتب التاريخ والأدب ولم يكن بمستطاعه بذلك الوقت شراء الكتب والدواوين للظروف المعيشية الصعبة، بل واصل مراده عن طريق استعارة الكتب من أصدقائه ومعارفه وإعادتها بعد نهل علومها، كما استفاد كثيراً من علاقته وصلته بشاعر الكويت الكفيف صقر الشبيب، فكان يقرأ له دواوين الشعر والتي أثارت قريحته ليحفظ منها آلاف أبيات الشعر .
يقول الكاتب عادل محمد العبد المغني في كتابه شخصيّات كويتيّة متحدثا عن الأديب والمؤرّخ الراحل أحمد البشر الرومي ـ رحمه الله ـ عند بوادر وكساد مهنة الغوص على اللؤلؤ في منتصف الثلاثينات، عمل أحمد البشر الرومي في الجمرك البرّي الذي كان مقرّه داخل السور عند بوّابة الشامية لمدّة عام واحد، ثم التحق (بمعارف الكويت) وتم تعيينه مدرّساً في المدرسة الشرقية واستمر بتدريس أبناء الكويت لمدّة ست سنوات، وعند بداية الأربعينات استهواه العمل التجاري فافتتح محلاً تجارياً في السوق الداخلي بمدينة الكويت، فاستفاد في بعض السنوات وأخفق في سنوات أخرى، وفي نهاية الأربعينات عاد مرّة أخرى للعمل الوظيفي وعمل ببلديّة الكويت لمدّة عام، ثم انتقل إلى دائرة المحاكم وتم تعيينه ضمن لجنة مكونة من المرحوم محمد يوسف النصف، والمرحوم عبد القادر الجاسم، للنظر في المنازعات العقارية بين المواطنين عند بداية تأسيس دائرة أملاك الحكومة، حيث التحق بها في عام 1955م وتدرّج في العمل الوظيفي حتى أصبح وكيلاً مساعداً إلى أن طلب التقاعد عن العمل بتاريخ 15/2/1969م .
يعد الأديب والمؤرّخ الراحل أحمد البشر الرومي ـ رحمه الله ـ واحدا من كبار الأدباء والمؤرّخين والمفكّرين الذين أنجبتهم الكويت، ولم يصل لتلك المكانة البارزة إلا بعد جهد مضن وعناء بذلهما بانكبابه على المخطوطات النادرة والكتب القيمة حيث نهل علومها بتعمّق ودراسة وافية ساعيا للتحقيق في مواضيعها ومراجعة فصولها وانتقاد شطحاتها، وكانت سعادته البالغة تكمن في توصله للحقائق والنتائج التاريخية المؤكدة التي استعصت على غيره من الباحثين والمؤرّخين الجادّين، ليظهرها بالدليل والشواهد والبرهان.
كما تبحر الفقيد الراحل في أعماق التاريخ والتراث الكويتي، فله مقالة عن (ابن عريعر) وعن ( كاظمة ) وعن (الفرزدق الكويتي) وغيرها، وسنحت له الفرصة بجمعها في كتاب باسم (مقالات عن الكويت) أصدره عام 1966م، كما أصدر كتاباً ضخماً من أربعة أجزاء عن الأمثال الشعبية الكويتية والذي ضم بين دفّتيه 2393 صفحة اشتملت أكثر من 7 آلاف مثل شعبي، وهذا الانجاز لهو جهد كبير بذله المؤرّخ لمدّة استغرقت ثلاثين عاماً في تجميع ودراسة وتحليل ومقارنة الأمثال الشعبية الكويتية مع ما يقابلها من أمثال في الوطن العربي، وقد صدر له أيضا كتاب تضمّن الأشعار المتناثرة للشاعر صقر الشبيب عام 1970م وأسهب في مقدمته نتيجة صلته وعلاقته به منذ شبابه المبكر، كما يعد الرومي مرجعا مهما في تاريخ وتراث الكويت فقد كان يمتلك مكتبة ضخمة تحتوي على آلاف الكتب والمخطوطات والمراجع القيمة والرسائل القديمة ودفاتر حسابات التجار ونواخذة الغوص والسفر، وزوّد المكتبة بجهاز (ميكروفيلم) لعرض المخطوطات النادرة والكتب القيمة لدراستها وتحقيق مضمونها، وله أيضاً في هذا المجال مخطوطات كثيرة ذات صلة بتاريخ الكويت وتراثها منها: مخطوطة عن الألعاب الشعبية الكويتية، وأخرى عن أسماء السفن وأجزائها، وكان لديه أيضا تسجيلات فنيّة نادرة للفن الشعبي الكويتي منها لأول مطرب كويتي وهو (يوسف البكر)، هذا وله مشاركات وإسهامات فعّالة في عدد من اللجان والمنتديات الفكرية، فبالاضافة إلى عضويّته القديمة في مجلس المعارف ونادي المعلّمين في مطلع الخمسينات، كان أيضاً عضواً في لجنة الفنون الشعبية ولجنة التراث العربي ورابطة الأدباء في الكويت.
حفلت إنجازات الأديب والمؤرّخ الراحل أحمد البشر الرومي ـ رحمه الله ـ بترك العديد من البصمات، سعت «الدار» للبحث عنها والتذكير بها حيث كان أحد أوائل الأشخاص الكويتيين الذين قاموا بكتابة مذكراتهم الشخصية عام 1939م، وكان من الداعين إلى تعليم المرأة في مجتمع كان يرفض بعض المواد التي يتم تعليمها للذكور، وكان من أبرز المدافعين عن عبد العزيز الرشيد حين أهدر البعض دمه، وقد شاءت إرادة المولى عز وجل أن يرحل الرومي عن الحياة تاركا مسيرته الحية في وجدان الوطن وأهله، ليخلد بين القلوب وعبر صفحات الكتب وأبيات الشعر معلنا الرحيل يوم الأربعاء الموافق السادس من يناير عام 1982م، لتعلن رابطة الأدباء عن مساعيها في تخليد ذكراه العطرة بمخاطبة وزارة المواصلات يوم 18 فبراير 2009م لإصدار طوابع بريدية تذكارية تخليدا لذكرى رواد الحركة الثقافية وكان هو من ضمن الأسماء المطروحة، كما ساهمت وزارة التربية في تخليده أيضا حين أطلقت اسمه على إحدى المدارس الثانوية في منطقة الدعية لتكون مدرسة أحمد البشر الرومي الثانوية للبنين شاهدا على شموخه في جذور الوطن .
منقول من جريدة الدار