النوخذة جاسم عيسى العصفور
لـ(يعقوب يوسف الحجي)
من كتاب (نواخذة السفر الشراعي في الكويت)
سعى النوخذة جاسم ليصبح نوخذة سفر مثل إخوته من قبله، فركب أول مرة مع أخوه النوخذة محمد ليتعلم عنه قيادة السفن الشراعية وأساليب الملاحة والقياس، وكان معه (في سفينة التاجر فلاح الخرافي) حين وصلوا إلى ميناء كولمبو في جزيرة سري لانكا (أو سيلان سابقا). وفي رحلاته هذه مع أخيه كان النوخذة محمد يقيس مواقع السفينة ويحسب خطوط الطول والعرض في ورقة ثم يعطيها لأخيه جاسم لكي يراجعها ويتعلم منها، حتى أتقن النوخذة جاسم أساليب القياس وتحديد موقع السفينة في عرض البحار.
ولما أصبح في استطاعته قيادة السفن الشراعية ركب النوخذة جاسم أول مرة كنوخذة في سفينة للتاجر عبدالمحسن الناصر الخرافي حمولتها 2600 منْ، وكان ذلك في عام 1945، أخر أعوام الحرب العالمية الثانية لكنه لم يستمر أكثر من عام في قيادة هذه السفينة، إذ صنع له أخوته سفينة ذات حمولة تقر بحوالي 2200 منْ، صنعها الأستاذ المعروف محمد حسين عام 1946، وأصبح اسمها "أسامة".
قاد النوخذة جاسم هذه السفينة إلى معظم مواني الهند وأفريقيا الشرقية. ولقد حدّث الكاتب عن رحلة قام بها إلى ساحل أفريقيا الشرقي حيث ذهب في سفينته هذه حتى دلتا نهر الروفيجي في تنزانيا لشراء أعمدة الجندل (المنجروف). وكان هذا المكان المزعج والمرعب مسؤولية مقاول يهودي اسمه ريزا، رجل سمين مشلولة إحدى يديه، وعنده كلاب شرسة تحرسه مع خدم في هذه الدلتا. كما كان هناك مسؤول ألماني عن الحكومة التنزانية. وكان النوخذة جاسم على علاقة حسنة بهما، لكنه لم يكن يشتري جميع حمولة السفينة من الأعمدة من هذا المقاول، بل يشتري النصف الآخر من أهل الدلتا من العمال السواحليين، أسوة بغيره من نواخذة الكويت والخليج. وكان ريزا هذا يعلم بذلك، ولكنه يتساهل أحيانا، نظرا لأنه يعلم أن هذا ما يجعل الرحلة لشراء الأعمدة مربحة قليلا لهؤلاء البحارة القادمين من أقصى بلدان الخليج. ولو ضايقهم لامتنعوا عن المجيء فكسدت تجارته. ومع ذلك فقد كان هذا المقاول يكن لنواخذة الكويت احتراما أكثر مما يكنه لغيرهم من نواخذة الخليج.
أما عن تكلفة بقاء السفينة شهرا كاملا في دلتا نهر الروفيجي، وما يقدمونه من طعام للعمال السواحليين الذين يقطعون الأعمدة لهم، وبخاصة التمر والرز، فهو كبير نسبيا، ولكن كيف يمكن الحصول على الأعمدة دون إطعام هؤلاء الرجال؟
ومع أن النوخذة جاسم قام بقيادة السفن الشراعية في أواخر سنوات السفر الشراعي الكويتي إلا أن بعض النواخذة الكويتيين أرادوا ذكره في روزناماتهم. منهم على سبيل المثال النوخذة عيسى العثمان الذي قابل النوخذة جاسم العصفور في جزيرة كوالة في موسم 1949/1950، وكان النوخذة جاسم في ذلك الموسم قد قام برحلة طويلة إلى السواحل الأفريقية الشرقية. وأما النوخذة يعقوب اليتامى فقد ذكر في روزنامته أنه شاهد النوخذة جاسما بالقرب من طيوي (على الساحل العماني الشرقي) في 13 مايو عام 1950، وكانت هذه الرحلة آخر رحلات النوخذة جاسم العصفور، ترك بعدها السفر وقيادة السفن ليستثمر ما تعلمه من خبرات في عمل تجاري في وطنه وبين أهله، فكان في هذا من أنجح النواخذة الكويتيين.
ومازال النوخذة جاسم يمارس عمله بنجاح، ويزور أصدقاءه ويحدث الباحثين (وبهدوئه ووقاره الذي اتصف به) عن رحلات السفر الشراعي الكويتي التي ذهبت ولم يبق منها سوى أحاديث وذكريات.
يقول النوخذة جاسم العصفور للمؤلف: "نعم يعن البحر علي، أين البحارة... أين الرجال؟ لقد كنا حقا إخوة في تلك الأيام".
رحم الله العم جاسم عيسى محمد العصفور واسكنة فسيح جناتة
الاخ بوعمرحفظة الله
نبذه رائعة عن العم جاسم رحمه الله فهو من عائلة من أقدم العوائل التي قطنت الكويت قديما وهو وحفيد اكبر طواش في تاريخ الكويت في عهد الحاكم الخامس
رحم الله رجال هذه العائلة التي عرف عنها السمعة الطيبة
والكرم عند أهل الكويت