لم يترك سامي أمراً ذا شأن في مجتمعه إلا وتساءل عنه رسمياً في أروقة مجلس الأمة وأثناء انعقاد الجلسات، فهو يسأل وزير العدل "عن عدد القضايا، والإجراءات التنفيذية، وأسباب عدم التنفيذ والمحكوم لهم والمحكوم عليهم"، وقد أجابه وزير العدل عما سأل عنه.
ورأى في إدارة الإطفاء "إدارة ذات شأن كبير في حياة الوطن والقضاء على كثير من الكوارث التي كان يمكن أن تحدث في غيابها"، ولكنه دعماً لهذه الإدارة الحيوية طالب سامي "إدارة الإطفاء ببذل مزيد من التوعية عن أخطار الحريق، لاسيما أن ميزانيتها وصلت إلى 18 مليون دينار في عام 85/1986". وأبدى ملاحظات حساسة منها ملاحظة نظام التخزين منعاً للكوارث وعدم التخزين في المناطق السكنية، والذي نعلمه أن إدارة الإطفاء تعمل ما وسعها في هذا المجال.
البلدية
لا تزال بلدية الكويت وأوضاعها حتى الآن تحتل مكاناً بارزاً في الصحافة وفي المناقشات العامة للمواطن، وكثيراً ما تصدر المراسيم بحل المجلس البلدي ثم إعادته. وهو مؤلف من أعضاء منتخبين ومعينين، وتغيرت تبعية هذا المجلس إلى أكثر من وزارة في الدولة. والمجلس البلدي في الكويت يحتل مكانة خاصة في نفس كل كويتي، فهو أقدم المؤسسات نشأة في الوطن وأكثر المؤسسات نشاطاً ومسؤوليات، خصوصا عن الأراضي منذ نشأته 1932 وحتى الآن. لذا كان الاهتمام بالمجلس البلدي أمراً طبيعياً عند عضو برلماني منتخب على قاعدة الدفاع عن الحرية والدستور ومصالح الشعب. رأى سامي أن "المجلس البلدي له خططه وبرامجه (في عام 85/1986) لكن هذه البرامج والخطط تواجه صعوبات حقيقية من المتنفذين وأصحاب المصالح". كما يلاحظ سامي " غياب السلطة التنفيذية (والبلدي إحدى مؤسساتها) والحكومة عن دعم قرارات المجلس والأجهزة الفنية فيه. وإذا ما صح ذلك فكيف يمكن للمجلس البلدي أن يعمل؟". ويرى سامي "أن كل القرارات التي صدرت من المجلس البلدي وكل التوصيات الفنية من إدارة البلدية تخضع إلى تسلط المتنفذين في هذا البلد. وتتجاوز الحكومة قرارات المجلس البلدي والفنيين والتخطيط وترسم سياسات معاكسة تماماً إرضاءً لهؤلاء المتنفذين... نبي (نريد) حماية فعلاً من المتنفذين.. ونوقف هؤلاء عن عملية التجاوزات". وهنا يرى سامي أن علة المجلس البلدي ليست في أعضائه أو فنييه، وإنما العلة في أصحاب النفوذ الذين يريدون مجلساً بلدياً يحقق مصالحهم.. كما يرى العلة في تغاضي الحكومة عن سطوة هؤلاء وعدم إعمالها بجد على تنفيذ القوانين على المواطنين بالتساوي. وحتى يتخلص المجلس البلدي من سطوة هؤلاء المتنفذين "فإنه سيظل عاجزاً عن إصلاح جهازه الإداري"، فهؤلاء المتنفذون قادرون "على أن يدخلوا أي موقع". وأمام هذا التوصيف للحالة التي يعيشها المجلس البلدي "ما قدرة المواطن على تحقيق مصالحه؟".
ويضرب سامي مثلاً على سطوة هؤلاء المتنفذين عندما يتساءل: "كيف تحولت المنطقة الصناعية واستغلت استغلالاً بشعاً؟". وهنا يضع سامي يده على بيت الداء وموطنه ويعلن أننا "لا نحتاج إلى قوانين، نريد الشعور بالعدالة ونريد تنفيذ القوانين (الموجودة) على القوي والضعيف".
كما يضرب مثلاً آخر في سطوة هؤلاء عندما يعلن في المجلس أن "البلدية تمنع بناء مجمعات تجارية في منطقة الجابرية، ولكن المتنفذين استطاعوا بناء هذه المجمعات". إذن والحالة كما وصفها سامي فالمجلس البلدي ليس بيده القرار وإنما "المتنفذون هم الأقدر على اتخاذ القرار". وإذا كانت الحال كذلك فما معنى وجود المجلس البلدي أَوَليس غيابه أفضل من وجوده؟!.
ناقش سامي مع زميله محمد المرشد في 24/6/1986 اقتراحه تعديل المادة 27 من القانون 15/1972 في شأن بلدية الكويت وحصر مناقشته في نقطتين:
1 – زيادة أعضاء المجلس.
2 – مبدأ التعيين الذي يقوم أساساً على اختيار ذوي الخبرة والكفاءة
سداً لفراغ محتمل عند الانتخابات.
ورأى أن "التعيين يفرز لنا قضايا ومشاكل لأنه لا يلتزم بتعيين الكفاءات المطلوبة بقدر ما يلتزم بترضية فئات أو شخصيات". وما كان هذا ليحدث في المجلس البلدي إلا بسبب غياب الديموقراطية ما بين 1976 و1981 عندما غاب مجلس الأمة.
ومن شأن البلدية وواقعها المحزن الذي عرضه، ينتقل سامي إلى مناقشة الإسكان ومشكلاته في فترة الانعقاد الثاني للفصل التشريعي، وبتاريخ 13/5/1986 ناقش سامي أمر إنشاء الهيئة العامة للإسكان التي أصبحت بديلاً لوزارة الإسكان، ويتحفظ على هذا الأمر لأنه في رأيه يقلل من "أهمية السياسة السكانية في البلد إضافة إلى أنه يتعارض مع آمال الشباب الطموحة في وزارة الإسكان".
هيئة الإسكان
في 14/6/1986 تُلي على المجلس تقرير لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بشأن اعتماد الحساب الختامي لهيئة الإسكان عن عام 1984 / 1985. وهنا وقف سامي متحدثاً عن قضية الإسكان ورأى أنها "قضية واسعة الاهتمام"، وذكر صراحة أن "أخطر قضية تواجه الإسكان وهيئة الإسكان هي قضية كثرة الأوامر التغييرية التي كلفت الدولة حسب تقرير ديوان المحاسبة في عام 1986 مبلغ ثلاثة عشر مليون دينار في مشروع واحد فقط".
ورأى أن مرد ذلك "يعود إلى غياب نظام خاص بشأن المقاولين من الباطن" وكما استفاد المقاولون من هذه الأوامر التغييرية مادياً فإن "هناك أوامر تغييرية أضرت بأصحاب السكن وأضرت بالمال العام"، لذا فهو يطالب بالحد من هذه الظاهرة والسيطرة عليها حتى تستقيم الأمور ويوقف الهدر في المال العام.
التعليم الجامعي
ومن الطبيعي أن يأخذ التعليم نصيبه من مناقشات مجلس الأمة وكان التركيز في دور الانعقاد الثاني على التعليم الجامعي والتطبيقي. ففي 10/12/1985 قرر مجلس الأمة مناقشة تقرير لجنة التعليم التابعة للمجلس والتي كان سامي عضواً فيها، وقد بحثت اللجنة في تقريرها سياسة القبول في الجامعة، وكان سامي قد طلب من المجلس في 29/10/1985 إحالة "سياسة القبول في الجامعة والمعاهد التطبيقية إلى اللجنة التعليمية لتقديم تقرير عنها". كما بحثت اللجنة وضع التعليم العام والتطبيقي.
ورأى سامي من خلال قراءته للتقرير أن "أوضاع الجامعة تشكل قلقاً حقيقياً للمجتمع" ورأى "أن رفع نسبة القبول في الجامعة أثقل على المواطن وعلى الطالب، وأصبح الوصول إلى الجامعة من الأمور الصعبة". وأشار إلى ظاهرة لافتة فعلاً عندما ذكر أن "نسبة التسرب في الجامعة تصل إلى 70 في المائة وأن سنوات التخرج منها تتراوح ما بين 7 و10 سنوات".
وذكر أن "هناك 3200 طالب على قائمة الإنذار، وأن هناك 1200 طالب على قائمة الفصل" في العام الدراسي 1985/1986. ورفض سامي أن يكون "الوضع الطلابي المذكور مرتبطاً بمعدلات الثانوية العامة، وإنما يرتبط بوضع الطلاب والأساتذة. فالطالب يجد صعوبة في التحرك من موقع إلى موقع، كما أن القرارات الاستيعابية وراء سياسة القبول، إضافة إلى نسب الثانوية العامة".
وأعلن سامي أن اللجنة التعليمية في المجلس لا تحدد نسبة القبول في الجامعة، فهذا من شأن الجامعة، ولكن "لا نُقر سياسة القبول المرتبطة بحصول الطالب على 70 في المائة من الثانوية العامة، ونستطيع القول للرئيس الأعلى للجامعة وزير التربية: يجب إعادة النظر (في هذه السياسة) لأننا لا نستطيع أن نحمل طلبتنا كل المسؤولية". أدرك سامي أن القبول في الجامعة رهن بالقدرة الاستيعابية ومعدلات الثانوية العامة، لكنه يرفض شرط المعدل 70 في المائة ويريده أقل من ذلك وترك الأمر للرئيس الأعلى للجامعة بعد أن طلب إليه إعادة النظر في هذا الأمر.
عرج سامي في دور الانعقاد الثاني بتاريخ 28/12/85 على أمر الطلبة الموظفين، وناقش أمرهم ورأى أن هناك "تضارباً بين الجامعة ومجلس الخدمة المدنية". وطالب "بوقف فصل الطلبة الموظفين الذين تم فصلهم وبإعادتهم إلى العمل بعد أن يتم التنسيق بين مجلس الأمة ومجلس الخدمة المدنية، وعرض الأمر على مجلس الأمة بعد أن يتم ذلك".
لقد كان الحس الشعبي والإحساس بمشكلات المواطن في ذات سامي المنيس، فهو ضد أي قرار يمس مصلحة أي مواطن، عاملاً كان أم طالباً، ولم يكن يتردد في المطالبة بحقوقه في أي دورة أو فصل تشريعي.
التعليم التطبيقي
ناقش مجلس الأمة، في دور الانعقاد الثاني هذا، أوضاع التعليم التطبيقي، وكان رأي سامي الذي أعلنه في المجلس "أن التعليم التطبيقي يواجه مشكلة اجتماعية، فالنظرة إليه أقل شأناً من (التعليم) الجامعي. كما يواجه مشكلة مادية فالجامعي يعيّن على الدرجة الرابعة بينما خريج التطبيقي يعين على الدرجة الخامسة". وسامي يعترض على الأمرين معاً. ويرى "أن يكون التعليم التطبيقي في مراحله الأولى كسنوات تمهيدية إلى الجامعة، ويجب أن يتم التحويل من المعاهد التطبيقية إلى الجامعة بيسر لا بصعوبة كما هو قائم، وحتى يكون التعليم التطبيقي جامعياً لا بد من الارتفاع بمستوى البرامج في التعليم التطبيقي".
كان رأي سامي هو رأي اللجنة التعليمية في مجلس الأمة، وما ذكره سابقاً هو توصيات اللجنة التعليمية إلى مجلس الأمة ومن ثم إلى هيئة التعليم التطبيقي والتدريب. وتطرق أيضاً إلى القضايا التي يواجهها هذا النوع من التعليم وأهمها قضية مراكز التدريب، فهو يريد منها "قيادات وسطية أو حرفيين"، بالإضافة إلى "الدراسات العليا التي يجب أن تتاح لمن يرغب أو للمؤهل لهذه الدراسات من طلبة المعاهد التطبيقية". ويطالب كذلك "بالتوسع في الدورات الخارجية التي تقدمها الوزارات المختلفة، إضافة إلى النظر في معادلة شهادات التطبيقي نظرة جدية".
أما عن نظرة المجمع إلى الحرفيين، فهو ينفي ما يقال إن المجتمع (الكويتي) يرفض العمل اليدوي، لأن "مجتمعنا عرف كل الوسائل الحرفية وما ينقصه هو التوجيه الإعلامي". إن فلسفة التعليم التطبيقي – كما رآها سامي – قائمة على أهمية الكوادر الفنية، وهذه الفلسفة تتطلب وقفة مقرونة بمراجعة للأعمال في القطاع الحكومي والقطاع الخاص والقطاع المشترك، وهو يرى "أن التوجهات القائمة الآن في سياسة الدولة نحو التعليم التطبيقي توجهات خاطئة". وحتى يثبت ذلك أورد الأرقام التالية:
"كان عدد الطلبة والطالبات المتدربين 1311 متدرباً ومتدربة فقط في العام الدراسي 1984 / 1985 وكما في المشروع، فإن من المتوقع أن يصل العدد إلى أكثر من 10127 في عام 1985 / 1986. وهذه الأرقام تحتاج إلى وقفة ومراجعة مقرونة أيضاً بحاجة القطاع الحكومي والخاص والأهلي إلى الكوادر المتدربة، فقفزة من هذا النوع في عدد المتدربين بحاجة إلى طاقة استيعابية من سوق العمل بكل أنواعه".
كما أورد مثالاً على التوجهات الخاطئة وأثرها الميداني على التعليم التطبيقي "فهناك مشاكل حقيقية بين المعاهد.. وكل المعاهد فيها مشاكل، فهناك قيادات غير كفوءة ومواقع المعاهد غير صالحة للتدريس، فمعهد التكنولوجيا زرايب. وهناك قيادات غير مسؤولة في تصرفاتها وسلوكها مع الأجهزة القائمة، ويجب إخراج الكادر الوظيفي بسرعة. إضافة إلى المقررات والأماكن للمتدربين التي ينبغي البحث عنها. وهي أمور ثلاثة لا بد من معالجتها بحكمة وروية حتى تصحح مسيرة التعليم التطبيقي".
ونعتقد أن نظرة سامي إلى المعاهد ومشكلاتها كانت صائبة، إذ جرى الأخذ بالكثير من انتقاداته، وها هي المعاهد تتقدم عاماً بعد عام ويكثر الإقبال عليها، وتكاد النظرة الدونية إليها تختفي من المجتمع وتحل محلها نظرة الاحترام والتقدير المقرونة بالرغبة، ونادراً ما نجد مؤسسة حكومية لا يتواجد فيها خريجو المعاهد التطبيقية، وتسير الأمور بوضوح نحو استيعاب الكثير منهم في القطاعين الخاص والمشترك.
طرح الثقة بوزير العدل
كان مجلس الأمة السادس أقوى المجالس النيابية، وكان واضحاً أن قوى المعارضة هي الأغلبية، كما كان واضحاً أن نشاط سامي قد انصب على المشكلات الوطنية. وبدأت بطرح قضايا حساسة للسلطة.. وتجرأت هذه المعارضة وطرحت الثقة بوزير العدل الذي ينتمي إلى الأسرة الحاكمة، بسبب دوره في أزمة المناخ . قدم بعدها الوزير استقالته كما تقدمت المعارضة بمشاريع قوانين مثل قانون محاكمة الوزراء، وقانون استقلالية القضاء ومطالبة النواب بأن يتولى المجلس الاطلاع على كشوفات وسجلات البنك المركزي. وأصرت المعارضة على محاسبة الحكومة على ممارساتها أثناء تعطيل الحياة النيابية الممتدة منذ عام 1976 .
حل المجلس
كانت نتيجة ذلك حل مجلس الأمة حلاً غير دستوري في أغسطس 1986 وفرضت الرقابة على الصحف والمجلات. لم يمر حلّ المجلس بسهولة، فقد رفض المواطنون ذلك ونظموا أنفسهم في ما عرف في تاريخ الكويت السياسي بلجنة الـ 45 التي تمثل جميع الدوائر الانتخابية، وضمت أعضاء من غرفة التجارة والاتحاد العام لعمال الكويت والاتحاد الوطني لطلبة الكويت وجمعية الخريجين وجمعية أعضاء هيئة التدريس وشخصيات عامة تمثل الاتجاهات السياسية والاجتماعية .
اتخذت مجموعة 32 نائباً، وكانوا جميعاً أعضاء في المجلس المنحل، قراراً بإنشاء الحركة الدستورية استجابة لرغبة اللجان في أكتوبر 89، وظهرت الحركة بشكل رسمي في 22/1/1990 وكان طبيعياً أن يكون أهم أهداف الحركة الدستورية الدفاع عن الدستور واستعادة الشرعية الدستورية وإجراء الانتخابات لعودة المجلس.
أدارت الحركة الدستورية بشكل منظم جبهة المعارضة لحل مجلس الأمة، وشكلت لجاناً شعبية في الدوائر الانتخابية، واستخدمت الحركة في دعوتها لعودة الحياة البرلمانية الدواوين والمساجد وتقديم العرائض وعقد المؤتمرات الصحفية.. وكان لها تجمعات عرفت بتجمعات يوم الاثنين، إذ كانت الحركة تدعو المواطنين إلى التجمع مساء كل اثنين في إحدى الديوانيات وكان أولها في 4/12/1989 في ديوانية جاسم القطامي .
لكن الحكومة لم ترضَ عن هذه التجمعات واعتبرتها مخالفة للقانون وقاومتها وحاولت منع إقامتها، واستخدمت القوة في بعض الأحيان لتفريقها. ودعت السلطة في 22/4/1990 المواطنين لانتخاب مجلس وطني بديل لمجلس الأمة مدته أربع سنوات. ورأى المواطنون في قانـون المجلس الوطني أنه مجرد مجلس استشاري أكثر من كونه تشريعيا .
وقد رأى أعضاء الحركة الدستورية في المجلس الوطني مخالفة للدستور وتزعمت الحركة الدعوة إلى مقاطعته ونجحت في ذلك إلى حد ما، إذ استجاب لدعوتها التجار وجمعيات النفع العام والهيئات الشعبية، ورأت مجموعة الـ 45 أن المشاركة في المجلس الوطني انتقاص لحقوق وإرادة الشعب الكويتي التي كفلها الدستور ولم يشارك التيار الديني في الدعوة إلى المقاطعة.
رغم المعارضة هذه، انتخب المجلس الوطني في 10/6/1990 وقد سبق انتخابه اعتقال قيادات الحركة الدستورية ولجنة الـ 45 ومنهم د. أحمد الخطيب، د. عبد الله النفيسي، الدكتور أحمد الربعي، جاسم القطامي، عبدالله النيباري وأحمد النفيسي.
ولكن الجماعة الوطنية وعلى رأسهم سامي المنيس نجحوا في مقاطعة انتخابات المجلس وظهرت للسلطة أثار المقاطعة، حيث كانت نسبة المشاركة ضئيلة.
تم افتتاح المجلس الوطني ولم يظهر أي تنظيم احتجاجي ولم يظهر أي شكل من أشكال الصدام لأن ذلك "لم يكن وارداً لدى الحركة الدستورية، حيث إن أغلب أطرافها لهم علاقات مع السلطة . وتلك سمة بارزة ومميزة في العمل السياسي في الكويت، فالأمور بين المعارضة والسلطة مهما تطورت لا تصل إلى حالة الصدام السافر. ونميل إلى الأخذ برأي د. أحمد الخطيب في وصفه للمعارضة في الكويت بقوله:
"إن مفهوم المعارضة السياسية من الصعب إطلاقه بدقة على الوضع في الكويت، فهذا التعبير قد يكون أكبر من الوضع الحالي"، ذلك لأن المعارضة في نظره تحمل معنى معيناً في الدول الديموقراطية البرلمانية، هناك حزب في السلطة وحزب خارج السلطة يشكل معارضة في البرلمان، وهذا غير موجود في الكويت.
ورأى أن الأقلية المعارضة، قصد منها التيار الوطني الديموقراطي، في مجالس الأمة المختلفة سواء كانت المعارضة في الكويت حزباً أو تياراً وطنياً أو ائتلافاً شعبياً، رغم حدة المناقشات تحت قبة البرلمان التي تصل أحياناً إلى التشابك، فإنه من غير المنطقي الطلب إلى المعارضة أن تصعد الأمور إلى حد الصدام مع السلطة في ممارسة الحق الديموقراطي، ولا يعني الصدام جرّ البلاد إلى ما لا تُحمد عُقباه.
سامي المنيس أثناء فترة الاحتلال
وفجأة ذُهل العالم مما حدث في 2/8/1990 عندما أقدم نظام الحكم في العراق على غزو الكويت واحتلالها سبعة أشهر خرج منها مهزوماً أمام قوات التحالف الدولي، وعادت الكويت حرة مستقلة ديموقراطية. ولا بد من الإشارة هنا إلى موقف سامي المنيس أثناء فترة الغزو وقبل التحرير.
لقد كان سامي – رحمه الله – موجودا في الكويت عند احتلالها، في بيته في العديلية.
كان سامي متفائلاً حتى في اللحظات المظلمة في التاريخ الكويتي وفي المراحل الأولى للاحتلال العراقي للكويت.. كان متفائلاً بقدرة الكويت والكويتيين على النصر وتجاوز المحنة. وفتح ديوانيته في منطقة العديلية واستقبل الكويتيين في تلك الفترة الحرجة وبعد خروجه من الكويت في أكتوبر 1990 ساهم في فعاليات مؤتمر جدة الشعبي الذي انعقد لتأكيد إصرار الكويتيين على التحرير، وعلى إعادة العمل بالشرعية الدستورية واختير لعضوية اللجنة الشعبية التي ساهمت في ذلك مع الحكومة الكويتية في المنفى في مدينة الطائف .
وكان قبل مشاركته في مؤتمر جدة شكل مجموعة تدافع عن الكويت في المحافل الدولية . وكان عضو لجنة الحريات العليا التي شكلت إبان الاحتلال العراقي لدولة الكويت، كما كان أحد أعضاء الوفود الشعبية التي زارت بلدانا عربية وأوروبية عدة للدفاع عن قضية الكويت العادلة .
ما بعد تحرير الكويت حتى مجلس الأمة الثامن 1992
ذكر سامي المنيس "أن وطنه الكويت جزء لا يتجزأ من المنطقة، ولا يمكن النظر إلى الكويت بشكل معزول عما يدور في هذه المنطقة" . ولعلنا نجد في تسلسل الأحداث بعد انتخاب المجلس الأول ما يثبت صحة قوله. فقد كان التأثير المتبادل للأحداث بين المنطقة والكويت واضحاً، كان أبرزها ما أفرزته نكسة 1967 إحدى حلقات الصراع بين الأمة العربية الإسلامية من جانب والكيان الصهيوني والقوى الاستعمارية في العالم من جانب آخر.
لقد شهدت حركة القوميين العرب في الكويت انقساماً بعد نكسة 1967 ما بين مجموعة القطامي ومجموعة الخطيب، تحت تأثير ما حدث في حركة القوميين العرب نفسها. وقاد القطامي تنظيماً سياسياً جديداً باسم التجمع الوطني، وهو ناصري تماماً لكنه تبنى برنامجاً سياسياً قريباً إلى برنامج مجموعة. ومن أغرب ما يلاحظ على الحركة العربية المنظمة في الكويت بروز الاختلافات بين جناحيها الرئيسين: التقدميون الديموقراطيون، والناصريون (التجمع الوطني)، وكان ذلك كما ذكر سامي المنيس بتأثير الأحداث السياسية في المنطقة العربية بعد نكسة حزيران 1967. وذلك عندما رفض التقدميون الديموقراطيون عام 1970 مبادرة روجرز لحلّ القضية الفلسطينية وأيدها عبدالناصر، وسكت عنها التجمع الوطني، لأنه لم يشأ توجيه النقد إلى عبد الناصر.
كما أُخذ على التقدميين الديموقراطيين عدم مشاركتهم أو تأبينهم للرئيس عبد الناصر عندما توفاه الله في 28/9/1970 في جريدة الطليعة الناطقة باسمهم. ونجح كل فريق منهما في استقطاب مجموعات من الكويتيين في أشهر مؤسستين للتجمع المدني في الكويت: جمعية الخريجين (التجمع الوطني) ونادي الاستقلال (التقدميون الديموقراطيون). وازداد الخلاف في عام 1971 في الانتخابات التشريعية في الكويت عندما انتقد التجمع الوطني مشاركة التقدميين الديموقراطيين (نواب الشعب) في الانتخابات، وعندما هاجم التقدميون الديموقراطيون التجمع الوطني في انتخابات 1975. وظهر خلاف شكلي وليس جوهريا بين الفئتين بسبب الكيفية التي يجب أن تكون عليها الجبهة العربية المشاركة للثورة الفلسطينية بعد عام 1973. وما إن انتهت سبعينات القرن العشرين حتى وحد الطرفان بعد حلّ مجلس الأمة 1976 نفسيهما في وضع يفرض عليهما التنسيق، لا سيما أن خلافاتهما لم تكن جوهرية ولا تصل إلى الأهداف العليا للطرفين في نبذ الكفاح المسلح في الكويت وفي الدعوة إلى انتخابات دستورية. وينبغي القول هنا إن هذه الخلافات ما كانت لتؤثر في موقف الطرفين من القضايا التي تمس سلامة الوطن. ظهر هذا واضحاً عندما أقدم النظام العراقي في مارس 1973 على احتلال مخفر الصامتة الكويتي على الحدود العراقية، وعندما أصدر مجلس الأمـــة بيانه بالإجماع الذي شجب العدوان ودعا إلى حفظ الحقوق الوطنية الكويتية . كما ظهر الاتفاق بين الفئتين في عام 1973 عندما شاركنا في المؤتمر الشعبي لجمعيات النفع العام المؤيدة للثورة الفلسطينية عندما تعرضت للعدوان في لبنان، وعندما كان موقف الطرفين متطابقاً، كما كان متوقعاً منهما، في حرب أكتوبر 1973، وفي اتفاقية الصلح المنفرد مع الكيان الصهيوني 1979.
ظهر على الخريطة السياسية في الكويت، بعد حل مجلس الأمة في 29/8/1976، اسم سياسي جديد هو التجمع الديموقراطي، لكن هذا التجمع لم يستمر طويلاً، وعندما لم ينجح أحد منهم في انتخابات 1981 (المجلس الخامس) لجأت حركة التقدميين الديموقراطيين إلى إحياء التجمع الديموقراطي الذي كان فيها إضافة إلى مجموعة سياسية اخرى. وكان خالد الوسمي الوحيد الذي نجح في هذه الدورة، وكان مؤيداً لحركة التقدميين الديموقراطيين وصوتها في مجلس الأمة. والدكتور خالد الوسمي أستاذ جامعي، يعترف الدكتور أحمد الخطيب في صحيفة الطليعة عدد 1694 بتاريخ 7/3/2005، "بالدور الكبير الذي لعبه زميلنا الدكتور خالد الوسمي في ذلك الوقت حيث إنه" الوحيد الذي نجح في المجلس وساهم في إفشال محاولات تعديل الدستور". كان هذا داخل المجلس، أما خارج المجلس فلم تسكت الحركة الوطنية عن هذه المحاولات وتصدت للأمر ووجه د. أحمد الخطيب وجاسم القطامي رسالة مشتركة إلى مجلس الأمة حول اقتراحات الحكومة بتنقيح الدستور والمتمثلة في:
1 – إزالة حق التشريع من أعضاء مجلس الأمة.
2 – إلغاء حق الرقابة والمحاسبة من خلال رفع الحصانة عن النائب داخل
مجلس الأمة.
3 – وضع العراقيل أمام النواب بطرح وجهات نظرهم في النقاش (الرسالة ملحق 2)
ونجح نواب الحركة الوطنية في مقاومتهم لهذه الاقتراحات.
وتمكن التجمع الديموقراطي من تحقيق انتصارات في انتخابات مجلس الأمة السادس عام 1985 عندما نجح في الانتخابات د. أحمد الخطيب، د.أحمد الربعي وسامي المنيس، لكن هذا المجلس سرعان ما صدر الأمر بحله عندما أصبحت الأغلبية فيه غير مؤيدة للسلطة التنفيذية. وشهدت الكويت بعد حلّ المجلس تحركاً شعبياً للمناداة بعودة الحياة الدستورية، كما سبق أن ذكرنا.
ويبدو أن هذا التحرك فُهم خطأ من نظام الحكم في العراق وفُسّر على أنه معارضة لمؤسسة الحكم المتمثلة في أسرة آل الصباح وليس معارضة لتعطيل الدستور، وزاد سوء فهم هذه الحركة الشعبية المطالبة بالديموقراطية اعتقال بعض رموزها ومنهم جاسم القطامي، أحمد الخطيب وأحمد الربعي ولم يُعتقل سامي المنيس، في مايو 1990.
وأحدث الغزو العراقي في 2/8/1990 الزلزال الأقوى في تاريخ العرب الحديث وأودى بكثير من الإنجازات القومية، كما أثار ألف علامة استفهام حول ما يطرحه الطغاة من شعارات غوغائية، وأحدث ردات فعل في نفوس الكثيرين، كما وضع المنطقة على حافة مستقبل لا يعلم مداه إلا الله سبحانه وتعالى. وخرَّب أيّما تخريب وحدة التضامن العربي والالتفاف العربي حول القضية الفلسطينية، فماذا كان موقف أعضاء التجمع الوطني، وهي القوى الوطنية الديموقراطية، من هذا الغزو؟
موقف القوى الوطنية الديموقراطية من الغزو العراقي
كان أبرز دور لها خارج الكويت هو المساهمة في مؤتمر جدة، وكان دورها كما يقول د. الخطيب حاسماً حول عودة العمل بالدستور، وكان موقف القوى الوطنية الديموقراطية متمثلاً في:
الإدانة الكاملة للاحتلال ورفضه والعمل على إنهائه.
التمسك بالشرعية الدستورية كما نص عليها دستور 1962.
وبذا تمكنت هذه القوى من نقل مؤتمر جدة من مؤتمر مبايعة فقط لمؤسسة الحكم إلى إقرار لأحقية قضية الديموقراطية والدستور. كما ساهمت هذه القوى بالتحرك على المستويين العربي والعالمي لشرح طبيعة الاحتلال العراقي وممارساته الوحشية التي فاقت كل تصور، لكسب المؤسسات الإنسانية وإبراز هوية الشعب الكويتي الديمقراطيي التي ميزته عن عموم المنطقة، مع التوجه إلى حركات السلام وتحديد مسؤولياته تجاه هذه الحرب والتصدي لمقولة الاكتفاء بالحصار الاقتصادي، فهو كفيل بإخراج العراق من الكويت. وكان ذلك أبرز جهد قامت به الحركة الوطنية مع غيرها من الكويتيين، لأنه لو حدث أن تم ذلك لكان تحرير الكويت أبعد منالاً من نجوم السماء.
أما في داخل الكويت، فقد تمكنت رموز القوى التقدمية الديموقراطية المتمثلة في شخصية عبد الله النيباري الذي عاش فترة الاحتلال كلها داخل الكويت، من العمل على تقوية الوحدة الوطنية الكويتية الأسطورية في وجه الغزو وتوفير الظروف الملائمة للصمود على أرض الوطن والعصيان المدني في مقاومة الغزاة.
مؤتمر جدة
دُحر الغزو العراقي وعادت الشرعية إلى الكويت، وعادت الكويت حرة، وعادت مؤسسة الحكم لتمارس نشاطها وصلاحياتها المستمدة من قوة الشعب ورغبته، بعد احتلال دام من 2/8/1990 حتى 26/2/1991. وفي هذه الأثناء لم تغب الكويت لحظة عن أذهان العالمين العربي والعالمي، كما ناضل أهلها جميعاً داخلها وخارجها، من أجل تحرير الوطن حتى نجحوا في ذلك. وكان انعقاد مؤتمر جدة الكويتي في 27/10/1990 وكان لمجموعة الـ 45 - والذين اعتقل بعضهم قبل الغزو- موقف وطني موحد مع مجموع الشعب والسلطة التشريعية، وكان سامي أحد أعضاء هذا المؤتمر الذي أكد شرعية الحكم والعودة إلى الديموقراطية بعد التحرير.
المنبر الديموقراطي
ويبدو أن فكرة إنشاء المنبر الديموقراطي كتنظيم سياسي على الساحة الكويتية ظهرت أثناء فترة الغزو، وما إن تحررت الكويت في 26/2/1991 حتى عاد من غادر أثناء الاحتلال إلى وطنه. وعقدت القوى اليسارية والقومية مؤتمراً تأسيسياً تم فيه الإعلان عن تأسيس "المنبر الديموقراطي الكويتي". وضم هذا المنبر حركة الديموقراطيين الكويتيين (ومنهم سامي المنيس وأحمد الخطيب وعبد الله النيباري) والتجمع الوطني (جاسم القطامي) وبعض القوى اليسارية (اتحاد الشعب) وشخصيات وطنية مستقلة. وأصبح هؤلاء قائمة موحدة خاضت الانتخابات البرلمانية منذ 1992 وحتى الآن بهذا الاسم، وكان سامي أحد رموزه مع أحمد الخطيب وعبدالله النيباري وجاسم القطامي. إلا أن سامي لم يُوفق في انتخابات 1992، ولا يعني ذلك أنه كفّ عن نشاطه السياسي أو البرلماني.
برنامج المنبر الديموقراطي
عام 1992
تقدم المنبر الديموقراطي إلى الشعب في انتخابات 1992 ببرنامج انتخابي شرح فيه واقع الكويت بعد التحرير وآثار الغزو البغيض في نفوس الشعب الكويتي، كما أشار إلى الواقع البيروقراطي الحكومي. وكان برنامج المنبر منصباً على الانقاذ والتصحيح انطلاقاً من اعتماده ركائز أساسية في بناء المجتمع، وهي تعزيز الأمن وترسيخ الحكم الدستوري الديموقراطي وتحقيق التنمية البشرية. وهي الركائز التي رأى المنبر في تحقيقها صورة الكويت المستقبلية. وقد اقترح البرنامج تكريم الشهداء والعناية بأسرهم ودعم جهود البحث عن المفقودين وتعزيز الكيان الدستوري الديموقراطي من خلال تطبيق الدستور وتفسيره ديموقراطياً، والمساءلة السياسية وإصلاح السلطة التنفيذية والمراجعة التشريعية للمراسيم والقوانين التي صدرت منذ 3/7/1986 وحتى انعقاد المجلس المنتخب. وهي فترة تمتد لأكثر من ست سنوات غُيّ.ـب فيها مجلس الأمة، والمصادقة على اتفاقيات حقوق الإنسان وإلغاء المادة/ 9 من القانون 24/62 بشأن الأندية وجمعيات النفع العام، وتعديل وتوسيع القاعدة الانتخابية وضمان نزاهة الانتخابات والعمل على تحقيق استقلال القضاء استقلالاً تاماً.
وشدد البرنامج على الأمن الخارجي والأمن الداخلي للكويت. وأوضح موقفه من السياسة الخارجية للدولة التي يجب أن تقوم على التفاوض وحسن الجوار وتوازن المصالح واحترام المنظمات، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني وحق الشعوب في الديموقراطية ونشر الوعي البيئي. كما أكد على التخطيط الاقتصادي والاهتمام بالقوى العاملة الوطنية، واهتم بحياة المواطن ومكافحة الغلاء وتعديل قانون التأمينات الاجتماعية والصناعة النفطية لمصلحة المواطن. ودعا إلى العمل من أجل الحد من ارتفاع أسعار العقار المخصص للسكن.
كما اهتم البرنامج بالتعليم ووعد بالسعي إلى مراجعة نتائج سياسة الدمج 91/92 وتعديل قانون التعليم الإلزامي ليشمل مرحلة الثانوية العامة والعمل على زيادة معاهد التعليم التطبيقي وبناء مجمع شامل للجامعة يضم جميع كلياتها. مع إصدار قانون جديد للجامعة يعطي لهيئة التدريس دورها في توجيه التعليم الجامعي مع زيادة الاهتمام باللغة العربية والتزام وزارة التربية بالقضاء على الأمية مع نهاية القرن العشرين.
ودعا البرنامج إلى استقلالية المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب مع دعم المبدعين ونشر الثقافة الجادة. كما دعا إلى إنشاء هيئة وطنية للإذاعة والتلفاز مهمتها الوصول الحر إلى المعلومات والسعي إلى الحقيقة. وخص البرنامج المرأة فطالب بحقوقها السياسية ترشيحاً وانتخاباً، وبعدم تقييد امتيازاتها في العمل وتوفر عدالة شروط العمل في القطاعين الخاص والعام.
وأخيراً دعا البرنامج إلى الاهتمام بالبيئة بعد كارثة التلوث البيئي التي سببها الغزو العراقي، مع نشر الوعي البيئي وتنشيط الهيئات المهنية وإبرام الاتفاقات الدولية والإقليمية بشأن البيئة .
على أساس هذا البرنامج، خاض المنبر الديموقراطي انتخابات 1992 وكان مرشحوه عبد الله النيباري، جاسم القطامي، إبراهيم يوسف عبد المحسن، أحمد الديين، د. أحمد الخطيب، سامي المنيس، خالد الوسمي ومبارك سلطان العدواني.
ونجح عبدالله النيباري رفيق الدرب لسامي الذي لم ينجح. وافتقد مجلس الأمة صوتاً حراً جريئاً، لكن سامي كان يؤمن بأن الديموقراطية ليست عضوية في مجلس الأمة وحسب بل هي ممارسة يومية يعيشها المؤمن بها أينما وُجد. وشهد هذا الفصل التشريعي إنجازاً ملحوظاً لحقوق الإنسان عندما تألفت لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان كإحدى اللجان المنتخبة من بين أعضاء المجلس. ومن اللافت للنظر في حياة سامي أنه أصبح رئيساً للجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في مجلس الأمة لعام 1996 وما بعدها .
أنه أصبح رئيساً للجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في مجلس الأمة لعام 1996 وما بعدها .
برنامج 1996 – 1999
عاد سامي إلى مجلس الأمة في انتخابات الفصل التشريعي التاسع في أكتوبر 1996. وخاض الانتخابات في هذا الفصل ملتزماً بالبرنامج الانتخابي للمنبر الديموقراطي تحت عنوان: "حكم ديموقراطي.. وطن آمن" .
وقد أوضح البرنامج رؤية المنبر الديموقراطي للقضايا الكويتية المختلفة وكيفية معالجتها وحلها. وكان أهمها مستقبل الكويت والعلاقات الخارجية، متمثلة في تركيز جهود السياسة الخارجية الكويتية على عزل النظام العراقي عربياً وعالمياً، وإفقاده كل عون اقتصادي يمكن أن يحصل عليه من أي جهة كانت، مع تشديد الحصار الاقتصادي عليه.
كما دعا البرنامج الى تعزيز فرص السلام والتنمية في الخليج العربي والوطن العربي عموماً، على أسس من احترام القرارات الدولية ذات الأهمية وذلك مساندة للدول العربية لتحقيق السلام العادل في منطقة الشرق الأوسط، وتعزيز أواصر التعاون مع دول الخليج العربية. وتطوير العمل الديموقراطي من خلال العمل مع القوى الوطنية في الساحة الكويتية لتطوير العمل السياسي وتعميق الدور الشعبي وإبعاد أصحاب النفوذ عن التأثير في قرارات السلطة. ودعا البرنامج إلى قيام الأحزاب السياسية وتكريس حرية الصحافة والاعتناء بحقوق الإنسان.
وفي المسألة السكانية، بيّن المنبر الديموقراطي أن هناك 36 في المائة من مجموع السكان كويتيين، مما يعني ازدياد عدد الوافدين. ويمثل الوافدون 83 في المائة من قوة العمل والكويتيون 17 في المائة، يعمل 95 في المائة منهم في القطاع العام، كما تطرق إلى الرعاية السكنية وذكر أن هناك 45 ألف طلب.
وفي مجال الاقتصاد وإعادة هيكلته، أشار البرنامج إلى تشوهات حقيقية في البناء الاقتصادي، نتيجة الطبيعة الريعية لهذا الاقتصاد. ونادى بضرورة الحفاظ على ما تبقى من الاستثمارات ووقف الهدر وترشيد الإنفاق وتخصيص الخدمات بواقعية مع الاستمرار بتوفير التعليم المجاني في جميع مراحل التعليم لأبناء الكويت.
أما عن العمالة، فدعا المنبر إلى إعادة النظر في قانون العمل في القطاع الأهلي ونادى بتأسيس هيئة عامة للاستخدام والتوظيف للاعتناء بتشغيل العمالة الكويتية. أما عن اقتصاد النفظ، فقد ذكر البرنامج اعتماد الكويت شبه الكلي على ايرادات النفط، واخفاقها في تنويع مصادر الدخل. لذا أشار البرنامج إلى الصناعات النفطية التي يمكن أن تكون مجالاً للاستثمار. وركز البرنامج على العناية بالبيئة لأنها مرتبطة بحياة الإنسان، ودعا إلى فرض القوانين الصارمة ضد من يحاول تلويثها أو يعتدي عليها.
ومن الطبيعي أن يشدد البرنامج على أمن الوطن والمواطن، وعرج على حقوق الإنسان، خصوصا بعد المعاناة القاسية للإنسان في ظل الاحتلال العراقي الغاشم. ولم ينسَ البرنامج الاهتمام بالمرأة وحقوقها والاهتمام بالتعليم وتطويره، وكان سامي ملتزماً بهذا البرنامج التزاماً تاماً في مناقشاته في جلسات مجلس الأمة. وبدأ هذا الفصل في دور انعقاده الأول بحوار حول البرنامج الحكومي الذي يقدم عادة عند بداية كل فصل تشريعي عندما يلقي ولي العهد رئيس الوزراء الخطاب الأميري بعد النطق السامي بافتتاح الفصل والترحيب بصاحب السمو أمير البلاد.
كان تركيز البرنامج الحكومي على الأمن الوطني عندما أعلن سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء أنه ليس لديه أولوية سوى الأمن الوطني. لكن سامي يتساءل "هل الأولويات في ما يتعلق بالأمن الوطني غائبة عن هذا المجلس؟ وهل الاهتمام بالشؤون العامة كما قال سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ليس له أولوية". "لا أقبل أن يدار أمن هذا الوطن بردود فعل من دون أن يكون هناك برنامج مسبق. إننا ننشد تعاون مجلس الأمة مع السلطة التنفيذية، لكننا نريد تعاوناً صادقاً قوياً بين السلطتين لا التعاون الذليل. نريد مجلساً يتعاون وفق الأسس الدستورية، فالعمل الديموقراطي يعني الوضوح".
وهنا أشار سامي إلى النطق السامي في الفصل التشريعي الثامن دور الانعقاد الثاني الذي تضمن:
1 – إصلاح الوضع الإداري في مؤسساتنا العامة والخاصة والذي تنصلح من خلاله أمور كثيرة.
2 – الموقف الحاسم والصلب من الفساد والمفسدين ولا تهاون مع مرتكبي الحوادث المخزية التي تنال من قيم مجتمعنا وأمنه واستقراره.
وهما أمران لا يستطيع أحد معارضتهما، وهما مطلب شعبي ودستوري للمواطن.
لكن سامي رأى أن "رقي المجتمعات يقاس بمقدار التزامها بالقوانين التزاماً أخلاقياً منبعثاً من ضمائرها". أما عن الحسم ضد مرتكبي الجرائم، فيرى سامي وهذا أمر طبيعي "أن ذلك مرتبط ارتباطاً مباشراً بتطبيق القانون على الناس جميعاً". لكنه يرى أن السبب في عدم تطبيق القانون يعود إلى "المواد الخاصة بالاستثناءات من الوزارة".
مقاومة الفساد
أما عن مقاومة الفساد، فهو يرى أن "الخلل موجود في التشريعات التي تخدم الفساد والمفسدين". وإذا ما أردنا التحدث عن الأمن فإنه في نظر سامي يندرج تحت بندين:
الأول: "المضي الجاد والمخلص والمثابر لمنع الجريمة قبل وقوعها. أما ما يشغل بالنا فهو الثاني، المتمثل في الجريمة التي تقع من دون الوصول إلى الجاني". وهما أمران ركز عليهما سامي في جميع الفصول التشريعية، ولم يكف عن إثارتهما ومطالبة وزارة الداخلية بتحقيقهما.
كان سامي يطالب بإعطاء رجل الأمن الصلاحيات القانونية التي تخوله التحرك لمكافحة الجريمة، وذلك عندما ذكر "أن رجل الأمن عندما يشعر بأن ليس أمامه خطوط حمراء للوصول إلى مرتكبي الجرائم، خصوصا تجار المخدرات والخمور، وقتها نقدر أن نقول إن رجل الأمن بدأ يشعر بالاطمئنان وإن ما من شيء يمنعــه من الوصول إلى الجناة".
الفئة الباغية
وهنا أثار سامي علة العلل في كثير من المجتمعات، وليس في الكويت فقط، تلك العلة المتمثلة في وجود فئة متنفذة أو متسلطة تتمتع بامتيازات معينة، ويقوم بعض أفراد هذه الفئة باستغلال قوتهم ونفوذهم في المجتمع فيستبيحون القوانين والأعراف الاجتماعية في سبيل تحقيق كسب مالي، وربما يعود ذلك إلى شعور هذه الفئة بأن الدولة ملك لهم وليست لغيرهم، وهم الأحق بالانتفاع منها كما يشاؤون. وهذا شعور بإلغاء مواطنة الآخر. وقد يكون من بين هؤلاء تجار مخدرات أو تجار خمور، وقد يكون من بينهم سراق للمال العام وقد يكون بينهم من يستخدم آخرين لارتكاب جرائم التصفية والعدوان الجسدي... إلخ. وهؤلاء هم آفة كل مجتمع ولا سبيل لنهضة اجتماعية إلا بالقضاء عليهم، ومما يساعد في تحقيق ذلك أنهم معروفون وأن معرفتهم سهلة أيضاً، كما أنهم معروفون بجبنهم، إذ سرعان ما ينهارون عند ظهور أي بادرة حاسمة أو صارمة في تنفيذ القوانين وفرض هيبتها، وعندما يشعرون بأي تحرك شعبي منظم ضدهم.
العمل والعمال
كانت مشكلات العمال أينما وجدوا وأحوالهم على أجندة سامي الدائمة والثابتة، وسعى ما في وسعه إلى تنظيم العمالة في الكويت من خلال مؤسسات عمالية ونقابات وجمعيات. ونجح في ذلك عندما أسس أول نقابة لعمال النفط في مطلع حياته النقابية السياسية. ورأى في مرحلة نضج تفكيره وتقدمه في العمر "أن ظهور مؤسسة استخدام للعمالة في القطاعين الخاص والعام تساهم في حل الكثير من مشكلات العمالة الوافدة إلى الوطن. وتخلصها من خطر الابتزاز والاستغلال والإهمال".
شهد هذا الفصل التشريعي الدعوة الى تعديل قانون العمل في الكويت، ومن يعرف سامي يدرك أنه مع التعديل إذا كان في مصلحة العمال، وأنه ضده إذا مس أي حق من حقوقهم. وهو الساعي دائماً إلى تحقيق المكاسب للعمالة الوطنية والوافدة. لذا فإنه يود أن "يأتي تعديل أوسع وأشمل في قانون العمل في القطاع الأهلي". بل يذهب إلى أبعد من ذلك، ويدعو وزير الشؤون الاجتماعية والعمل إلى أن "يعيد النظر في قانون العمل في القطاع الأهلي بالكامل وليس بالجزئية"، والتعديل وإعادة النظر في قانون العمل يعني أنه يعاني من نواقص تسيء إلى وضع العمالة في القطاع الأهلي بالذات، كما تسيء إلى سمعة الكويت دولياً، لاسيما أن هناك منظمات دولية تقدم ملاحظاتها عن سلبية المعاملة في القطاع الأهلي. وليست الخطورة في هذه الملاحظات، بل في الكثير من الأعمال غير الإنسانية وغير المعقولة ضد العمال والتي تؤثر سلباً في سمعة هذا البلد.
وحتى يضع الأمور في نصابها ولا يكون حديثه عن العمال في القطاع الأهلي حديثاً انفعالياً، فإنه يذكر قضايا محددة يعاني منها العامل في القطاع الأهلي أهمها "عدم تحديد ساعات العمل في هذا القطاع، تدني الأجور، تجارة الإقامات، أعمال لا يقرها إنسان يقدر معنى الإنسانية. وهل هناك ما يسيء إلى سمعة الوطن أكثر من هذا؟".
يبدو أن ملاحظات سامي عن العمالة في القطاع الأهلي كانت ككرة الثلج، إذ سرعان ما كبرت لتصبح ظاهرة يجري الحديث عنها في الكويت وخارجها، ولتفرض نفسها على صانع القرار لحلها حتى تعود الأمور إلى نصابها، وتعود الكويت إلى نصاعتها وتتخلص من مرتزقة الإقامات ومستغلي الخدم.
التعاون بين مجلس الأمة ومجلس الوزراء
شهد هذا الفصل التشريعي ظاهرة الأقاويل عن عدم التعاون بين مجلس الأمة ومجلس الوزراء، وكان لافتاً للنظر في أوائل 1997 عندما انتقل الحديث إلى الشارع أو الديوانيات. ويتصدى سامي لهذه الأقاويل قائلاً "إن ذلك يعني أن هناك إقرارا داخليا من الداخل في نفوسنا أنه ح.نّا (نحن) فريقين مو فريق واحد للكويت. ومشكلتنا الأساسية إثبات الثقة. ومع الأسف هناك أطراف غير مسؤولة تحرض على توجيه الرأي العام أو اتخاذ قرارات داخل المجلس الوزاري بأن مجلس الأمة معطّ.ل، غير متعاون. إن عنق الزجاجة عندنا المصداقية لكلمة التعاون، يجب أن نترجمها بشكل آخر لا بالتصريحات. نريد أن يكون التعاون في إنقاذ البلد وانتشاله من حالة الهاوية واللي قاعدة تعيشها".
وهنا يحمّـل سامي أطرافاً في مجلس الوزراء مسؤولية التحريض على مجلس الأمة، كما يحملها مسؤولية إثارة الرأي العام. ورغم أنه ينفي عدم التعاون ولا يثبته، فإنه يشير إلى تعاون من نوع جديد يكون شاملاً، لا من أجل إصدار تشريع أو قانون وإنما من أجل إنقاذ الوطن ككل، ذلك لأنه يرى الوطن، يعيش حالة لا يرضى عنها يصفها بالهاوية.
استجواب وزير المالية والاعتداء على النيباري أبرز الأحداث
كان مفهوم التعاون عند سامي شاملاً للوطن لا لحل قضايا جزئية أو فردية هنا أو هناك، لذا فهو يرى أفضل طريقة للتعاون من أجل انتشال الوطن هي تحديد الفساد والمفسدين وأين يقع الانحراف ومعرفة الخلل المتمثل في منح الاستثناء في التشريع إلى الوزير كما يراه في محاربة الوساطة بطريقة عملية لا بطرق الوعظ والإرشاد، وذلك من خلال رفضها وعدم تلبية مطالبها، لأنها معطلة للعدالة والمساواة وفيها هدر واضح لحقوق الآخرين.
يرى التعاون شاملاً بين مجلس الوزراء ومجلس الأمة، كما يرى أنه يجب أن يكون شاملاً أيضاً مع المواطن إذا "كنا شركاء في هذا الوطن نسعى إلى رفعته". وحتى نتمكن من زرع الثفة في نفوس المواطنين ونضمن تعاونهم لا بد من الإيمان "بحق المواطن في ممارسته الحياة الاجتماعية كما يراها هو لمصلحته، متمثلة في انتشار جمعيات النفع العام، ومن أهمها جمعية حماية المستهلك التي ستكون وسيلة للقضاء على التلاعب والرشاوى، وتكون بذلك وسيلة من وسائل الرقابة الشعبية المنظمة من خلال مؤسسات شعبية سيكون لها دور في الحد من جريمة المخدرات وغيرها. وستكون امتداداً للرقابة الشعبية المتمثلة في مجلس الأمة من جهة، وفي ديوان المحاسبة من جهة أخرى، والمواطن هنا يؤدي واجباً ويأخذ حقاً".
التعليم والصحافة
شارك سامي في 29/4/1997 في مناقشة تقرير لجنة شؤون التعليم والإرشاد رقم 28، وأشار إلى الرقابة على الصحافة بعد حل مجلس الأمة في 1986 وما ترتب عليه من نتائج سلبية. وطالب بتوسيع ملكية الصحف لإيمانه بأن الخوف "ليس من مالك الصحيفة فقط، بل يمكن أن يكون الانحراف من صاحب القلم"، كما طالب "بمنــح جمعيات النفع العام حق إصدار الصحف، وبعدم مصادرة الحريــة".
انتقل سامي في 3/5/1997 إلى مناقشة الوضع الاقتصادي في البلاد، وذكر أن "الظروف المعيشية أصبحت قاسية لا سيما أن 95 في المائة من المقتدرين على العمل هم قوى عاملة في القطاع الحكومي" كما ذكر برنامج الحكومة "وحياتهم مرتبطة بالراتب والأجر من الدولة"، ورغم ذلك "لم يُشر برنامج الحكومة إلى إعادة النظر في الأجور مع أن إنفاق الأسرة يتزايد، خصوصا أن الحياة كلها مستوردة من الخارج".
النفط
ولم ينسَ سامي كعادته التعريج على النفط، وتمنى على مجلس الأمة" أن يبادر إلى تشكيل لجنة نفطية من داخل المجلس على غرار اللجان الأخرى، لا سيما أن مجلس الأمة الكويتي، وهذا ما نعتز به منذ 1963 وهو من المجالس المتميزة في قضايا النفط، أسقط اتفاقية الدمج لأنها كانت مجحفة في حق الوطن، وأتى مجلس 1971 وأسقط اتفاقية المشاركة المجحفة بحق دول النفط، وجاء مجلس 75 ليؤمم النفط.
بنك التسليف
شارك سامي في مناقشة سياسة بنك التسليف وتساءل عن الشرائح وعددها التي يمكن أن يشرع من أجلها مجلس الأمة، ورأى أن هناك علة في سياسة الإقراض في هذا البنك وهي مشكلة التحصيل.
حادثة الاعتداء على النيباري
وهنا ذكر سامي حادثة الاعتداء على العضو عبدالله النيباري في 6/6/1997 ويتقدم " بالشكر لرجال الأمن عن كشف الجريمة" (وهو أمر اعتاد على طرحه في المجالس التي انتخب فيها). وأعلن أن "الرصاص لن يُسكت الحق وسيحاولون بكل الوسائل القذرة أن يحققوا أحلام وقف المطالبة بالحق والدفاع عن هذا الوطن، وموضوع الاعتداء ذو شقين، شق الجريمة، والشق السياسي"، ورأى في الجريمة "احتلالاً لكرامة هذا الوطن وحرية هذا الشعب". ويطلب "إعادة النظر في مفهوم قضية الاعتداء على السيد عبدالله النيباري بأنها فردية وشخصية".
كان النائب عبدالله النيباري تعرض لاعتداء بإطلاق الرصاص عليه في الشارع من أحدهم في 6/6/1997 بسبب مواقفه التي خُيّــل للمعتدي أنها تمس مصالحه، وأن موقف النيباري منه موقف شخصي. لكن قضت العناية الإلهية أن ينجو عبدالله النيباري من هذا الاعتداء ويتعافى بعد علاجه في مدينة بوسطن الاميركية. لكن هذا الاعتداء ترك وساماً وطنياً دائماً على يد النيباري اليسرى.
انتقل سامي في 17/6/1997 إلى مناقشة مؤسسة التأمينات الاجتماعية ورأى "أنها ليست مؤسسة حكومية وهي حسب تقرير ديوان المحاسبة مؤسسة خاسرة في السنة المالية، ما قيمته 28،402،000 دينار كويتي". وينتقد سياسة المؤسسة " في مشاركة أفراد أو مؤسسات (اقتصادياً) ذوي سمعة سيئة"، وأشار إلى أن أحد هؤلاء اعتدى على النائب عبدالله النيباري.
المؤسسات العامة
في 24/6/1997 ناقش سامي تقرير اللجنة المالية والاقتصادية عن الهيئة العامة للشباب، وأشاد بالهيئة ودورها لكنه "رأى أن مشكلة الرياضة في تسلق البعض على هذا المرفق المهم. فهناك من يكون على رأس بعض الأنشطة ولا علاقة له بالرياضة، وهذا نموذج تخريبي. وكثير من منتسبي الأندية الرياضية لا علاقة لهم بالرياضة وعلاقتهم بالتصويت، فهل المسألة أصبحت وجاهة؟". ويرفض سامي تسييس الرياضة ويطالب بأن تكون الرياضة للرياضيين (خلوها للرياضيين)، لذا فإنه يرى أن على وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والهيئة العامة للشباب "أن تنظر إلى الأمر من منظور جدي ولا تترك القيادة الرياضية في صراعات تؤدي إلى تأخر الرياضة"، و"التواجد الرياضي معدوم، على كثرة المنشآت، بسبب الشللية.. ربع فلان..، دعونا نجعل بيئة الرياضة صالحة، وأن تكون مكانا للكل يتردد عليه ويستفيد منه، ومهمة الهيئة كما أدرك ليست في الأندية فقط مهمتها تصل إلى الساحات الشعبية".
ومن هنا نرى تركيزاً واضحاً من سامي على الرياضة، وذلك ينسجم تماماً مع اعتقاده بأن أولى مسؤولياته كعضو مجلس أمة هي الحفاظ على الأجيال وتنشئتها تنشئة صالحة والحفاظ على تربيتها تربية جسدية ناجحة.
دور «كونا»
ناقش سامي في دور الانعقاد الأول أيضاً دور وكالة الأنباء الكويتية (كونا) ورأى فيها "إحدى الأذرع المهمة للدولة، وتحتل مكانة في الصحافة العالمية" وربما يعود نجاح كونا - على حداثة عمرها بين وكالات الأنباء العالمية - إلى الاستقلالية التي تتمتع بها من دون تدخل في سياساتها. ودفاعاً عن كونا، أشار سامي إلى "ضرورة قدسية الصحافة وخبرها وعدم نسبة أخبار إلى الصحيفة منقولة عن "كونا". ودعا إلى تعميق "الاستقلالية لكونا حتى تكون أكثر تأثيراً في السياسة الاعلامية للخارج" وأشاد سامي بدورها في "احتضانها للعديد من الشباب الكويتي الواعد". وسامي على حق في ما قال، فوكالة الأنباء الكويتية من معالم الكويت الحضارية.
ودعا سامي مرة أخرى في 1/7/1998 عند مناقشة الحساب الخاص لـ "كونا" وزير الإعلام والحكومة "لأن يدركا مدى أهمية أن تكون هناك استقلالية أكثر في اتخاذ القرار والخبر في كونا". ورأى سامي "أن الخبر المنقول من كونا عربياً ودولياً لا يقدر بثمن". وأشار مرة أخرى إلى سرقة الأخبار من "كونا" قائلاً: "إن هناك داخل الكويت من يسرق من كونا في صحافتنا المحلية، حصولك على تعليق له قيمة حتماً على الأمن الوطني". "يرى البعض أن جهد "كونا" هو في الخبر المذاع وهذا غير دقيق، فأحياناً تكون قراءة الخبر وخلفيته السياسية ليس بالضرورة أن يطرح للنشر، إنما يوضع أمام أصحاب القرار السياسي ليتخذوا الخطوة المناسبة ". ورأى " أن هناك قصوراً من "كونا" (يرجو تلافيه)" وهو عتاب ومدح أكثر منه ذما، لأنه يرى أنه "يجب أن تكون هذه الجهود موجودة عند كثير من أصحاب القرار، بمن فيهم أعضاء مجلس الأمة". كما طالب الجهات الحكومية بتسديد مستحقات "كونا" عليها والبالغة 168 ألف دينار كويتي حسب تقرير ديوان المحاسبة.
ولعلنا لا نغالي في القول عندما نرى في "كونا" مؤسسة إعلامية وطنية قومية توافي المواطن والمستمع بأخبار العالم أولاً بأول عبر وسائل متنوعة، أبرزها الهاتف، كما تتنوع أساليب "كونا" في تقديم الخدمات بتنوع الخدمات الإعلامية نفسها، وهي دائمة التطور. وكان ما أشار إليه سامي من ضرورة إيصال التقارير الإخبارية إلى صانعي القرار السياسي أو الاقتصادي أمرا يستحق العناية من مجلس إدارة "كونا".
وانتقل سامي متسائلاً عن "إضراب العاملين في شركة الخطوط الجوية الكويتية، وعن أسباب الخلاف بين إدارة المؤسسة والطيارين والمهندسين والفنيين العاملين"، كما استفسر عن "تكلفة مشروع الديوان الأميري والأوامر التغييرية ومبرراتها التي تراوحت بين مائة مليون ومائة وعشرين مليون دينار".
استجواب وزير المالية 1997
أما أهم حدث شارك فيه سامي في دور الانعقاد هذا، فهو مناقشته للوضع المالي ومشاركته في استجواب نائب رئيس الوزراء ووزير المالية السيد ناصر الروضان في 5/7/1997، مع عضوي مجلس الأمة أحمد المليفي ومشاري العصيمي، وجرت مناقشة الاستجواب في جلسات متتالية، وكان هذا هو الاستجواب الثاني الذي شارك فيه سامي في حياته البرلمانية.
ذكر سامي في حديثه في صحيفة الاستجواب المقدمة، أن الحديث أصبح يومياً عن تدني أوضاع البلاد المالية، ورأى في القانون 1/1993 لحماية المال العام مظهر قوة من مظاهر الانتفاضة الشعبية التي عبرت عن شن حرب على أعداء المال العام. وتساءل سامي: "هل دور الوزير الانتظار حتى تكشف الصدف حدوث انفجار وفضائح؟ هل يقبل من الوزير بأنه تم إبلاغ النيابة العامة عن سراق المال العام لينتهي الأمر؟.
لقد قطعنا على أنفسنا عهوداً في مخيمات الانتخاب بأننا عازمون جميعاً على محاسبة كل معتد أثيم على المال العام، وتذكرون العدوان الذي لحق باستثماراتنا في الخارج ومازالت حلقاته متداولة بين يدي القضاء وجهات التحقيق الرسمية حتى اليوم، والاعتداء على المال العام لا يتم إلا في الأجواء الموبوءة التي تعم فيها الفوضى، وعلى الأخص في فترة مابعد التحرير". وعدد سامي أسباب شيوع الفساد في المؤسسات المالية وهي "انعدام الرقابة، والأنظمة التي سيطرت على حركة المال العام وانعدام الأساليب التي تكشف التلاعب وانعدام المتابعة مع انعدام الرغبة في فرض الأنظمة الكفيلة بضبط حركة المال العام وعدم التحري والدقة في اختيار الأطهار الشرفاء المخلصين لإدارة المال العام، مع انعدام الرغبة في التشريعات التي تُحكم الرقابة، وعدم الأخذ بملاحظات مجلس الأمة، وانعدام القناعة بأن مجلس الأمة في مقدمة السلطات الثلاث في الدولة". ويضيف سامي "وتنص المادة 130 من الدستور على تولي الوزير الإشراف على وزارته. لن نتخلى كأعضاء عن استخدام الأدوات التي زودنا بها الدستور".
وقد نشرت مجلة الطليعة في عدديها رقم 1284 بتاريخ 9 يوليو 1997، ورقم 1285 بتاريخ 16 يوليو 1997 تفصيلاً لهذا الاستجواب، ومما نشرته الطليعة في العدد 1284 في عناوين بارزة ما يلي:
مقصّر:
ــــ قوانين الأرض الفضاء والأعمال الشاقة والتأمين التكميلي تحولت على يد الوزير إلى حبر على ورق.
ـــ خسارة مالية جسيمة في 94/95، 95/96 في الخطوط الجوية الكويتية.
ــ تجاوزات واختلاسات تمت في المجموعة الاستثمارية العقارية الكويتية في المغرب ولم تتخذ بحقها أي إجراءات.
ـــــ عبد الرحمن العنجري كشف التجاوزات واضطروه إلى تقديم الاستقالة من مكتب استثمارات تونس.
ــــ الاستثمارات الكويتية في مكتب لندن.
ــــ الشبهات تكتنف تعيين نائب الرئيس التنفيذي لشركة الباص الجوي.
ــــ التعدي على أملاك الدولة .
كما نشرت الطليعة في العدد 1285 في عناوينها الرئيسة: ياللعار !
ــــ تجاوزات وتلاعب واستغلال نفوذ.
ــ الوزير تجاهل الرد على الأسئلة المحرجة.. والحكومة لم تلتزم تطبيق القوانين.
ـــــ سرقات ورشاوى لم تجد رداً من الوزير
كما نشرت الطليعة في العدد نفسه ما قاله النائب سامي المنيس في جلسة استجواب الوزير، ومنها:
ــــ هل يرضى أهل الكويت أن تدار شؤون البلاد بأسلوب حب الخشوم؟
ـــــ لا يستطيع وزير المالية التعذر بالجهل بشؤون وزارته بعد ست سنوات من تبوئها.
ــــ "الكويتية" دفعت 750 ألف دولار رشوة لرئيس شركة طيران أجنبية بعلم وزير المالية وموافقته.
ــــ وزير المالية مهيمن على الكويتية (شركة الخطوط الجوية) وإليه وحده يُعزى فشلها أو نجاحها.
ــــ لم يشجب وزير المالية نداءات المجلس بشأن الاعتداء على المال المودع في بنوك البحرين والشرق الأوسط وتونس العالمي والكويتي الفرنسي.
ــــ ويذكر في العدد نفسه أن ما جرى على يد قوات الاحتلال عام 90 وما اقترفه سراق المال العام عملان من طبيعة واحدة.
ــــ فشل الاستجواب في حجب الثقة عن وزير المالية، لكن الموضوعات التي ناقشها الاستجواب المتعلقة بالمال العام فتحت أذهان الناس ونبهت إلى خطورة ما يجري، إضافة إلى أن سامي وزميليه أدوا واجبهم كما اعتقدوا بأمانة وصدق.
حماية المال العام
ناقش سامي خلال دور الانعقاد الأول تقرير لجنة حماية المال العام، الذي اشتمل على إلمامة كاملة ومتابعة حية للشركات "التي تعرضت لها استثماراتنا الخارجية في لندن وأسبانيا، وفي بعض البنوك الأجنبية في مجال الأسهم والسندات والتي منيت جميعها بخسائر فادحة بسبب المناخ العام السائد في البلاد بالنسبة للمال العام، والتربص به وتحين الفرص للانقضاض عليه، والاطمئنان إلى أن وزير المالية المسؤول المالي العام ومعه صحبه في سبات عميق، مما هيأ الفرص للتطاول على أموال الشعب ومن يتحرك ضميره لكشف ذلك يتعرض للتنكيل به".
انتقل بعد ذلك إلى التحدث عن كتاب رسمي من وزارة التجارة إلى هيئة الاستثمار، يشير إلى التجاوزات في المادة 140 من قانون الشركات التجارية، كما يشير مع كتاب سابق إلى تواجد مخالفين للقانون التجاري لهيئة الاستثمار. كان همه الحفاظ على المال العام، وانبرى بقوة إلى كشف التلاعب في هذا المال والسطو عليه، وكانت أقواله تستند إلى واقع عرفته الكويت على صفحات الجرائد، وليست قصة شركات ناقلات النفط وقصة الاستثمارات في أسبانيا ببعيدة عن الأذهان.
قدمت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في شهر يوليو 97 تقريرها بربط ميزانية البلدية، وانبرى سامي لمناقشة التقرير مؤكداً "أن البلدية مؤسسة شعبية وفيها ممثلون للشعب ونقدر قراراتها، لكن لا بد من إبداء ملاحظات أهمها:
1 – الأخذ بالمبدأ القانوني الخاص بالأراضي الفضاء.
2 – هناك تباين في المجلس البلدي أرجو أن يكون لأسباب فنية وليس بشكل إشارة غير مشجعة حول إفادة واستفادة البعض، كما حدث في الواجهة البحرية ـ مشروع المرحلة الخامسة.
3 – هناك تعد على الطرق والأرصفة وعدم احترام اللوائح والقوانين.. مما يعني ظهور الواسطة والمحسوبية" اللتين كان سامي يمقتهما ويعتبرهما سر كل بلاء في البلد.
قضية معرض الكتاب
في 20/12/1997 أثيرت قضية بعض الكتب التي عرضت في معرض الكتاب السنوي العربي الذي يشرف على إقامته المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت، على أرض المعارض في منطقة مشرف، وكان سبب الإثارة أن هذه الكتب طعنت في الذات الإلهية. وهوجمت الكتب كما هوجم المسؤولون في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب من قبل أناس عزَّ عليهم التعرض للذات الإلهية، وهم في ذلك - من دون أدنى شك - على حق في ما ذهبوا إليه. ومع أن سامي كان ضد ما جاء في هذه الكتب من مساس بالذات الإلهية، إلا أنه "رأى في تصعيد الحملة من بعض العناصر وطرحها في مجلس الأمة لا تنديداً بالكتب ولكن لحاجة في نفس يعقوب"، ربما كان القصد منها استهداف المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب! وهناك أيضاً، كما رأى سامي، قضية ثانية وهي "إركاع الفكر وحرية الرأي للإرهاب غير المسؤول وتجريح وتكفير من البشر والإنسان، هناك غايات تختلف عن النوايا"، وقصد سامي أن يناقش الأمر في إطاره فقط وألا يأخذ أبعاداً أكبر من حجمه.
وتطور أمر الكتب التي مست الذات الإلهية في معرض الكتاب السنوي إلى استجواب وزير الإعلام، وجرت مناقشته في مارس 1998، وكان رأي سامي "أن هذه الكتب لم تصدر في الكويت ولم يكتبها كويتيون والمشكلة أنها عرضت في معرض الكتاب السنوي في الكويت، ولا داعي لاستغلالها لمصالح أخرى". أما عن الكتب، فقد رأى أن فيها مخالفة صريحة لقانون المطبوعات والنشر، إذن فالمشكلة في نظر سامي هي "إجازة عرض كتب يجرمها القانون". أما عن انتهاك الأخلاقيات" "فليست فيما ورد في هذه الكتب فقط، والأخلاق لا تتجزأ... الكذب والفساد والاعتداء على المال العام، عدم المصداقية، التفسخ.. مرفوضة ولكن لماذا تستغل منابر المساجد للتشهير؟"
العمالة
ناقش سامي قضايا القوى العاملة في 21/2/1998 ولكن ليس في إطار التمنيات والرغبة، ورأى أن مدخل قضية العمالة الصحيح والطبيعي هو "كيف يتحول هذا الإنسان (العامل) إنساناً قادراً على العطاء. لذا فإن ما ينقصنا هو تشخيص العلة في الإدارة الحكومية، وهذا التردي في هذه الإدارة"، ورأى في خطة وزير الدولة التي عرضها، خطة متواضعة عندما رأى أن يتحمل القطاع الخاص 1% من القوى العاملة.."حتى هذا الأمر قد لا يكفي بسبب الامتيازات في القطاع الحكومي". ثم تحدث عن توفير الفرص للكويتيين، فربط سامي بين العمالة في الكويت وإنشاء هيئة كويتية لحقوق الإنسان "تكون مرادفة للجهود الرسمية، وستعطينا فرصة عظيمة". هناك "تكرار للتجاوزات التي تحدث في الوزارات نتيجة بعض الممارسات، والعلة تكمن في قانون العمل في القطاع الأهلي.. لعيب في التشريع. وقد أخذنا وعداً بإنجاز قانون جديد، خصوصا أن قانون العمل في القطاع الأهلي من دون تعديل منذ عشرين سنة، والقانون الجديد سيقضي على كثير من الظواهر السلبية المرتبطة بحقوق الإنسان".
ورأى سامي ضرورة إنشاء صندوق حرفي "يساعد على توفير فرص العمل"، وطالب "بتأليف هيئة تشغيل تستطيع قراءة قوة العمل في القطاع الخاص والنفطي، فمصلحة الوطن تحتم علينا أن نقرأ القوى الشعبية والقوى العاملة (الوافدة) المناسبة للبلد كما يجب أن تكون ". واقترح أن يحال إلى اللجنة التشريعية في المجلس إمكانية " تشكيل لجنة اختصاص بشؤون النفط ".
وربط مرة أخرى بين العمالة وحقوق الإنسان، وذكر في 24/2/1998 أن "التقرير الثاني للجنة حقوق الإنسان التابعة لمجلس الأمة، وهي لجنة غير الهيئة الكويتية التي اقترح إنشاءها كهيئة شعبية تكون رديفاً للجنة، رأى "أن الكويت تعرضت للنقد حول بعض التجاوزات التي قد يكون الإعلام المعادي ضخمها وهيئة حقوق الإنسان الشعبية مكملة لكل الجهود الرسمية القائمة في مجلس الأمة، أو في الخارجية أو العدل أو الداخلية. وستعنى اللجنة (هيئة حقوق الإنسان) بحقوق الوافدين على أرض هذا الوطن، لذا لا يزال أمامنا شوط كبير للحفاظ على حقوق الإنسان... والأهم من ذلك احترام القوانين، فالقانون يُنتهك، والقانون لا يعترف بجنسية... التطبيق يكون على المواطن والمقيم".
كما أشار سامي أيضاً إلى ضرورة المعاملة الإنسانية للعمالة المقيمة خصوصا أننا نجد الآن العمال ينتظرون الأمرَّ (وذلك) أمر يسيء إلى البلد نتيجة الضعف في تطبيق القانون. ورأى "أن القانون مهم جداً فهو قانون سيكون أمام العالم وأمام منظمة العمل الدولية (وله ارتباط) بسمعة الكويت". وأشار إلى انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بالعمل، ومنها "خدم المنازل والمآسي التي تحدث لا يمكن السكوت عنها، فوزارة الشؤون لم تضع يدها على خدم المنازل ولا أي وزارة سوى مخافر الشرطة، والله يعلم "شقاعد يصير" (ماذا يحدث) بالمخافر لغير الكويتيين". وأشار إلى الموجودين من العمالة في سجن طلحة والإبعاد ومخفر الدسمة. وطالب "بإنجاز قانون العمل الجديد كي يساعدنا.. ويرتقي بالبلد وبسمعته واحترامه. وعندما تظهر هيئة حقوق الإنسان الشعبية راح تهتم (ستهتم) بالضعاف اللي ما لهم حد يسأل عنهم". (انظر ملحق 3، تقرير سامي عن العمالة الوافدة).
ويمكننا هنا ربط دفاعه عن العمالة وحقوق الإنسان باقتراحه بقانون في 11/3/1998 مع آخرين من زملائه بإنشاء صندوق الإقراض المتوسط للحرفيين والصناعيين والمهنيين وإقرار مجلس الأمة بالموافقة على الصندوق بعد أن قام سامي بشرح أهدافه شرحاً مفصلاً.
احترام الدستور
ناشد سامي الجميع "احترام الدستور ومواده، ورأى في الديموقراطية الملاذ الوحيد على ما في الديموقراطية من هـفوات، وأظهر إحساسه بالقلق من تعديل قانون احتياطي الأجيال"، ومصدر إحساسه "أننا بدأنا نعتدي على حق أجيالنا القادمة، وبدأنا نتوجه إلى الاعتداء على حق هذه الأجيال في الحياة الكريمة". وتمنى على المجلس "عدم مناقشة الاقتراح المقدم بتعديل قانون احتياطي الأجيال إلا بعد معرفة المركز المالي الحالي للدولة". لا سيما أن سامي كان أبدى قلقه على الحاضر والمستقبل بسبب ما يتعلق بمستقبل المواطنين وحياتهم بسبب قضايا النفط، وربط بينها وبين ميزانية الدولة التي وضعت وفق سعر برميل النفط 13 دولارا في حين كانت قيمته 18 دولاراً، "إلا أننا في اللحظة الراهنة أصبح وضعنا سيئاً عندما وصل سعر البرميل إلى عشرة دولارات، والقلق منبعه على حد تعبير سامي عقليتنا ما تحركت وما نشوف أكثر من موضع قدمنا بس".
المنيس يفتتح الجلسة الأولى ويؤكد التزام الجميع بالدستور
ناقش سامي في دور الانعقاد الثاني هذا ظاهرة تفشي المخدرات في الوطن، ورأى "أن هناك جرائم ترتكب بحق مجتمعنا في ما يتعلق بانتشار المخدرات"، وأشار بتاريخ 14/4/1998 إلى أمرين الأول "الكمية المتوافرة في السوق حسب تصريح مسؤول كبير، والثاني أمر الضابط المتهم بترويج المخدرات". ورأى "أن من حق المجلس مناقشة قضية المخدرات لما لها من نتائج وخيمة على حياة المجتمع ككل". واستمر في مناقشة الأمر في جلسة أخرى بتاريخ 19/5/1998 وناقش "دور عصابات ترويج المخدرات". وتساءل "كيف نحصن المواطن من آفة المخدرات المدمرة. كيف تتم رعاية الأحداث منها ومن إدمانها؟ إن المهم هو تحصين شعبنا من الآفة وليس ضرب الرؤوس الكبيرة فقط. صحيح أن وزارة الداخلية مسؤولة عن هذا الأمر لكن هناك مسؤوليات على وزارة التربية ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لمكافحة هذه الآفة". وهو هنا يدعو إلى محاربة المخدرات من خلال أمرين: سد المنافذ التي يمكن أن تسرب منها المخدرات، والتوعية بأخطارها في المدارس وفي الإعلام.
حرية الصحافة
ومن القضايا التي ناقشها سامي في دور الانعقاد الثاني الحريات الصحفية التي ما انفك يناقشها منذ عام 1963 في أول مجلس نيابي، وأعلن في 16/5/1998 تقديسه اللامحدود لمفهوم الحريات الصحفية، ورأى في الصحافة الجناح الآخر لمفهوم الحرية والديموقراطية، إذ إن 96% من قضايا المواطنين تثار في الصحافة، ورأى أنها حامية المال العام ومدافعة عن حقوق الإنسان.
الجامعة
وانتقل بعد الصحافة إلى الجامعة، وطالب باستعجال إقرار قانونها، لأن الانتهاء من هذا القانون في نظره "أصبح كالمنشآت نتحدث عنها ولا ننجزها. فالحكومة تطلب إعادة مشروع القانون الجامعي إلى لجنة شؤون التعليم والثقافة والإرشاد".
هيئة المعلومات المدنية
ومن الجامعة إلى هيئة المعلومات المدنية، فناقش أمرها في 9/6/1998 ورأى "أنها هيئة كما يشعر المرء للبطاقة المدنية. وتلك نظرة قاصرة وذلك أمر لا يساوي تسعة ملايين دينار نحطه عليها (يُصرف عليها)، والهيئة تشعر بغياب الدور المناط بها، ونرى في الهيئة وسيلة لتلمس كثير من القضايا ومنها أوضاعنا الأمنية، والاجتماعية والتركيبة السكانية"، ويتساءل عن مهماتها وعن مشكلاتها. وبمعنى آخر يريدها هيئة مدنية بكل أبعادها الحضارية الحديثة، تساعد في تحديد التركيبة السكانية وضخ المعلومات التي تساعد الأجهزة الأمنية.
وقد نوقشت ميزانية هيئة المعلومات المدنية وتم إقرارها. كما نوقشت ميزانية هيئة الاستثمار في 17/6/1998، ورأى سامي أن ديوان المحاسبة أورد "عشر ملاحظات على الهيئة، منها القروض الشخصية. وتساءل هل من خلاف بين الهيئة والبنك المركزي؟، أي الجهات تتحمل متابعة القروض؟ ورأى انعدام الحرص على إعادتها "وأصبحت فلوساً في الهوا مضى أكثر من عشر سنوات عليها". وتساءل "وين راحت هالبيزات (يقصد الأموال)؟"، وأجاب "هناك علة، هناك يد خفية ما تبي (لا تريد) توصل إلى ها المبلغ (القروض). وكل جماعة تذب (أي ترمي الحمل) على الثانية واليد الخفية ما تبي توصل 996 مليون دينار منذ 1982 من دون فوائد، نأتي إلى بعض استثماراتنا والخسائر المتتالية وتحديداً الشركة العربية للفنادق وأكثر وضوحاً في اليمن.. ولنقرأ الحقيقة.. هناك أسباب سياسية واقتصادية راحت فلوسنا ولا حد يتحمل مسؤولية إدارية والمشكلة في عدم الاختيار المناسب والإدارة الجيدة"... ويطالب بأن يكون الاستثمار في المكان المناسب.
الاستثمار
وللمرة الثانية، يثير سامي موضوع الاستثمارات الكويتية، ويركز على ضرورة اختيار الكوادر الطيبة والنظيفة لإدارة هذه الاستثمارات، كما يذكر خسائرها والسطو عليها من قبل معدومي الضمائر، ويطالب بالمحاسبة القاسية. وفي استطراده لاهتمامه بالمال العام والاستثمارات، يستفسر سامي في 30/6/1998 "عن الإجراءات التي ستتخذها الحكومة في شأن قضية شركة ناقلات النفط الكويتية بعد صدور حكم التمييز في جلسة 22/12/1997".
التأمين الصحي
أُثير في هذا المجلس موضوع التأمين الصحي، وقال سامي "أريد أن أسمع من الصحة عن فلسفة التأمين الصحي". وناقش تقرير لجنة الشؤون الصحية والاجتماعية والعمل بشأن الاقتراح بقانون من قبل الأعضاء في شأن التأمين الصحي بفرض رسوم على الخدمات الصحية العلاجية التي تقدم لغير الكويتي.
ورغم معارضة سامي لهذا الأمر من خلال تساؤله عن فلسفة التأمين الصحي، فإنه يرى بعد أن أصبح الأمر واقعاً "ضرورة وجود مؤسسة واحدة اسمها مؤسسة التأمين الصحي، وتتوحد شركات التأمين وتستعين بالخارج". وأشار سامي هنا "إلى ضعف تبرير منع العلاج عن البدون بحجة أن ذلك سيؤدي إلى كشف هويتهم". وعاد إلى مناقشة التأمين الصحي في شهر يوليو 1998 وطالب بتواجد حكومي عند مناقشة التأمين الصحي لأن القانون مهم. "ويؤسفني ما قاله وزير الدولة لشؤون المجلس أن الحكومة تلتزم بمناقشة قانون التأمين الصحي إلى آخر الجلســة". ودعا إلى البدء بالتأمين الصحي لاستكمال كل القرارات، بما فيها الميزانيات بعد التأمين، ورفض مناقشة قانون التأمين الصحي بتخصيص جلسة السبت 25/7/1997 لهذا القانون".
ميزانية الموانئ
كان سامي ينتهز فرصة مناقشة ميزانية أي هيئة أو وزارة ليشرح الدور المأمول منها، ويتساءل عن المردود الانتاجي لأي ميزانية وهي لم تكن في نظره مجرد أرقام وحسب. فعند مناقشته لميزانية الموانئ في 5/7/1998 وجدها مناسبة ولكنه وجد الفرصة سانحة ليناقش طبيعة هيئة الموانئ قائلاً: "إننا لم نحسم أمر مؤسسة الموانئ كمؤسسة ربحية، فإذا كانت مؤسسة ربحية يكون برنامجها وفلسفتها مختلفين عما هو قائم. الحرب قائمة في العالم على الموانئ، لذا لا بد أن نعي معنى موانئ فهو مرتبط بالمنطقة الحرة، فهل لدى الموانئ استعداد لإنشاء مناطق حرة؟".
وهنا أضاف سامي: "نريد عناصر وطنية لفهم الدور المناط بالموانئ ولا بد من النظر إلى العنصر البشري عند وضع أي برنامج للموانئ. ارتباط لا بد أن يكون في البحر وفي المنطقة الحرة". ويلاحظ هنا أنه أثار موضوع حرب الموانئ في العالم كما أثار موضوع ارتباط الموانئ لا بالنقل البحري فقط ولكن بالمناطق الاقتصادية الحرة، منتهزاً فرصة مناقشة الميزانية التي وافق عليها لإظهار دور الموانئ وضرورة تركيزها على إعداد العناصر البشرية المدربة والضرورية.
الإطفاء
ونرى الموقف نفسه من سامي عند مناقشته الحساب الختامي للإطفاء في 8/7/1998 وتمنى حساباً ختامياً لكل المؤسسات على هذا الشكل.
وانتهز الفرصة ليشير إلى " قضية تعاون المواطنين والوافدين مع الإطفاء"، ولفت النظـر "إلى تجاوزات في التخزين وقصور في الوقاية لا من الإطفاء ولكن من الآخرين". كما انتهز فرصة مناقشة الحساب الختامي لبنك التسليف، وأثار موضوع إزالة "الادخار" من اسم البنك من دون معرفة الأسباب والمبررات التي زال فيها الادخار ورأى "أن ضعف الإدارة وراء هذا النمط من القرارات غير المدروسة". "وللبنك ديــون وهو عاجز عن استردادها، وهناك استمرار لعدم فاعلية التدقيق والمتابعة لدى البنك". وهو في نظر سامي أمر غريب إذ إن "البنك مسؤول عن إدارة ملياري دينار ولا توجد لديه إدارات، فالبنك كما يراه سامي "يدار عن طريق الواسطة وحقوق الناس غير موجودة، وأكبر مؤسسة فيها محسوبية وواسطة على حساب قضايا الناس.. حتى المناقصات كارثة".
لذا، فإن سامي يرجو وزير المالية إعادة النظر في تقرير اللجنة المالية، ويتساءل "عن نوع التطور الإداري الذي خلفه البنك، نحن هنا أمام نظام اقطاع هناك مليارا دينار تهدر ونحن نتفرج"، وطلب إعادة الميزانية إلى اللجنة. ويلاحظ هنا بوضوح أن مناقشات سامي استهدفت إدارة البنك ومدى نجاحها، ولم يتطرق إلى أرقام الميزانية.
الرعاية السكنية
كما نلحظ أسلوب سامي هذا عند مناقشته ميزانية المؤسسة العامة للرعاية السكنية في 11/7/1998 وأشار إلى "مجمع الصوابر السكني والبحث عن اتحاد الملاك". وهنا تساءل "ما الدور الفعلي للمجلس الأعلى للإسكان؟.. هناك أجواء مرضية مسؤولة في الصحافة تهدف الى تحقيق مصالح نفعية.. من يتحمل قضايا الإسكان؟ المجلس الأعلى أم التخطيط؟" وعند مناقشته لميزانية هيئة الشباب والرياضة لم يرَ أي ملاحظات لديوان المحاسبة على ميزانية الهيئة، وهو أمر إيجابي في نظره، وتمنى على الهيئة "الاهتمام بالساحات الشعبية".
البنك المركزي
أما عند توقفه عند البنك المركزي، فرأى "أن أمراضنا الراهنة وعلتنا القائمة هي ضعف الرقابة من البنك المركزي على الأداء العام للمصارف. ولو كان هناك إشراف حقيقي على البنوك لم رأينا مأساتنا الراهنة المتمثلة في قضية المديونيات الصعبة، وهذا الخلل سببه غياب البنك المركزي ودوره الأساسي في الأداء العام في المصارف والمكاتب المصرفية". وتساءل "كيف يسمح البنك المركزي لمن اتُهم في المال العام بتبوء مراكز قيادية؟" ورأى ان العلة في الإصلاح الاقتصادي هي عدم "قدرتنا على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب في المكان المناسب. وبنك البنوك (المركزي) يتحمل كل المسؤوليات التي مرت بالكويت من انهيار سوق المناخ إلى قانون المديونيات الصعبة. وما لم يتم تصحيح المسار بتطهير كل عناصر الفساد تأخرنا وتراجعنا. عللنا سببها بفقدان الضمير والأخلاقيات، ويجب أن نعيد الثقة لأنفسنا، فهناك تسابق على الربح وعلى جمع المال وعلى الثروات ولا توجد ضوابط قانونية". وانتقد سامي تفرد البنك المركزي في 7/2/1998 بتفسير قانون المديونيات الصعبة، وتطرق إلى تباين الآراء بين غرفة التجارة والمصارف " ونحن هنا نهرب من التحديات".
البلدية
ناقش سامي وضع البلدية في الكويت، وأشار إلى القضايا "التي تخسرها البلدية أمام المحاكم وتجاوزت سبعة ملايين دينار"، وتساءل "من يتولى قضايا البلدية؟"، واستطرد قائلاً "كل قضايا الدولة تخسرها أمام المحاكم. من يتولى الدفاع عن مصالح الدولة؟ وهل لهم صلة بالمتهمين في هذه القضايا؟ ما مدى مسؤولية الفتوى والتشريع أمام المحاكم؟".
كانت هذه نهاية لمناقشة سامي في دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الثامن، ويلاحظ على مناقشاته في هذا الفصل بدوريه الأول والثاني الالتزام التام ببرنامج المنبر الديموقراطي الذي انتخبه الشعب على أساسه في طرح القضايا الوطنية بأمانة وصدق. كما يلاحظ عليه النشاط غير المحدود في مناقشة الأمور مصحوباً بالجرأة والموضوعية، لا تأخذه في محاولة إظهار الحق كما يراه لومة لائم. ولا بد من القول هنا إن سامي كان في دور الانعقاد الأول عضواً في لجنتي التعليم والثقافة والإرشاد وفي لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان. وإضافة إلى ما سبق يمكننا أن نضيف العديد من أنشطة سامي.
ففي دور الانعقاد العادي الأول وجه سامي 24 سؤالاً إلى الوزراء على النحو التالي: 15 سؤالا للسيد نائب رئيس الوزراء وزير المالية، ثلاثة اسئلة الى وزير الداخلية، ثلاثة أسئلة للسيد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، سؤال واحد للسيد وزير التجارة والصناعة، سؤال واحد للسيد وزير الاشغال العامة وسؤال واحد للسيد وزير النفط.
طلبات المناقشة
كما تقدم السيد سامي المنيس بطلبات مناقشة وتحقيق عن الأوضاع الأمنية في البلاد مع خمسة وعشرين عضواً آخرين بتاريخ 18/1/97 نظراً لما رأوه من خطورة يتعرض له الوضع، متمثلاً في انتشار الجريمة والمخدرات، وتقدم في 5/2/1997 بطلب فتح باب المناقشة في صفقة الأسلحة (المدفع الصيني، وصواريخ سي سكوا البريطانية) مع خمسة عشر نائباً آخرين.
مجلس الأمة التاسع 1999 - 2000
كان حل مجلس الأمة في الفصل التشريعي الثامن حلاً دستورياً، لذا فقد جرت انتخابات مجلس الأمة في الفصل التشريعي التاسع في شهر يوليو عام 1999 أو بعد حل المجلس بستين يوماً. وقد نجح سامي في هذه الانتخابات عن الدائرة العاشرة (العديلية، الجابرية، السرة) على قائمة المنبر الديموقراطي، ولم يطرأ تغيير على برنامج المنبر الديموقراطي الانتخابي الذي طرحه في دورة 1992/ 1996، وزاد عليه ما ذكره المنبر عندما عقد مؤتمراً استثنائياً في مارس 1999 وأصدر برنامجه الجديد بعنوان "طريق الكويت نحو النهضة والتغيير".
مشروع المنبر الديموقراطي
قدم المنبر في هذا المؤتمر ملامح المشروع النهضوي للكويت، مجتمعاً ودولة.. يجمع بين درجة من التغيير ومستويات من الإصلاح تتناسب وموازين القوى الاجتماعية والسياسية ومستويات التطور وإمكاناته .
اعترف المنبر في هذه المرحلة بعدم اتفاق المجتمعين على تبني المؤتمر هوية فكرية محددة بعينها، إلا أنه ينطلق من التوجهات والمبادئ والقيم العامة التي تشكل ملامح عامة لهويته الفكرية، وهي السيادة الوطنية، الديموقراطية بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، واحترام حقوق الإنسان والالتزام بسيادة القانون واحترام مبدأ الفصل بين السلطات. كما أشار إلى البعد القومي العربي والانتماء إلى الحضارة العربية الإسلامية. ومثل المنبر الديموقراطي، الكتلة الاجتماعية الوطنية، الفئات الشعبية الواسعة من المواطنين، وفي مقدمتهم ذوو الدخول المحدودة .
كان دور الانعقاد العادي الأول لهذا الفصل التشريعي في 17/7/1999 وجرت مراسم افتتاحه كالمعتاد. وكان سامي رئيس جلسة الافتتاح إذ كان أكبر الأعضاء سناً. وبعد النطق السامي لصاحب السمو أمير البلاد معلناً افتتاح دور الانعقاد، ردّ سامي بصفته رئيس السن للمجلس بكلمة وضع فيها خلاصة تجربته الديموقراطية أمام صاحب السمو أمير البلاد.
شكر سامي صاحب السمو على تفضله في افتتاح هذا الفصل التشريعي في ظل نظام ديموقراطي متنامٍ مستقرة جذوره في وجدان الشعب الكويتي وضميره وقال في كلمته:
"نعاهدكم أن نكون بارين بالقسم الذي نؤديه، حافظين للأمانة التي وضعها الشعب الكويتي أمانة في أعناقنا" وأشار إلى "إقبال المواطنين على صناديق الاقتراح لإيمانهم بالشورى كأساس للحكم وبالديموقراطية منهاجاً وسلوكاً يضبط العلاقة بين السلطات العامة، وبالتمثيل النيابي أداة تمارسها الأمة من خلال سيادتها التي نص عليها الدستور. وكان إنهاء الفصل التشريعي الثامن قبل مدته بحل دستوري وما أعقبه من انتخابات عامة أجريت في موعدها المقرر، دليلاً صادقاً على إيمان سموكم بالديموقراطية وبأحكام الدستور".
الخيار الديموقراطي – الدستور
"أكدت الأحداث في الكويت أن لا بديل للخيار الديموقراطي كأساس للحكم. ووجود مجلس نيابي يمارس صلاحياته في التشريع والرقابة وفقاً للدستور، وهو اللبنة الأساسية التي تضمن للدولة الاستقرار والسلام الاجتماعي والسياج المنيع الذي يحفظ للأمة وحدتها وتماسكها وأمنها الداخلي والخارجي".
"لا تزال الكويت تعاني بعد اندحار الغزو الكثير من القضايا الاجتماعية والمالية والاقتصادية والأمنية، وهي قضايا عالقة تنتظر المواجهة والحسم بقوانين تسنها السلطة التشريعية أو بقرارات تصدرها السلطة التنفيذية، نأمل أن يتحقق ذلك بالتعاون الصادق والبناء بين السلطتين. ومن دون إرادة قوية ووقفة شجاعة تعالج القضايا من الجذور وعلى النحو الذي يرتضيه الشعب الكويتي سوف يضاعف من وطأتها".
"سوف تجد منا يا صاحب السمو الجهد الذي لا يكل، إيماناً منا جميعاً بأن الوظيفة النيابية تكليف وليس تشريفا، ومصلحة الوطن لا تعلو عليها مصلحة أخرى. ويكون التعاون وفقاً لأحكام الدستور والالتزام بهذه الأحكام والعمل بها نصاً وروحاً".
لقد أفرغ سامي كل ما في جعبته من قناعة وتصورات عن العمل النيابي والتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ولم يتردد في ذكر القضايا التي تواجه السلطتين والتي تحتاج إلى شجاعة في حلها. لكنه لم ينسَ أن يعد صاحب السمو ببذل الجهد لحل القضايا والتعاون وفق الدستور.
لقد كان لسان حال سامي يقول ألا هل بلغت.. اللهم اشهد.
كان سامي عضواً في اللجنة التعليمية كما كان رئيساً للجنة حقوق الإنسان في هذه الدورة. وكانت أهم القضايا التي طرحها المرحوم في هذه الدورة أو ناقشها: الجريمة وأبعادها، حقوق المرأة، القروض والاستهلاك، البيئة، التعليم (الجامعي والتطبيقي)، مناقشة الميزانية العامة وبعض ميزانيات المؤسسات، قضية الناقلات، إضافة إلى موضوعات ثانوية أخرى.
الأمن الاجتماعي
كانت أولى القضايا التي ناقشها سامي قضية الأمن الاجتماعي في 24/7/1999 حين أشار في بداية حديثه إلى "أخطر مرحلة حقيقية باستخدام المادة 71 من الدستور لإصدار مراسيم بقوانين، والتمادي في استخدام المادة قد يخل في العمل الدستوري في الكويت" وتنص المادة 71 من الدستور على ما يلي:
"إذا حدث فيما بين أدوار انعقاد مجلس الأمة أو في فترة حلّه، ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز للأمير أن يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون، على ألا تكون مخالفة للدستور أو للتقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية. ويجب عرض هذه المراسيم على مجلس الأمة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدورها، إذا كان المجلس قائماً، وفي أول اجتماع له في حالة الحل أو انتهاء الفصل التشريعي، فإذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون بغير حاجة إلى إصدار قرار بذلك. أما إذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ماكان لها من قوة القانون إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة أو تسوية ما ترتب من آثارها بوجه آخـــر".
ثم توقف في حديثه عند الأمن الاجتماعي ورآه "في حالة تراجع وفي وضع خطير جداً. هناك خلل يتعلق بالمفهوم الصحيح للأمن الاجتماعي. إحصاءات الداخلية تبين صعود الجريمة وأشكال الجريمة. وأخطر شيء عندما تسجل الجريمة ضد مجهول، وتصاعد الجنح والجنايات ضد مجهول، وقضية المؤسسات العقابية فيها خلل. فعدد السجناء في ازدياد، وتحول السجن المركزي إلى مركز لتفريخ الجريمة. تجارة المخدرات لها أساسيات في السجن المركزي، وعدم تنفيذ الأحكام، ورأى أنها ظاهرة غير معقولة".
والمتتبع لنشاط سامي في الفصول التشريعية الستة التي انتخب فيها عضواً في مجلس الأمة يلحظ بوضوح اهتمامه بهذا الأمر، وذلك منسجم مع مسؤولياته وحمله الأمانة في تمثيل الشعب فالأمن الاجتماعي ركن أساسي في المجتمع. وكان سامي موضوعياً في طرقه للأمور، فهو هنا يشير إلى واقع الجريمة وبخاصة جريمة المخدرات وخطورتها، لكنه عندما يرى جهداً لمكافحة الجريمة وتنفيذ الأحكام فـإنه سرعان ما يعترف بذلك، إذ نراه يمتدح وزير الداخلية في 22/2/2000 "على جهده وتنفيذ الأحكام ".
كان الأمر الثاني الذي شارك في مناقشته ميزانية الدولة وميزانيات بعض المؤسسات التابعة للدولة. وتساءل في 31/7/1999 "لماذا أصدرت الحكومة هذه المراسيم وبدأت تحديداً بالمرسوم الخاص بالميزانيات؟"، واستطرد "لم تجاوب الحكومة حتى الآن عن المركز المالي للدولة. وهو أمر مكمل لقضية الميزانية وإقرار الميزانية". "عقدتنا أن الحكومة اللي تبيه (تريده) تسويه (تفعله) أليس أمامنا خيار إلا أن نقول نعم أو لا لهذه الميزانيات بناء على مراسيم صدرت؟". وبذا حدد سامي أموراً رآها دستورية يجب توافرها قبل مناقشة الميزانية. وفي 4/11/1999 عاد سامي مرة أخرى إلى مناقشة الميزانية العامة للدولة، وكان موقفه مكملاً لما بدأه في 31/7/1999، إذ انطلق من مبدأ أهمية تنفيذ المادة 150 من الدستور التي تنص على:
"تقدم الحكومة إلى مجلس الأمة بياناً عن الحالة المالية للدولة مرة على الأقل في خلال كل دور من أدوار انعقاده العادية".
بعد هذا وجه سامي اللوم للدولة حول الإنفاق الواسع في الباب الأول من الميزانية الخاص بالرواتب والأجور، ورأى أن سبب الإنفاق الواسع هذا "يرجع أساساً للفهم القاصر وغير المسؤول في إدارة الدولة بشكل صحيح". فالحكومة السابقة استخدمت المادة 107 التي تنص على:
"للأمير أن يحل مجلس الأمة بمرسوم تتبين فيه أسباب الحل. على أنه لا يجوز حل المجلس للأسباب ذاتها مرة أخرى.
وإذا حل المجلس وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يتجاوز شهرين من تاريخ الحل.
فإن لم تجرَ الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فوراً كأن الحل لم يكن، ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب المجلس الجديد".
وهنا "أقول من حق المجلس استخدام المادة 102 بعدم التعاون مع الحكومة ورئيسها"، وتنص المادة 102 على:
"لا يتولى رئيس مجلس الوزراء أي وزارة. ولا يطرح في مجلس الأمة موضوع الثقة به.
ومع ذلك إذا رأى مجلس الأمة بالطريقة المنصوص عليها في المادة السابقة عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، رفع الأمر إلى رئيس الدولة. وللأمير في هذه الحالة أن يعفي رئيس مجلس الوزراء ويعين وزارة جديدة. أو أن يحل مجلس الأمة.
وفي حالة الحل، إذا قرر المجلس الجديد بالأغلبية ذاتها عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء المذكور اعتبر معتزلاً منصبه من تاريخ قرار المجلس في هذا الشأن. وتشكل وزارة جديدة".
علق سامي على ميزانية الدولة في 10/7/2000 بقوله "سياسة الإنفاق مرتبطة بإيرادات النفط وتقديرات الميزانية على أساس المعدل الاحتياطي القائم على 13 دولاراً لبرميل النفط. إعدادنا للميزانية يشوبه شوية (قليل) من عدم الاستقرار في اتخاذ القرار. لا نستطيع التحكم في أسعار السوق (للنفط) ولكن نتحكم في الإنفاق، أرقام الميزانية مخيفة، فالباب الأول 66% من الإنفاق العام للدولة. الغياب في الباب الأول هو الإنتاجية وزيادة الباب الأول تترافق مع التراجع في مستوى الخدمات". هناك ضعف الإنتاجية وفي الأداء العام للدولة، لذا فإنه يرى أنه "لا بد من إعادة النظر في قانون العمل لتحسين الأداء العام".
كانت ملاحظات سامي على الميزانية، وكما عرفناه منذ الفصل التشريعي الأول، قائمة على مردود أرقامها الإنتاجي وليس على أرقامها، وكان يهمه من الميزانية تحسين مستوى الخدمات، وتحسين الإنتاج الوظيفي أكثر مما تهمه الأرقام التي يعرف مصدرها الأهم وهو النفط.
شارك سامي بجدية في مناقشة ميزانية المؤسسات التابعة للدولة، وأورد ملاحظاته على كل ميزانية منها. فعند مناقشة ميزانية هيئة الزراعة والثروة السمكية في 3/7/2000 أشاد بالسلوك المالي لهذه الهيئة استناداً إلى ما رآه من "قلة المخالفات المالية حسب رأي ديوان المحاسبة"، ولم يتردد في توجيه الشكر للهيئة. لكنه التفت إلى بعض مناحي القصور في أدائها ورآه في بعض المناطق السكنية في الكويت "خاصة في الجابرية والسرة، وتمنى الاهتمام بالحدائق والتشجير". وكانت ملاحظة المرحوم سامي المنيس في محلها، أخذتها الهيئة مأخذ الجد، فالتشجير والحدائق أمران بارزان لا أحد ينكرهما في السنوات الأخيرة في مناطــق الكويت السكنية.
كما لفت سامي النظر "إلى الآثار المترتبة على إزالة قرية الصيادين التي ألحقت ضرراً بجماعات من الصيادين"، وتمنى على الهيئة "تهيئة مواقع بديلة لهؤلاء".
شارك سامي في مناقشة ميزانية جامعة الكويت في 4/7/2000، وأبدى قلقه "على حجم المخالفات التي ترد على جامعة الكويت حسب ديوان المحاسبة، وأريد جواباً من الوزير أو المقرر (اللجنة المالية) عن طبيعة المخالفات في الإنشاءات الجامعية في الشويخ والخالدية. وكما ورد في اللجنة المالية، فإن وزارة الأشغال تتحمل الجزء الأكبر من هذه المخالفات". وانتهز سامي فرصة مناقشة ميزانية الجامعة ليتساءل: "ما مصير قانون الجامعة؟"، ورأى "أن مشاكل الجامعة سببها عدم إخراج قانون الجامعة الذي مازال منذ السبعينات بدون إنجاز". ثم انتقل في مناقشته إلى قضية تخص طلبة الجامعة وهي "قضية الفصل والإنذار" ورأى ضرورة "إعادة النظر في فصل الطلبة وأنه تجب معالجة سنوات التخرج". ولم تكن هذه المرة هي الأولى التي يطرح فيها سامي قضية الفصل والإنذار وسنوات التخرج، فقد اهتم بها في الفصول التشريعية السابقة. ولم يذكر في مناقشته مدى اهتمام الجامعة بهذا الأمر. وتجب الإشارة هنا إلى أن سامي رأى في 6/6/2000 وجوب الإشادة بعطاء جامعة الكويت، وأشار إلى محاولات التطوير ولم يسجل عليها أخطاء. كما سبق لسامي في 29/5/2000 أن ناقش سياسة القبول الجامعي في الطب البشري وطب الأسنان والصيدلة، وأشار إلى حواره مع وزير التربية حول هذا الأمر واقتناعه بما قال الوزير. ولا بد من التذكير هنا بأن سامي كان عضواً في اللجنة التعليمية في هـذا المجلس.
أما عن بنك التسليف، فقد رأى حسبما ورد في تقرير اللجنة المالية وبناء على ما ورد في تقرير ديوان المحاسبة "أن الأمر مرتبط بالقروض وقضايا الإسكان، وأشار إلى العجز المتوقع في نهاية الخطة الخمسية، فتمويل البنك من خزينة الدولة، وهناك بعض الأقساط المستحقة. وأشار إلى إسقاط الادخار من إدارة بنك التسليف، وتساءل ما المبررات لإلغائه؟ خصوصا أن النمط الاستهلاكي قائم على الاقتراض ولا بد من تشجيع الادخار. وتمنى إعادة النظر في مفهوم الادخار، خاصة أنه انتشر بين الطلبة والأطفال والشباب". وبذلك رأى سامي أن الادخار نمط تربوي يمكن تدريب الطفل والطالب والشاب عليه للحد من النمط الاستهلاكي السائد في المجتمع، وهو أمر جدير بالاهتمام ووضع القواعد المشجعة له بدلاً من إلغائه.
كان سامي، كعادته، دائماً يذكر بالإيجابيات في التعامل الصحيح مع المؤسسات والعمل على تقدمها وإنتاجها، فنراه يتعرض لمعهد الكويت للأبحاث ويقول "معهد الأبحاث منذ عام 1967 والتوصيات السابقة متعاونة معه"، مما يعني "أن نظرة الحكومة لمؤسسات الدولة لا ترتقي إلى مستوى الطموحات التي أوردها التشريع القانوني"، وهو أمر غير طبيعي، إذ ينبغي الاستفادة من المؤسسة التي تنشأ حسب الأهداف التي أنشئت من أجلها، ومعهد الأبحاث مهمته الأساسية تقديم الاستشارات حسب الأهداف، فلماذا لا تتعاون أجهزة الدولة مع المعهد؟ خصوصا أن عدم تحسين إيرادات المعهد يعني موته مبكراً". إن ذلك حسبما أورد سامي لا يحتمل، فالدولة تنفق الملايين على البحث العلمي ليصب هذا الإنفاق في مردود البحث على الإنتاج في المجتمع، فلماذا يهمل المعهد وهو المؤسسة البحثية الأرقى؟.
انتقل سامي بعد ذلك في 9/6/2000 إلى المشاركة في مناقشة ميزانية بيت الزكاة والحساب الختامي، وذكر أن "ديوان المحاسبة أورد ملاحظات عن مخالفات. فهل الملاحظات قصور في الإدارة أم تجاوزات؟ هناك أمور يُشتّم منها أنها غير طبيعية. فالنمط الذي تستخدم فيه الصيانة مبالغ فيه. وهناك مخالفات في استخدام السيارات ويجب أن يكون بيت الزكاة النموذج الشرعي. وأي ملاحظة مهما صغرت يجب أن نهتم بها. إن استمرار عدم تضمين الحساب الختامي لبيان المركز المالي لبيت الزكاة مضلل. شلون (كيف)؟ لم تأت الإشارة إلى الحساب الختامي لعام 1997 / 1998". وشدد على الاهتمام بتقارير ديوان المحاسبة، قائلاً إن "هذا الديوان هو المظلة الجادة والأساسية التي أتمنى لمجلسكم أن يأخذ باتجاهها خطوة جدية، إذا كنا نريد معالجة أوضاعنا العامة. وديوان المحاسبة هو الذراع التي تمكننا من أن نلعب الدور الرئيس في صيانة الحق العام والمال العام".
ديوان المحاسبة
لقد رأى سامي في ديوان المحاسبة لما اشتهر عنه من دقة ونزاهة منذ تأسيسه، سفينة النجاة الثانية التي يجب استخدامها بعد مجلس الأمة في مراقبة الأداء المالي لوزارات الدولة ومؤسساتها، وكان دائم التشجيع والتأييد لهذا الديوان داعياً إلى الأخذ بملاحظاته مأخذ الجد.
في 27/6/2000 شارك سامي في مناقشة الحساب الختامي لمؤسسة التأمينات الاجتماعية لعام 97/1998 وهي مؤسسة تخص كل مواطن كويتي. وقال في حديثه "لم يشرح المدير ملاحظات ديوان المحاسبة في بعض المؤسسات (التي تشارك فيها مؤسسة التأمينات الاجتماعية) وأسباب خسائرها، وبالذات قضية الصناعات الوطنية". وتساءل سامي: "ما رأي اللجنة المالية في مخالفة القوانين من قبل التأمينات الاجتماعية؟"، خصوصا أن تقارير اللجنة المالية "خالية مما ورد بديوان المحاسبة حول التأمينات وهذا يؤلمني، خاصة في بنك الكويت المتحد الذي تشارك فيه التأمينات بنسبة 29% هناك إسقاط ديون خمسة ملايين دينار ويجب توقف المالية (اللجنة المالية) عند هذا الموضوع، وديوان المحاسبة يطلب الحقيقة، فتقارير اللجنة المالية (في مجلس الأمة) لم تراع. ما ورد في تقارير ديوان المحاسبة جميعها إنما تم اختيار بعض القضايا".
نبه سامي في مناقشته إلى أخطاء الحساب الختامي للتأمينات الاجتماعية، وركز على دور ديوان المحاسبة والاهتمام بملاحظاته. "ولا أظن أن ملاحظات سامي ذهبت سدى، فالتأمينات الاجتماعية من أقوى المؤسسات في الدولة وما استمرار قوتها إلا بسبب انضباطها والأخذ بمبدأ إصلاح أي ملاحظات تمس عملها".
أما عند مناقشة ميزانية وكالة الأنباء الكويتية (كونا) فقد كان في ذهن سامي الدور الرائد لهذه الوكالة، وأشار إليه في الفصل التشريعي الثامن، ونشاطها الإخباري والإعلامي، ورأى فيها هذه المرة في 27/6/2000 "معلماً من المعالم المهمة للدولة". وكان المهم في نظره كيف "تُوجه الوكالة لخدمة الدولة"، وذلك ما ركز عليه في الفصل التشريعي الثامن، لأنه رأى في ما تقدمه "كونا" من أخبار صادقة وتحليلات ما يساعد متخذ القرار على اتخاذ القرار الصحيح والعلمي.
استند سامي إلى ديوان المحاسبة كعادته، وكان يهمه بعد ذلك نقطتان، الأولى البحث عن الإيرادات الذاتية للوكالة، خاصة أن "خدمة الوكالة تثلج الصدر"، وأشاد بخدمة الانترنت وضرورة تشجيعها. أما الثانية، فهي "صناعة الرجال، والوكالة في نظره تحاول ذلك.
وكان سامي دائماً بناء في نقده، يشير إلى موطن القوة في أي مؤسسة كويتية ويشجعها ويشيد بها، كما يشير إلى مواطن الضعف داعياً إلى تلافيها، وهو هنا يرى في "كونا" مؤسسة واعدة لنشاطها واهتمامها بتنشئة الكوادر المتخصصة وتنمية قدراتها.
كما شارك سامي في مناقشة التقرير المقدم عن التعليم التطبيقي، واستهل مناقشته بتوجيه الشكر للقائمين على هذا التعليم في 4/7/2000، وطرح سؤالاً يتعلق بمنشــآت التعليم التطبيقي وطالب بإعادة باب الإنشاءات كما هو في عام 1998/1999.
كما تساءل عن سبب الإخفاق في المبعوثين للخارج الذين ترتفع نسبتهم إلى 75% أو 50%، ويعودون للوطن عليهم ديون. وطرح سؤلاً مباشراً "عن سياسة البعثات في الهيئة". وأشار سامي إلى مشكلة المباني للهيئة وعجز في الكوادر وركز على فلسفة تخريج الكوادر القيادية الوسطية، "فنحن بحاجة إلى العمالة الفنية (الكويتية)"، كما رأى "ضرورة فصل التعليم التطبيقي عن التدريب". كان سامي ذا رؤية مستقبلية عن الوطن، لذا كان حديثه دائماً من شقين: تشخيص الواقع ونقده موضوعياً، والالتفات إلى المستقبل.
ومن الموضوعات ذات الصلة بحياة المواطن اليومية التي شارك سامي في مناقشتها في هذا الفصل التشريعي، نمط الاستهلاك والقروض وذلك بتاريخ 13/6/2000.
رأى سامي في النمط الاستهلاكي السائد في المجتمع الكويتي "إغراقاً لهذا المجتمع في بحر لا يُعرف له قرار"، لذا فهو يقول "إذا أردنا إنقاذ مجتمعنا فيجب أن تكون عندنا قدرة على إعادة النظر في واقع الاستهلاك القاتل في مجتمعنا". وضرب أمثلة على هذا النمط الاستهلاكي القاتل ورأى "في البيوت ظاهرة استهلاكية، وفي وسائل النقل ظاهرة استهلاكية". قاصداً بذلك "الإسراف في البيوت وتأثيثها وتجميلها والإسراف في شراء السيارات المتنوعة التي لا طائل من ورائها". وأردف قائلاَ "اختفت وسائل النقل الجماعي للطلاب في السبعينات"، وهو أمر دعا إلى إعادته. وليس بخاف على أحد أثر هذا الاختفاء على الاختناقات المرورية وازدحام السيارات الخاصة في توصيل الطلاب إلى مدارسهم والعودة منها، كما ليس بخاف على أحد الكم الهائل من السيارات الخاصة التي تجوب شوارعنا، يقودها الشباب بغير هدف.
وكم كان واضحاً عندما ذكر صراحة "الضرر الذي يأتي مباشرة للفرد والأسرة نتيجة لهذا النمط الاستهلاكي في الحياة"، والذي انتج في المجتمع ظواهر خطيرة أبرزها الاهتمام بظواهر الحياة وقشورها. ولم ينسَ محاولته الحد من هذه الظاهرة فوجه نداء إلى الإعلام "ليعمل على توجيه المجتمع الوجهة الصحيحة".
ذكر سامي مشكلة القروض المالية ومحاولات السعي للحد منها، وهو أمر لم يعارضه، لكنه قرنه بوجود "وجه مظلم هو المرابون الذين يستغلون الناس. وهناك وسائل الإغراء مما يجعل وسائل القروض تتجاوز إطار القانون". ولم ينسَ التعريج على استخدام حق الشيك وأثره في حياة الكثيرين وما ينتهي إليه أمر "استخدام هذا الحق من وضع كثير من الناس في السجون". وهنا يتصدى سامي إلى ظاهرة تصيب عصب الحياة في المجتمع، ونبه إلى ما يمكن أن تؤول إليه.
ومن نمط الاستهلاك، انتقل إلى قضية شغلت المجتمع وأثارت ألف سؤال وسؤال، وهي قضية ناقلات النفط، وتساءل بتاريخ 3/5/2000 "لماذ كل القضايا التي تهم المال العام أو أموال الدولة بشكل عام تخسر أمام القضاء؟ هذا يدل على أن أموال الدولة لم تعد محل جدية إن لم تكن هناك مشاركة في قضية الخسران. فالقضايا التي تتبناها "الفتوى والتشريع" عليها علامة استفهام". ورأى ضرورة التنبيه لهذا الجانب. أما مسؤولية النيابة عن القضية، فيجب أن نتوقف أمامها، وتساءل "إلى أي مدى توصلت في التحقيق؟ وإذا لم تتمكن الأجهزة المعنية في قضية الناقلات فستظل مكانك س.رّ". ورأى سامي أخيراً أن "القرار السياسي مهيمن.. وهو يتحكم في مفهوم استقلالية القضاء".
لقد تحدث سامي بما رآه واجباً عن هذه القضية التي شغلت الرأي العام في الوطن، "وكانت موضوع تراشق وتبادل اتهامات بين صحيفتي القبس والوطن، هي وقضية الاستثمارات الكويتية في إسبانيا، ولم تعد أسماء المتهمين في هذه القضية سراً، ومنهم من سلم نفسه للقضاء ومنهم من لا يزال خارج البلاد. وينبغي القول هنا إن السلطة التنفيذية لم تسكت عن القضية أو تتراخى، فتابعتها في المحافل الدولية ولا تزال، ونأمل ألا يفلت من العقاب أحد من المتهمين".
وبتاريخ 4/12/1999 شارك سامي في مناقشة برنامج الحكومة الخاص بالأمن الاجتماعي ومكافحته المخدرات، والتنمية البشرية العسكرية. وكان متحفظاً في حديثه عن المؤسسة العسكرية لكنه لم يُخف. آلامه بقوله "موضوع التسلح موضوع آخر مثير للجدل وموجع للقلب". ويرجو من حكومة الكويت "إجابة عن تصريحات وزير الدفاع الأميركي بشأن توسيع القاعدة حول ميناء الدوحة. إلى الآن لا نعرف ما حقيقة ما يحدث. نتلقى أوضاعاً من خلال الجرائد وتصريحات الآخرين". ويطلب سامي "إعادة النظر في سياسة التجنيد". وعاد في 2/5/1999 إلى المشاركة في مناقشة أمر المؤسسة العسكرية في مجلس الأمة، ورأى أن "على مجلس الأمة اختيار الوقت المناسب لفهم بعض القضايا بالمؤسسة العسكرية، إذ لم تعد هذه المؤسسة مرتبطة بالعدد بل بالكفاءة والقدرة، قدرتها على استيعاب الأسلحة المتطورة. والمهم كيف نسعى إلى تطوير المؤسسة العسكرية وفق حاجات الكويت الفعلية". وهو على حق في ما يقول، فالمؤسسات العسكرية المتقدمة تعتمد النوع وليس العدد وتعتمد التكنولوجيا المتقدمة والأسلحة المتطورة.
كما شارك سامي في مناقشة موضوع آخر رآه مرتبطاً بالأمن الوطني، ففي 29/2/2000 انبرى سامي لتفنيد الآراء حول تطوير حقول الشمال (النفطية) والتعامل مع الشركات الأجنبية، وأشار "إلى احتكار شركة ريدادير لمدة سنتين ونصف السنة في إطفاء حرائق آبار النفط التي أشعلها الغزاة قبل هزيمتهم في 26/2/1991، وكيف أنجزت الكويت الأمور في شهور وكسرت احتكار الشركة الأجنبية". وأشار إلى بيان 24/4/1999 وبيان وزير النفط حول اختيار شركات النفط العالمية لتطوير حقول النفط. وذكر سامي "أن هناك فريقين بشأن هذا الأمر، فريق مخاوف يعتمد على التاريخ (ويقصد تاريخ شركات النفط الاستعمارية التي استغلت نفط الكويت بشراهة)، وفريق مشاركة شركات النفط العالمية في حقول الشمال".
وخلص إلى القول "إن الموضوع له ارتباط بالأمن الوطني للكويت، وقد تساعد حقول الشمال على الأمن الوطني من خلال وجود شركات أجنبية". وذكر أن استيراد الكويت من الدول الصناعية يصل إلى ثمانية مليارات دولار.. والمهم في نظره هو احتياطي النفط وهو ما دفع بالكويت إلى الشركات الأجنبية.
واضح أن سامي – رحمه الله – كان يميل إلى الرأي القائل بالاستعانة بالشركات الأجنبية لتطوير حقول الشمال، وهو ما يبدو في الأفق أنه سيكون كذلك وفق المصالح الوطنية العليا للكويت. وكان هذا الموضوع أيضاً ولا يزال موضع اهتمام الرأي العام ومجلس الأمة والصحافة الوطنية، لكنه لم يحسم نهائياً حتى الآن.
ولم يغفل سامي دور المؤسسة العسكرية في الحياة المدنية، فقد دعا في 14/7/2000 في مجلس الأمة "إلى الاستفادة من الطاقات العسكرية"، قاصداً المنشآت العسكرية في الحياة المدنية. لم يكن سامي متردداً في مناقشة أي أمر يمس مصلحة الوطن، حتى لو كان ذلك على نفسه، وعلى المؤسسة التشريعية (مجلس الأمة) التي هو عضو فاعل فيها. ففي 7/3/2000 شارك في انتقاد الأداء الديموقراطي والعمل البرلماني قائلاً:
"حرصنا على هذه المؤسسة (مجلس الأمة) يبدأ أولاً وقبل كل شيء ليس بالفهم الصحيح لللائحة، إنما بأداء الأشخاص والأعضاء بالدرجة الأولى. أتمنى من خلال المحبة والصدق في الأداء أن نبدأ في عملية الديموقراطية وفق ما رسمته اللائحة الداخلية".
"هناك إحساس لدى الجميع بأن إنتاجيتنا (كأعضاء مجلس أمة)، تراجعت وتدنت، وهذا ما أدى بالبعض إلى التفكير في إعادة النظر في اللائحة الداخلية وفق الحاجة. المعالجة عن طريق هذا الاقتراح خاطئة خشية التجاوز على الأداء".
وأكمل حديثه قائلاً: "العمل الديموقراطي والعمل البرلماني لا يمكن حصرهما في عدد جلسات المجلس بل هما ركيزته الأساسية.. يجب أن تكون هناك ندوات أسبوعية لتثقيف الناس وإدراك أبعاد العمل الديموقراطي في مستوياته المختلفة، وكلما خلقنا ندوات سياسية وأمنية وأمناً وطنياً واجتماعياً كان ذلك أفضل، والقيمة هناك بالأفكار التي طرحناها والقضايا التي نوقشت".
"إذا كانت هناك متابعة شعبية كان هناك إنجاز، كأن تكون جلسات مسائية (لمجلس الأمة) وليس صباحية، أي ترك الوزراء يمارسون دورهم (صباحاً) ومجلس الأمة يمارس دوره (مساء)، فالجلسات الليلية تساعدنا على العمل والمتابعة وإثراء النقاش بشكل صحيح. والجلسات الصباحية على حساب السلطة التنفيذية.. وإذا أردنا ذلك (ما ذهبت إليه) نأخذ قرار توصية وليس تعديل اللائحة الداخلية ونجرب هل ننجح أم لا".
أراد سامي من أداء مجلس الأمة أداء منتجاً فاعلاً، وأراد توضيح مفهومه للديموقراطية في مجلس الأمة وخارجه، وتطلع إلى توفير الوقت المناسب لمشاركة الوزراء في جلسات مجلس الأمة حتى يقضي على الشكوى من غياب بعض الوزراء عن الجلسات، ولا أحد يعارض هذا الرأي لكنه لم يخضع للتجربة.
كانت الصحافة وحريتها جزءاً لا يتجزأ من حياة سامي، وعمل ما في وسعه على تحقيق الحرية لها، ومقاومة المادة 35 من قانون الصحافة، التي تحد من هذه الحرية.
وفي هذا الفصل من دور الانعقاد العادي الأول في 5/2/2000 يتحدث عن تعطيل إحدى الصحف ويقول: "المادة 35 من قانون المطبوعات ضد تعطيل الصحف. لم يسبق أن تم سحب امتياز جريدة منذ 1962. وهناك تعطيل إداري لجريدتي السياسة والأنباء".
"يجب على مجلس الأمة أن يقف وقفة شجاعة ويقول ماذا يحدث في هذا البلد. أين تتجه القرارات؟ وما النوايا التي رسمت لوطننا؟ من الضروري عقد جلسة خاصة لمناقشة أوضاعنا. ما حدث أمس من إغلاق صحف تتويج للقلق العام". ويطلب سامي استخدام المادة 102 من الدستور بعدم التعاون مع الحكومة.
كان سامي ينشد التعاون بين الحكومة ومجلس الأمة في حل مشكلات الوطن، ولكن طلبه لهذا التعاون امتد إلى ضرورة تعاون جمعيات النفع العام والجمعيات المهنية، ورأى "في إشراك المواطنين عن طريق الجمعيات توفيراً للوقت والجهد". وسرعان ما ينتقل في 4/12/1999 إلى مناقشة برنامج الحكومة ككل، وليس تعاون الجمعيات، ويرى أن مناقشة هذا البرنامج من الأمور المهمة "الذي بالتأكيد يعطينا فرصة (كمجلس أمة) ويعطي الحكومة كذلك لخلق الأجواء الصحية المطلوبة لتحقيق إنجاز".
وضوح البرنامج الحكومي
ورأى سامي "أن لغة البرنامج الحكومي راقية، إذ تقول برؤية جديدة تقوم على أساس من الوضوح والصدق مع النفس ومن الاقتناع بحتمية التغيير والثقة بقدراتنا على الفعل المؤثر لإحداثه". هذا ما تقوله الحكومة ولكن سامي يقول:
"ليت هناك ترجمة عملية لهذه العبارة الرائعة (التغيير) تغيير الوكيل أو الوكلاء مع وصول الوزير الجديد. لكن التغيير المطلوب هو إجراءات عملية ملتزمة بالمؤسسات الدستورية، والعبارات الإنشائية لا تمثل الواقع وتبث القلق والإحباط".
هكذا كان رحمه الله ينشد الفعل المؤثر لا الحديث عنه. ونعتقد أن نقده الموضوعي ما كان ليذهب أدراج الرياح، فكثير من آرائه، على قسوتها، كانت محل تقدير من زملائه في المجلس ومن أعضاء الحكومة ويؤخذ بها بجدية.
كان سامي – رحمه الله – مؤيداً لحقوق المرأة السياسية، ولم يكن يرضى عن أي مقاومة لهذه الحقوق، سرية كانت أم علنية. وكان منسجماً مع قناعته ومع الرغبة الأميرية التي تعطي المرأة حقوقها السياسية. وندد بالنوايا ضد هذه الحقوق في 23/7/1999 قائلاً "هناك نوايا ضد حقوق المرأة، والسياسة تريد حرمان نصف المجتمع، أما نحن فلنستجب للرغبة الأميرية، فذلك اتجاه حميد يعزز الديموقراطية". إن ما تمناه سامي أصبح واقعاً، فقد نالت المرأة الكويتية حقوقها السياسية بعد موافقة مجلس الأمة عليها. وأصبحت وزيرة تحتل منصب وزير التخطيط والتنمية الإدارية في عام 2005 والمواصلات والصحة والتربية والاسكان فيما بعد.
آخر المداخلات
وربما كانت آخر مداخلاته في مجلس الأمة بتاريخ 11/7/2000 أمام لجنة الشؤون الخارجية، فقد أشاد بالاتفاق مع المملكة العربية السعودية بالمناصفة النفطية التي حققتها الاتفاقية (في المنطقة البحرية)، كما أشاد بالمفاوض الكويتي الذي تمكن من تحقيق المصالح الكويتية الوطنية وتعزيز العلاقات مع المملكة العربية السعودية. وربما كان آخر حديث في مجلس الأمة الذي عايشه منذ 1963 منسجماً مع مبادئه الدستورية التي يطمئن إلى تطبيقها على يد المخلصين، عندما قال: "الاتفاقية تمت وفق المادة 70 من الدستور، إذ لا ملاحق غير معلنة فيها" وتنص المادة 70على:
"يبرم الأمير المعاهدات بمرسوم ويبلغها مجلس الأمة فوراً مشفوعة بما يناسب من البيان. وتكون للمعاهدة قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية.
على أن معاهدات الصلح والتحالف، والمعاهدات المتعلقة بأراضي الدولة أو ثرواتها الطبيعية أو بحقوق السيادة أو حقوق المواطنين العامة أو الخاصة، ومعاهدات التجارة والملاحة، والإقامة، والمعاهدات التي تحمل تعديلاً لقوانين الكويت، يجب لنفاذها أن تصدر بقانون.
ولا يجوز في أي حال أن تتضمن المعاهدة شروطاً سرية تناقض شروطها العلنية".
كان سامي في هذا الفصل التشريعي رئيساً للجنة الدفاع عن حقوق الإنسان التي أنشئت سنة 1992، ويبدو أن هذه اللجنة لم تكن تلقى الدعم أو الترحيب في مجلس الأمة، ربما لأن معظم اهتماماتها كان بالوافدين. ويذكر د. أحمد الخطيب ذلك صراحة "الحكومة أرحم مليون مرة من أعضاء مجلس الأمة في قضايا حقوق الإنسان" . ويؤكد محمد مساعد الصالح شيئاً مما ذهب إليه الدكتور الخطيب عندما قال "أنا اعتبرها - لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان- ليس لها سلطة، ولا سمعة كبيرة جداً، صارت نوعاً من الديكور، يعني مهما كان دورها كلجنة حقوق الإنسان، ألا يمكن أن تقوم بزيارة إلى سجن طلحة وزيارة الأحداث؟ أنا لا أرى لها دوراً كبيراُ" .
رحيل سامي
رحم الله سامي رحمة واسعة. فقد شاء القدر أن يؤدي فريضة الحج سنة وفاته، كما شاء القدر أن تكون خاتمته حسن العمل والأداء والتوجه إلى الله سبحانه. فقد دأب في آخر فصل تشريعي له على بدء حديثه بالبسملة وكان مؤدياً لصلواته في أوقاتها كما شهد بذلك صحبه.
لقد كان، رحمه الله، كما وصفه النائب محمد جاسم الصقر "ضمير مجلس الأمة لا تحكم سلوكه ومواقفه إلا المصالح الحقيقية للوطن والمواطنين. إن غيابه خسارة فادحة للعمل الوطني والسياسي، وهذا الذي جسد دائماً البعد القومي العربي لقضايا الكويت" إن شعباً أنجب سامي قادر على إنجاب غيره، وليس لنا إلا أن نشارك الجميع تفاؤلهم في أن يعوض الله وطنه الكويت بسامٍ غيره. كان لوفاة سامي أحمد المنيس في 23/8/2000 رنة حزن وألم عميقين لا في الكويت وحدها ولكن في معظم أقطار الوطن العربي، وقد رثاه الراثون على صفحات جرائدهم، كما أرسل آخرون منهم رثاءه إلى مجلة الطليعة ومن لم يرث بعث برقية عزاء إلى ذويه وأصدقائه.
لقد لقي المرحوم سامي المنيس الاحترام والتقدير من أميره ومن شعبه ومن محبيه حياً وميتاً، إذ سرعان ما أمر الشيخ جابر الأحمد عند سماع نبأ وفاته بإرسال طائرة خاصة حملت جثمان الفقيد من جمهورية مصر العربية التي أحبها وارتبط بأوثق العلاقات مع مثقفيها، حيث فاضت روحه، إلى وطنه الكويت الذي عاش معززاً على أرضه ودافع عن مصالح شعبه حتى النفس الأخير، ليدفن في ثراه وسط حشد من المشيعين له في جنازته قلّ نظيره من أبناء شعبه والحكومة عند التشييع إلى مثواه الأخير. "أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض" صدق الله العظيم.
تاريخ مجيد يجسد العلاقة التاريخية والديمقراطية في بلد النهار العربي ,,المنيس والخطيب والثنيان من صفوة الزعماء الديمقراطيين ..تحياتي لكل حر في بلاد المسلمين ,,