حسين سليمان القطان: عاصرت تأسيس فرقة التمثيل بالجيش سنة 1957 حينما التحقت به عسكريا
كنا نعالج كثيراً من قضايا المجتمع عبر أعمالنا الفنية
حسين سليمان القطان: عاصرت تأسيس فرقة التمثيل بالجيش
سنة 1957 حينما التحقت به عسكريا
في قسم التوجيه المعنوي سنة 1963
إعداد : سعود الديحاني |
الحياة محطات عدة يطرقها الانسان وتختزلها ذاكرة ضيفنا اليوم حسين سليمان القطان يحدثنا عن مسيرته، فيقف بنا في كل محطة فيحكي لنا عن أيامه ولياليه فيها، درس في مدرسة النجاح وعمل في البنيان مع عدة اساتدة، ثم طرق مهنة النجارة والحدادة بعدما التحق عسكريا في الجيش الكويتي فعاصر تأسيس الفرقة الفنية فيه فلنترك له ذلك:
توفي والدي قبل اربعين سنة، وكان عمله الأساسي الذي ورثه من والده هو عمل القطانة اي العمل بالقطن ومن هذه المهنة اكتسب الاسم، كان يعمل دواشق ومساند وفرشاً، وبيتنا كان في شرق، ثم انتقلنا إلى دروازة عبدالرزاق، أما محل الوالد الذي يمارس فيه مهنته فهو في (الخان) وهو قبل مرتفع البهيتة، وكانت هناك محلات كثيرة منها، محل الوالد وكان بالقرب منه الميدار الذي كان يعمل فيه حلويات الهردة وهي لصاحبها الشمالي وكان محل الحاج مكي بالقرب منا وكثير من المحلات التجارية. ومن الامور التي تذكر على مهارة الوالد وتميزه في صنعة القطن انه حينما زار ملك المغرب دولة الكويت ايام حكم الشيخ عبدالله السالم طُلب من الوالد ان يصنع له فراشا (دوشق) فجعل بجميع الجهات وسائد فمن اي جهة يضع رأسه يجد وسادة دونما ان تخل في شكل الفراش فكان شكلا مبدعا صُمّم يدويا والذي دفعهم إلى ذلك شهرة الوالد ومعرفة الشيوخ به بأنه هو الذي كان يصنع لهم الفرش والمساند.
تباب
البحر كان لي نصيب فيه حيث انني ركبت تبابا، في الغوص وكنت مع النوخذة العبكل وكان معنا في رحلة خالي حسين غيص وانا كنت صغيراً في السن وأصررت على ان ارافق خالي.
الدراسة
دراستي بدأت عند الملا صالح وهي دراسة على النمط القديم نجلس على الارض ونكتب على الالواح ونقرأ القرآن الكريم وكانت مدرسة الملا في فريج البحر، واذا أتمَّ احدنا ختم القرآن الكريم عملنا له زفة وخرجنا نحتفي به وانا لم استمر طويلا عند الملا صالح لكن فحفظت بعض السور. وعندما فتحت المدارس الحكومية دخلت في الفترة المسائية في مدرسة النجاح وكان عمري انذاك يقارب العاشرة، وبعد مضي ثلاث سنوات في الدراسة مارست التمثيل عندما تم اختياري من قبل احد المدرسين انا وبعض الزملاء وقمنا بعمل مسرحي، كان موضوعه دائرة الشؤون وتناولنا موضوع توزيع البيوت وكان اعضاء فريقي، علي صالح القطان وعبدالوهاب الدوسري وكان رئيس دائرة الشؤون احمد الرجيب ونائبه هو محمد النشمي ونائبه صالح العجيري.
الحداد
عملت انا أخي مع الأكبر مني في الحدادة نصنع ما يحتاجونه القلاليف الذين يصنعون السفن من مسامير وحدائد، وكنت في ذاك الوقت صغيرا في السن وعملت ايضا في البنيان مع الاستاد الاسطى أحمد وخليفة البحوه وابراهيم الخميس، وكان عملي مع الاسطى احمد في قصر دسمان، اما الاستاذ خليفة البحوه فكان عملنا في منطقة الدمنة التي هي الآن السالمية والبنيان الذي كنا نعمله هو قصر الشيخ فهد السالم، وقصر الشيخ صباح السالم وكنت اتقاضى في اليوم الواحد نصف روبية بعدها زادت إلى روبية وربع الروبية، كنا نجلس في الصباح الباكر عند مرتفع البهيته بعد صلاة الصبح، والبهية مقابل مجلس الوزراء، يأتينا الاستاذ خليفة البحوه ويأخذنا وكنا نشطاء في القوة، ثم يذهب بنا إلى دسمان حيث عملنا هناك ... كنا نبي غرفاً كبيرة ثم تقسم إلى غرف صغيرة وكان لا احد يستطيع ان يصف «كندل» الا انا وآخر اسمه عبدالرزاق الحوري لانها فيها صعوبة فنحن نمشي بسرعة على سقف وضع «الكندل» بكل خفة وسرعة لان هناك خطراً على من يفعل هذا من الوقوع، وبعدما نضع الكندل وهو سقف البنيان نأتي ونضع فوقه «الباستيل» والعمل متواصل من الصبح إلى المغرب وكان عمري لا يتجاوز عشرة اعوام، ثم ذهبنا مع الاستاذ خليفة البحوه إلى قصر الشيخ فهد السالم في السالمية ثم المسيلة حيث قصر الشيخ صباح السالم ثم آخر صارات دائرة الاشغال وعملت بها نجارا مع الحجي ابراهيم وكان ذلك سنة 1954 ونجارة الاشغال خاصة لمباني الاشغال.
الصخر
اذكر حينما كنت مع الاستاد خليفة البحوه اخذنا إلى النقع البحرية وهي لها سياج صخري داخل البحر وكنا نرمم ونصلح بعض الانهيارات التي بها ونجعل الصخر مرصوفا وكنا وقت الشتاء القارس ولم نكن نلبس نعلا مع البرودة والجو القارس ونعمل بكل جد واجتهاد والله سبحانه وتعالى خير معين لنا.
الأشغال
من اتقان والدي لعمل القطانة انه في وقت الشيخ فهد السالم عمل في الاشغال لكن حينما كان في الدكان يفتح محله الساعة السابعة ويعود الظهر ثم يرجع وقت العصر حتى المغرب، وكثير من الناس تعلم حرفة القطانة من الوالد ويكون لهم باب رزق وكان الوالد يتمتع بشخصية محبوبة وييسر على الناس وهينا لينا معهم.
الجيش
التحقت بالجيش، كان محله بالورشة العسكرية بالقرب من نايف وعمري ستة عشر عاما، ولم يوافقوا عليّ الا بعد إلحاح شديد وقد احضرت لهم وثيقة بيتنا كمستند رسمي يطلب ممن اراد دخول السلك العسكري وكان رئيس الورشة العسكرية في ذلك الوقت يعقوب البصارة وكان الشيخ عبدالله المبارك رئيسا للأمن العام في هذا الوقت يتفقد المتدربين الجدد ويحفزهم حينما يراهم في التدريب بكلمات تشجيعية فيقول اياها السباع، ايها الرجال وكان الجند محببين لديه وكان مخلصا للكويت واهلها، اما المدربون الذين تولوا تدريبنا اذكر منهم صعفق عبود ومحمد الذيب وكان تدريبنا في الفترة الصباحية وحينما فتحت المدرسة العسكرية في منطقة جيوان انتقلنا اليها وكانت مدرسة متكاملة فأتممنا بها الدورة وكان معي في هذه الدورة زملائي الذين شاركوني في التمثيل، وبعد التخرج ذهبت إلى التوجيه المعنوي وكان مخصصا في الاذاعة الكويتية برنامج للجيش الكويتي اسمه «ركن الجيش» وهذا الذي دفعني ان اكلم المسؤول عنا في التوجيه وكان فلسطيني الجنسية اسمه محمد واقول له انني انا وزملائي عندنا القدرة ان نقدم أعمالا اذاعية، فسرّ بذلك لان الذين كانوا قبلنا كانت اعمالهم ضعيفة فذهب المسؤول وأخبر الشيخ مبارك عبدالله الجابر ان لدينا ممثلين عندهم القدرة والاستطاعة، فاستدعانا الشيخ مبارك عبدالله الجابر رئيس الاركان وكان معي زملائي الممثلون مكي القلاف، وأخوه كاظم القلاف، وعلي صالح القطان وموسى الهزيم ومحمد الحشاش وفلاح الخفاجي وعبدالوهاب الدوسري فطلب منا الشيخ مبارك الجابر ان نعمل له عملا ونأتيه في الغد وفعلا جهزنا العمل وأتينا الشيخ وعرضناه عليه فوافق الشيخ وسر بذلك العمل وفرح وأوصى بان نتولى العمل الاذاعي الخاص بعمل الجيش الذي يشرف عليه التوجيه المعنوي، وكان المسؤول عن التوجيه المعنوي العقيد وجيه مدني وفي بداية عملنا ونشاطنا الاذاعي، كنا نقوم بالتسجيل في الاذاعة ثم تم تجهيز استديو خاص بنا وكنا انا وزملائي فريقا واحدا نؤلف الاعمال ونوزع الادوار بيننا وكانت تعرض اعمالنا في الاذاعة مرتين كل اسبوع وكانت تعالج القضايا بشكل كوميدي وكنا في العمل الفني نتكون من بروك وام بروك ومعهم الخال والعم، وقد لاقى البرنامج نجاحا باهرا وكان يذاع مساء يومي الاثنين والاربعاء وكان الناس ينتظرونه بشغف كبير لانه كان يعالج مشاكل المجتمع بطريقة كوميدية وكذلك قمنا بعمل مسرحيات للجيش أيام ازمة قاسم وعرضنا على أحد مسارح الجهراء وقد حضرها جمع من القوات التي جاءت للكويت في تلك الازمة لكن لم يكن في تلك الايام تسجيل لهذه الحلقات وكذلك حضر هذه المسرحية قادة الجيش الكويتي. وتعاونا في ما بعد مع الهلال الاحمر حينما كان مسؤولا عنه الدكتور عبدالرحمن العوضي فكنا نقوم ببعض الاعمال ونتجول على المستوصفات ونحفز الناس ونحثهم على التبرع بالدم ومن خلال هذه الاعمال تعاونا مع التلفزيون الكويتي حينما كان مسؤول عنه الاستاذ محمد السنعوسي ولنا اكثر من ستمئة شريط كانت تحتوي على اعمال قدمناها للجيش الكويتي واستمررت في الجيش في التوجيه المعنوي حتى منتصف السبعينات ثم قدمت تقاعدا برتبة وكيل اول، اما على المستوى الشخصي لي فقد كانت لي اعمال مع مسرح الخليج وآخر عمل قمت به هو مسرحية سيف العرب.
أبو طبيلة
علاقتي في شخصية أبو طبيلة بدأت ونحن نسكن في دروازة عبدالرزاق وكنت ارى ابو طبيلة يمر في الفرجان وهو شخصية متدينة يقوم بإيقاظ النائمين لتناول السحور وكان كل عدد من الفرجان له ابو طبيلة خاص به، والمساعدات التي يتلقاها يقوم بتوزيعها على الأسر المتعففة والناس المحتاجة وهو حلقة وصل بين الناس وأصحاب الحاجات. ومن المقولات التي ينشدها حينما يتجول بين البيوت «لا إله إلا الله، محمد رسول الله» يا نايم يا نايم اذكر ربك الدايم اشرب من ماي القراح قبل ما يجيك الصباح وقم صل وقم صوم واتسحر من المقسوم والغفران من الله لا إله الا الله وحين انتهاء شهر رمضان يقوم ابو طبيلة بتوديع الناس وهو يبكي حزينا على فراق الشهر الفضيل وقد احييت هذا الموروث من خلال اداء دور ابو طبيلة في كثير من المناسبات الوطنية والاحتفالات وزياراتي للمدارس.
الزوج
تزوجت وكان عمري سبعة عشر عاما وكان عقد القران عند الشيخ البصير ورزقني الله بخمسة اولاد وست
«ابوطبيلة» في احدى المناسبات الوطنية
... ومع الاحفاد
... وجالساً بين حفيديه
حسين القطان «بوجسوم» يستعيد ذكرياته (تصوير موسى عياش)