85 % من المفردات الكويتية ذات أصول فصيحة
القبس - اليوم
اللهجة الكويتية تمتاز بخصائص هي من أساسيات اللغة مثل التصغير، والتحريك والتخفيف، كما ان اكثر من %85 تقريبا من المفردات الكويتية هي ذات اصول فصيحة.
ولقد تناول الكتابة عن المفردات الكويتية ذات الاصول العربية اساتذة افاضل، قدموا لنا خلال مؤلفاتهم شرحا وافيا للكثير منها، امثال الدكتور يعقوب الغنيم والاستاذ عبدالله خلف والاستاذ ايوب حسين والاستاذ ابراهيم عبدالرحيم العوضي، واخيرا الاستاذ عبدالله احمد الخضري.
ولعل اولى هذه الكتابات ما نشره مؤرخ الكويت الاول الشيخ عبدالعزيز الرشيد عن المفردات الكويتية ذات الاصول العربية في مجلة الكويت التي اصدرها عام 1928م.
اما عن المفردات الاجنبية في اللهجة الكويتية، فهي تشكل حوالي %15 منها، ومن خلال تتبع المفردات الاجنبية في لهجة ما يستشف الباحث مدى علاقة تلك الدولة بجيرانها وبالدول التي تتعامل معها تجاريا واجتماعيا على مدى تاريخها.
واللهجة الكويتية يتخللها العديد من المفردات الاجنبية بحكم علاقتها التجارية قديما مع جيرانها ومع الدول الاخرى البعيدة كباكستان والهند وشرقي افريقيا.
فمن خلال علاقتنا وقربنا النسبي مع جارتنا ايران وعلاقتنا التجارية معها انتقلت الينا الكثير من الكلمات الفارسية، كما ان المفردات التركية انتقلت الينا عن طريق العراق، حيث إن اللهجة العراقية تحتوي على العديد من المفردات التركية لقرب البلدين من بعضهما بعضا، وايضا لمرور الحجاج الاتراك قديما بالكويت ومكوثهم فيها لعدة ايام.
اما اللغة الانكليزية فدخلت الى الكويت اولا عن طريق الارسالية الاميركية مع افتتاح المستشفى الاميركاني، وشركة الكرمكنزي وشركة الكويت الــKOC. وكذلك مع التجارة وربابنة السفن وبحارتها الذين كانوا يمضون عدة ايام في موانئ الهند، حيث إن الهنود كانوا يتحدثون اللغة الانكليزية، اضافة الى لغتهم الاصلية. وهذا ينسحب ايضا على اللغة السواحلية التي توجد بعض مفرداتها في اللهجة الكويتية القديمة، نظرا لاتصال الكويت بالساحل الشرقي الافريقي من خلال التجارة البحرية التي استمرت طويلا.
وهناك بعض المفردات من اللغة الإيطالية دخلت قديما الى اللهجة الكويتية عن طريق الاتراك، ومن هذه المفردات: عرابية، سكربيل، اسكلة، بنديرة، تركيت. دخلت هذه المفردات بمسمياتها وجرت على ألسنة الناس منذ ذلك الحين. وبما ان المفردات الايطالية تحتوي على العديد من مفردات المال والاعمال، فقد اخذنا عنها بعض المسميات الحديثة مثل: رصيد، بورصة، فاتورة، فترينة وكمبيالة.
اما اللغة الفرنسية فمعروف عنها انها لغة الزينة والعطور والمستحضرات الطبية والعلمية، والملابس، والديكور والاثاث، فقد دخلت معظم مفرداتها الى اللهجة الكويتية منذ منتصف القرن الماضي، نظرا لسهولة الانتقال وتوسع التجارة مع الدول الاوروبية عامة.
وهناك بعض الكلمات التي ذابت في اللهجة الكويتية، وهي من لغات ولهجات قديمة جدا مثل الآرامية والسريانية والسنسكريتية (الهندية القديمة)، ولكنها كلمات قليلة جدا.
واغلب الكلمات القديمة سواء كانت اجنبية او من اصول عربية التي كان يتحدث بها القدماء بدأت تنحسر شيئا فشيئا عن حياتنا الحاضرة، وظهرت عوضا عنها كلمات حديثة تناسب الحياة العصرية والمخترعات الحديثة.
فاللهجة العامة تتغير بسرعة، وهي مفتوحة لكل مفردة حديثة بمجرد ان يرددها الانسان تصبح بعد فترة وجيزة كلمة عامية مستساغة.
وتغلغل المفردات الاجنبية ليس مقصورا على اللهجة العامية، فحتى لغتنا الفصحى دخلت اليها وامتزجت بها كلمات اجنبية كثيرة منذ القدم ولاتزال نظرا للتطور العلمي والتكنولوجي.
وفي الختام لا يسعني الا ان اثمّن الجهد الكبير الذي بذله الاستاذ خالد عبدالقادر الرشيد في تقصيه لمعظم المفردات الكويتية سواء القديمة منها او التي لاتزال تتداول على ألسنة الناس، وسيظل هذا العمل اللغوي المهم مرجعا رئيسيا لجيلنا وللاجيال القادمة، ولا عجب فالاستاذ خالد عبدالقادر الرشيد هو احد احفاد الشيخ عبدالعزيز الرشيد، مؤرخ الكويت الاول، ومؤسس اولى المجلات الثقافية العلمية الجامعة.
خالد سالم محمد
رابطة الأدباء ــ الكويت
|