أوجه الإحسان في حیاته
لا شك أن عمل أھل البحر جعلھم يطلعون على كثیر من آيات الله تعالى، المبثوثة في
أرضه وسمائه وبحاره، فیرون ما لا يراه غیرھم من عجیب صنع الله تعالى وعظیم خلقه
وتدبیره، كما أن إحساسھم بأنھم قد يتعرضون للمخاطر في أي لحظة، وقد يواجھون
الصعاب في أي موضع
- لا سیما في أوقات العواصف - جعلھم قريبین من الله تعالى،
متوكلین علیه ينزلون به حاجاتھم كل حین، رجاء حفظه وسعة رزقه.
ولذلك كان المقتدر منھم يعطي الفقیر والمحتاج ولا يتأخر عن بذل المعروف في لیل أو
إذا ماتَ ابنُ آدمَ انقطعَ عملُه إلا من ثلاثٍ صدقةٍ جاريةٍ أو
»:] نھار، عملاً بقول النبي
رواه مسلم. وھكذا كان المحسن الكريم المرحوم « علمٍ ينتفعُ به أو ولدٍ صالحٍ يدعو له
عبدالوھاب العثمان، الذي تعددت أوجه الإحسان في حیاته فشملت العديد من أبواب
الخیر وخصال البر كما يلي:
عمارة المساجد
عُني الإسلام بالمساجد عناية بالغة، لأنھا البیئة النقیة الطاھرة التي يتربى فیھا
النشء الصالح القارئ لكتاب الله تعالى وبھا تؤدى الصلوات، وفي رحابھا تعقد حلقات
العلم، وجلسات الذكر وندوات الفكر، وبین أروقتھا يتعارف المسلمون فیتحابون
ويتآلفون
.
ولذا فقد حرص المحسن عبدالوھاب العثمان
- رحمه الله - على أن يبني بیتا لله تعالى
كلما سنحت له الفرصة، واضعاً نصب عینیه ذلك البیت الذي سیبنیه له الله عز وجل
مَنْ بَنَى »:] في الجنة بفضله ومنِّه وكرمه وإذنه تبارك وتعالى، فقد قال رسول الله
رواه ابن ماجه في « مَسجِْدًا لِلَّهِ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ أَوْ أَصْغَرَ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَیتًْا فِي الجَْنَّةِ
سننه، ومن ھذه المساجد ما كان داخل الكويت ومنھا ما كان خارجھا.
أولا
: داخل الكويت
حرص المحسن عبدالوھاب العثمان على أن يكون لوطنه - الذي تربى على أرضه
واستظل بسمائه - نصیب كبیر من الخیر الذي يبذله في سبیل الله تعالى وذلك حباً
له وأھله، ومساھمة منه في نشر الدعوة والعلم، ولذا قام - رحمه الله - ببناء
المساجد التالیة:
مسجد عبدالوھاب عبدالعزيز العثمان بجامعة الكويت بالخالدية
كان المحسن عبدالوھاب العثمان مدركاً لأھمیة العلم الديني والدنیوي معاً، وضرورتھما
للإنسان في بناء عقله ووجدانه، وحمايته من عوامل الغزو الفكري والثقافي، وربطه
ربطاً وثیقا بمصدري النور والھداية
: كتاب الله تعالى وسنة رسوله [.
ولھذا حرص المحسن عبدالوھاب عبدالعزيز العثمان
- رحمه الله- على أن يكون أول
مسجد يشیده لله في إحدى منارات العلم، وقد وقع الاختیار على جامعة الكويت
وذلك في عام 1397 ھ ( 1976 م). « مسجد عبدالوھاب العثمان » لتحتضن
ولقد كان لھذا الاختیار قصة لطیفة يرويھا لنا الأستاذ محمد عبدالوھاب العثمان - ابن
المحسن الكريم - الذي كان يشغل منصب مدير إدارة الشؤون العامة والخدمات في
جامعة الكويت - المبنى الرئیس بالخالدية - وقد أتاه مجموعة من طلبة الجامعة
لصلاة « شبرة » يطلبون منه - بحكم منصبه - أن يبني لھم مصلىً ولو على شكل
الظھر على الأقل، وذلك لعدم وجود أي مكان مخصص للصلاة في كلیتي العلوم
.(
والھندسة، اللتین تشغل مبانیھما موقع مبنى الخالدية( 1
فوعدھم الأخ الفاضل محمد العثمان خیراً، وكان علیه مفاتحة إدارة الجامعة وھو الإجراء
الطبیعي، ولكنه كان يعلم أن الإجراءات كثیرة وتستغرق مدة طويلة
- إن تمت الموافقة
على الفكرة أصلاً - وھو يشغل منصباً يجعله مطلعاً بتفاصیل الشؤون الإدارية والمالیة،
وخصوصاً في مجال توفیر المیزانیات، وتحديد أولوياتھا - إن توفرت.
ولذلك فاتح والده المحسن عبدالوھاب عبدالعزيز العثمان، وقد كان يعلم أنه يبحث عن
موقع مناسب يبني فیه مسجداً، قد نوى بناءه منذ فترة قريبة، لیبني له ربه جل وعلا
بیتاً في الجنة مصداقاً لحديث رسول الله
[ الذي أوردناه آنفاً.
وبالفعل فاتح الابن أباه، وكلاھما شريكان في الأجر
- إن شاء الله تعالى - وھي لعمري
نعمة عظیمة أن يتعاون الاثنان على فعل الخیر فیشتركان في الأجر دون أن ينقص من
أجرھما شيء، حیث إن الدال على الخیر كفاعله.
ورغم كون الفكرة التي عرضھا الأخ الفاضل محمد العثمان على والده المرحوم
عبدالوھاب تقتضي بناء شبرة كمصلى للطلاب بناء على طلبھم، إلا أنه أجاب
- بلا تردد
بل نبني لھم مسجداً كاملاً بجمیع »: - وكأنھا كانت الفرصة التي يبحث عنھا منذ فترة
.
« مرافقه، وبه مصلى للطالبات، بحیث يستوعب الجمیع
فبذلك كان مسجد عبدالوھاب العثمان في الجامعة للطالب والأستاذ خیر معین على
إقامة شعیرة ھي أبرز الشعائر التعبدية في الإسلام، التي لطالما حث علیھا الله
تعالى في كتابه الكريم، قال تعالى:
وأصبحت ھوية طیبة لجامعة الكويت حیث يقع المسجد في صدر موقعھا، وواجھتھا
على الطريق الدائري الرابع، تأصیلاً لھوية المجتمع الكويتي المسلم، وتثبیتاً لھوية
دولة الكويت كما نص دستورھا، وكما استلھم من نبراس ماضیھا الإسلامي المحافظ
بفطرته، جزى الله الوالد والولد كل خیر، فبمجھودھما كان مسجد عبدالوھاب العثمان
في جامعة الكويت بالخالدية
.
مسجد عبدالعزيز العثمان
وقد تم إنشاء ھذا المسجد بعد ھدم مسجد العثمان القديم الذي أسسه عبدالعزيز
بن عبدالله بن عثمان سنة
1229 ھ ( 1813 م)، وأعید بناؤه عام 1372 ھ ( 1952 م) على
نفقة كل من ابن أخته عبداللطیف سلیمان العثمان وابنه عبدالوھاب العثمان ودائرة
الأوقاف العامة (وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامیة حالیاً) .
وأخیراً أعید بناؤه مرة ثالثة على نفقة أولاد عبدالوھاب العثمان عام
1410 ھ ( 1990 م)
وتم الانتھاء منه في عام
1992 م، وذلك بفريج العثمان على شارع الخلیج العربي،
والمسجد يحمل اسم والد المترجم له - رحمه الله - وفاءً له ببعض حقه وفضله علیھم.
المواصفات العامة للمسجد
:
- المساحة الكلیة للمسجد 1482 متراً مربعاً.
- مساحة مصلى النساء 130 متراً مربعاً.
- يتسع مصلى الرجال ل 1000 مصلٍّ ، ويسع مصلى النساء 90 مصلیة.
- ارتفاع المئذنة 20 متراً .
- بني المسجد على الطراز العادي الحديث.
- موقع المسجد بمنطقة تجارية وحكومیة.
ولأن رواد ھذا المسجد حالیاً أكثرھم من الوافدين
(غیر العرب) الذين أكرمھم الله تعالى
بالإسلام، وھم لا يجیدون اللغة العربیة، فإن خطبة الجمعة والدروس الدينیة تلقى فیه
باللغة الإنجلیزية، وذلك بالتنسیق مع لجنة التعريف بالإسلام.
مسجد المرحومة بیبي عبدالعزيز الرشید البدر
وھذا المسجد بناه المرحوم عبدالوھاب عبدالعزيز العثمان بالمشاركة مع زوجته
المرحومة بیبي الرشید البدر، وأطلق علیه اسمھا، وكان ذلك في عام
1405 ھ
1985 )
، ويقع في منطقة الصباحیة بمحافظة الأحمدي. )
المواصفات العامة للمسجد
:
- المساحة الكلیة للمسجد 1430 متراً مربعاً.
- مساحة مصلى النساء 150 متراً مربعاً.
- يتسع مصلى الرجال ل 1000 مصلٍّ، ويسع مصلى النساء 100 مصلیة.
- ارتفاع المئذنة 34 متراً .
- بُني المسجد على الطراز العادي الحديث.
- موقع المسجد بمنطقة سكنیة.
مسجد المرحومة موضي عبداللطیف سلیمان العثمان
بعد وفاة المرحوم عبدالوھاب عبدالعزيز العثمان تفاعل أبناؤه مع قناعة رسخھا فیھم
خلال حیاته، وھي أفضلیة إنفاق المرء من حر ماله في حیاته، وإيثار غیره على نفسه
بما في يديه من نعمة، مما يغني عن تخصیص ثلث التركة للعمل الخیري، باعتبار أن
الأولى ھو إنفاق المرء من ماله الذي يملك التصرف فیه وھو على قید الحیاة، بدلاً من
استقطاع جزء من المال الذي سیؤول للورثة بعد وفاته
.
وھذا الاتجاه لیس بجديد في حیاة الصالحین، فقد كره بعضھم أن يؤخر أعماله الطیبة
لما بعد وفاته، وحث على المبادرة بفعلھا خلال حیاته، التي يحتاج فیھا
CCu1575 المرء لحسنة
يمكن أن تضاف لمیزان أعماله، وكان ھذا التوجه جديداً وجريئاً بالنسبة للمفھوم
السائد حینھا من تخصیص الثلث للخیرات بعد الممات.
وقد تمثل تفاعل أبنائه في محافظتھم على مسیرة الإحسان، التي بدأھا والدھم
-
رحمه الله
- ورغبتھم في الإيثار على أنفسھم، فاستقطعوا من نصیبھم في التركة قدراً
معلوماً - قبل كل شيء - وبنوا مسجداً باسم والدتھم موضي عبداللطیف سلیمان
العثمان، زوجة المرحوم عبدالوھاب العثمان أيضاً، في القطعة الثامنة بمنطقة الأندلس
بمحافظة الفروانیة وذلك في عام 1410 ھ ( 1990 م).
المواصفات العامة للمسجد
-
المساحة الكلیة للمسجد 834 متراً مربعاً.
- مساحة مصلى النساء 160 متراً مربعاً.
- يضم المسجد مكتبة وقاعة للمحاضرات بمساحة 24 متراً مربعاً.
- يتسع مصلى الرجال ل 500 مصلٍّ، ويسع مصلى النساء 100 مصلیة.
- ارتفاع المئذنة 27 متراً .
- بني المسجد على الطراز العادي الحديث.
- موقع المسجد بمنطقة سكنیة.
نسأل الله تعالى أن ينال المحسن عبدالوھاب العثمان وزوجتاه ثواب إقامة ھذه
المساجد بإذن الله تعالى، القائل في كتابه الكريم
:
ثانیا
: خارج الكويت
أراد المحسن عبدالوھاب العثمان أن يعم الخیر وأن يزرع شجرة البر التي زرعھا في
بیئة أخرى خارج بلده الكويت، كي تظل أناساً آخرين، فاختار سلطنة عمان الشقیقة
لیبني فیھا بیتین لله تعالى ھما:
مسجد سیفة الشیخ بعمان
كان المحسن عبدالوھاب العثمان حريصاً أيضاً على أن يبحث عن الأماكن التي لیس
فیھا مساجد، وقد وفقه الله تعالى إلى بناء مسجد السیفة، الذي يقع بقرية سیفة
الشیخ، التي تبعد
45 كیلومتراً جنوب العاصمة مسقط في سلطنة عمان، وھو
المسجد الوحید في ھذه القرية.
مسجد التقوى في مسقط
وھو مسجد جامع تقام فیه صلاة الجمعة، وقد تم إنشاؤه في منطقة الوادي الكبیر
بمدينة مسقط عاصمة سلطنة عمان، وھو مسجد جامع، يؤمه عدد كبیر من
المصلین، الذين يذكرون بالخیر باني ھذا المسجد ويدعون له بالثواب وحسن الجزاء
.
ولعل وجود ابنه عبدالعزيز في عمان آنذاك كان عاملاً مساعداً على متابعة بناء ھذين
المسجدين، حیث كان حینھا يشغل منصب سفیر دولة الكويت في سلطنة عمان
الشقیقة
.
مسجد شیخة سالم السبیعي
(والدته) في السودان
وھو أيضاً من المساجد التي أسسھا المحسن عبدالوھاب العثمان - رحمه الله.
بناء المدارس
بالعلم تبني الأمم حضارتھا
. . وتحقق الدول آمالھا، وقد اھتم الإسلام بالعلوم الدينیة
والدنیوية أيضاً، حتى إن أول آيات تنزلت من كتاب الله تعالى ھي قوله عز وجل:
وفي ذلك بیان كافٍ لأھمیة العلم ومدى حرص الإسلام علیه والدعوة إلیه، وفي غزوة
بدر الكبرى التي وقعت في السابع عشر من رمضان من العام الثاني للھجرة جعل
النبي
[ فداء الأسیر الواحد من الكفار أن يعلم عشرة من أبناء المسلمین.
وقد أدرك المحسن عبدالوھاب العثمان أھمیة العلم ودوره، فساھم في بناء العديد من
المدارس في كثیر من البلاد الإسلامیة، وخصوصاً الھند وباكستان، حیث كان لا يرد
وفداً من الوفود القادمة منھما، إلا وقد ساھم في دعم مشروعاتھم، ومنھا على
سبیل المثال مشاريع إنشاء المدارس، حیث ساھم في إنشاء المدرسة العربیة في
بومباي
.