13-03-2010, 09:28 AM
|
|
مشرف
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,662
|
|
خليل فرمن - القبس
حاوره جاسم عباس
القبس - اليوم
الرعيل الاول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا مر الاثنتين وذاقوا حلاوتهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا، رجالا ونساء، الى ان حققوا الطموح او بعضا منه، ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم، فان قاسما مشتركا يجمعهم هو الحنين الى الايام الخوالي، «القبس» شاركت عددا من هؤلاء الافاضل والفاضلات في هذه الاستكانة.
في مستهل لقائنا مع خليل عباس فرمن قال: انا ابن وحفيد من رفع الشراع على الصاري، انا ابن من ربط باحكام الاجزاء المربوطة على فرمن، وابن من ربط الشراع فوق السفينة، والفرمن هو العارضة التي يربط بها الشراع، والفرمن خشبة مستطيلة على سطح السفينة يربط بها حبل الشراع، ومتصلة بالدقل الكبير (والدقل هو صاري السفينة) الكبير منه يسمى «العود» والصغير يسمى «الغلمي».
وقال فرمن: والدي وجدي حيدر عملا على السفن لرفع الاشرعة في مياه الخليج العربي والبحر الاحمر وسواحل السند والهند وافريقيا من بداية سبتمبر حتى نهاية شهر مارس، عندما يسمعون النداء «يا غريب تذكر اهلك».
الفريج مسقط رأسي
عن الأحياء الكويتية القديمة التي كانت تقسم الى أربعة فرجان رئيسية هي: الشرق - القبلة - الوسط - المرقاب، قال فرمن: الفريج هو الفريق الذي يسمى الحي، ولكل واحد (الفريج) فريق صغير. وهذه أحياء قديمة، ومن ثم جاءت أخرى مثل: الصالحية، والمطران، والحساوية، والنصف، والبدر الذي يسمى عادة بفريج أو براحة عباس التي ولدت فيها، براحة واسعة كانت تقام فيها الحفلات واللقاءات والألعاب الشعبية والمراجيح، وكانت براحة عباس متعلقة في ذكريات الكويتيين حتى هذا اليوم لوجود مبنى مجلس الأمة، وبالقرب من المسشتفى الأميركاني، وفي الأصل اسمها براحة حمود الناصر البدر، وجاء اسم عباس لدكان كبير في البراحة لصاحبه عباس علي وهو مضمد في الأميركاني يعالج الناس بعد انتهاء الدوام، يجلس امام المحل على تخته كبيرة، وجاءت الكلمة بمعنى لوح في الفارسية.
وتذكر فرمن الضربة التي أصابت انفه من حميد الخليفة من أبناء محمد خليفة حسين، جد عيسى الخليفة وكيل وزارة الصحة السابق، والذي عالجني عباس علي في الاميركاني، وأتذكر سليمان السمعان، وعبدالكريم في الصيدلية، وقمبر، وحيدر جاسم الخليفة، وابراهيم دشتي والد الكابتن محمد ابراهيم مدرب نادي القادسية والمنتخب الوطني، وكان علي كمبل من العاملين ايضا.
اضاف فرمن: ولدت وترعرعت في فريج البدر (براحة عباس)، من الجيران بيت البناي - الشاهين - عبدالله البدر - عبدالله نمكي ملا حاجي - يوسف الخريبط - المحري - بوعجل - المساعيد - حمود الناصر البدر صاحب البيت الكبير الذي يطل على البراحة، سليمان المنصور - الياس - عبدالرحمن الشيخ جمعة - الفضل - بن جبر - النامي - الفايز - الليفان - عباس ناصر السيف - ملا رجب - اشكناني - بوشعبون - علي الجزاف - عبدالمحسن الراشد - يعقوب العلي.
وعن معالم الفريج، قال فرمن: البراحة المشهورة (عباس) ياخور الحميضي فيه اغنامه وابقاره، وجزء كبير من عشيش لسكن المحتاجين والعابدين لأيام قليلة، وانقذ هذا الجاخور كثير من العوائل بعد ان تهدمت بيوتهم نتيجة الامطار الغزيرة، والجاخور (ياخور) لفظة فارسية «آخور» للاصطبل، ومن معالمه شاوي مزيد بو شداد وأولاده.
أكبرهم صنهات الذي اخذ المهنة عن والده.
قال فرمن: ثم فتح الدكتور احمد الخطيب عيادة خاصة به، والمعروف عنه انه اول دكتور كويتي تخرج من بيروت عام 1952، وهناك بيت اشتراه عقاب الخطيب من عباس علي، والديوانية سكن فيها عبدالعزيز العويش واهله وأخو زوجته المطرب الفنان سعود الراشد كان استاذنا والعازف على العود، واولاد يعقوب النصراني يأتونه ويتعلمون العزف على العود وآلات اخرى، والنصراني مكتبته في السوق الداخلي «مكتبة الكتاب المقدس» التابعة للإرسالية المسيحية الاميركية التي كانت توزّع الكتب التبشيرية مجانا، وكان هو يشرف عليها ويدعى يعقوب شماس، كان يعلق الكتب على الحبل نوعا من الدعاية والتبشيرية، وكان -رحمه الله- شريفا محبا للكويت والكويتيين، يفرش الارضية، وانا كنت من الحاضرين يوزع الحليب ويقدم بعض المأكولات، واكثر الرواد من موظفي البترول.
وقال فرمن: لا انسى لطيفة المرأة العصامية التي تتجول في براحة عباس وسكيكها تجمع البعارير (بعرور الجمل والماعز) والبعرور يسمى ايضا دمن، كانت تجمع البعرور في أكياس الخياس وتبيع في الصفاة ويشتريه الناس لاستخدامه كوقود، خصوصا الخبازين يتخذونه للتنانير، ويسميه الكويتي «جَلّه»، والأمهات استخدمن البعرور لعلاج اللوزتين، ورماده يعالج به جروح البعارير.
الدراسة.. الأعمال
قال فرمن: درست عند الملا محمد الظفيري القرآن الكريم ومادة الحساب، ثم في مدرسة المثنى شارع فهد السالم، وخوفا من التجنيد الاجباري لم اكمل دراستي، وانتقلت بعد اتمام اختبار الجندية الى مدرسة عمر بن الخطاب بالقرب من بيت ثنيان الغانم عند بركة الماء.
وتذكر بعض الطلبة ومنهم: عبدالقادر الغربللي ــ الجحمه ــ الحرب ــ أحمد العدساني (وزير سابق)، خليفة الحمر ــ الربيعة ــ ابراهيم الفرج ــ الفلاح ــ عبدالملك ــ عبدالعزيز العنجري ــ محمد العتيبي ــ عبدالرحمن السامرائي (أبو سرور) ــ أحمد الصقر ــ محمد البدر ــ مشاري البحر ــ عبدالعزيز الخالد ــ وليد الخالد ــ أحمد المسيلم ــ محمد ماجد الشاهين كان كثير الحركة ــ علي السلطان وعبد علي بهمن ويوسف المواش، ومن المدرسين: البدران (ناظر المدرسة) ــ جودت الهندي ــ حمدي العريان المعلم الذي علمني تحسين الخط والكتابة ــ أبو النصر المتولي، كان عملنا ودوامنا صباحا ومساء.
اضاف فرمن: يجب عليّ ان اذكر وأوفي للمربي الفاضل الاستاذ عقاب محمد الخطيب، كان ناظرنا في مدرسة المثنى عام 1950 الى ان استقال سنة 1954، وهو ممن كافحوا على طريق العلم، وامتهن النجارة في شركة النفط، واصبح مدرسا للنجارة في المباركية، حتى عمل ناظرا، واطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية.
واما عن اعماله فقال فرمن: في ايام العطل المدرسية عملت في الاشغال اثناء بناء المصح الصدري مقابل مستشفى الصباح، كان راتبي اليومي 3 روبيات، وعملت في الكلية الصناعية بـ 4 روبيات وفي 7 و8 سنوات من عمري عملت مع والدي وجدي في تقطيع الصخر في العشيرج (الصليبخات) وفي الوطية كنت احمل السراي في الليل للإضاءة، وعملت معهما في الشويخ وبنيد القار، وفي الخارور والحظور السبع، وأبومنتفة ورويس، وأبو لقمة والغرابيل، ونقلت الصخر مع العمال بعد تكسيره إلى التشالة، ومن ثم إلى شواطئ مدينة الكويت، والتشالة كانت ملك سليمان دشتي، والدي كان يعطيني آنة واحدة وأحيانا آنتين، وغالبا «طراقات على وجهي» أو سطارات تعني الضرب على الصدغ.
وتذكر فرمن الصخر السميك والرفيع الصلب وهو من مواد البناء غالية الثمن، وتذكر الهيب الكبير الخاص لتكسير الصخور وتفصيلها، ويبدأ العمل في فترة الثبر (الجزر) حتى السجي (المد) فترة قلع وحمل الصخر ورحلة العودة تستغرق ثلاث ساعات.
رغم كل هذه العمليات تباع الشحنة الواحدة ما بين روبيتين إلى ثلاث روبيات، وارتفعت إلى 10 ــ 15 روبية، والرحلة ذهابا مع التكسير والعودة تستغرق 24 ساعة، وكل تشالة كانت تحمل 4 أكواد أي الكومة.
قال فرمن: إن هذه الآنات التي كنا نأخذها هي جزء من 16 جزءا من الروبية أي الآنة الواحدة قد تعادل 4 فلوس والمثل يقول: «إبريقه ما يطفي حريقه» اي لا تكفي هذه الآنة ولا تطفئ الحرائق، وكلنا مثل «أبا زيد حاله حال ربعه»، ولكننا عملنا وتعبنا مثل: «أثبت في الدار من الجدار»، رغم هذا كنا بخير وعافية. وكنا نقول: إذا سلم العود الحال تعود، وآخر المثل كما قرأته وسمعته «إذا ن.سَيْنا الحَمدْ ش.نْصَلي بَهْ»، و«خادم الله مخدوم».
وعن أعماله أضاف فرمن: عملت في شركة نفط الكويت على الرصيف الجنوبي في ميناء الاحمدي بوظيفة مراقب صمامات، وأذكر آخر باخرة عبئت كانت حمولتها 75 ألف طن واسمها كوسموس فايف.. نرويجية، وكنا نعبئ نوعاً خفيفاً أو ثقيلا حسب نوع الباخرة، وكان يشاركنا من إدارة محطة المضخات الواقعة في البر المرحومان حسين مراد وجعفر غلوم ملا حسين، وسبب تركه العمل في الميناء هو سقوط أحد زملائه من اطفائيي الشركة مع سيارة الاطفاء في البحر مما تسبب بوفاته وهو المرحوم صالح ختوش، في نهاية عام 1958 تقدمت للعمل في مكتب تدقيق وقياسات الزيت التابع لسكرتير الحكومة عبدالله صالح الملا في سوق الصفاة، وبعد أن اجتزت اختبار اللغة الانكليزية عينت مدقق قياسات الزيت، وقراءة كميات حرارة النفط الخام المخزونة في الصهاريج، وكنت أذهب الى المنطقة المحايدة سابقاً (الوفرة حالياً) لقراءة القياسات، حيث ان المنطقة فيها 3 أنواع من النفط، برقان ــ ايوسين ــ رتاوي، وكان المسؤولون هم ابراهيم عبدالعزيز الملا، ويوسف الخترش، وحسين القطان، وجعفر حسين البيرمي، وعلي القبندي، وخالد مكي، ويحيى فهد السميط.
أين الكشافة اليوم؟
وتحدث فرمن عن الحركة الكشفية في الكويت التي تأسست سنة 1937، وجمعيتها في عام 1955، وانضمت بلدنا الكويت الحبيبة الى الاتحاد الدولي في أغسطس 1955. يقول:
التحقت بالحركة الكشفية عندما كنت أدرس في مدرسة المثنى في شارع فهد السالم الصباح، وموقعها الحالي مجمع المثنى. كان الهدف من نظام الكشافة في الكويت إعداد الفتيان ليكونوا مواطنين صالحين مطيعين، ويسهمون في الحياة العامة، والولاء والطاعة لأولي الأمر، هكذا كان الأولون مستنيرين متبصرين بمقومات الحياة، كانوا ينهضون بأنفسهم، ويعاونون في رفع مستوى بيئتهم.. أين نحن الآن من هذه الصفات الحميدة؟ أين أصحاب التربية الجسمية والعقلية والاجتماعية والعاطفية والخلقية؟ أين الذين كانوا يراقبون أقوالهم خوفا من الله تعالى؟
وأضاف: كنا نقول دائما الكويت كدست لنا على أرضها وما تحت أطباق الثرى، فلنشكر الله. وتبدأ عملية الشكر بحبنا للكويت، وطاعتنا لأميرنا ــ حفظه الله ورعاه ــ والابتعاد عن الشر والتأزيم، الكويت أعطتك أرضها، وأظلتك سماؤها، ورواك ماؤها، وأحياك هواؤها، وبخيرها غذيت، وفيها مطمح عزك وهناؤك، ولا شرف لك أيها المواطن الا بعزة وطنك، اذا اختلطت عظام آبائك وأجدادك بأرض الكويت، وستخلط أرضها بعظامك وعظام أولادك وأحفادك، فتدبر فلن تجدك الا الوطن، أحب وطنك.. هذه الكلمات والجمل كانت شعارات الكشافة، ونحن تربينا عليها ودفنت أجساد آبائنا وأجدادك على هذه الكلمات «وما خير العيش بعد كل هؤلاء».
وقال: الكشاف الكويتي كان مستعداً لبذل نفسه رخيصة اذا دعا داعي الوطن، وكان مستعداً بماله عن طيب خاطر، كان مستعداً لادخال السرور على محزون.
الكشاف كان صادقاً، مؤدباً، مطيعاً، شجاعاً، وحتى الحيوان كان رفيقاً به، وصديق الناس كلهم، وكما درسوا عن الكشافة في سوريا في تلك السنوات -على ما أعتقد- أعوام 1958، 1960، ان الكشاف يرأف بالحيوان ويحب النبات، الكشاف مخلص لله ولوطنه ولوالديه ولرؤسائه ولمرؤسيه.. أين هم الآن؟!
ألفاظ عامية
وأصر فرمن على التحدث عن بعض الألفاظ العامية التي تركها الأبناء ولم تستخدم وتمنى ألا تضيع، وأن تتداولها الصحف اليومية، وأن تدرس ولو في صفحة واحدة في المناهج المدرسية منها للذكرى: استعدل، اخواهو، امدلقم، امطرطش، خوخة، خمَع، خنين، خشه، دثوي، درعم، دردعة، ذرب، بلعدال، بربس، زعب، زعره، زماط، سُف، س.ن، صاع، من هي صديه؟، ما هو الصرم؟، ما معنى صنان؟، أين تقع مرتفعات الصبر؟، ماذا تعني عاصوف؟، أين تقع العرفجية؟ أخذت منه ما في يده، وتركت عينه تذرزر، ماذا تعني في اللهجة؟ خمع، جلع، أين تقع منطقة الضلع في الكويت؟
الوفاء في الحب
وأخيرا، ذكر فرمن ان من تمام الحب للإخوان «الوفاء»، كنا اخوة في الثبات، وكنا نعد بعضنا ببعض اولادا واخوة واصدقاء واصحاب، وحتى بعد الموت نذهب ونجلس بجوار قبره نتحدث ونقرأ سورة الفاتحة، وحبنا نريد به الآخرة، ولا انقطاع لها، فما قيل من ان «قليل الوفاء بعد الوفاة خير من كثيره حال الحياة»، واذ فارقنا احدنا نكون شديدي الجزع من مفارقته.
وضرب مثلا لواحد من اعز اصدقائه وهو عباس كرم (ابو حمزة): هو اخ لم تلده امي، شاركنا في دربنا سهرنا سفرنا، ولم يفرقنا الا الموت، اين الابناء من هذه المحبة الآن؟ كنا وكانوا الآباء والاجداد، كما قال علي بن ابي طالب (ع) في وصفهم: «هم قوم هجم بهم العلم على حقيقة الامر، فباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون، وآنسوا بما استوحش منه اليقين، صحبوا الدنيا بأبدان ارواحهم متعلقة بالمحل الاعلى، اولئك خلفاء الله في ارضه، والدعاة الى دينه».
وقال فرمن: تذكرت قول نبي الله داود (ع) يجب عليّ ان ابلغ اولادي عندما ابلغ الله تعالى نبيه يا داود ابلغ اهل ارضي: ابي حبيب لمن احبني، وجليس لمن جالسني، ومؤنس لمن انس بذكري، وصاحب لمن صاحبني، ومختار لمن اختارني، ومطيع لمن اطاعني.
أولادي لنكن الصلاح يلد الصلاح، وليأخذ بعضنا برقاب بعض، ولنخلق الاسرة الصالحة، والمدرسة الصالحة، والبيئة الصالحة، وكما قال شوقي:
«وللأوطان في دم. كلّ حرٍّ
يدٌ سلفت ودَينٌ مُستحقُّ
لقد جئنا إلى الدنيا
معاً لنعيش إخوانا».
مع أولاده
ربط الشراع بالفرمن
|