عبدالرحمن عبدالوهاب عبدالرحمن الفارس
غيّب الثرى صباح الاحد المنصرم علماً من اعلام الكويت واحد ابرز الرموز الاجتماعية والدينية في الكويت، وهو الشيخ عبدالرحمن ابن عبدالوهاب بن عبد الرحمن الفارس، سليل اسرة كريمة اشتهرت برجال العلم فيها حتى ميّزها اهل الكويت باسم الفارس المطاوعة تمييزا لها عن العائلات الاخرى التي تشترك معها في الاسم نفسه، ولم اسمع حسب علمي المتواضع بهذا اللقب المميز لعائلة اخرى سوى العمر المطاوعة تمييزا لها عن بقية عائلات العمر.
ومن المشايخ الذين سبقوه في اسرة الفارس الكريمة: الشيخ محمد بن عبدالله الفارس، الشيخ حمد بن عبدالله الفارس، الشيخ عبدالمحسن بن الشيخ محمد بن عبدالله الفارس ووالده الشيخ عبدالوهاب عبدالرحمن الفارس، الشيخ عبدالوهاب عبدالله الفارس، الاستاذ عبدالعزيز عبدالله الفارس، إضافة إلى العديد من الوجهاء والشخصيات الاجتماعية المرموقة من رجالات هذه الاسرة الكريمة، ولا تكفي هذه العجالة لذكر جميع اسمائهم.
ولد في 17ــ12ــ1937 في منطقة المباركية، ووالدته هي ابنة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن فارس، فهي من بنات عمومته.
بدأ مسيرته التعليمية في سن السابعة لدى الملا مرشد محمد السليمان في مدرسته شبه النظامية، ثم بعد ست سنوات التحق بالمعهد الديني في موقعه الاول، وهو موقع سوق الذهب حاليا في المباركية، ثم توجه الى القاهرة طلبا للعلم في رحاب الازهر الشريف حتى عاد منه خريجا عام 1962.
بدأ حياته الوظيفية رئيسا لقسم التوجيه الديني في وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية في عهد وزيرها آنذاك الشيخ مبارك الحمد الصباح، واستمر في تدرجه الوظيفي حتى صدر مرسوم اميري بتعيينه وكيلا مساعداً «لشؤون الحج والمساجد» عام 1969.
وقد كان له برنامج اذاعي واخر تلفزيوني معروف اسمه «دنيا ودين» من عام 1964 الى عام 1969.
وقد طبعت له وزارة الاعلام مشكورة كتابه «الاجوبة النافعة في المسائل الواقعة».
لقد تجلت ثقة المسؤولين به وبعدالة شخصيته وحسن سمعته في عدة مظاهر، منها تكليفه برئاسة بعثة الحج الكويتية عدة مرات، ورئاسة لجنة شراء العقارات الخاصة بالوقف، واللجنة الدائمة للمعونات الخارجية.
اما بصماته الوظيفية فأبسطها ارتفاع عدد المساجد في فترة توليه المسؤولية عن قطاع المساجد من مائتين الى ثمانمائة وخمسين مسجدا، وقد شهدت تلك الفترة تنسيقه الجيد والناجح مع الجهات المعنية الاخرى كالاشغال والبلدية.
كما ساهم في طرح فكرة معهد الامامة والخطابة وانشائه، الامر الذي ساهم في زيادة فاعلة في عدد الائمة والخطباء.
بصمات وظيفية كثيرة، لكن لضيق المساحة عن الاحاطة بانجازاته اختم بالجانب الاجتماعي للمرحوم، حيث كان آية في صلة الرحم وصلة ذات البين وتفقد الاصدقاء حتى اخر لحظة من حياته او حياتهم، وقد بلغ به الوصل بهم حد الاتصال الشخصي بهم كل صباح حين اقعده المرض عن الخروج اليهم في مجالسهم. ولكونه «حمامة مسجد» فقد ترك في مسجده فراغا كبيراً، خصوصا في المسجد الذي بناه باسم ابنه عثمان رحمه الله، حيث يشعر كل من حوله بدفء اجتماعي يحيط به محبيه.
اما حسن تربيته فلا تسل عنه، ويكفيك الذرية الطيبة التي اورثها طباعه الكريمة فالتفوا حوله في حياته، ووصلوا رحمه واصدقاءه حين اقعده المرض، ولا يزالون على العهد ان شاء الله.
رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته.
د. عبدالمحسن الجارالله الخرافي
جريدة القبس - 27/10/2008
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
|