المسيل والمسيلة والمسايل - فرحان الفرحان
-
المسيلة على الخريطة : الأماكن والمناطق التي كانت مأهولة في تاريخ الكويت القديم . المسيل والمسيلة والمسايل: إعداد: فرحان عبدالله الفرحان كونا - 22/12/2006
من الملاحظ ان غالبية الاسماء للاماكن والمواضع اما مرتبطة بجسم الانسان ومتفرعاته، اما مرتبطة بالبيئة، فنجد اسم: المدافع ام المدافع، الافواه، الشق الشقيق الشقة شعب، شعيب، جليب قليب، خبرة، بحرة كل هذه الاسماء مرتبطة باسماء متعلقة بالماء وتواجده وانحداره ايام المطر وهذا ما ينطبق على المسمى الذي امامنا وهو المسايل والمسيلة والمسيل الاسماء التي توشك ان تنقرض على ظاهرة التغيير والتطور السريع ويمكن ان هذا الاسم في المستقبل لن يكون له معنى وربما يستبدل باسم يكون بارزا في هذا المكان ويأخذ مكانه لكن هذه الاسماء كانت في يوم ما مسميات لها اهميتها لانها تعني ارتباطها بالماء العذب الذي هو اعلى شيء في الحياة ونبدأ هنا بالاسم الاول وهو: المسيل: الذي كان في اول القرن العشرين وربما في اواخر القرن التاسع عشر مورد ماء لمدينة الكويت حيث كانت السيول من الامطار تتجمع في هذا المنخفض ومن ثم عندما يقبل فصل الصيف يتوجه الكثيرون لحفر الآبار ذات الاعماق القليلة للحصول على الماء العذب منها للبيوت قبل ان يتطور نقل الماء بالسفن الخشبية من شط العرب.
يعدها أخذت البيوت تطوق هذا المنخفض الذي اصبح فيما بعد حفرة كبيرة تتجمع فيها مياه الامطار لتبتعد عن بيوت الآخرين وتحميهم من الهدم والسقوط، واصبحت المياه في هذا المكان اقل حلاوة فتوجه الناس للبحث عن الماء في اماكن ابعد مثل ابي دوارة وكيفان والشامية والدسمة واصبح هذا المسيل الذي يحيط به من الشمال سوق الحمام ومن الشرق مسجد هلال ودروازة العبدالرزاق ومن الغرب الصفاة ومن الجنوب فريج العبيدي، وعليه رئي ان يستفاد من هذا الماء شبه العذب لتشرب منه المواشي والجمال ولهذا انشئ على كتفه او حافته عندما تواجد الاسمنت في الكويت حوض مستطيل يفرغ فيه الماء لتشرب منه هذه الدواب بسهولة وكانت قبلا تعتمد كل اسرة على ان تستورد معها حوضا من الجلد لتسقي به حميرها وغنمها ولا ننسى ان الرواحل القادمة للكويت كانت دوابها تشرب من هذا الماء الذي كان له شهرة في تلك الحقبة حيث ان الاحصنة والحمير كانت تعمل من الصباح حتى المساء ومن ثم ترد الى هذا المورد لتشرب الماء، قبل ان تتوجه لراحتها في زرائبها او جواخيرها كما تسمى وهذا ما ينطبق على الاغنام فإنك تجد الاغنام بعد الرعي تتوجه الى هذا المكان لشرب الماء وهي عطشى لتشرب منه ومن ثم تذهب لجواخيرها ومعلفها لتستريح وتنام لليوم الثاني، هذه كانت حركة يومية مستمرة ومن بالكويت ممن كان يملك حمارا او حصانا أو غنما لا يعرف المسيل ذلك الذي تحول الى حي من احياء الكويت السكنية واليوم اصبح عمارات ومحلات تجارية! يقول المرحوم حمد السعيدان في موسوعته الجزء الثالث صفحة 1411.
المسيل: حفرة تتجمع فيها مياه السيل وهي حفرة واسعة اخذ طينها وترابها لغرض بناء المنازل وبقيت حفرة تتجمع فيها مياه الامطار من الشوارع والمنازل ويتخذ ذلك الماء لغرض البناء او الشراب للدواب.
المسيل: فريج فريج المسيل يقع في الشمال الاقصى من فريج المرقاب على ضفة شارع احمد الجابر مقابل فرع مكتبة المعارف العامة كانت فيه حفرة المسيل المشهورة سورت زمنا ثم ردمت.
في كتاب 'معجم الالفاظ الكويتية' للشيخ جلال الحنفي صفحة 349 يقول: المسيل: مجتمع السيل وهو حفرة واسعة تخزن فيها مياه الامطار تردها الادباش للشرب منها وكان في الصفاة عند موضع مديرية المالية مسيل واسع.
ثانيا: المسيلة والمسايل المسيلة مفرد مؤنث للمسايل، ومذكرها كما ذكرنا آنفا المسيل والمسيل يقع داخل المدينة والمسيلة تقع في برد العدان او الظهر وموقعها التاريخي هو انك عندما تترك مدينة الكويت وتأخذ الطريق الساحلي فيكون اول الظهر على يمينك وبالضبط يكون مشاش خليفة هو بداية المسايل المتجه الى البحر الذي يلتقي في نقاط متقاربة بعد ان تنهمر الامطار فتتوجه هذه السيول الى المنحدرات مندفعة الى النقطة السهلة الى البحر وهي هذه المسيلة التي كانت جزءا من منطقة القصور 'تلك الدور او الغرف التي بنتها العائلات الكويتية وسمى كل واحد غرفته او داره قصرا ومن ثم اطلق على هذه المنطقة المطلة على البحر القصور وهي تشمل المسيلة وما بعدها.
ويجب ان نعلم ان تسمية المسيلة والمسايل من الاسماء المستحدثة في تاريخ الكويت قريبا، ولهذا اشك في بعدها نظرا لان لوريمر العالم الإنكليزي الذي جاء الى الكويت في نهاية القرن التاسع لم يذكرها في موسوعته الجغرافية التاريخية، كما انني لم أجد لها ذكرا في كتب من ذكر اسماء لأماكن الكويت القديمة وهذه جارتها النجفه الكل تحدث عنها في القديم وظلت صامدة الى يومنا هذا، والله يستر ما تمحى من الخرائط في المستقبل، كما ذهبت القصيبة التي ابتلعتها منطقة ميناء عبدالله في الجنوب، المنطقة النفطية.
هذه المسيلة التي أصبح على ضفافها في ساحل البحر بعض الفنادق وقد سمي باسم المنطقة فأطلق عليه مسيلة (بيج) وبيج كلمة غير عربية وهناك بعض البيوت الكبيرة التي يمكن ان تسميها قصورا في هذه المنطقة.
هذه المنطقة التي كان بها قبل قرن من الزمان عشيش واكياره جمع كير لفروع من قبيلة العوازم ويعتمدون في سكناهم في هذه المنطقة على صيد الاسماك وبيعه في أسواق الكويت وهناك بعض المزارع الصغيرة التي تزرع الطروح والباذنجان، ولكن التاريخ تغير بعد ذلك، من كان يصدق ان المسيلة والمسايل التي فيها اليوم كثير من قصور أفراد الأسرة الحاكمة كانت من قبل مقطعا ومن الصعوبة المرور بها من دون حراسة، ذلك في أول القرن الماضي، هذه المنطقة التي تكون صحراؤها المحاذية عبارة عن مستنقعات نظرا لانحدار الماء المتجه من الصحراء.. البعض يذهب الى البحر ويسيل فيه والبعض يتحير ويتوقف ليكون خبرات تتوجه لها الطيور في فصل الربيع لتعيش على حافتها.
اليوم قامت الدولة وعملت عدة شوارع، شارع محاذ للبحر وآخر الطريق السريع المؤدي إلى المملكة العربية السعودية ومن ثم عملت ممرات ومسرب خارور لمياه الأمطار على مقربة من قصر الشيخ المرحوم صباح السالم أمير البلاد الأسبق، رحمه الله، ومحاذيا لقصر الشيخ خالد سلمان الدعيج يواصل هذا السيل رحلته الى البحر كما كان سابقا خشية ان تفيض المنطقة من الأمطار.
ويبدو لي، والله أعلم، ان ارتفاعات منطقة الظهر منذ القديم كانت هي التي ساعدت وصنعت هذا التكوين لهذه المسايل، حيث تكون الأمطار وهي تتوجه الى هذا المنخفض حول الساحل، وهو بدوره ساعد على وجود آبار كثيرة منذ القديم وخلق مكونات سكانية، قلت سأتحدث عنها في القريب العاجل، لهذا كان كثير من الكويتيين يعتمدون على (الطروح الخيار) والبطيخ والباذنجان والطماط والرمان في زراعة هذه المنطقة، لأن المياه العذبة تتواجد في جوف الأرض طوال السنة، لكن اليوم تغيرت الاحوال وقضى التطور العمراني على كل شيء.
اذن هذه هي المسيلة المؤنثة الموقع والمكان وهذا هو المسايل الممرات المائية التي رسم الاسم لها في هذا المكان.
-
|