جريدة القبس مرشد العصيمي.. ملامح من الذاكرة
حتى سنوات اخيرة.. إذا أردت الذهاب الى دبي ورغبت في زيارة الاسواق القديمة، فعليك السؤال عن «سوق مرشد»، فمن مرشد يا تُرى؟ طبعا كثيرون لا يعرفون من هذا الرجل الذي اسس هذا السوق، وكادت ملامحه تختفي من الذاكرة.
من المؤسف ان اسم السوق قد تغير اخيرا الى اسم آخر، ولكن بقي اسم «مرشد» يتردد بين العامة. فالاسم يعود الى التاجر الكويتي مرشد راشد القحطاني العصيمي الذي اكتسب اسم شهرته على خاله دخيل العبدالمحسن العصيمي الذي استشهد في معركة الجهراء.
ووفقا لرواية حفيده الاستاذ محمود الفليج الذي ذكر بأن جده مرشد العصيمي وهو جده لوالدته، ولد في الكويت وعاش فيها حتى عام 1944، وبحثا عن الرزق ولعصاميته، انتقل الى دبي، وعمل بالتجارة وعاش ردحا من الزمن هناك، وحقق نجاحا كبيرا في تجارة العقارات وكانت امارة دبي في بداياتها.
وأطلق الكاتب محمد ابراهيم الشيباني على مرشد العصيمي لقب «ابو المعلمين» في عموده الذي نشر في جريدة القبس، حيث كتب في 2009/4/25 وذكر بأن المدرسين يطلقون على مرشد العصيمي لقب «أبو المعلمين»، فهو التاجر الكويتي الكبير في دبي، فجميع مشاكلهم حلها عند هذا الرجل الطيب، فقد كان يدفع شهريا مرتبات المدرسين المنتدبين من الكويت والاقليم المصري للتدريس في امارات ساحل عمان كافة، وفي آخر العام يتولى هو محاسبة المسؤولين في المعارف عن المبالغ التي دفعها، وهذا ما جاء في مجلة العربي عدد 22 عام 1960.
أما الاديب احمد السقاف، ففي حوار معي في 2009/5/30 يقول ان مرشد العصيمي كان صديقا حميما، ويعرفه تمام المعرفة، فهو شخصية ودودة مرحة يحب النكات، وجاد ونشيط في عمله، فيذكر بأن حكومة الكويت عندما ارادت في اواخر الخمسينات والستينات ان تقدم مساعدات في الخدمات التعليمية الى امارات ساحل الخليج، راحت تبحث عن شخصية تقوم بذلك، ولم تجد افضل من التاجر الكويتي المقيم في دبي مرشد العصيمي، ورغم انه قبل المهمة، لكنه قبلها تطوعا ومن دون مقابل، وقام بالمهمة خير قيام حتى تم انشاء الهيئة العامة للخليج والجنوب العربي.
لعب مرشد العصيمي دورا كبيرا في متغيرات سياسة امارة دبي، وكان من جلساء الشيخ راشد بن مكتوم، حاكم دبي آنذاك، وملامح من هذه العلاقة يشير اليها كريستوفر ديفيدسون مؤلف كتاب «دبي.. للنجاح ثمن» مطبوعات جامعة كولومبيا في نيويورك، وقام بترجمته للغة العربية الاستاذ فضل سالم، ونشر على حلقات في جريدة القبس في اكتوبر 2008 في عشر حلقات.
يقول مؤلف الكتاب في احد الفصول «ومن الوجوه البارزة في تلك الفترة، ويعني اواخر الخمسينات، مرشد العصيمي، وهو تاجر اصله من الكويت، سبق له ان اعرب عن تأييده القوي لدبي خلال الحروب القبلية التي شهدتها في الاربعينات، كما انه تولى معظم المساعدات التي قدمتها الكويت لقطاع التعليم في الامارة، وقد عمل على بناء ثروة كبيرة من وراء استيراد المواد الغذائية، خاصة في وقت كانت المنطقة تعاني نقصا شديدا في المواد الغذائية».
ويقول ديفيد سون ايضا إن ثروة مرشد العصيمي الكبيرة ومركزه الاجتماعي المرموق سببان في ان اصبح واحدا من مستشاري الشيخ راشد بن مكتوم، ودليلا على المكانة التي يتمتع بها فقد كان يقيم محاكم خاصة في منزله لفض النزاعات على الطريقة القبلية، لكنه بعد ذلك اوقفت هذه المحاكم التي يقوم بها الاعيان ومنهم العصيمي وبن سليم بعد ان استحدثت محاكم رسمية.
وحتما فان لمرشد العصيمي دوراً كبيراً في حياة تلك الامارة في تلك الفترة، ونحتاج الى باحث متخصص للغوص في حياة الرجل، الذي طالب محمد الشيباني ونطالب بعدم نسيان دوره وتخليده وفقا للمكانة التي لعبها في تلك الفترة.
ورغم ان مرشد العصيمي قضى فترة من الزمن في دبي لكنه عاد الى الكويت في عام 1972 نهائيا، وراح يتنقل بين الكويت ودبي والقاهرة، وللعصيمي ثلاث بنات وابن اسمه خالد توفي في سن مبكرة. ويروي السيد يعقوب الفليج أن جده مرشد العصيمي، رحمه الله، توفي في الكويت في الثالث من يناير عام 1975 بعد ان استقر فيها، وليس كما جاء في مقالة الاستاذ محمد الشيباني بان وفاته كانت عام 1974.
حمد الحمد
|
العرض العادي
