الكويت - 20 - 4 (كونا) -- اصدر الدكتور يوسف الميلم كتابا بعنوان (مساعد يوسف عبدالهادي الميلم..مسيرة حياة 1942- 2006) تناول فيه سيرة والده ومراحل حياة تلك الشخصية الكويتية الحافلة بالعطاء.
و تطرق المؤلف الى تاريخ عائلة (الميلم) ومساهمتها في الذود عن حمى الكويت وبناء السور والمساهمات الخيرية الكثيرة مثل "الوقف وبناء المساجد واطعام الفقراء".
وتضمن الكتاب فصلا عن شخصية وحياة المرحوم مساعد الميلم ابتداء من طفولته ثم دراسته في مدارس الكويت والمملكة المتحدة وعودته للعمل مع اشقائه في بناء سلسلة من الصروح والمؤسسات الاقتصادية التي ادت دورا فاعلا في الاقتصاد الكويتي .
وفي الفصل الاخير من الكتاب تطرق المؤلف الى الاعمال الخيرية والانسانية التي قدمها والده اضافة الى الشهادات التي كتبها رجالات الكويت واصدقاؤه في رثائه.
ويقع الكتاب الذي يعتبر لمسة وفاء من المؤلف لتخليد ذكرى والده في 340 صفحة ويضم صورا لمختلف مراحل حياته.(النهاية) ه ع ص / ع ب د كونا201931 جمت ابر 10
الله يجزاك خير يا دكتور يوسف على هذي البادرة .. ويستحق الوالد هذا التعريف وهذا الكتاب ..
وبما أنك مؤلف الكتاب وصاحب الإمتياز والحقوق .. نتمنى أن تضع لنا سيرة كاملة عن الوالد في الموقع وفي قسم الشخصيات وحتى يطلع عليها الجميع ويستفيد ..
المولد والنشأة
هو مساعد بن يوسف بن عبدالهادي بن فهد بن عبدالرحمن الميلم ، من أبناء المرحوم بإذن الله يوسف عبد الهادي فهد عبدالرحمن الميلم ، والمرحومة نورة بنت الملا ) ناصر عبدالله السيف (.
ولد في15 أكتوبر1942 بحي القبلة وكان ترتيبه الأخير بين أشقائه وشقيقاته البالغ عددهم" عشرة" ، ويقع الحي القبلي في القسم الغربي من مدينة الكويت القديمة وسمي"بجبلة" كما ينطقها الكويتيون قديما، وذلك لأنه قبلة الصلاة لمدينة الكويت من جهة الغرب ، ويبدأ الحي القبلي من المستشفي الأمريكاني حتى "البهيتة "بالقرب من "قصر السيف" ، وهي المنطقة الواقعة مابين الشارع الجديد وساحة الصفاة " تجاه قصر نايف " وصولا ً لدروازة الجهراء ، إحدى أشهر بوابات سور الكويت القديم . ويلاحظ أن غالبية تجار دولة الكويت في الوقت الحالي هم من سكان الحي القبلي قديما حيث ورثوا هذه المهنة منذ القدم عن آبائهم وأجدادهم.
ومن المعروف أن عائلة الميلم العريقة قدمت من" الزلفي" ، وهي منطقة في" نجد" بالمملكة العربية السعودية ، والتي تعود لها الكثير من العوائل الكويتية التي نزحت إلى الكويت .وكان وصول العائلة إلى الكويت في بداية القرن التاسع عشر ميلادي ،أي منذ حوالي 200 سنة تقريبا، و سكنت العائلة بعد النزوح إلى الكويت في الحي القبلي بفريج الساير.
وأصولهم تنتمي إلى الرخال من الصردان من ميمون من بنو عبدالله من قبيلة مطير ،و"بنوعبدالله بن غطفان تعتبر من مشاهير القبائلالعدنانيّة وفي صدر الإسلام كذلك . وكانت هذه القبيلة الغطفانية تعرف باسم بني عبدالعزّى، وقد أسماهم رسولاللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بنو عبداللّه, فحافظوا على هذا الاسمالذي اختاره لهم".
(عن شجرة قبيلة مطير) .
تعلم مساعد الميلم بالمرحلة الابتدائية بمدرسة عمر بن الخطاب (المشهورة بـ "العمرية") قرب فريج المديرس بالكويت (ما يعادل مرحلتي الابتدائي والمتوسط) ، واستكمل دراسته بالكلية الصناعية (ما يعادل المرحلة الثانوية)، ثم أتم تعليمه بالمملكة المتحدة"بريطانيا" ، ليعود مشاركا مع إخوانه في إدارة وتطوير واستثمار أعمال العائلة حتى تحولت إلى مجموعة شركات داخل وخارج دولة الكويت ، منذ ذاك الوقت وحتى وفاته في 25 يونيو م2006م.
تزوج المرحوم من السيدة الفاضلة/ فتوح سيد عبدالرحمن سيد محمد سيد عبد الله سيد يوسف الرفاعي ، سليلة واحدة من أعرق الأسر الكويتية ، ولهم من الأبناء الدكتور" يوسف" من رجال الأعمال زوج الدكتورة "فاتن فهد الميلم" ، والدكتورة" دينا" الأستاذة بجامعة الكويت زوجة "احمد سيد عبد الرزاق الرفاعي" ، والأستاذة "نورة "المحامية زوجة" غانم حربي الزيد" ، والأستاذ" زيد" من رجال الأعمال زوج "نورة فيصل السعيد".
كان المرحوم طيب القلب نقي السريرة ،جُبِلَ منذ طفولته على عمل الخير في مختلف النواحي ،وعلى كافة الأصعدة سواء داخل الكويت أو خارجها، فكان للمرحوم الكثير من أعمال الخير غير المعلنة في دول عديدة كمصر والعراق ولبنان، وكان شديد الحرص على عدم التصريح بها.
كما كانت له مساهمات عديدة داخل دولة الكويت سواء على المستوى التعليمي أو الاجتماعي أو الإنساني أو الخيري أو الوطني، وهذا ليس بغريب عليه ، فهو سليل عائلة كريمه جُبِلَتْ على الكرم وأعمال الخير وحب الوطن والتضحية من أجله.
وقفات في تاريخ والده الحاج يوسف عبد الهادي الميلم رحمه الله
عمل الحاج يوسف العبد الهادي الميلم- رحمه الله- في بالتجارة بالأقمشة والمواد الغذائية، وكان يمتلك حملة للحج من ضمن الحملات القديمة للحج على الإبل "حملة يوسف العبد الهادي الميلم" واستمرت هذه الحملة تقدم خدماتها لحجيج بيت الله الحرام ما يقارب الثمانين عاماً ( 1822-1952) .
و يسجل له تاريخ الكويت بأنه كان له أياد بيضاء في عدة مجالات منها بناء المساجد داخل الكويت و خارجها، وشراءه لمجموعة من آبار المياه بمنطقة الشامية والتبرع بها لأصحاب الحاجة من المواطنين كوقف لا يباع و يوهب، وكانت مواقفه الطيبة في مساعدة المحتاجين والسيرة والسمعة الطيبة التي يتمتع بهما في تجارته وتعاملاته حديث كل من كانوا يعرفونه .
وهنا يذكر الكاتب عادل العبد المغني في مقال بعنوان" من داخل السور رجلا من بلدي" المنشور بتاريخ 19-2-94 19م في جريدة القبس العدد 7453 أنالمرحوم الحاج/ يوسف عبد الهادي الميلم له مساع خيّره، فمن ماله بنى مسجداً في منطقة "الصبيحيّه" لجماعة من العوازم كانوا في أمس الحاجة لذلك، وبنى مسجداً آخر في قرية "أبرق خيطان" في بداية الخمسينات، وله كذلك مجموعه من آبار المياه الحلوة خارج السور في منطقة الشامية.. أوقف ريعها سبيلاً ، وشأن المياه في الماضي كبيراً نظراً لندرة توفرها ووزنها واعتبارها.. وكانت تشكّل مصدر رزق لكثير من العوائل الكويتيّة عند بيعها لأصحاب مهنة بيع الماء الذين يُعْرَفون بـ "الحمّاره" ، ولكن احتساب الأجر والمشاركة في رفع شبح العطش الذي خيّم على المدينة القديمة.. والذي عانى منه أهالي الديره أشد معاناة، فأصبح هذا المصدر المدر للمال رخيصاً لعموم المحتاجين بدون مقابل.
وبهذه المناسبة نروي للقارئ الكريم قصة حدثت لضيفنا نستدل على مآثره من خلالها، فالقصّة تعتبر ضرباً من الخيال وكأنّها من قصص الأساطير في الزمن الذي تكالبت فيه المادة بطغيانها ، وأصبحت هي كل شيء في عصر فقدان الأخلاق والمبادئ والسمعة ، فتلك المبادئ شأنها شأن المعادن النادرة في الوقت الراهن ، فالقصّة ( أوالسالفة): كان للمرحوم/ أبو عبدا لله" يوسف العبد الهادي الميلم".. محل تجاري داخل مدينة الكويت القديمة وبالتحديد في الجهة المقابلة لمحلات سوق "الصرافة" القديم، وكان يجلس فيه كعادته يومياً، وارتبط في معاملات بيع وشراءمع أهل البادية وكان تعامله معهم وثيقاً ، فأهل البادية يفدون في مواسم الربيع لبيع منتجاتهم ، ويشترون احتياجاتهم من المواد التموينيّة من تجار الكويت، وكانوا يضعون أمانات ماليّة كثيرة لدى التجار لحفظها لهم من الضياع ، أو خوفاً من سرقتها عندما يحدث غزو من قبائل معادية.. أو من قطّاع الطرق، وعلى العموم فإن التاجر الكويتي أصبح محل الثقة لدى هؤلاء البدو، فأموالهم تكون في الصون والأمانة ، حتى يتم طلبها في السنة المقبلة أو لسنوات أخرى عندما يحتاجون إليها.
في أحد الأيام من منتصف الثلاثينات.. جاء رجل من سكان بادية الكويت ووقف عند باب محل الحاج يوسف الميلم ، طالباً الأمانة الماليّة التي أودعها في السنة الماضية، فنظر الحاج يوسف إلى الرجل متفحّصاً في هيأته، ولم يكن قد شاهده من قبل ولم يكن بالتالي قد أودع الأمانة لديه، فأدرك الحاج يوسف بداخل سريرته وبالفطرة أن الرجل البدوي حتماً قد التبس عليه صاحب المحل، لكون البدو لا يفدون إلى المدينة باستمرار، فقال الحاج يوسف :"ذكّرني .. كم المبلغ ؟" .. فرد الرجل البدوي: "300 ريال"، وفي الحال أخرج الحاج يوسف من الخزانة الحديديّة (التجوري) المبلغ وسلّمه للرجل الذي شكره ومضى في سبيله، ولم يمضِ وقت قصير من الانصراف حتى رجع ومعه الجار صاحب المحل الملاصق لمحل الحاج يوسف.. وأعاد المبلغ مع سيل من الاعتذارات وعبارات طلب المسامحة، والسبب أنه عندما خرج الرجل البدوي.. شاهده جار الحاج يوسف.. فتعرّف عليه وقال له: "وينك.. ما تبي فلوسك ؟" فأدرك البدوي أن المبلغ الذي أخذه ليس له، وكان تعليق الحاج يوسف الميلم رحمه الله.. بأن "المال الحلال لا يضيع" ، وأضاف: "كان علي أن أشتري سمعتي بأي ثمن وأنا مدرك بأن الرجل البدوي ليس له أمانه عندي ، ولو بيّنت له بأن لا مبالغ تخصّه عندي، لصاح بأعلى صوته بأّني قد أكلت حلاله، فماذا ستكون عليه سمعتي بعدها؟ (انتهى).
كان الحاج يوسف الميلم كريما لدرجة أن كثيراً من المقربين منه كانوا يستغربون من إنفاقه على الفقراء بلا حدود أو تحفظ ، وكانوا ينصحونه بأن يوفر أمواله لأبنائه وأسرته ، وكانت الأحوال المادية بشكل عام لغالبية أفراد المجتمع في ذلك الوقت متواضعة جداً ،ومع ذلك فقد كانت ديوانيته في منطقة القبلة بجانب مسجد الساير عامرة طوال ساعات الليل والنهار للضيافة وتقديم الطعام لمن يحتاج،وكان يستضيف عددا ً كبيراً منهم يوميا في الوقت الذي كان بحاجة لهذا المال الذي ينفقه في استضافة هؤلاء الأفراد.
ومن مآثره أيضا أن الفقراء كانوا يفترشون الطريق في دربه من السوق وحتى بيته ، وكان لذكائه الفطري وفطنته ، ولحرصه على عمل الخير في الخفاء ،كان يحصي عدد المحتاجين أثناء سيره دون أن يدري أحد منهم ، وعند وصوله إلى البيت كان يبعث أحد أبنائه إليهم ويعطيهم ما يتوفر لديه من مال دون أن يلاحظ أحد ذلك.
أصيب الحاج يوسف الميلم رحمه الله بمرض السرطان ، وتأخر في علاجه بالرغم من توصيات الأطباء بضرورة استئصاله ،وفي ذلك الوقت لم يكن يتوفر العلاج المتقدم وخصوصا بالأشعة العميقة في منطقة الشرق الأوسط تقريبا إلا في العراق ، وبالفعل سافر المرحوم إلى بغداد لتلقي العلاج ، ومع صعوبة الحالة.. توفاه الله في العراق، وكان قد أوصى ابنه الأكبر المرحوم" عبد الله" قبل وفاته أن يدفن في المكان الذي يتوفى فيه، وبناء على هذه الوصية تم دفنه في مقبرة "معيوف" ببغداد.
ويذكر له أيضاً أنه قد أعتق جميع العبيد الموجودين لديه قبل الخمسينيات من القرن العشرين ليضيف إلى رصيده الخيري والإنساني الكثير.
فرحم الله الحاج يوسف عبد الهادي الميلم صاحب الأيادي البيضاء ، ونسأل الله أن يتقبل منه صالح الأعمال ويجعله في ميزان حسناته.
وهذا غيضٌ من فيضٍ يدلُ على نزعة الخير المتجذرة في نفوس هذهالعائلة الكريمة منذ وقت طويل.
=========================================
علاقته بأسرته" زوجته وأبنائه وأحفاده"
عاش المرحوم مساعد طوال حياته مشدودا في اتجاهين.، كانا ككفتي ميزان، أسرته الصغيرة المكونة من زوجته وأولاده وبناته وأحفاده ،وعائلته الكبيرة المكونة من إخوانه وأخواته وأبنائهم، فكان دائما ما يوازن بينهما فلا تميل كفة على حساب الأخرى وكان شديد الحب والإخلاص والمودة لكليهما .
الزوجة "الحاجة أم يوسف"
لم يكن من السهولة أو البساطة أن لا نتلمس نبض وأحاسيس رفيقة عمره وشريكة رحلة حياته وكفاحه، زوجته وأم أولاده السيدة الفاضلة الحاجة "أم يوسف "، ولانستمع إليها ، وكان من الصعب أيضا أن نبوحلها بما نحن مقدمون عليه من كتابة لسيرة المرحوم .
وتعمدنا أن يكون حديثنا إليها بشكل غير مباشر حتى لانفسد المفاجأة لها قبل صدور الكتاب ،فإذا بها تتحدث عنه بفخر واعتزاز وحزن نبيل.
تذكر أنه لم يكن زوجا حنونا فقط ، بل كان صديقا صدوقا وفيا ، لم تكن له أولويات في حياته أهم من دينه والعمل على مرضاة ربه والاهتمام بزوجته وأبنائه وعائلته. كان كثير السفر ، وكان يصر على مرافقتها له في معظم سفراته ،لأنه يشعر معها بالأنس والأمان، وكان مرتبطا بها إلى حد بعيد.
عاش محبا لأبنائه بشكل غير عادي ، يستمتع بالجلوس معهم والحديث عنهم و معهم ،وكان يصر على تناول غداء العائلة الأسبوعي الذي يجتمع فيه الأبناء والأزواج والزوجات والأحفاد. كما كان متمسكا بعادة تناول طعام الغداء معهم جميعا في أول يوم من كل عيد في أحد المطاعم خارج المنزل ، نعم ، فقد كانت أمتع أوقات حياته أن يكونوا جميعا معه ومن حوله.
كان حريصا على تعليم أبنائه وإيصالهم إلى أعلى درجات العلم ، ويرسلهم إلى الخارج للحصول على الشهادات الدراسية العليا ، وكان دائم السفر إليهم ولا ينقطع عنهم رغم انشغالاته الكثيرة للاطمئنان عليهم ومتابعة دراستهم ومشاريعهم ، فقد كان- رحمه الله - يؤمن إلى أبعد حد بأهمية التعليم ،وبأنه الركيزة الأساسية للنجاح في كل المجالات.
تذكر الحاجة "أم يوسف" أيضا بأنه- رحمه الله - كان دائم الابتسام، قليل الكلام ، وأعماله هي التي تتكلم عنه وليس العكس ، وهذه صفة أجمع عليها كل من عرفوه عن قرب.
كان حليما مؤمنا بقضاء الله وقدره ، لايغضب ولا يثور في المواقف الصعبة ، ودللت على ذلك بالحريق الذي شب في منزلهم" بالعديلية" منذ وقت طويل ،وبالرغم من معرفته بالفاعل والمتسبب فيه، فإنه تعامل مع الموقف بهدوء.. لدرجة أثارت استغراب الأسرة، فقد كان مؤمنا ومرددا" قدر الله وما شاء فعل"، ولم يعاتب أو يلوم المتسبب فيه وكأن شيئا لم يكن،كان كبيرا في كل شئ.. يتعامل بترفع وسموّ.
كان بيته هو مملكته وأبناؤه هم رأس ماله الحقيقي ، لذا كان لايتكلم في عمله داخل البيت، بل يترك العمل ومشاغله ومتاعبه عند "عتبة الباب"،" حسب قولها" ،ليكون معهم بكل أحاسيسه ومشاعره في معايشة كاملة يسمع لهم وينصحهم ويحل مشاكلهم ويسعد بهم ويسعدوا به، كان إنسانا غير عادي، والخسارة فيه بالنسبة لهم كانت غير عادية أيضا، ولم يعوضهم عنه شئ في الدنيا بعد رحيله فقد كان- رحمه الله -هو حياتهم وعالمهم وكل شئ بالنسبة لهم.
(انتهى كلام الحاجة أم يوسف).
علاقاته بأبنائه
نعم فقد كان المرحوم مساعد الميلم بالنسبة لأبنائه محور حياتهم ، كان لهم صمام الأمن والأمان . كان يحرص على التفاصيل الصغيرة والدقيقة في حياة كُلًّّ منهم ،وبرغم اختلاف شخصية كل فرد فيهم عن الآخر فإنه كان يتعامل مع كل فرد منهم مع ما يناسب ميوله واتجاهاته وصفاته. لم يكن يوماً متزمتا أو يفرض رأيه على الآخرين أو يحجر على آرائهم ، بل كان يناقش ويحاور ويتفاعل معهم ، ويقدم لهم ما يرى ويؤمن ويقتنع به الجميع أنه الصواب عاش طوال حياته يعمل بكل ما اؤتي من قوة على الحفاظ على هذا الكيان مترابطا متماسكا متحابا وكان هذا هو هدفه في الحياة ،وكان يخشى من المستقبل عليهم برغم إيمانه الشديد، واعتماده الدائم على خالقه سبحانه وتعالى إلا انه كان لديه هذا الهاجس بداخله أن يحدث ما يخشاه وتنفصم العرى الوثيقة بين الأبناء لاقدر الله ،وكأنه يشعر بدنو الأجل وانتهاء رحلته في الدنيا فقد قام قبل وفاته بسنة واحدة بتأسيس شركة بينه وبين أولاده وبناته اختاروا له اسم "ميدنز" وهي الحروف الاولى من أسم كل منهم ربما هذا التصرف أثار حيرة البعض منهم وقتها ولكن بعد وفاته رحمه الله تبين أن لهذه الشركة دورا هاما في حياتهم ويتعامل الجميع فيها كل حسب نصيبه وميراثه الشرعي وأصبحت تمثل حصة المرحوم وورثته في جميع أعمال وانشطة مجموعة الشركات الخاصة بالعائلة، كانت الشفافية التي حباه الله بها قد جعلته يأخذ من الخطوات الواضحة ما يحقق الراحة والطمأنينة لورثته بعد رحيله ويمهد لهم رحلة الحياة من بعده في سهولة ويسر ومحبة ووئام لم يكن عليه رحمة الله متمسكا بدنياه ناسيا بأن هناك نهاية وأراد ان يرحل وهو مطمئناً على أولاده وفلذات كبده وتستمر حياتهم بنفس وتيرة الحب والمودة كما كانت في حياته.
كان الابن الأصغر" زيد" هو الأقرب إلى نفسه وقلبه، وكان يحيطه بحب جارف ربما لأنه الأصغر ،وربما كان يعوض شيئا في عقله الباطن أو في مكامن وأغوار نفسه ،وهو ما مر به من حالة فقدانه للأب وحرمانه من حنانه الذي توفي في سنوات طفولته الأولى وكان أصغر الأبناء .. ربما.
كان يخاف عليه بدرجة كبيرة، ويقدم له الدعم المادي والنفسي بلا حدود وبشكل متواصل حتى كبر، وحرص على المشاركة في مجالس الآباء والمعلمين لعدة سنوات ودعمه المستمر للأنشطة المختلفة سواء بالمدرسة أو بالكلية، وكان ذلك يشعر زيداً بالفخر والزهو بأبيه. كان اهتمام المرحوم به يرجع بدرجة كبيرة إلى أنه يرى فيه صورة مصغرة منه،فهو يرى فيه الجانب الآخر من شخصيته الاجتماعية والودودة مع أصدقائه في طريقته وأسلوبه وبساطته وأدبه، وكان يتوقع له مستقبلا باهرا ونجاحا في حياته العملية.. لايدري ماهو بالضبط ولكن كان لديه هذا الإحساس القوي، وكان يُسِِرُّ به للمقربين من الأهل والأصدقاء، وربما تكون بوادر توقعه قد ظهرت.
وها هو الآن الابن" زيد" بدأ حياته العملية في مجال الاستثمار السياحي دون الاعتماد على أحد، وبعيدا عن مجموعة العائلة التجارية، وبدأ يحقق نجاحات في المجال الذي اختاره وأحبه مع عدد من أصدقائه وشركائه. كان الانطباع الذي تكون عن علاقته واهتمامه به قد ترسخ في نفوس أصدقائه المقربين، وقد بدا واضحا جليا في عقد قران " زيد" بعد وفاة والده مساعد، والذي كان حاضرا فيه اثنان من أعز واقرب الأصدقاء للمرحوم وهما سعادة الشيخ" مشعل الأحمد الجابر الصباح" و سعادة الشيخ" فهد الجابر الأحمد الصباح "اللذان حضرا الحفل وكانا شاهدين عليه إعزازا ووفاء للأب الراحل وتكريما لابنه" زيد".
كانت لحظة وفاة الوالد بالنسبة لزيد لحظة رهيبة لا تنسى في حياته ، وكانت الصدمة قوية ومفجعة.. شعر فيها بأن الحياة قد أصبحت خاوية ، وفقد توازنه لفترة غير مصدق لما حدث، حتى استعاد توازنه مرة أخرى.. ولكن الجرح مازال عميقا.
أما علاقته بابنته "نورة " فكانت علاقة خاصة جداً فهي الإبنة الصغرى من ابنتيه اللتين رزق بهما، وكانت متعلقة و مرتبطة بأبيها بشكل غير معقول، فهي تستمتع بصحبته في خروجه ونزهاته، وتلح عليه وتطلب منه ذلك، ولم يكن أمامه إلا السمع والطاعة.. فقد كانت مدللة لديه، وكان -رحمه الله- أيضاً يستمتع بصحبتها، كانت متواجدة معه بشكل دائم، ولايرد لها طلباً ولا يرفض لها رأياً ما دام صوابا وفي حدود المعقول والمقبول.
أعطاها مساحة كبيرة من الحرية المسؤولة، وأثر ارتباطها به و معه على شخصيتها القوية والثقة والاعتزاز بالنفس التي تتمتع بهما, وهو ما انعكس بشكل ايجابي على حياتها العملية في مهنة المحاماة التي تمارسها الآن.
انهارت يوم وفاة أبيها ،وظلت لفترة طويلة زاهدة في الحياة وغير قادرةعلى فعل شئ، وانطوت على نفسها ،وعاشت أحزانها بأقسى ما تكون الأيام، كيف لا..وقد فقدت حلما جميلا وأبا غاليا وصديقا ورفيقا في حياتها.
أذكر هنا موقفا حدث لي معها فأثناء كلمتي في حفل افتتاح قاعة العروض الضوئية بالمدرسة التي تحمل اسمه –رحمه الله – وكان يحضرها عدد من أعلام المنطقة والمجتمع والشخصيات الهامة وأفراد من العائلة، وكنت عريفاً للحفل ومنظما له.. كنت أستعرض بعض المواقف مع المرحوم وبعض مآثره ، وقد استفضت في ذلك بتلقائية وعفوية غير مقصودة ،ولمحت دموعها وهي جالسة بين الصفوف.. كانت تبكي بحرقة في صمت حتى لايلاحظها أحد ،وكأني نكأت جرحا بداخلها لم يبرأ، وبعد أن انتهيت من كلمتي توجهت إليها لأعتذر عما سببته لها من آلام كانت غير مقصودة إطلاقا ، وأوضحت لها أيضا أن كل ما قلته هو أقل مما يجب أن يقال في حقه وعنه.. فقد كان رجلا شامخا وعظيما.
كان هذا الموقف العفوي يكشف ويؤكد مدى عمق الارتباط بينهما ومدى عظم الفراغ الذي تركه لها بعد رحيله.
أما الابنة الكبرى الدكتورة "دينا"، فقد كانت تمثل له الأخت الصغرى والصديقة المقربة إليه، وكانت دائماً مثار فخر أبيها وأسرتها جميعا، تتمتع بشخصية متوازنة ومحترمة ورزينة، كان يعاملها باحترام بالغ وتقدير كبير، ويستنير برأيها وينصت لها ويستشيرها في الكثير من الأمور، وخصوصا في فترة غياب الابن الأكبر يوسف لفترات طويلة بسبب دراسته خارج البلاد، وكانت آراؤها وأفكارها العقلانية محل تقديره واهتمامه دائما.
كانت وفاته لحظة فارقة في حياتها، اهتز لها كيانها، وكانت في حالة صدمة موجعة، ولكنها تسامت فوق جراحها وأحزانها، لتكون مع شقيقها الأكبر يوسف بجانب أمها وإخوتها الأصغر منها سنا تواسيهم وتحتضنهم ، وتخفف عنهم حالة الحزن التي كانوا عليها.
علاقاته بأحفاده
كان أحفاده بالنسبة إليه هم الواحة التي يستريح فيها وينعم في ظلالها بالمتعة والطمأنينة، وكانوا أيضا الغد المشرق والزهور التي تتفتح أمام عينيه، وكانوا يمثلون له الأمل و المستقبل الزاهر وامتداده الطبيعي في الحياة.
وقد كان لديه قبل وفاته -رحمه الله- أربعة من الأحفاد هم " شوق، وبدر، وفهد" أبناء نجله" يوسف" و "مساعد" من ابنته" دينا".
كان- رحمه الله- يهتم بهم جميعا اهتماما غير عادي ويحرص على مجالستهم ومداعبتهم بحنوّ الجد، يعمل على توفير بعض طلباتهم التي يتحفظ عليها والديهم في بعض الأحيان، وكان حريصا جدا على أن تحتفل الأسرة بكاملها بيوم ميلاد أي منهم بمشاركة جدتهم الحاجة "أم يوسف" -أطال الله عمرها- وكان يوم ميلاد أياً من الأحفاد هو بمثابة العرس داخل المنزل، فيحرص ويكلف ابنته" نورة" بالتحديد للعمل على تجهيز كل ما تحتاجه هذه المناسبة ، ومنها توفير هدية باسم كل واحد من العائلة للمحتفى به حتى يحقق هدفا في نفسه وهو التقارب والتلاحم والترابط بين الأحفاد، والنشوء على حب بعضهم لبعض، كان حريصا على هذه المناسبة للجميع دون تفرقة صغيرا كان أم كبيرا فهي مناسبة هامة يلتفون فيها حول جدهم وجدتهم ينعمون فيها بالدفء الأسري والحنان الذي يفيضون به على الجميع.
كانت الابنة "دينا" بما تحمله من إعتزاز و حب وتعٌّلق بوالدها قد أسمت أبنها باسم أبيها "مساعد"، وكان هذا الحفيد يمثل له شيئا كثيرا، وله منزلة خاصة في نفسه، قد يكون أحد أسبابها قرابة السكن فكان "مساعد" متواجدا في منزل جده باستمرار ، ويقضي مع جده وجدته أوقاتاً طويلةً وربما كان لتطابق الأسماء بينهما دورا في ذلك ،فضلا عن الأدب الشديد الذي كان يتصف به وتعلقه الشديد بجده وجدته.كان تأثير وفاته على الأحفاد كبيرا وشعروا بفقدان من كان يمثل لهم نبع الحب الصافي والحنان الفياض بلا حدود ، ذهب من كان له في خيالهم صفات الشخصيات الاسطورية التي تصنع لهم المعجزات وتحقق أحلامهم في لحظات.
علاقته بعائلته "إخوانه وأخواته"
كانت أسرته الصغيرة جزءاً من عائلته الكبيرة وركنا أساسا فيها،وكانت العائلة بالنسبة إليه هي الكيان الكبير الذي يجمع كل الأسر الصغيرة فيه في تفاهم وتناغم وحب،و كانت بالنسبة إليه الخيمة الكبيرة التي يستظل الجميع تحت سقفها ،ويتمسك الجميع بعاداتها وتقاليدها وقيمها ومثلها العليا ،وكانت تمثل له القوة والثقة والأمان ، وظل طوال عمره يعمل جاهدا على تماسكها وترابطها ، وكان يدين بكل الاحترام والتقدير لها فهو يستمد منها وبها كل أسباب الحياة والتميز .
والملفت للنظرأن تصميم ديوان العائلة الكائن في منطقة العديلية على هيئة خيمة كبيرة وكأنها تجمع العائلة فهل كانت مصادفة أواختيارا مقصوداً..؟!هل كانت كل هذه المعاني تدور بعقولهم حين قرروا إنشاء هذا الديوان الرائع. .؟! ربما .
مصادفة لفتت نظري بشدة قبل أن استقصي وأعرف ظروف وأسباب إقامة الديوان فيما بعد.
أشقاؤه
تتكون العائلة من ستة أشقاء ، وهم حسب الترتيب العمري: المرحوم "عبد الله "و"احمد" و"إبراهبم" و"فهد" والمرحوم"مساعد" والمرحوم"عبد العزيز" الذي توفي وهو صغيرا ، إضافة إلى خمس شقيقات وهن المرحومة" عائشة" زوجة المرحوم" محمد الغنيمان -العشيرج-" ، و"لطيفة "زوجة المرحوم" محمد العبد المغني" ووالدة السفير والكاتب والمؤرخ المعروف الأستاذ" عادل العبد المغني" ، والمرحومة "هيا" زوجة المرحوم" صالح السيف" ، والمرحومة "طيبة "زوجة" حمد عبد الكريم الصقر" والتي توفيت في نفس السنة مع المرحوم" مساعد" ، وأخيراً "لولوة "زوجة الحاج "علي محمد الميلم".
بعدما توفي والدهم الحاج" يوسف الميلم" –رحمه الله- في أوئل الخمسينيات وجد الأخوان "عبد الله" و"أحمد" أنفسهم مسؤولون عن الأسرة، وتكفلوا بالعمل والإنفاق عليها نظرا لصغر سن إخوانهم حتى كبروا وقوي عودهم، واستكملوا رحلة العائلة معا وجميعا.
"شب" مساعد بينهم بعد وفاة أبيهم، وعملوا على توفير كل ما يحتاجه من النواحي المادية والنفسية حتى لايشعر بفقدان الأب الذي كان يحظى عنده بمكانة خاصة ومنزلة كبيرة .
ورغم قلة الموارد وصعوبة الحياة في تلك الفترة، وقبل الطفرة النفطية إلا أن المرحوم "عبد الله" وأخاه "أحمد" فعلوا كل ما في استطاعتهم ووسعهم ليوفروا للأسرة حياة كريمة، ويقوموا على تلبية كافة مطالبها وما تحتاجه. كان الأخ الأكبر"عبد الله" والذي كان يعمل بإدارة حرس الأسواق وصار مديراً لها قبل وفاته، بمثابة الأب للجميع وبالحس التجاري الذي يتمتع به جميع أفراد العائلة، كان يعمل أيضاً في تجارة الأراضي والعقارات وكانت مهارته الشديدة وجرأته وقدرته الفطرية على استشراف المستقبل وحسن التوقع لديه، حقق الكثير من النجاحات في هذا المضمار. ولطيبته الشديدة كان الكثيرين من المعارف يلجأون إليه لثقتهم فيه للعمل معه والاستفادة من خبراته في هذا المجال ولم يكن يتوانى في مساعدة كل من يحتاج إليه في هذه الناحية وقد حقق الكثيرين منهم أرباحا كبيرة من وراء التعامل معه، وقد تجير ذلك إلى مصلحة العائلة في تلك الفترة في شراء أحسن الأراضي بأفضل الأسعار. وكان في نفس الوقت أخيه أحمد يدير دكان والدهم الراحل، وكان يعمل في نفس النشاط وهو تجارة المواد الغذائية والأقمشة.
في منتصف الخمسينيات بدأت الحركة التجارية في الكويت تنتعش واتجه الإخوان لنوع أخر من التجارة، وكان الأخ إبراهيم قد اقترح عليهم العمل في نشاط الإطارات وقطع غيار السيارات ولما لاقت الفكرة قبولا من باقي إخوانه، قاموا بافتتاح أول محل لهم لتجارة الإطارات وقطع غيار السيارات مقابل قصر نايف تولى إدارته الأخ" إبراهيم" وانضم إليه الأخ "فهد" لاحقاً ، وتكاتف الإخوان" عبد الله وأحمد وإبراهيم" في التكفل بأمور العائلة المعيشية والحياتية المختلفة، وكان الأخ "مساعد" يقوم بمعاونة أشقاءه أثناء دراسته بالمدرسة أذا سنحت له الفرصة بذلك، واستمر الوضع على هذا النحو إلى أن بدأت ظروف الحياة تتحسن، وكبر الأخوة الصغار، واتسع النشاط التجاري للعائلة وانعكس ذلك إيجابياً على كافة أفرادها.
كان الأخ"عبد الله" بمثابة الأب لأخيه مساعد فهو معه دائما حنونا ناصحا وموجها، لم يشعر في وجوده بفقدان الأب فقد أحاطه هو وإخوانه بكل الرعاية والحب والاهتمام. انتقل إلي جوار ربه في العام 1963 م ليكمل المسيرة الأخ الأكبر من بعده" أحمد".
وقت وفاة المرحوم عبد الله، كان مساعد قد تجاوز العشرين من العمر وكان لوفاته تأثيرا كبيرا عليه فيذكر من عاصروا تلك الفترة أن مساعد كان حزينا جدا عليه وكان يبكيه بكاء مرٍ وكانت تلك اللحظة بداية مرحلة جديدة في حياته تحمل فيها كثيرا من المسئوليات وغلب على شخصيته الجدية التي صاحبته طوال حياته فيما بعد.
أكمل المسيرة الأخ الأكبر "أحمد" فكان لمساعد هو الأب وكان يصطحبه معه في سفراته خارج الكويت، ويشركه معه وأخواه في المناسبات والزيارات المختلفة، ولم يبخل عليه في سفر أو تعليم خارج البلاد .
كان "أحمد وإبراهيم" بالنسبة لأخيهما مساعد هما القدوة والمثل، بعد وفاة أخيه الأكبر عبد الله –رحمه الله- وكانت العائلة تمثل له الفضاء الرحب الذي يسبح فيه وهو مطمئن. فهناك من كانوا يمثلون له الأب، وهو أخاه" أحمد " والأخ الحنون إبراهيم" وهناك من كان يمثل له الصديق وهو أخوه" فهد". لذا فهو لم يشعر بالحرمان أو الحاجة, فهو بينهم ومعهم الأهم لهم لصغر سنه، والمحبب إليهم لأدبه وحسن خلقه واستقامته. وظل طوال حياته وحتى مماته محبّاً لهم، يكن لهم كل معاني الحب والتقدير والإجلال والاحترام. كانت وفاته حدثا جللا بالنسبة لهم، فهو الابن البار والشقيق الأصغر... وبكوه كما لم يبكوا أحدا من قبل.
شقيقه فهد
كان شقيقه "فهد" أقرب المقربين له ،وكان المرحوم "مساعد" مرتبطا ومتعلقا به بشدة ، وكانوا ملتصقين معا التصاقا تاما منذ صغرهم وحتى وفاته ،فلم يكونا يفترقا إلا عندما يأوي كلٌّ منهما إلى فراشه .
كان أصدقاؤهم نفس الأصدقاء، وميولهم نفس الميول، واتجاهاتهم نفس الاتجاهات لدرجة أنهم تزوجوا في نفس اليوم، وكانت بيوتهم ملاصقة لبعضها البعض ،وتتوجت هذه العلاقة بزواج ابنه الأكبر الدكتور" يوسف" بابنة أخيه" فهد" الدكتورة" فاتن".
عندما يتحدث "فهد الميلم" عن أخيه الراحل تجد الكلام متدفقا حانيا من محب ورفيق عمر ودرب، يتحدث كمن فقد نصفه الآخر، ويشعر بأنه انكسر بداخله شيء لم ولن يجبر.
كانا جسدين وروحا واحدة ،وكما قال صراحة: إنه أحس- ومازال -بفراغ كبير لم يستطع أن يملأه أحد منذ وفاته وحتى الآن، وصورته ماثلة أمامه في كل وقت ،ولم يفارق مخيلته لحظة واحدة، وفضلا عن كونه أخاه الأصغر، فقد كان صديقه المفضل والأثير لديه.
توفي والدهم وكان عمر "مساعد" حوالي تسع سنوات ،وبرغم الحب الشديد وتعلق الوالد به كونه الابن الأصغر، إلا أن مرحلة الوعي الكامل لم تكن قد تشكلت لديه بعد ،ولم يكن لذلك الحدث أثرٌٌ كبيرٌٌ عليه ، فقد وجد نفسه بين إخوانه،وفي حمى أحضان أمه الحانية التي ظل مرتبطا بها ارتباطا شديدا طوال حياته، لدرجة أنه وشقيقه "فهد" اقتطع كل منهما جزءاً من بيته وبنوا بيتا لأمهم بين بيوتهم لتكون بجانبهم ويطمئنوا عليها في كل الأوقات ،،ولم يطق فراقها أوابتعادها عنه حتى وفاتها رحمها الله في العام 1968م،وشب ليجد أن أقرب إخوانه إليه سنا وطباعا هو شقيقه" فهد"، فارتبط به هذا الارتباط الوثيق حتى وفاته- رحمه الله .
يذكر " فهد الميلم" أن المرحوم كان منذ طفولته نشيطًا خدوماً وفياً مخلصاً لأصدقائه ومعارفه، ليس له عداوات أو خلافات أو صراعات مع أحد، ذا ذاكرة قوية وملماً بأدق التفاصيل،وكان كتوماً وحافظاً للسر إلى أبعد الحدود ،لدرجة أن مرضه الأخير لم يدر به أحد إلا قبل إجرائه العملية الأخيرة التي توفاه الله بعدها.
كان هادئاً خفيفاً دائماً، ولم يكن يوما ثقيلا حتى على أقرب الناس إليه.
وبالرغم من كل ما مر به من تجارب وخبرات في الحياة تصلح لأن تكون أمثلة يحتذى بها، إلا أنه كان خجولاً متواضعاً شديد الحياء ،كريماً باراً بأهله واصلاً رحمه ، لم يطرق بابه يوماً محتاج إلا ولبّى حاجته .
تميز الحب والإعزاز الكبيرين اللذين كان المرحوم يكنهما لإخوانه الكبار منذ صغره وحتى وفاته بشكل يثير الإعجاب لكل من كان على علاقة بهذه الأسرة، وكان الاحترام والتقدير والإجلال والإكبار لإخوانه وطاعته لهم سمةً مطبوعةً في شخصيته منذ طفولته وحتى مماته.
كان حبه جارفا لإخوانه وأخواته الكبار على حد سواء، فلم يكن يمر أسبوع دونما يزور جميع أشقائه وشقيقاته ،وقد أصر على أن يكون حفل زفاف ابنة شقيقته" هيا" في منزله وبين أبنائه نظرا لوفاة والديها منذ وقت طويل ، فكان بعاطفته الجياشة وحبه الغامر لايريد لها أن تشعر ولو للحظة بأنها وحيدة في يوم زفافها ،وهذا يدل على القيم والمبادئ والمثل العليا التي تربت عليها هذه الأسرة الكريمة، والتي أرسى أسسها وزرعها فيهم ,والدهم المرحوم الحاج" يوسف الميلم".
يستذكر فهد الميلم أيضا كيف كان هو و "مساعد" يتشاوران في كل شيء.. سواء فيما بينهم، أو مع باقي أفراد الأسرة ،ولم يكن هناك رأي فردي لأي عضو من الأسرة، بل كان الجميع يشارك في القرار.ويستذكر أيضا الفترة الأخيرة في حياته قبل أن يعاني من أي مرض، وكيف كان حريصا على ألا يكون لأي شخص مطلب لديه ولم يأخذه ، لدرجة أنه أعطى تعليمات للعاملين معه بأن يسددوا أي مطالبات لأي شخص حتى وإن لم يكونوا على ثقة بصحة هذه المطالبات.
ويذكر "فهد الميلم" واقعة أعادتنا إلى السيرة العطرة لوالدهم المرحوم الحاج "يوسف"، فقد جاء أحد العاملين في مجال إصلاح السيارات يطالب المرحوم مساعد بمبلغ 1500دينار قيمة إصلاح سيارة ابنته من حادث وقع منذ ثماني سنوات، وبرغم ثقته بأن هذا الرجل قد حصل على حقه في تلك الفترة البعيدة، وإنه ليس من المعقول أن يسكت عن هذا المطلب لمدة ثماني سنوات، وخصوصا أن العائلة لها اسم معروف ولها عنوان معلوم يعرفه كل من هو موجود بالكويت ،وهو ما أثار استغراب الحاضرين لهذه الواقعة من أفراد العائلة والضيوف الذين كانوا متواجدين وقتها، وطلبوا من الرجل مراجعة نفسه، خصوصا أن مطلبه غير عقلاني وغير واقعي، وبالتأكيد فإن في سجلات المستشفى في حالة الرجوع إليها ما يفيد بتسلمه هذا المبلغ، ووعدوه بمراجعة السجلات للتأكد، وأن يعود الرجل في موعد آخر، إلا أن المرحوم "مساعد" آثر بعد مغادرة الرجل أن يسدد له هذا المبلغ خوفا من أي احتمال ولو ضعيفا بعدم حصوله على حقه ،وبالفعل تسلم الرجل هذا المبلغ دون التأكد من ذلك .
كان العم "مساعد"- رحمه الله – يبدو وكأنه يشعر بموعد الرحيل عن دار الفناء وذهابه إلى دار الحق، وكان له ما أراد في مقابلة وجه ربه الكريم وسجله ناصع البياض، وكأنه بشكل لا شعوري ولا إرادي يكرر ما قام به والده في القصة التي سبق ذكرها ...رحمهم الله جميعا .
=========================================
علاقاته بأصدقائه
كان للأصدقاء دور كبير ومكانة متميزة وركنٌأساسيٌّ في حياة المرحوم"مساعد الميلم"فهم يشكلون جزءا مهماً في تركيبته النفسية والشخصية والاجتماعية. كان شديد الارتباط بهم ولم يتخلَّ عن أحد منهمفي أي وقت من الأوقات . كانوا يمثلون الضلع الثالث في المثلث الذي يشكل منظومة حياته وهو" العائلة والعمل والأصدقاء" يتذكر العم فهد أن المرحوم "مساعد" كان شديد الارتباط بأصدقائه منذ طفولته, وكانت سعادته بالغة في الالتقاء بهم وقضاء الوقت معهم, وكان أمتع أوقاتهم عندما يتجمعون ليقضوا أوقاتهم في ضحك و لهو برئ خارج البيوت والدواوين ليمارسوا الألعاب القديمة والمنتشرة في ذلك الوقت مثل الدرباحة والمقصي.. وما إلى ذلك وكان "مساعد" متميزا فيها بشكل لافت.
و كان يعشق البر, ويخرج مع أصدقائه ( الكشتة مع الربع) يقيمون المخيم فيه, يستمتعون بالهدوء وصفاء الجو وروعة المناظرواستنشاق هواء الصحراء ويقضون أياما غارقين في سحرها.
و كان أيضا مولعاً بالبحر, يقضي ساعات طويلة في الحداق "الصيد" وركوب البحر والتزحلق على الماء مع شقيقه "فهد"وكان ذلك شيئاً غير مألوف في ذلك الوقت ،وكان ارتباطه وعشقه للبحر تحديداً حتى بعد أن صار شاباً يافعاً هو وشقيقه" فهد" سبباً فيما بعد في تفكيرهم في بناء "مستشفى هادي" ،فقد تولدت صداقة بينهم في تلك الفترة البعيدة مع مجموعة من الأطباء الوافدين الذين يتردد شقيقهم الأكبر "أحمد" عليهم للمراجعة والعلاج, وتحولت العلاقة بينهم إلى صداقة حميمة وظلوا أوقاتاً طويلة يذهبون معهم في رحلات صيد الأسماك وفي إحدى هذه الرحلات عرض عليهم أحد أصدقائهم من الأطباء فكرة بناء مستشفى خاص, ولاقت الفكرة استحسانهم ولم تختمر في ذهنهم , وتخرج من حيز الفكرة إلى التنفيذ إلا بعد سفرهم لبريطانيا كما سيرد لاحقاً.
كان السفر بالنسبة للمرحوم" مساعد" هواية ومتعة بدأت معه في فترة بعيدة من حياته, فقد زار دولا عديدة عربية وغربية تقريباً أغلب دول العالم المعروفة،وبرغم تنوع سفراته مابين العمل أو النزهة والاستجمام, فإن الأصدقاء كانوا دائما في عقله وقلبه, فهم إما بصحبته وهذه أغلب الحالات ,أو بمفرده أو مع أسرته, وكان في فترة الصيف يصطحب الأسرة سنويا للاصطياف, وهي عادة لم تنقطع إلا بوفاته –رحمه الله- فتكون لها عنده وعندهم مذاقا آخر في تجمعاتهم و قضائهم معظم أوقاتهم معا . كان حريصا جدا على أصدقائه في سفراته الأولى، و دائم الاتصال بهم، وفي ذاك الوقت البعيد التي كانت وسائل الاتصال الحديثة غير متوفرة كما هي عليه الآن .فإنه كان يراسلهم ويتواصل معهم حتى عن طريق المعايدات أو البطاقات البريدية.
وبالرغم من أن معارفه كانت كثيرة ومتعددة ومتنوعة بشكل غير معتاد فإن اللافت للنظر أن شخصيته الهادئة والودودة والمتحفظة في بعض الأحيان كانت سبباً في عدم كثرة أصدقائه الحميمين بشكل عام، ولكنه كان مرتبطاً بهم بعلاقات عميقة الجذور أدت إلى استمرارها لسنوات طويلة .
وبسبب هذه العلاقات العميقة والنبيلة معهم كانت خسارتهم فيه فادحة ،كانت لهم طقوساً معينة لاتتبدل ولا تتغير، وهي الإفطار يوم الخميس من كل أسبوع لمجموعة الأصدقاء المقربين، حيث يجتمعون في الساعة السابعة صباحا ، ولك أن تتخيل أن هذا الموعد معروف للجميع فإذا أردت أن تقابل أحدهم فلا داعي لأن تنسق معه على موعد مسبق، كل ما عليك هو أن تذهب إلى مكتب مدير "مستشفى هادي" في أيّ من أيام الخميس من كل أسبوع منذ الساعة السابعة صباحا، وستجدهم متواجدين , ولاأبالغ إذا ذكرت بأن جميع مواعيدي أو مقابلاتي مع العم "مساعد" لقضاء أي مسألة والانتهاء من أي موضوع , كانت تتم في هذا اليوم لأجد مجموعة الأصدقاء المقربين هناك, وكنت غالبا ما أشاركهم فطورهم ، واستمرت هذه العادة وهذا التقليد حتى الآن ، وعندما قررنا التحدث مع سعادة الشيخ" فهد الجابر الأحمد الصباح" بخصوص ذكرياته مع المرحوم"مساعد الميلم" ،التقينا في نفس التوقيت من صباح يوم الخميس وشاركناهم فطورهم أيضا، إلا أن المرحوم "مساعد" لم يكن معنا هناك بشخصه ،ولكنه كان هناك بروحه التي أحسست بأنها تحتوي أجواء المكان. وكان هناك أيضاً الاجتماع اليومي للأصدقاء بديوان العائلة بالعديلية يجتمعون فيها بشكل تلقائي ولا يتخلف عنها أحد.
كان شديد التأثير فيهم، وكانوا أيضا بنفس درجة التأثير فيه ،وكانت منزلته كبيرة في نفوسهم ،وكان لهم نفس المنزلة وأكثر.
كنا حريصين أن نلتقي بأقرب الناس إليه وأعز الأصدقاء إلى نفسه ،تقابلنا مع سعادة الشيخ فهد الجابر الأحمد الصباح ليتحدث عنه ،فالشيخ فهد لايعتبر أن المرحوم كان بالنسبة إليه صديقا فقط بل كان بمثابة الأخ الأكبر، وكان مرتبطا به بصلة قرابة، ويعتبر نفسه أحد أفراد العائلة . يذكر الشيخ" فهد" أن علاقته وصداقته بالمرحوم امتدت لأكثر من عشرين عاما ،كان له فيها خير الأخ وخير الصديق وخير الرفيق. كانوا يتقابلون كثيرا سواء في المناسبات الاجتماعية أو في الدواوين أو في السفر أحيانا ،ولكن كان اللقاء المحبب والأهم إليهم هو لقاء يوم الخميس صباحا من كل أسبوع بمكتب المرحوم بمستشفى هادي ،وهو لقاء لايتخلف عنه أحد من مجموعة الأصدقاء، ولم ينقطع عنه أحد حتى الآن إلا لظروف قاهرة باستثناء المرحوم "مساعد" الذي غاب عنه بجسده فقط ،ولكنه موجود بينهم بروحه وسيرته العطرة وذكراه الطيبة وبالدعاء الدائم له بالرحمة والمغفرة. كان الشيخ فهد الجابر يتحدث عنه بشجن واضح في صوته ،ويؤكد ويشدد على كلمتين تخللت حديثنا معه عدة مرات ..كان المرحوم "دمث الأخلاق.. وشعبي" كناية عن أدبه و بساطته وتواضعه ،ويستطرد قائلا: كان صاحب ابتسامة مشرقة دائمة لاتغيب، جريئا في الحق ذا رأي سديد ، يبدي رأيه في كل القضايا والأمور في شتى المجالات بدون تحفظ وبدون تجاوز أيضا، وكان رأيه دائما على صواب.كان محسنا كريما يساعد المحتاج ولا يخذل من يلجأ إليه ،كان قدوة لي، وكان لي الشرف بصحبته وصداقته كل هذه السنين، ولكن عزاءنا أن من يحملون اسمه الغالي الدكتور" يوسف" والأخ" زيد" هم إخوان أعزاء لنا وموجودون بيننا.
أذكر له بكل الإعتزاز أياديه البيضاء و دعمه الكبير لرياضة الآباء والأجداد.. سباقات الخيل والفروسية وذلك أثناء رئاستي لنادي الصيد والفروسية ،وكيف كان هو وإخوانه الأعزاء أبناء المرحوم" يوسف العبد الهادي الميلم "في منتهى الكرم والجود في دعمهم للنادي وأنشطته المختلفة .
واختتم حديثه قائلا : سيظل "مساعد الميلم" بيننا بأبنائه وبإخوانه ،وخصوصا الأخ العزيز والكبير "فهد يوسف العبد الهادي الميلم" الذي أعتبره أقرب الناس إلى قلبي ونفسي،، (انتهى)
كان العم مساعد رحمه الله ملتزما في كل شئ ،وكان يعطي كل جانب من جوانب حياته حقه دون زيادة أو نقصان وكما يجب أن يكون العطاء ،وهو ملتزم بذلك التزاما تاما .فهو الزوج والأب ، والجد والابن والأخ والصديق ورجل الأعمال القوي والناجح في عمله، كان يلعب كل هذه الأدوار معاً بكفاءة واقتدار منقطع النظير، وظل طوال حياته وحتى وفاته على هذا المنوال دون تداخل أو جور من دور على الأخر، وقد بدىَ ذلك واضحا جليا من خلال كل ما سبق.
=========================================
يوم الوفاة
كان الجميع كبارا وصغارا كمن استيقظ من حلم جميل على كارثة مروعة زلزلت أركان العائلة كلها ،وكل من كان يعرفونه ،كانوا يشعرون أنه تركهم سريعا وبدون مقدمات،فقد أجرى عملية جراحية ناجحة، وقبل الوفاة بساعة واحدة كان الجراح برفقته يطمئنه على أن حالته العامة طيبة ويمكنه الانتقال من غرفة الإفاقة التي كان متواجدا فيها إلى غرفة خاصة ليقضي فيها بعض الوقت للنقاهة، وأثناء استعداده لذلك كانت إرادة الله أقوى ، ووافاه الأجل المحتوم بسبب بعيد تماما عن العملية الجراحية ، وهو جلطة قلبية مفاجئة، ولكن في النهاية "تعددت الأسباب والموت واحد"، ووقف الجميع.. ابنه يوسف الذي كان قائماً على غسله وتكفينه، وزوجته وباقي أبنائه وإخوانه يلقون عليه النظرة الأخيرة وهم يودعونه و يبكونه ويدعون له بالرحمة والمغفرة.
يتذكر الابن يوسف هذا اليوم شديد القسوة على نفسه و الصدمة التي فاجأته, فالكل كان في حالة ارتياح وطمأنينة بعد نجاح الجراحة التي أجراها على يد جراح ألماني ماهر ومتخصص استُقدِم للكويت خصيصا لإجراء العملية, و بعد إجراء العملية بيوم واحد،وبعد زيارة الطبيب له واطمئنانه عليه، ذهبت الحاجة "أم يوسف" لإحضار بعض الملابس واللوازم وتجهيز الغرفة التي سينتقل إليها من غرفة الإفاقة، ولكن الابن يوسف الذي كان ينتظر قرب الغرفة فوجئ بمكالمة هاتفية من العم فهد يخبره بحدوث الوفاة، والعمل على إبلاغ والدته وإخوانه وبرغم التماسك الذي أبداه فإن الموقف كان أكبر من أن يتحمله بكثير، وكان من أصعب المواقف التي واجهته هو كيفية إبلاغ أمه وأسرته بهذا الخبر, فقام بإبلاغ أخواله وخالاته ليكونوا بجانب والدته في هذا الموقف الصعب. واسترد اتزانه سريعا ليواجه الموقف وإنهاء إجراءات دفنه، ودائما في أوقات الشدائد تظهر معادن الرجال, وجد يوسف بجانبه صديق عمره ورفيقه فلاح عبد الله مشاري الكليب الذي شد من أزره وسانده , فكان بسماحته و دماثة خلقه وهدوئه والتزامه وتقواه يهدئ من روعه كثيرا, ولم يتركه لحظة واحدة منذ علم بالخبر الحزين, فقام بنفسه بإصدار تصريح الدفن والاتفاق على من سيقوم بعملية الغسل وتجهيز الكفن ووقف معه يساعد في غسله وتكفينه في منزل الأسرة بالعديلية, وظل معه ليلة الوفاة كاملة, وكان معه أثناء الدفن بالمقبرة وفي العزاء نهارا وليلا لم يتركه أبدا.. يستذكر له الدكتور يوسف كل ذلك بمحبة غامرة وامتنان ومعزّة ليست لها حدود.
كانت جنازته وعزاؤه حالة تمثل كل أطياف المجتمع من أعلاه إلى أدناه من مشرقه إلى مغربه، شيوخ ووزراء ونواب ورجال أعمال مسؤولين سابقين وحاليين، وأشخاص بسطاء.. مواطنين ووافدين من مختلف الجنسيات ،وممثلين عن السلك الدبلوماسي بالبلاد.. العربي والإسلامي والأجنبي، ومئات البرقيات من داخل الكويت وخارجها.
كانت وفاته- رحمه الله -استفتاء حيّاً على محبة وإعزاز هذا الرجل والمنزلة التي يسكنها في قلوب كل من عرفوه أو سمعوا به.
"رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته ، وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان"
كانت المواقف الوطنية والتعلق بحب هذه الأرض الطيبة والولاء التام لحكامها صفات متجذرة ومزروعة في نفوس هذه الأسرة من قديم الزمان، ولم تتغير هذه المواقف أو تتبدل في أي وقت من الأوقات. وبالعودة إلى سيرة الوالد الحاج يوسف الميلم- يرحمه الله- نجد أنه شارك مع أبناء الحي القبلي في الكويت القديمة ببناء السور الثالث عام 1919الذي تم إنجازه في شهرين وكان يمتد في شكل نصف دائري خلف الكويت من البحر بمسافة أكثر من 5 أميال ، وارتفاعه أربعة عشر قدماً وله خمسة أبواب وستة وعشرون برجاً للمراقبة. كما كان له دور في الذود عن حمى الوطن في" معركة الجهراء "الشهيرة التي حدثت في صبيحة العاشر من أكتوبر عام 1920 م للدفاع عن تراب الوطن بقيادة المغفور له الشيخ سالم المبارك الصباح حاكم الكويت آنذاك ،بلغ عدد الجرحى نحو 120 مصاباً ، أما الشهداء الأبرار فبلغ عددهم نحو 370 شهيداً وكان منهم المرحوم" إبراهيم العبد الهادي الميلم" الذي استشهد وكان عمره في ذلك الوقت ثلاثة وعشرين عاما ولديه طفلة صغيرة "دلال" لم يخف أو يجبن أو يفكر في طفلته التي كان عمرها شهورا بل لبى نداء وطنه ونداء ربه وقدم روحه وحياته فداء وتضحية لتصعد روحه إلى بارئها راضية مرضية ..
وتتجلّى شجاعة وصلابة الحاج" يوسف" في موقف حرج للغاية عند إصابة شقيقه في المعركة المرحوم " إبراهيم العبد الهادي الميلم" وعلم بوفاته في المستشفى الأمريكاني متأثّراً بجراحه بعد أن كلّل الله الكويت بالنصر،فلم يحزن ولم يجزع واحتسبه عند الله شهيدا فداء وتضحية لتراب هذا الوطن الغالي. كان لديه إيمان مطلق وتسليم تام بأن الشهداء ضحوا بأرواحهم من أجل الكويت وهم أحياء عند ربهم يرزقون.
أما أروع صور الولاء والانتماء والحب لهذا الوطن المعطاء فقد تجلت في الحدث الجلل الذي هز المجتمع الكويتي والعالم بأسره ،وهو" الغزو العراقي الغاشم" للبلاد، فقد كان الغزو في حد ذاته يمثل كارثة على كل المستويات تشارك فيها من كانوا داخل البلاد مع من خارجها ، كان ضياع الوطن هو ضياع الحياة بالنسبة لكل من عاش على هذه الأرض الطيبة وارتوى من نبع حبها وخيرها سواء كويتيين أو من الجنسيات الأخرى، تساوى في ذلك حكام ومحكومون، مواطنون ومقيمون ،كانت الصدمة كبيرة والجرح غائرا، فالطعنة كانت من شقيق كان بالأمس القريب جارا وأخا وصديقاً لم تبخل الكويت شعبا وحكومة عليه بشئ كانت السند والمعين ، تكلفت من أجله الكثير من أموالها وأمنها ما لايتحمله أحد كانت له الظهر الآمن والداعم بكل ما تملك من إمكانات وأموال ،ولكن كان الجحود والخسة والنكران هو ما لاقته الكويت وأهلها المسالمون الآمنون من هؤلاء الذين ليس لهم عهدا ولا ذمة، فقاموا بغزو البلاد واستباحوا حرماتها ودمروا مرافقها ومؤسساتها، ونكّلوا بشعبها الطيب المسالم الآمن ،وقد كان من فضل الله على هذا البلد وشعبه الوفي أن حفظ الله سمو أمير البلاد وولي عهده الأمين دون أن يمسسهم سوء من البرابرة الغزاة الذين حاولوا الوصول إليهم والنيل منهم بأي شكل، لتظل الشرعية موجودة ،وكان التفاف كافة شرائح وأطياف الشعب الكويتي حولهم ، وتمسكهم برموز الشرعية ، دافعا قويا لالتفاف قوى الحق من الدول العربية والإسلامية والأجنبية بجانب الكويت في قضيتها العادلة وتحالفها من أجل هزيمته وإخراجه من الكويت ذليلا مدحورا.
وفي هذا السياق وقعت يدنا أثناء بحثنا في أرشيف العائلة على وثيقة تكذب وتدحض مثل هذه المزاعم التي تزعم أن الكويت كان جزءا من العراق وهي تذكرة مرور صادرة في العام 1349هـ تقريبا العام 1928م منذ مايزيد عن ثمانين عاما صادرة عن مملكة نجد والحجاز وملحقاتها للجد الحاج عبد الهادي بن فهد الميلم –رحمه الله-توضح اسمه وتاريخ مولده بالكويت العام 1270هـ أي منذ حوالي 160سنة ومحل إقامته الكويت والتابعية" حكومة الكويت" وقد صدرت له، وكان وقتها عمره يناهز التسعة والسبعين عاما وكان يعمل " بياع شراي" كناية عن عمله بالتجارة.
كان الإخوان (أحمد وإبراهيم وفهد ومساعد) في أسبانيا، وفور علمهم بالغزو العراقي الغاشم على دولة الكويت قاموا بفتح مجمعهم السكني "هادي سنتر" في منطقة" تورمولينوس " في مدينة " ملقا " في مملكة "إسبانيا" وهو مجمع ضخم مبني على مساحة ستة ألاف متر مربع تقريبا ، وبه حوالي خمسة وثلاثين شقة كبيرة موزعة على ثلاثة أدوار.. الطابقين الثاني والثالث منه أدوار مزدوجة وعلى هيئة فيلات ويقع علي البحر مباشرة. ويضم بين أسواره ملعباً للجولف وحمام سباحة كبير وحديقة خاصة به ، وجهزوه للأسر الكويتية التي كانت تقضي إجازة الصيف هنالك للسكن في شققه بلا مقابل إلى أن تزول الغُمّة. كما قاموا بفتح شققهم الخاصة في المجمع السكني "بلايمار" في نفس المنطقة للرجال العزاب الكويتيين المتواجدين هناك، و قاموا أيضا بتخصيص شقتين أحدهما للرجال والآخرى للنساء وقاموا بتجهيزهما لتكونا المقر الرسمي للجنة الشعبية الكويتية في إسبانيا، كي تنسق مع الحكومة الكويتية في الطائف. التي تشكلت برئاسة المرحوم عبد العزيز حسين وعضوية السادة عبد الرحمن الحوطي وسالم المرزوق وعبد الوهاب العوضي وفهد الميلم ..وآخرين.
كانوا مرتبطين قلبا وقالبا مع الحكومة الشرعية في البلاد ممثلة في سمو أمير البلاد الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح وولي عهده الأمين سمو الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح رحمهما الله .
وانطلاقا من نفس الروح ، وتضامنا مع الأسر الموجودة وحفاظا عليها لسد حاجاتهم المادية وصونا لكرامتهم ، قاموا بمنح مساعدات مالية لبعض الأسر الكويتية هناك ،إلى أن تم تسلم هذه الأسر المساعدات المقررة لهم من الحكومة الكويتية.
لم يكن هذا الموقف منهم تجاه الأسر الموجودة هو نوع من المنة أو التفضل بل كان واجبا عليهم ، وقاموا به عن طيب خاطر وأريحية بالغة النظير، فكل من كان موجودا على الأراضي الاسبانية في ذلك الوقت كانوا بالنسبة لهم آباء وأمهات وأبناء وإخوة، وكانوا نسيجا واحدا متلاحما. وكانوا يطمئنون عليهم باستمرار ويسهرون على راحتهم وتلبية احتياجاتهم بشكل دائم وكانت الرغبة في تخفيف وقع الكارثة على نفوس هؤلاء الأسر هو همهم وشغلهم الشاغل.
كان الابن الأكبر" يوسف" يقوم بنفسه بتوفير المياه العذبة لهم والذهاب مرتين شهريا إلى المزارع والمسالخ لتوفير اللحم الحلال لهم، ولم يشعر مرة واحدة بالتعب أو الكلل أو الملل، ولم يتكبر أو يتعالى بل كان يشعر بالسعادة الغامرة والفخر والاعتزاز إذا ما رأى علامات الرضا والارتياح عليهم ، فهو يقوم بخدمة أهله وأبناء جلدته ،كان يشعر أن قيامه بهذه الأعمال عزاء له عن عدم تمكنه من الالتحاق بالجيش أو القيام بأي عمل في الميدان يساعد في تحرير بلاده .
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد كان توفير الأمن لهذه الأسر هاجسا كبيرا بالنسبة لهم، فقام الإخوة -نظرا للعلاقات الطيبة والمحترمة مابين عائلة الميلم والمسؤولين بالمدينة- بالاجتماع مع المحافظ وقائد الشرطة بالمنطقة وذلك لتوفير حماية من الشرطة الإسبانية على مدار 24 ساعة للعوائل الكويتية الساكنة في المجمع "هادي سنتر"، وذلك بإقامة نقطة حراسة دائمة بداخله فترة تواجدهم أثناء الغزو .وكذلك توفير حماية خاصة من الشرطة الإسبانية على مدار الليل والنهار لبعض الشخصيات الكويتية الهامة خلال تواجدهم في إسبانيا أمثال المرحوم" عبدالعزيز حسين"،و المرحوم "حمد الرجيب"، والمرحوم "فهد الدويري"،كما تم الاتفاق مع رئيس مخفر "بن المدينا "على تخصيص قسم لتسهيل معاملات الكويتيين وإعفائهم من الرسوم خلال فترة الغزو العراقي.
و بعد الاطمئنان على الأسر الكويتية الموجودة في ملقا،كان لدى العائلة ماهو أكبر وأهم، وهو إثارة قضية احتلال الكويت على كافة المحافل ، وكسب التضامن والتأييد لها، وبالفعل تم التنسيق مع وكالات الأنباء العالمية لعمل مقابلات مع اللجنة الكويتية في إسبانيا ممثلة بالسيدين "عبدالرحمن الحوطي" و"سالم المرزوق" ، كما قام محافظ المنطقة بعمل مؤتمر صحفي لوكالات الأنباء العالمية ،ودعا إليه جميع الكويتيين المتواجدين في إسبانيا، حيث ألقى فيه كلمة دعما لقضية الكويت.
واستكمالا لهذه الجهود قام الإخوة بالمساهمة في دعم مشروع تسمية ميدان الكويت في إسبانيا، وحضر حفل افتتاحه السفير الكويتي في أسبانيا و أعضاء اللجنة الشعبية الكويتية ، والكويتيون المتواجدون هناك، وحشد كبير من الشعب الإسباني. وهذا الحفل أظهر التأييد الكبير لقضية الكويت العادلة من قبل الحكومة والشعب الإسباني، لم يترك المرحوم وإخوانه وأبناؤهم مسيرة أو تظاهرة أو فعالية بهذا الصدد إلا وكانوا من المشاركين فيها أومنظمين لها.كان من ضمن اهتمامات سمو أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح –طيب الله ثراه-في ذلك الوقتإرسال الوفود والمبعوثين الكويتيين إلى كل دول العالم لإيصال صوت الحق وعدالة قضية الكويت ،وكان أن قام وفداً مكلفاً من قبل الحكومة الكويتية في الطائف برئاسة الشيخ سالم صباح الناصرالصباح بزيارة إلى مملكة إسبانيا حيث قام الإخوة باستقباله والتنسيق مع السلطات المحلية في محافظة ملقا بإعداد وإنهاء الاجراءات اللازمة لاستقبالهم منذ قدومهم من المطار وحتى نهاية رحلتهم، ومن المواقف التي لاتنسى قيام سعادة الشيخ سالم الناصر الصباح برغم طول الرحلة ومشقتها حتى وصوله إلى إسبانيا، بالتوجه من المطار رأساً إلى مجمع هادي سنتر للإلتقاء باللجنة الشعبية والكويتيين المتواجدين هناك حيث ابلغهم بتحيات رمز الكويت وأميرها سمو الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح والحكومة الكويتية وطمأنهم على أن عدالة قضية الكويت أصبحت الأن هي قضية العالم الحر أجمع، وإن النصر قادم قريباً بإذن الله كما أخبرهم بأن المسؤولون يتابعون بشكل مستمرودائم أحوال وأوضاع أبناء الكويت جميعا سواء بالداخل أو بالخارج وهم يعملون بكل السبل لتذليل كل الصعوبات التي تقابلهم والتنسيق قائم على جميع المستويات وكافة الأصعدة لتحرير هذه الأرض الطيبة وعودة أهلها لها سالمين. وقد لاقت هذه الزيارة أرتياحا كبيرا في نفوس الكويتيين وعززت آمالهم بزوال هذه المحنة في القريب العاجل بإذن الله.
ومع بوادر الانتصار وانكسار الغزو الغادر، أرسلت اللجنة الشعبية الكويتية نيابة عن المقيمين هناك رسالة إلى صاحب السمو أمير البلاد الراحل للتهنئة بالعيد الوطني الثلاثين، وقد قام سموه بالرد برسالة فاكس على مقر اللجنة الشعبية بمقرها في "هادي سنتر" تسلمت العائلة نسخة منها وكان نصها:
" بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة رئيس وأعضاء اللجنة الشعبية الكويتية في أسبانيا والكويتيون المقيمون في اسبانيا-فاكس371137 52* ملقا
تلقيت بسرور وغبطة برقيتكم المهنئة بعيدنا الوطني الثلاثين،وإني إذأشكركم على تفانيكم ومشاعركم الوطنية، لأدعو المولى القدير أن يعيد الكويتيين إلى كويتهم لنجدد لقاءنا على الخير والمحبة ،ونبني معا كويتنا الغالية لتتبوأ مكانتها في الطليعة تعمل من أجل خير أمتنا العربية والإسلامية ومن أجل البشرية جمعاء، إن وقفة الشرفاء والخيرين في العالم مع نضال وكفاح شعب الكويت لهو دليل و تجسيد على مالها من مكانة مرموقة ردت كيد المعتدين الغزاة إلى نحورهم، ولا يفوتني هنا أن أترحم على أرواح شهدائنا الأبرار تغمدهم الباري بواسع رحمته وأسكنهم فسيح جناته، وجنب أهلنا الصامدين في الداخل كل مكروه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته"
جابر الأحمد الصباح
أمير دولة الكويت
12شعبان 1411ه
26فبراير1991 م"
(* رقم الفاكس الخاص لمجمع الأخوة في أسبانيا - هادي سنتر-)
وكعادة أهل الكويت أصحاب الوفاء والأصالة، قام الأخوة وبعد التحرير بدعوة المحافظ لتشكيل وفد يمثل المملكة الإسبانية وكل من شارك في دعم قضية الكويت أثناء الاحتلال العراقي الغاشم للحضور إلى الكويت شكرا وامتنانا لهم، وبالفعل حضروا ،وتم تكريم الوفد بالشكل اللائق في ديوان سمو ولي العهد آنذاك) الأمير الوالد- الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح- رحمه الله ، وبعد ذلك تم تكريمهم في عدة أماكن أخرى رسمية وشعبية واختتمت بتكريم من العائلة بحفل في ديوان الميلم حضره عدد كبير من الكويتيين والسفراء العرب والأجانب بالبلاد.
وبالحس الوطني الذي كان يتمتع به الإخوة ،وفي تصرف غاية في الذكاء، فطنوا للنوايا الخبيثة للغازي المحتل ، فقاموا بعمل تفويض بإدارة مستشفي ( هادي ) لبعض القائمين على الإدارة من الأطباء الوافدين، وذلك بسبب وجودهم خارج البلاد بحيث لم يتمكن الغزاة من السيطرة على المستشفى، وأعطوا تعليمات لهم بفتح المستشفى وصرف الأدوية للمحتاجين خلال فترة الغزوبدون مقابل إلى أن أزال الله الغمة ،وبعد التحرير ونظرا للحالة التي ترك الغزاة عليها مستشفيات الحكومة وما أحدثوها فيها من دمار بربري وهمجي ، فقد بعثوا برسالة إلى صاحب السمو أمير البلاد الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح- رحمه الله -بما يفيد بأنهم يضعون المستشفى بكامل إمكاناته المادية والطبية والدوائية وكوادره العاملة تحت تصرف الحكومة الرشيدة لحين إعادة المستشفيات الحكومية لسابق عهدها.
لم يكن الإحساس بالمرارة والغدر والرغبة في القيام بأي عمل تضامنا مع هذا الوطن الغالي في المحنة التي ألمت به قاصرة عليهم فقط ، بل كانت هذه الروحية تسري في دماء وقلوب وعقول كل أفراد العائلة ، فقد قام الابن" يوسف مساعد الميلم" وكان وقتها(أول أيام الغزو قبل أنتقاله الى أسبانيا) يحضر رسالة الماجستير بالولايات المتحدة الأمريكية على الفور بكتابة رسالة إلى سمو أمير البلاد الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح - رحمة الله- عن طريق سعادة الشيخ "سعود ناصر الصباح " السفير الكويتي بواشنطن يطلب منه العمل على تسهيل التحاقه بالمتطوعين في الجيش، أو ليساهم بأي شكل في العمل على تحرير تراب الوطن الغالي مؤكدا فيها على تمسكهم والتفافهم حول الشرعية ورمزها صاحب السمو أمير البلاد المفدى. كانت رسالة مشحونة بالعواطف والحماس والرغبة الصادقة بالتضحية والبذل والعطاء.
هانت عليه في لحظة كل أحلامه في استكمال دراسته العليا وأمنية حياته في الحصول على درجة الدكتوراه، وهو يرى أمامه الجرح النازف في قلب الوطن ،وقرر التضحية بكل شئ ليكون رهن إشارة وفداء لكل ذرة من تراب بلاده ، كان حديث الزواج وعمر ابنته البكر والوحيدة لم يتجاوز الشهر الواحد. كان للرسالة وقع طيبٌ وأثرٌ واضحٌ في نفوس المسئولين ، حيث قام سعادة السفير بالرد عليه برسالة شكره فيها على حسه الوطني العالي ،وهي تثبت بوضوح لايدع مجالا للشك عن مدى تلاحم هذا الشعب مع قيادته الشرعية في أحلك الظروف وأصعب اللحظات.
وكان نص رد الرسالة كالتالي:
" ...سفارة دولة الكويت-واشنطن –التاريخ27سبتمبر1990
الابن العزيز يوسف مساعد عبد الهادي الميلم المحترم
تحية طيبة وبعد:
تلقيت رسالتك الكريمة المؤرخة في 24/9/1990 والموجهة إلى راعي الكويت أمير البلاد المفدى الشيخ /جابر الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله وهنا أود أن أحي فيك روحك الوطنية وإخلاصك للكويت ولقيادتها الحكيمة، وأدعو الله أن يعيد لنا أرضنا الطيبة وأن يجمع شملنا مع أهلنا الأحباء.
بارك الله فيك وأكثر من أمثالك أهل المحبة والطيبة، وعاشت الكويت حرة أبية بقيادة أميرها وولي عهدها الأمين.
مع أطيب التمنيات،،،
السفير سعود ناصر الصباح"
لم تكن تلك الروح الوثابة والمشاعر الوطنية المتأججة قاصرة فقط على الرجال من أبناء العائلة بل امتدت أيضا إلى نفوس بناتهم ، فها هي الابنة "دينا مساعد الميلم" ،والتي كانت تدرس الطب بالكويت قبل الغزو الغاشم، واستكملت دراستها خلال فترة الغزو بمملكة البحرين تدخل الكويت مع أوائل قوات التحرير ضمن وفد الهلال الأحمر، لتقوم بمعالجة الجرحى وتقديم العون لمن يحتاج في أوقات كانت بالغة الصعوبة نظرا لحالة الدمار التي كانت عليها البلاد وانعدام كافة الخدمات فيها،لم تتردد أو تتخاذل في تلبية نداء الواجب ،متجاهلة ما قد تتعرض له من مخاطر تهدد حياتها وافتقاد أدنى درجات سبل الحياة المناسبة ، لم تؤثر السلامة وتبقى بمنأى عن الأهوال والمخاطر والحالة الأمنية المضطربة التي كانت تسود البلاد في ذلك الوقت ، حزمت أمرها وتوكلت على الله ووجدت التشجيع والمساندة والتأييد من جميع أفراد الأسرة.
ونظرا لهذه المواقف الكريمة والمشرفة التي تركت بصمة قوية في نفوس الجميع، كانت المبادرة الطيبة من سمو أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح -طيب الله ثراه- بدعوة الأسرة إلى مقابلة سموه في مقره المؤقت في ديوان البابطين بالنزهة ، والذي اتخذه سموه مقرا مؤقتا يدير منه البلاد ريثما تتم ترميمات قصر دسمان والسيف من جراء التخريب الذي تعرض له أيام الغزو العراقي الغادر، وتواجد هناك الكثير من الضيوف والمسئولين ورجال الدولة ، حيث قام سموه بتقديم الشكر إلى عائلة "الميلم" على مواقفهم الوطنية الطيبة التي سجلت في صفحات التاريخ ، وعلى الدور الذي قاموا به في فترة الاحتلال الغاشم وبعد التحرير. وبدوره قام العم" فهد يوسف الميلم " بإلقاء كلمة عبر فيها عن شكره وشكر عائلة الميلم جميعا على هذه البادرة الطيبة من جانب سموه ، وأن هذا التكريم سيظل وساما على صدرهم جميعا، مؤكدا بأنهم كانوا وسيظلون رهنا وفداء لكل ذرة من تراب هذا الوطن الغالي، وأنهم سيظلون على عهد الوفاء والحب لسموه باقين.
إضافة لما سبق ذكره كان الحب والولاء لأمير البلاد الراحل سمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح -طيب الله ثراه- قد تجلى بوضوح في الأزمة الصحية التي ألمت بسموه واستدعت علاجه بالخارج فترة طويلة قد جمعت حوله قلوب كل إنسان على هذه الأرض الطيبة من مواطنين ومقيمين، وقد تبنى مجلس الآباء والمعلمين بثانوية أحمد العدواني بنين -وكان الراحل مساعد الميلم من أبرز أعضائه- حملة لجمع الدعوات لسموه بالشفاء والعودة سالما إلى البلاد، شارك فيها جميع طلاب المدرسة ومعلموها وأعضاء مجلس الآباء، وتم تجميعها في مجلد كبير ،وقام الراحل شخصيا بتحديد موعد مع سعادة الشيخ "فهد الجابر الأحمد الصباح "، حيث قام وفد من المدرسة بصحبة الراحل بتسليمه إليه في مكتبه بالهيئة العامة للشباب والرياضة وقت كان سعادته رئيسا لها.
ولأن الكويت لا تنسى أبناءها المخلصين أبدا، ففي فبراير 2009 م،وبمبادرة من «بيت الكويت للأعمال الوطنية في فعاليات مهرجان «كلنا في حب الكويت»،وفي ذكرى عيدي التحرير والاستقلال،
وهما مناسبتان لهما أهمية كبرى وعظيمة في ذاكرة الكويت وعقول كل أبنائها ، وبرعاية كريمة من سمو رئيس مجلس الوزراء ،قام الشيخ مبارك الحمود الصباح محافظ الجهراء ممثلا عن سمو رئيس مجلس الوزراء بتكريم كوكبة من رجالات الكويت والشخصيات الوطنية التي قدمت الكثير من التضحيات لهذا الوطن المعطاء، وأشاد بما قدمه هؤلاء من تضحيات في سبيل هذا الوطن، مؤكدا أن الكويت سباقة بالعرفان بالجميل وحفظه، وتمنى الرفاهية والتقدم للكويت ،وقد تم التكريم في حضور عدد كبير من أعضاء السلك الدبلوماسي وبعض الفنانين والشخصيات الكويتية ،وكان من ضمن المكرمين السيد فهد يوسف الميلم تقديرا للمواقف الوطنية الكثيرة التي قدمتها عائلة الميلم .
واحتفالا بأعياد التحرير والاستقلال في العام 2009 م أطلقت فنادق ماريوت الكويت برعاية الشيخ نايف الجابر الأحمد الصباح ومستشفى هادي بالكويت "مسيرة سلام" ضمت شاحنة ضخمة زينت بأعلام الكويت والبالونات وحملت الشعارات الوطنية لتتجول خلال أيام أعياد التحرير والاستقلال في شوارع الكويت وفي بعض المناطق الهامة مثل أبراج الكويت والمرافق العامة من وسط مدينة الكويت إلى منطقة الفحيحيل في احتفال في حب الكويت...وقد أكد العم إبراهيم يوسف الميلم نيابة عن أصحاب المستشفى بأننا فخورون برعاية هذا الحدث الهام تجاه وطننا الحبيب.وخلال احتفال وطني متميز أمام قاعة الراية قام الشيخ نايف الجابر الأحمد الصباح والعم إبراهيم يوسف الميلم، بقص شريط الافتتاح لإطلاق الشاحنة، كما تم إطلاق حمام السلام هاتفين في حب الوطن.
كانت كل الأعمال والمبادرات الوطنية التي قامت بها العائلة محل تقدير واحترام واهتمام من الحكومة الرشيدة والأسرة الحاكمة الكريمة التي كانت لاتتوانى في تقديم الشكر والقيام بالزيارات الودية للأسرة في ديوانهم بالعديلية في المناسبات الاجتماعية المختلفة.
زيارة الوفد الاسباني للبلاد
كما أسلفنا سابقا فإن الدور الذي قام به المسئولون الأسبان في محافظة بني المدينة ترك بصمات قوية ليس في نفوس عائلة الميلم فقط بل في نفوس قطاع كبير من الشعب الكويتي، ووفاء وتقديرا لهم فقد قام الإخوة بدعوتهم لزيارة الكويت لتكريمهم وتقديم الشكر لهم ،وإعطائهم الدليل الحي والواضح على أصالة ومعدن وقيمة هذا الشعب الذي لاينسى من وقفوا بجانبه في محنته.
تم وضع برنامج زيارات لهم اشتمل على زيارة المعالم السياحية والحضارية بالكويت إضافة لبعض الشخصيات الرسمية والشعبية. وقد تم تكريم الوفد الذي تكون من 14 فردا.
كما تم مخاطبة كبار المسئولين لعمل الاستعداداتاللازمةلمقابلة الوفد، حيث أُرسل كتاب إلى معالي الشيخ مبارك العبد الله ووزارة الطيران المدني لطلب فتح قاعة التشريفات بمطار الكويت لوداع الوفد في نهاية زيارته ورسالة إلى معالي وزير الخارجية النائب الأول لرئيس الوزراء ذاك الوقت سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لإحاطة سموه علما بزيارة الوفد وأسماء المشاركين فيه .
كانت الحفاوة البالغة والاستقبال الحار وكرم الضيافة الذي لاقاه الوفد منذ وصوله إلى الكويت وحتى مغادرته مثار إعجابهم ودهشتهم جميعا على كافة المستويات رسميا وشعبيا وإعلاميا ، فقد اطلعوا ولمسوا الوجه الحضاري والإنساني لهذا البلد الصغير في مساحته الكبير بمبادئه وقيمه وأخلاقه، قابلوا وتعرفوا على شرائح مختلفة من جميع أطياف وقطاعات المجتمع الكويتي شيوخ وسياسيين ووزراء سابقين ورجال أعمال وممثلين عن المؤسسات المصرفية والاستثمارية الكبرى بالبلاد، وكان ما يلفت النظر هو هذا الحرص من الجميع على الحضور والمشاركة والتكريم لهؤلاء الضيوف أعضاء الوفد ،ولقد كانت دعوة الوفد بمبادرة فردية من أبناء المرحوم يوسف عبد الهادي الميلم ،كما كان استقبالهم على المستوى الرسمي ربما يفوق ويزيد على المستوى الشعبي من حيث الاهتمام والاحتفاء ،وهذا يؤكد تلاحم وتفاعل وتجاوب الحكومة مع أبناء شعبها ، وحرص الجميع على إظهار الكويت بالشكل اللائق والمشرف ، وكان التخطيط أن تحدد لهم مقابلة مع صاحب السمو أمير البلاد الشيخ جابر الأحمد الصباح- طيب الله ثراه -ولكن لم تتم بسبب وجود سموه خارج البلاد في ذاك الوقت ، فيكفي استقبالهم في ديوان سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح -طيب الله ثراه- بقصر بيان الذي استقبلهم بكل مودة وحرارة وترحاب، وأعرب سموه عن شكر الكويت وتقديرها لما قدمته مملكة أسبانيا على المستويين الحكومي والشعبي من عون ورعاية لأهل الكويت الذين ظلوا فيها خلال الاحتلال العراقي الآثم لوطننا العزيز ، وأكد سموه : إن الكويت ستظل تذكر بالعرفان والامتنان موقف اسبانيا المبدئي النبيل تأييدا لقضيتنا العادلة .
وكذلك استقبال محافظ حولي السيد داود مساعد الصالح للوفد بمكتبه، حيث رحب بهم وأثنى على موقف الشعب الاسباني الصديق وقت الغزو الغاشم على دولة الكويت وبحث سبل تنمية وتطوير التعاون بين البلدين الصديقين في كافة المجالات.
أما على المستوى الشعبي فقد استضافهم السيد خالد يوسف المرزوق بمنزله وديوانه بمنطقة الفنطاس ،وقد حضر الحفل رئيس مجلس الأمة وعدد من الشيوخ والوزراء وكبار رجال الدولة ووجهاء الكويت ،والسيد بدر جاسم البحر رئيس مجلس إدارة شركة المشروعات السياحية بأبراج الكويت وانتهت الزيارة بحفل استقبال للوفد بديوان الميلم بالعديلية حضره الشيخ مشعل الأحمد الصباح والشيخ مبارك العبد الله الصباح ورئيس المجلس البلدي ونائب رئيس مجلس الأمة وعدد من الوزراء السابقين ورجال السلك الدبلوماسي والعربي وعدد من رجال الأعمال تم فيه تكريمهم بما يليق بهم وبما قدموه للكويت في أصعب موقف مر على الكويت في تاريخها القديم والحديث ، ويذكر إن طوال فترة الزيارة كان الأخوة بصحبتهم ، ولم يتركوهم لحظة واحدة ، وقد تحملوا كامل تكاليف السفر والإقامة طوال فترة وجودهم في البلاد .
وتقديراً لما قام به الإخوة من جهد وترتيب وتنظيم لهذه الزيارة التي تصب في خانة الكويت المشرفة خارجيا بعث وكيل ديوان سمو ولي العهد إليهم بالرسالة التالية:
"بسم الله الرحمن الرحيم
ديوان سمو ولي العهد و رئيس مجلس الوزراء
الأخ الفاضل أحمد يوسف عبد الهادي الميلم وإخوانه المحترمين
ديوان العبدالهادي الميلم – العديلية
تحية طيبة وبعد يسرني أن أعرب لكم عن خالص شكري وتقديري لدعوتكم الكريمة لحضور حفل العشاء بمناسبة زيارة عمدة بني مدينة بأسبانيا وعدد من الشخصيات الأسبانية.
وإذ أشيد بالمواقف والرعاية الكريمة التي قامت بها الحكومة الأسبانية على المستويين الحكومي والشعبي تجاه الأخوة الكويتيين وخاصة الذين قمتم باستضافتهم بأسبانيا وذلك أثناء الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت.
أود أن أُعّبر لكم عن بالغ التقدير على هذه المبادرة الكريمة وإتاحة الفرصة لنا جميعا بالترحيب بضيوفنا الأعزاء وبالإعراب لهم عن مشاعر الود والعرفان ، راجيا لكم ولإخوانكم الأعزاء كل توفيق وسداد مع موفور الصحة والعافية.
مع أطيب التمنيات
أخوكم
وكيل الديوان
عبد اللطيف عبد الرحمن البحر
25/12/1995"
وبعد عودة الوفد الأسباني بعثوا برسالة شكر باللغة الأسبانية ترجمت إلى اللغة العربية على النحو التالي:
"مجلس مدينة "بن المدينة" (ملجا)
هاتف. 84400 224 - فاكس 9009 244
بتاريخ: ديسمبر 22 1995
رقم السجل 15.795
الموضوع: دولة الكويت
أنعقد المجلس في جلسة خاصة في 15 ديسمبر 1995، وتم الموافقة على التالي:
2 - نتائج زيارة الوفد الرسمي للمجلس لدولة الكويت
بعد الإطلاع على تقرير رئيس المجلس السيد بولين بيريز-أرجيمي، وممثل المجلس لشوؤن السياحة السيد بونيل تيجرو، والمتحدث عن الحزب الشعبي السيد مونز جمنيز، قرر المجلس بالإجماع تقديم عظيم شكرهم وامتنانهم لدولة الكويت وحكومتها وعائلة الميلم والسفير الأسباني بالكويت على ترحيبهم الحار وضيافتهم للوفد الممثل لمجلس مدينة "بن المدينة". ويتعهد المجلس بكل ما في وسعه لتقوية الروابط على كافة المستويات معهم.
وهذا لاتخاذ اللازم.
مدينة "بن المدينة", 21 ديسمبر 1995"
الله يجزاك خير يا دكتور يوسف على هذي البادرة .. ويستحق الوالد هذا التعريف وهذا الكتاب ..
وبما أنك مؤلف الكتاب وصاحب الإمتياز والحقوق .. نتمنى أن تضع لنا سيرة كاملة عن الوالد في الموقع وفي قسم الشخصيات وحتى يطلع عليها الجميع ويستفيد ..
وتقبل تحياتي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخ أحمد:
بناء على طلبك الغالي علينا وضعت مقاطع من بعض فصول الكتاب وصور لبعض المستندات والتي أعتبرها غائبة عن علم كثير من القراء.
رحم الله العم مساعد الميلم فقد كان من ابناء الكويت البرره ومن أصحاب الأيادي البيضاء .. نسئل الله أن يغفرله وان يسكنه فسيح جناتة .. وشكرا لك يادكتور على هذه النبذه التعريفية والمعلومات القيمه والوفيرة .. تحياتي وتقديري
__________________
أنا وشعبي كلبونا جماعة
الدين واحد والهدف أخدم الشعب
لو ضاق صدر الشعب ما استر ساعة
اضيق من ضيقه واستر لاحب
كفيت ووفيت يا دكتور يوسف .. وهذي السيرة العطرة والمسيرة الحافلة بالنشاط والعمل الخيري تستحق الذكر والتوثيق .. وجزاك الله خير يا بومساعد ..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. يوسف مساعد الميلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخ أحمد:
بناء على طلبك الغالي علينا وضعت مقاطع من بعض فصول الكتاب وصور لبعض المستندات والتي أعتبرها غائبة عن علم كثير من القراء.
مقاطع من الفصل الأخير :ماذا قالوا عن المرحوم (بإذن الله تعالى) مساعد يوسف الميلم
مقاطع من الفصل الأخير من الكتاب بعنوان:
ماذا قالوا عن المرحوم (بإذن الله تعالى) مساعد يوسف الميلم
كان من المهم لنا أن نسمع ونتواصل مع بعض الشخصيات الكبيرة والمرموقة ممن كانوا على علاقة بالمرحوم مساعد الميلم، سواء من أصدقائه أو من تزامل معهم في عضوية مجلس الآباء والمعلمين، أو تعامل معهم أو عرفوه عن قرب ، وعندما تحدثنا معهم وأخبرناهم بما نحن بصدد القيام به وطلبنا منهم الكتابة إلينا عن المرحوم، كانت الحماسة والترحيب والتشجيع الحار من جميع من تحدثنا معهم ،وشدوا على أيادينا وأعطونا مزيدا من الرغبة والإصرار على إخراج هذا العمل بأحسن صورة ممكنة.
يدهشك هذا الكم من الحب والعواطف الجياشة التي تلف كل حرف من كلماتهم، فقد كانت كلماتهم تلامس مناطق عزيزة وغالية على قلوبهم وقلوبنا ، كان يكفيهم أن تطلب منهم أن يتحدثوا عن "مساعد الميلم" فتجد عند كل واحدٍ منهم قصة أو موقفأً يذكره فيها بكل حب واحترام وتقدير، كتبوا عنه ماهو حق له وهو أيضا أهل له، نقلنا ما كتبوه حرفا ونصا دون زيادة منا أو نقصان ..تركنا كلماتهم تعبر بصدق عما يكنون له في قلوبهم من إعزاز، وما يذكرونه له من مواقف تثير الفخر أكثر مما تثير الإعجاب .
كانت كلمات صادقة ...عميقة.. ومؤثرة ،كانت مفعمة بالوفاء في زمنٍ عز فيه الوفاء.
=================================
سعادة الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح نائب رئيس الحرس الوطني
إنَّ الحديث عن أخي وصديقي المرحوم ( بإذن الله تعالى) مساعد يوسف العبد الهادي الميلم ليس بالسهل اليسير، فمآثره كثيرة ، تحتاج إلى أكثر من ورقةٍ وقلمٍ لنسجَّل ما اتَّسم به من أدبٍ رفيع وخلق كريم وعطاءٍ تواصلَ حتى فارقنا إلى الرفيق الأعلى .
ضربَ الأخ مساعد أروعَ الأمثلة في الصداقةِ والأخوة فكان الصديقَ الصدوق بل الأخَ الودود .. حقق القولَ المأثور " ربَّ أخ لم تلْدهُ أمك".. تمَّيز ( رحمه الله ) بالحكمةِ وسدادِ الرأي فكنا ننهلُ من فيض آرائه ونستنيرُ بضياء حكمته .
عُرفَ بالإخلاص لوطنه فحمل على عاتقه آلامَه وآماله ، شأنُه في ذلك شأن المخلصين من أبناء هذا الوطن المعطاء.. شارك فيما يرفع أسم الكويت عالياً ، وحرص كلَّ الحرص على نهضتها ورقيها .
رحل عنا الفقيد ، واحتضنه ثرى الوطن الطاهر .. لكنه سيبقى بيننا بروحهِ العَطرةِ وأفعالِه الطَّيبة..
ستبقى ذكراهُ خالدةً في إخوته وأبنائه وأسرته الذين يحملون أسمه .. فعزؤنا فيه أن تركَ خيرَ خلفٍ لخير سلف .
مشعل الأحمد الجابر الصباح
نائب رئيس الحرس الوطني
=================================
معالي الدكتور رشيد الحمد (وزيرالتربية ووزير التعليم العالي الأسبق وسفيردولة الكويت بجمهورية مصر العربية)
عرفت مساعد العبد الهادي الميلم منذ كنا تلاميذ في مدرسة عمر بن الخطاب، في منطقة القبلة ، وقد كان يسبقني بعدة فصول دراسية ، وأذكر أنه كان منذ ذلك الوقت مثالا للطالب المؤدب ، المستقيم ، المحب للعلم. كما كنت ألتقيه وإخوانه في ديوانهم العامر في منطقة القبلة مقابل مسجد "البدر"، حيث كان والدي –رحمه الله- يصطحبني أحيان كثيرة في زياراته لهذا الديوان.ثم تشاء الظروف أن ننتقل للسكن في منطقة العديلية في نفس الحي وبقرب ديوان العبد الهادي الميلم الجديد هناك. وتستمر العلاقة الوطيدة بين الوالد وأصحاب الديون من عائلة الميلم الكريمة ويصبح عضوا أساسيا فيه ،وهنا تتعدد لقاءاتي بأبي يوسف وإخوته الكرام حيث كان ديوانهم – ولايزال- ركنا هاما ومشهورا في منطقة العديلية وذلك من حيث الشكل والمضمون.
وتمر السنون وأنتقل إلى السكن في منطقة أخرى، وتتباعد اللقاءات فيما بيننا وذلك بسبب تعدد المشاغل والارتباطات. ثم نعود لنلتقي، وبصورة متواصلة ، ولعدة سنوات عندما أصبحنا عضوين في مجلس الآباء والمعلمين لمدرسة أحمد مشاري العدواني الثانوية مع مجموعة من الإخوة الأعزاء الذين أبلوا بلاء حسنا في النهوض بأحوال المدرسة، وتحسن جوها الدراسي، وجعلها في مقدمة المدارس الثانوية المتميزة في الكويت.
وكان عطاء "أبو يوسف" –رحمه الله- عطاء لاينفذ، فلم يبخل بوقته وجهده وماله من أجل المساهمة في تقديم تعليم وخدمات تعليمية متميزة لأبناء المدرسة. وكانت له أراء سديدة وقيمة في كثير من القضايا والموضوعات التي كان المجلس يناقشها، وكان المجلس يواجه أحيانا عقبات تحول دون تنفيذ أو استكمال بعض خططه ومشروعاته، وذلك بسبب قلة الموارد المالية، أو البطء في الحصول عليها،فكان رحمه الله- يبادر ودون تردد بتغطية أي عجز مالي لتلك المشروعات كي تأخذ طريقها للتنفيذ.
لقد كان وإخوانه مقدرين للعلم ، وحريصين على مصلحة أبناء المنطقة، وتمثل ذلك في المركز التعليمي الذي انشأوه داخل مدرسة العدواني، والذي قدم خدمات تربوية كبيرة للأبناء.وأيضا ،فإنه انطلاقا من هذا الحرص ، فإنه لم يتوانى عن تقديم مقر الديوانية لمناسبات تربوية واجتماعية تخص المدرسة والعاملين بها.وقد كنت أحد الذين كرموا في أحد المناسبات في ديوانهم العامر وكان أثر ذلك التكريم في مثل هذا المكان، كبيرا في نفسي ونفوس الإخوة الآخرين، ولاشك إن ذلك جسد الارتباط الوثيق بين المدرسة والمجتمع.
إن المدرسة ومجلس الآباء قد فقدا بانتقاله الى الرفيق الأعلى أخا كريما وداعما كبيرا وعنصرا نادرا، بيد أن ما يعزينا وأسرة المدرسة –طلابا وإدارة وعاملين- هو استمرار عطاء إخوانه وأبنائه الكرام وتواصلهم وتقديم دعمهم، ليس للمدرسة فحسب ، ولكن لكل الجوانب المجتمعية في العديلية وغيرها.
رحمك الله أبا يوسف وأنزلك النعيم المقيم بإذنه تعالى.وبارك في إخوانك وأولادك.
رشيد الحمد
=================================
معالي السيد /أحمد خالد الكليب (وزير والسفير السابق ورئيس لجنة المناقصات المركزية الحالي)
بسم الله الرحمن الرحيم
كان لي شرف الكتابة ولو نبذة قصيرة عن مآثر العم مساعد يوسف العبد الهادي الميلم وما قدمه من خدمات لوطنه العزيز الكويت ومنطقته العديلية خاصة ، حيث لم يبخل المرحوم بجهده ولا ما يملك من وقت ولا مال في سبيل دعم كافة أوجه الخير، وهذا ليس بمستغرب على مثله من رجالات الكويت الأوفياء.لقد كان للمرحوم مساهمات في دعم المدارس في المنطقة وتطويرها والمساعدة في مسيرتها التعليمية والتربوية. كما كان له الفضل في دعم كثير من المشاريع التي تهم المنطقة سواء اجتماعية أو صحية أو دينية .
نسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناته وأن يسكنه أعالي الجنان ويجعل الخير في ذريته وأهله.
أحمد خالد الكليب
=================================
معالي المهندس/ عبد الرحمن إبراهيم الحوطي (وزير الأشغال ورئيس المجلس البلدي سابقاَ)
إن الذكريات والخواطر التي تمر بنا تتلاشى مع مرور الزمن وتذكرها يكون من الأمور الصعبة.
عندما أسطر بعض الكلمات عن فقيد عزيز علينا جميعا ، أرجو أن لاأكون مقصرا في حقه.
لقد عرفت المرحوم مساعد منذ طفولتنا، حيث كانت عائلته الكريمة جار لنا في منطقة القبلة، ووجدت فيه رحمه الله خصال عدة أذكر بعضا منها.
كان يرحمه الله يتحلى في مجلسه بالهدوء والهيبة ،فهو قليل الكلام ،قوي الملاحظة ، مهتماً بأصحابه وحريص على راحتهم وملاطفتهم بروحه المرحة، كان كريما كثير العطاء ، يوفر لأصحابه في بيته العامر كل مستلزمات الضيافة.
وكما علمت كان يرحمه الله يتكفل بجميع مصاريف السفر عند اصطحابهم معه.
كان وطنيا غيورا على بلده حيث كان له ولعائلته الكريمة موقفا مشرفا يوم اعتداء الجيش العراقي الغاشم وغزوه واحتلاله للكويت، فتحوا وجهزوا عمارتهم بالكامل المسماة "هادي سنتر" في إسبانيا لخدمة الكويتيين المتواجدين هناك وجعلوها مركزا لنشاط الكويتيين الذين شرفوني بأن أكون منسقا لذلك النشاط.
رحم الله المغفور له بإذنه تعالى وأسكنه فسيح جناته
عبد الرحمن إبراهيم الحوطي.
=================================
اللواء عبد الله عبد الرحمن الفارس (وكيل وزارة الداخلية السابق ومحافظ حولي الحالي)
كلمة رثاء بحق أخي وصديقي المرحوم بإذن الله / مساعد يوسف عبد الهادي الميلم
تعرفت على المرحوم مساعد منذ صغرنا في فريج جبلة عندما كنا في العاشرة من العمر ، وكان نعم الأخ والصديق.واستمرت صداقتنا حتى بعد أن انتقلنا إلى بيت آخر يبعد قليلا عن بيتنا الذي كان بقرب المرحوم مساعد وعائلته الكريمة، وكان يجاورنا آنذاك كل من عوائل ( المطير والحوطي والخميس والميلم والساير والغنيم والطيار والجريوي والسيف).
وظلت صداقتنا أيام الدراسة وكان يزاملني في الصف ابن أخته خالد صالح السيف رحمه الله.ثم تفرقنا أيام الدراسة بالخارج حيث درست خمس سنوات بالقاهرة.
وبعد استلامي العمل بوزارة الداخلية عادت علاقتنا واتصالنا مع بعض كما بالسابق.
وكان المرحوم مساعد كريما سخيا لايتردد في مساعدة كل محتاج.عندما استلم الإدارة في مستشفى هادي كان خير معين لكل معارفه أيام الصبا والفريج حيث كان يعالجهم بالمجان ويدفع حسابهم من ماله الخاص،ولا أنسى موقفه الرجولي معي عندما مرضت والدتي رحمه الله حيث أدخلت إلى مستشفى هادي فكان دائم السؤال عنها هو وأخوته الكرام ويقوم بتوصية الأطباء جميعا على الاهتمام بها ويعتبرها كوالدته.وتم علاجها بالمجان ولم يقبل أن يتسلم مني أي ثمن للعلاج.
وخلال الغزو العراقي الغاشم على الكويت،كان المرحوم الأخ مساعد وقتها في أسبانيا وأنا في الكويت. وعند خروجي أنا وعائلتي من بعدي وذهابي إلى السعودية ثم دبي ثم القاهرة لإدخال أولادي مدارس المقررات التي لم تكن موجودة في السعودية أو دبي، وكنت لاأملك إلا المال القليل.وليس عندي سكن.
وعند وصولي إلى القاهرة علمت بوجود المرحوم بالقاهرة في فندق شيراتون الجزيرة فذهبت في نفس الوقت للاطمئنان عليه وعلى عائلته. وأثناء محادثتنا سألني إذا كان لدي سكن خاص لي فأجبت بلا وأنني أبحث عن سكن لي، فأبلغني جزاه الله ألف خير وأسكنه فسيح جناته بأن لديه وأخوته أربع شقق في الزمالك" برج أم كلثوم" وطلب مني مقابلته صباح اليوم التالي لاختيار الشقة المناسبة.وبالفعل قابلته اليوم الثاني وكانت الشقق في غاية الروعة وأحضر مندوبه مجموعة من الناس لتنظيف الشقة وتوصيل التليفون ودفع جميع المستلزمات المطلوبة للشقة وسكنت بها أنا وعائلتي.وعند عودتي إلى الكويت بعد التحرير، ظلت عائلتي لمدة سنة كاملة في القاهرة في شقة المرحوم جزاه الله ألف خير.
وتقابلنا مرة أخرى بعد التحرير في مستشفى هادي وكان رحمة الله عليه دائم السؤال عن الجميع ويعالجهم بالمجان ويساعدهم ماليا ويمدهم بكل ما يحتاجون إليه من مواد غذائية وغيرها.
وبالنسبة لمحل التايرات التي يملكونه في منطقة الشويخ، فكان خير معين لكل أصحابه وخصوصا من كانوا يزاملونه في الفريج.
وعندما نذهب إلى ديوانه العامر في منطقة العديلية يستقبلك بكل ترحاب وتشاهد عنده بالديوان كل من كان يجاورنا السكن القديم من أطال الله في عمرهم أومن أبنائهم أو أحفادهم، يجتمعون جميعا بالديوان العامر.
وقبل وفاته بسنتين سافرت معه إلى لبنان وكان نعم الصديق بالسفر وكان كريما سخيا معي ومع أصحابنا جميعا.
رحم الله أخي وصديقي المرحوم/ مساعد يوسف عبد الهادي الميلم وأسكنه فسيح جناته
عبد الله عبد الرحمن الفارس
=================================
اللواء متقاعد فيصل مساعد الجزاف (رئيس مجلس الإدارة المدير العام للهيئة العامة للشباب والرياضة الحالي)
الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.في بدء كلمتي أود أن أعبر للأخ الفاضل الدكتور – يوسف مساعد الميلم، عن إعجابي وتقديري لفكرة إعداد كتاب يؤرخ لحياة والده المغفور له بإذن الله تعالى الأخ والصديق العزيز مساعد يوسف عبد الهادي الميلم- طيب الله ثراه- وتغمده بواسع رحمته, وأسكنه فسيح جناته ، فقد كانت حياته_ رحمه الله_ رحلة إنسانية عظيمة الأثر بالغة الثراء، وهي امتداد عامر للخير وارف بالجود والعطاء لعائلة كريمة تضرب جذورها في أعماق التاريخ الكويتي،وتواكب سيرتها العطرة ، وإنجازاتها الطيبة والمتعددة في شتى مجالات العمل الوطني ، والأعمال الخيرية مسيرة الكويت لبناء وطن زاهر يسير في ركب الحضارة والتقدم ، ليكون دعماً حقيقياً للمسيرة الإنسانية، ويشهد المجتمع لتلك العائلة الكريمة بناصع الصفحات ونبل الصفات ، فضلا عن أياديها البيضاء في نهضة الكويت وازدهارها ، وفي تحقيق الأمن الاجتماعي والرخاء لأهلها ، حتى أصبحت عائلة الميلم واحدة من أكبر العائلات التي يشار إليها في بناء المجتمع الكويتي ، ومد روابط علاقاته القوية في شتى المجالات مع كثير من دول العالم ، وإلى هذه العائلة الكريمة والأصيلة ينتمي فقيد الكويت طيب الذكر ( العم أبو يوسف) رحمه الله .ولقد كان لي شرف التعرف على تلك الشخصية الغنية والآثرة ومصاحبتها في كثير من المناسبات الوطنية والشخصية لسنوات طويلة ، ولمست في شخص العم أبو يوسف أسمى معاني الرجولة ، وحسن الخلق وطيب المعشر، رجل يتسع قلبه للعالم أجمع ، لا يحمل ضغينة لأحد ، مسارع لفعل الخير ، محب للمساكين ، ينشغل بهموم الناس ، يرى في فعل الخير واجباً ، وفي فتح أبواب الرزق عبادةً ، وفي تقديم العون للمحتاجين شكرأً لأنعم الله ، تزاملنا في مجلس الآباء والمعلمين بثانوية أحمد العدواني بنين بالعديلية لسنوات عديدة ، ساهم بفكره وماله في تحسين منشآتها وتجديد مرافقها وتطوير وسائل التعليم بها , وآخرها قاعة العروض الضوئية والمختبر اللغوي لعائلة الميلم، كما شارك في تكريم الفائقين من أبنائها وأعضاء مجلس الآباء والمعلمين السابقين, وكنت واحد ممن حظوا بذلك التكريم في الحفل الذي أقيم يوم 25/12/2008 ، إلى جانب الدكتور: رشيد الحمد، وزير التعليم السابق والسيد: أحمد الكليب نائب رئيس مجلس الآباء والمعلمين بمدرسة أحمد العدواني بنين بالعديلية، كما كان –رحمه الله – حريصا على دعوتي في العديد من المناسبات الاجتماعية والخيرية التي يرعاها ، أو يدعى إليها وما أكثرها ! وما أغزر عطاياه لها ! حتى يصعب على المرء أن يحصي عددها أو يعدد مناقبه بها.
وبصفتي رئيساً لمجلس إدارة الهيئة العامة للشباب والرياضة ومديرها العام ، فإنني لأشهد للراحل العظيم وعائلته الكريمة بفيض عطائهم وسخاء كرمهم في رعاية الرياضة والرياضيين ، فهو أحد الرعاة الرئيسيين للعديد من الأنشطة الرياضية والشبابية ، والمبادر بتكريم الأبطال والفائزين ، والمسارع لمد يد العون في علاج الرياضيين بمستشفى الهادي الذي تمتلكه العائلة ، أو سفرهم للعلاج بالخارج ، فضلاً عن دعمه الدائم للأندية الرياضية العامة والخاصة، ورعايته الأبوية للأنشطة الشبابية المختلفة.والحقيقة أن الحديث عن العم أبو يوسف ، يعجز عنه اللسان ويقصر في ذكر فضائله المكان ، وكفاه في مرقده عاطر ذكراه في وطنه وبين أهله وصحبه ، ودعوات من عرفوه وعايشوا مسيرته ونالهم خير من فيض عطاياه وجوده ،وأحسب أن هذا المسعى الكريم من ابنه الدكتور "يوسف مساعد الميلم " ، لتخليد ذكرى والده في هذا الكتاب القيّم ، لهو جهد يقصد به أن يكون الفقيد الغالي نبراساً لكل من يرتجي وجه الله وحسن ثواب الآخرة ، الذين يصدق فيهم قول الحق تبارك وتعالى " وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا "
رحم الله العم "أبو يوسف" وأثابه عن أهله ومحبيه خير الجزاء ، وألهم آله وصحبه الصبر والسلوان .
فيصل الجزاف
رئيس الهيئة العامة للشباب والرياضة
=================================
اللواء متقاعد محمد أحمد القبندي (وكيل وزارة الداخلية المساعد سابقا)
الذكريات تعود بنا الى أيام أوائل الثمانينات من القرن الماضي ولقاءاتنا في الكويت وجنوب اسبانيا في مدينة تورمولينوس نهاراً أومساءً مع الصديق الوفي مساعد يوسف الميلم ، حيث كنت التقي به يوميا أمام مدرسة فجر الصباح لتوصيل أبنه يوسف وأنا لتوصيل ابني جهاد إلى البيت .
كنا نلتقي يوميا ظهرا في اسبانيا للسباحة في البحر وفي المساء نلتقي جميعا مع بعض رموز الكويت من المربين أمثال عبد العزيز حسين وحمد الرجيب وفهد الدويري، وكنا ننهل من علمهم وثقافتهم وتجاربهم في الحياة .لهم الرحمة والغفران
بعد انتقال المذكورين إلى جوار خالقهم تقلص ذهابنا إلى اسبانيا وزاد الطين بلة بعد فقداننا مساعد فجأة كانت آخر مكالمة بيني وبينه عندما كان في أحد مستشفيات ألمانيا قبل وفاته بأيام وأنا في اسبانيا حضرت الكويت وذهبت لزيارته ولكن إرادة الله التي لاراد لها أسرع من وصولي وزيارتي له ولكني لم أتمكن من الدخول للعناية المركزة ونقل الخبر المحزن لي من قبل شقيقه فهد. رحمه الله واسكنه فسيح جناته وبارك الله في يوسف وأخوته وجعلهم خير خلف لخير سلف .
محمد أحمد القبندي
=================================
السيد عبد الرزاق السيد يوسف الرفاعي
هو صديق وصهر المرحوم مساعد وقد ألف كتاب بعنوان "الفحيحيل مرتع صباي" يحكي ويوثق جزءاً من تاريخ قرية الفحيحيل وعن ذكرياته الشخصية فيها ، وهو كتاب يستحق القراءة فعلا لما فيه من متعة وإفادة وقد كتب في مقدمته :
لقد تزامن صدور كتابي هذا مع وفاة صديقي وصهري مساعد يوسف الميلم والذي خطفه الموت من بيننا مبكرا ونحن في غفلة ، فوجدت من واجبي أن أرثيه ، فلم أجد خيرا من هذه الكلمات الست المتواضعة في عددها والغنية في معانيها
مساعد الميلم وردة وعمر الورد قصير
صديقك
سيد عبد الرزاق السيد يوسف الرفاعي
=================================
السيد محمد سيد عبد الرحمن سيد محمد سيد عبد الله سيد يوسف الرفاعي
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد فاجأني إبننا يوسف حفظه الله بأن أكتب نبذة عن علاقتي الشخصية مع المرحوم بإذن الله والده مساعد يوسف العبد الهادي الميلم.
وفي الحقيقة فقد أسعدني هذا الطلب لأن من حق هذا الرجل عليّ أن استعرض بعض الصور الناصعة والمشرفة من حياته وسوف أتكلم عن بعض صفات هذا الرجل الكريم.قال الله في محكم تنزيله ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) صدق الله العظيم.
وهذى صفة من الصفات التي يتمتع بها أخي وصديقي المرحوم بإذن الله مساعد ، إنك لاتشعر به وهو يمشي من تواضعه وهدوئه وترى الابتسامة مرسومة على شفافيه مهما كانت صفة الشخص أو منزلته أو مكانته في المجتمع.
كريما كرم مفرط يخجلك بكرمه ويتمتع هذا الرجل بكرمين كرم الأخلاق وكرم البذل ولايبالي في ذلك.
حنون يغرق بالحنان فيداوي كثيرا من جروحك.
جبل أصم من الصبر يتحامل على نفسه ويلعق جراحه دون أن يشعر أحد بذلك.
سخيا في عطاء بلا حدود وبلا منة.
سباق لفعل الخيرات في الخفاء محتسب عند ربه.أن هذا الرجل له منزلة خاصة في قلبي وله ذكريات جميلة في نفسي لم تتمكن رياح الزمن أن تغطيها بترابها. وقد التصقت به كصديق وأخ ما يقارب الأربعين سنة لم أجده في يوم من الأيام إلا مبتسما ومتفائل ويدخل إليك السرور والبهجة كلما التقيت به ويتسلل إلى قلبك وينتشلك مما أنت فيه من ضيق وضجر .
نعم هذى قليلا من كثير من صفات هذا الرجل وإني لم أوفي بحقه لو كتبت ألف صفحة عن حياة وصفات وشمائله الطيبة والله يشهد أنه كان نعم الأخ لي ونعم الصديق.
رحمك الله ياأبو يوسف وأسكنك فسيح جنانه إنه سميع مجيب
أخيك وصديقك محمد سيد عبد الرحمن الرفاعي
رحم الله مساعد اليوسف الميلم وأسكنه فسيح جناته
سيرة طيبة ..يا دكتور يوسف
اقتباس:
وكان وصول العائلة إلى الكويت في بداية القرن التاسع عشر ميلادي ،أي منذ حوالي 200 سنة تقريبا، و سكنت العائلة بعد النزوح إلى الكويت في الحي القبلي بفريج الساير.
اسمح لي باستفسار عن دقة هذي المعلومة .. اسرة الساير الكريمة تاريخهم في الكويت مقارب لمائة سنة تقريبا وجدهم ساير بن شحنان كان حيا مطلع القرن الهجري الماضي.
السؤال : كيف نزلتم في فريجهم منذ 200 سنة ؟
هل عندك اخي الكريم وثايق قديمة بهذا الخصوص .. فنستفيد بدراستها معك.
وتقبل تحيات اخوك جون الكويت