راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية

 
 
        

اخر المواضيع

 
 

 
 
العودة   تاريخ الكويت > منتدى تاريخ الكويت > البحوث والمؤلفات
 
 

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-04-2010, 01:43 PM
الصورة الرمزية الجامع
الجامع الجامع غير متواجد حالياً
مراقب قسم الوثائق والصور التاريخية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
الدولة: الكويت
المشاركات: 560
افتراضي الشيخ أحمد الشرباصي في الكويت- د.يعقوب الغنيم

الشيخ أحمد الشرباصي في الكويت




هذا رجل عرفته الكويت جيداً وعرفها معرفة تامة فهو مؤلف كتاب ((أيام الكويت)) الذي ضم العدد الكبير من المعلومات عن هذا الوطن ، واحتفظ بتاريخ الحقبة التي أمضي الشرباصي جزءاً منها مدرساً بالمدرسة المباركية .




عرف الشيخ أحمد الشرباصي الكويت عن طريق المرحوم الأستاذ عبد العزيز حسين الذي عرفه عندما كانا يدرسان معا بكلية اللغة العربية في الأزهر ، ذلك لأن الأستاذ عبد العزيز كان من طلاب البعثة الكويتية الأوائل في مصر ، وكان معه الأستاذ أحمد العدواني والأستاذ يوسف العمر والأستاذ يوسف مشارى البدر ، وكانت بداية رحلتهم إلى هناك في سنة 1939م .
وعندما أصبح الأستاذ عبد العزيز حسين مسئولا عن بيت الكويت بالقاهرة ، وعزم على إصدار مجلة البعثة دعا الشيخ الشرباصي للمشاركة فيها بكتابة المقالات ، وذلك لأنهما كانا يحلمان بمشروع من هذا النوع منذ أيام دراستهما .
ومنذ اليوم الأول لصدور مجلة ((البعثة)) في سنة 1946م بدأ الشرباصي في الكتابة بها ولم ينقطع لأي سبب من الأسباب ، وكان وهو في الكويت يرسل مقالات إلى بيت الكويت بالقاهرة ليتم نشرها ، ولم يمنعه عن الاستمرار إلا توقف المجلة مع آخر عدد صدر منها في شهر يناير لسنة 1954م ، وقد جاءت أعدادها ثمانية مجلدات عندما قام مركز البحوث والدراسات الكويتية مشكوراً بإعادة طبعها ، ولم يكثف بذلك بل وضع لها مقدمة كتبها آخر رئيس تحرير لها وهو المرحوم الأستاذ عبد الله زكريا الأنصاري ، وتوجها بتصدير كتبه رئيس المركز أخي العزيز الأستاذ الدكتور عبد الله يوسف الغنيم ، وكانت الفهارس التفصيلية هي الهدية التي قدمها المركز لقراءة البعثة حيث سهل عليهم المتابعة والرجوع إلى الموضوعات المطلوبة ، وقد جاء التصدير والمقدمة وجاءت الفهارس في مجلد واحد هو المجلد التاسع .
كان الشرباصي محبا لهذه المجلة يذكرها دائما ففيها بدأ يكتب ومنها انتشر صيته بين الناس ، وهي فوق ذلك أمل من آماله تحقق ، ووصل إلى مرتبة علية من الإتقان ، وسجل ممتع لأفكار شباب الكويت وغيرهم ، وتاريخ مصور للكويت ليس في فترة صدورها فحسب ، بل كانت المجلة تقدم مقالات تاريخية مهمة ، وتقدم تطلعات أبناء الدارسين في مصر إلى آفاق مستقبل وطنهم الذين كانوا يعدون الأيام حتى يعودوا حاملين شهاداتهم وعلمهم لكي يخدموه.
وقد بادلت البعثة الشرباصي حبا بحب ، نشرت كل ما ورد إليها من مقالاته ، وكتاباته المتنوعة ، ونشرت كل ما كتب عنه ، ويكفينا أن نقول إن اسم أحمد الشرباصي قد تكرر في مجلة البعثة في أكثر من 126 موضعا ، وهو أكثر اسم تردد في ثنايا هذه المجلة منذ صدرت .
وقبل أن ندخل إلى الحديث عن السيرة الذاتية للشيخ أحمد الشرباصي ، فإننا لابد وأن نشير إلى التباس يحدثه تشابه اسمه مع اسم شخصية كبيرة ومعروفة ، تلك هي شخصية العالم الوزير المهندس أحمد عبده الشرباصي المتوفى سنة 1984م ، وكان وزيرا للأشغال في حكمة الثورة المصرية في سنة 1953م ، ثم صار عضوا في مجمع اللغة العربية وحين خرج من الحكومة كان له مجلس ثقافي أسبوعي في بيته ، وقد ألف عنه فرج الشرباصي كتابا تناول فيه سيرته الذاتية قبل الرحيل .
ولعل أدل شيء على الالتباس بين اسم هذا الرجل واسم الشيخ أحمد الشرباصي، أن خير الدين الزركلي صاحب كتاب الاعلام اورد بيانا عن حياة أحمد الشرباصي وفي آخر البيان قال : ومن إنتاجه العلمي : فذكر تحت هذا البند أسماء مؤلفات الشيخ الشرباصي ويكفي هذا دليلا على ما ذكرناه بشأن الالتباس ، إذ إن هذا الأمر الذي خفي على واحد مثل الزر كلي لابد وأن يخفي على الكثيرين .
أما الشيخ أحمد الشرباصي فهو من مواليد اليوم السابع عشر من شهر نوفمبر لسنة 1918م ، درس في كتاب القرية التي ولد فيها ، وحفظ القرآن هناك كما تعلم مبادئ القراءة والكتابة ، ثم التحق بمعقد دمياط الديني ، وبقي فيه إلى أنهي دراسته الثانوية في سنة 1939م ، وكان خلال دراسته في المعهد نشطاً طموحا ترك له بمسكه الطيب ثاراً لا تنسى عند أساتذته وعند زملائه ، ومن ثم التحق بكلية اللغة العربية بالأزهر الشريف وتخرج فيها متفوقا بارزا بنشاطه واطلاعه ، وكثرة علاقاته مع زملاء الدراسة ومع عدد من المثقفين خارجها .
تخرج بعد أن نال الشهادة العالمية وشهادة إجازة التدريس في سنة 1954م ، واتجه إلى التدريس فترة من الزمن أندت إليه فيما بعد وكالة رواق الأحناف بالأزهر ، وارتحل إلى الكويت وهو في هذه الوظيفة وعندما عاد فم يلبث بها إلا قليلا حتى انتدب إلى عدد من الأعمال ، ولم يمنعه عمله في ذلك الوقت من تحقيق طموحه إلى الدراسة العليا فأكملها حاصلا على شهادة الدكتوراه في الأدب والنقد في سنة 1976م ، في موضوع عنوانه : (( رشيد رضا صاحب المنار )) وبعد حصوله على هذه الشهادة عين مدرساً بالكلية التي تخرج فيها ، وهي كلية اللغة العربية بالأزهر الشريف .
في خارج شؤون الدراسة والعمل ، كان الشيخ الشرباصي نشطا إلى أبعد الحدود ، فكان يؤلف الكتب ويكتبها وينشرها ، وكان يلقي الخطب في المناسبات التي تتاح له الخطابة فيها ولقد كان بارعا في كل ذلك ، وكان متدفقا في حديث يتناول موضوعات متنوعة فيبدع في عرضها وكان له اتصال بعدد من التنظيمات النشطة مثل جمعية الشبان المسلمين وغيرها .
وصل الشيخ أحمد الشرباصي إلى الكويت وهو في أوج نشاطه ، وفي وقت اكتمال عمله ، ونضج شخصيته ، وكان الناس يعرفونه من قبل عن طريق ما يقرؤون له من مقالات في مجلة البعثة ، وعن طريق الأخبار التي تنشرها هذه المجلة عنه ، ولذا فقد حظي باستقبال وترحيب كبيرين ، وفتحت له الأبواب فزار المسؤولين ، وديوانيات القوم ، والأندية والجمعيات ولم يدع مجالا في الكويت إلا وقد وقف فيه خطيبا واعظا .
ومذكراً ، وزار مناطق الكويت طولا وعرضا فرأي الشعيبة والأحمدي والقرى الساحلية والجهراء وكاظمة وكثيراً غيرها ، وكانت السنة الدراسية التي زار فيها الكويت عامرة بالتدريس والوعظ عامرة بالعمل وكأنها أكثر من سنة لفرط ما قام به خلالها من عمل ، ويكفي الاطلاع على كتابه (( أيام الكويت )) لكي يعرف المرء مدى حركته خلال ذلك العام الدراسي من سنة 1953م ، وبعد هذا الخصم الهائل من الأعمال والمؤلفات أدركه المرض في سنة وفاته ، وبقي قعيد الفراش إلى أن وافته منيته في اليوم الرابع عشر من شهر أغسطس لسنة 1980م ، وكان قد ترك ذخيرة كبيرة من المؤلفات والآثار .
ألف أحمد الشرباصي كتابه (( أيام الكويت )) بعد أن انتهت مهمته فيها ، إذا كان – كما أشرنا من قبل – مدرساً منتدباً من الأزهر للعمل في دائرة معارف الكويت ، وقد أمضي في عمله هذا عاما دراسيا واحداً كان خلاله مثالا للنشاط ، وكان حريصا على الكتابة وإلقاء الخطب في المساجد وغيرها .
وهذا الكتاب فريد من نوعه فهو شبيه بما كان يسمي : (( جراب الحاوي )) فيه كل شيء من التاريخ إلى الحكاية إلى القصيدة إلى المعلومات العامة ، كان يسير في الطريق فيلتقط ما يعن له ، حتى إذا عاد إلى القاهرة نفض ما في الجراب ونسقه ، وجعله في كتاب هو : أيام الكويت .
يقول عن كتابه : (هذا كتاب (أيام الكويت ) جمعت فيه بين رواية التاريخ ، ووصف المشاهدة ، ولمحة الذكرى ، وقد يكون في هذه النواحي الثلاث قسط يشترك في تقديره أو تصويره أكثر من كاتب ، ولا تثريب ، فليست شؤون الأمم أو الموضوعات العامة مما ينفرد به كاتب أو مؤرخ ).
لا ندري إن كان الشرباصي قد أراد أن يكون كتابه هذا كبير الحجم في أربع وأربعين وخمسمائة صفحة فملأه بكثير من الأمور التي يمكن الاستغناء عنها ، أم هو تابع لمنهج اختطه لنفسه منذ البداية ، ولكن الرأي الأول هو الأقرب إذ يبدو أنه كان طوال فترة بعثته التي لم تستمر طويلا كان يجمع كل ما يجده أمامه إذا كان في نيته إصدار هذا الكتاب ، ومما يؤكد ذلك الاستطراد الواسع في بداية الكتاب حين كتب تاريخ الكويت وهو موضوع أجدر ما يكون بكتب التاريخ إلا إذا كان يوجه كتابه إلى غير أهل الكويت ونحن نشك في ذلك ، وتحدث عن النفط وعن الغوص على اللؤلؤ ، وعن نهضة الكويت التي شاهدها ، وقد استطرد هنا استطرادات لا معنى لها ، مثل رثائه للمرحوم سلطان الكليب ، ووضعه صورة لبعض الأطفال الكويتيين الذين يدرسون في مصر مع تعليق عليها ، ومثل نقله قصيدة بعنوان ((الينابيع السود)) وهي من قصائد الشاعر محمود شوقي الأيوبي ، وكان الشرباصي قد نشرها في مجلة الشبان المسلمين التي تصدر في مصر ، وعلى الرغم من أن القصيدة رائعة إلا أن وضعها في الكتاب كان من قبيل الاستطراد غير الملائم ، ومن استطراداته مقال بعنوان : ((أعني دولة في العالم )) ، وهو مقال لم يكتبه لأن كاتبه اللود كتروس البريطاني ولم يترجمه لأن المترجم هو المرحوم يوسف الشايجي ، وتحدث عن المحاكم ونشأة القضاء في الكويت وعن مجلس الشيخ عبد الله الجابر الصباح ، ثم انطلق في حديث ممل وبخاصة حين تحدث عن القهوة التي قدمت في ذلك ، ولم يترك شعرا قيل فيها إلا ذكره ، وتحدث عن الأشخاص من ذوي الحاجات الذين يفذون على الشيخ واستعرضهم واحدا واحداً .
الحق ذلك بموضوع عن التعليم ، فتحت عنوان ( نهضة التعليم ) أورد الشيء الكثير عن تاريخ التعليم ونشأة دائرة المعارف وتنظيمها ومدارسها مما أستغرق عشرين صفحة من الكتاب الحق بها ثلاث صفحات عن المعهد الديني وأقسامه ولعله كان ينقل شيئا مكتوبا قد وضع بين يديه لأن التفصيلات كثيرة بما فيها أسماء المدرسين .
وجاءت قمة الاستطراد بذكره لأسماء المدرسين المعارين للكويت مرتين بحسب مؤهلاتهم العلمية ومراكز عملهم .
وجاء بعد ذلك فصل عن مؤتمر عربي عقد في دمشق وشاركت فيه الكويت ، وهذا ليس من كتابته لأنه نص تقرير وفد الكويت إلى هذا المؤتمر ، وفي الصفحات اللاحقة مقابلة أجراها ثلاثة من طلاب المدرسة المباركية مع الأستاذ عبد العزيز حسين ونشرت في مجلة اليقظة وهذه أيضا لا يد له فيها .
أما ما بعد ذلك فهو تلخيص لمقالات وندوات رصها في الكتاب وهي لا تفيد القارئ بشيء جديد لأنها كانت منشورة قبل ذلك بأسماء أصحابها الحقيقيين .
وابتداء من ص 153 حتى ص 256 تحدث عن شعراء الكويت ، وأورد نماذج من أشعارهم ، ملحقا بذلك حديثا عن راوية شعر المتبني في الكويت المرحوم حمد مبارك المناعي ، ثم بعض القصائد النبطية منها أغنيتان .
وبعد الحديث عن الشعر تحدث عن اللهجة الكويتية وجلب أمثلة لا ينطبق أكثرها على طبيعة نطق الكويتيين .
أما حديثه عن المرأة فقد أطاله بنقله لمقالات بأقلام عدد من سيدات الكويت الفضليات .
وتكلم بإيجاز غير معهود منه عن عادات الكبار في الكويت أحتوى على تصوير كتابي عن المائدة الكويتية ، وما يقدم عليها وما تدور حولها من أحاديث ، ثم عقد فصلا عنوانه (( أمثال الكويت )) جاء في تسع وعشرين صفحة تضم عددا من الأمثال مع بيان عنها ، وهو استطراد لا محل له .
وعقد – فيما بعد – فصلا عن الأندية الكويتية وآخر عن التيارات الفكرية المختلفة في البلاد والحق بالفصل الثاني كلمتين كان قد ألقاهما في بعض الأندية ونشرهما في مجلة البعثة .
كان حديثه بعد ذلك عن الصحافة الكويتية ، وعن الأدب عندنا ونقل عدداً من المقالات التي كتبها غيره أو مقابلات كأنها تدور بين صحفي ومسؤول ، وانهي هذا المسار بمقابلة نشرت له في مجلة البعثة تحت عنوان (( مع الأستاذ الشرباصي )) .
استهل الشيخ أحمد الشرباصي الجزء الأخير من بقية كتابة بالحديث عن ذكرياته في الكويت بادئا بمقالة سبق له نشرها في مجلة البعثة تناول فيها قصة رحلته إلى الكويت ، وهي مقالة مليئة بالمبالغات ، كثيرة التفصيلات ، بدأها منذ تقررت رحلته إلى أن ركب الطائرة وما حدث له من تأخير ثم الوصول واستقبال السيد سليمان العدسانى له ، ووصوله إلى مسكنه الذي لم تعجبه فيه بعض النواقص التي لم يذكرها ، وقال أنه بعد ساعات من وصوله إلى الكويت جاءه من يدعوه إلى حضور الاحتفال بافتتاح جمعية الإرشاد الإسلامي ، وقال أنه فرح بتلك الدعوة ولباها وخطب في الاحتفال ، وكعادته استطرد في الحديث عن الجمعية وأهدافها وعن رعاية أمير البلاد – آنذاك – الشيخ عبد الله السالم الصباح لها ، وتحدث عن زيارته لعدد من كبار المسئولين ، وكأنه ضيف عابر لأن المدرسين الذين يأتون إلى الكويت في ذلك الوقت كثيرون ولكنهم لا يقومون بمثل هذه الزيارات الرسمية .
في اليوم الثالث من شهر أكتوبر للسنة التي وصل فيها إلى البلاد ، وكان يوم اثنين أقام الشيخ عبد الله الجابر الصباح رئيس المعارف مأدبة عشاء في قصره ، وقد ألقي الشرباصي كلمة في هذه المناسبة ونقل في كتابة وصف مجلة البعثة لهذه المأدبة .
وفي اليوم التالي كان حديثه عن مقابلة للشيخ عبد الله السالم التي ذكر فيها ما دار من حديث عن الشاعرين المتنبي وأحمد شوقي ، وقي مساء اليوم نفسه حضر إلى جمعية الإرشاد الإسلامي حيث كان الأستاذ عبد المجيد مصطفي يلقي محاضرة عن (( الفردوس المفقود )) يقول الشرباصي : إنه عقب على المحاضرة بتعليق مسهب ، وهذه هي عادته .
أعقب ذلك بذكر الأحاديث والمحاضرات التي كان يلقيها في عدد من المساجد مثل مسجد السوق ومسجد ملأ صالح وغيرهما . وعن زيارته لنادي المعلمين ، حيث عرض عليه الأستاذ حمد الرجيب عند زيارة النادي المشاركة في الأنشطة التي تقام هناك والكتابة في مجلة الرائد التي يصدرونها ، وكان حديثه عن الكلمة التي ألقاها في مسجد الملا صالح مدعاة لحديث عن مؤسس المسجد فذكر تفصيلا عن حياته نقلا عن كتاب (( تاريخ الكويت )) للشيخ عبد العزيز الرشيد .



الشيخ أحمد الشرباصي يخطب في الكويت في التاسع من ابريل 1953م

بعد ذلك تحدث عن زيارته لصديقه القديم الأستاذ عبد العزيز حسين ، وذلك في يوم الأربعاء الثاني والعشرين من شهر أكتوبر وتحاوره معه في شأن بعض الأمور المتعلقة بالمناهج الدراسية ، وزار معه في اليوم التالي معامل تقطير المياه ، ومبني ثانوية الشويخ الذي كان – يومذاك – تحت الإنشاء وفي المساء لبي دعوة نادي المعلمين إلى حفلة سمر ، وزار الأحمدي بصحبة الأخ عبد الرزاق العسكر واثنين من أصحابه وصلوا جميعاً صلاة الجمعة في مسجد المدينة ، ووصفه الشرباصي وصفا دل على إعجابه به ، وألقي بعد الصلاة محاضرة أصغي لها السامعون .
وفي يوم السبت الخامس والعشرين من شهر أكتوبر ألقي محاضرة بعنوان : (( واجبات المواطن الصالح )) ، وذلك في نادي المعلمين ، وقد قدمه للحاضرين السيد خالد يوسف النصر الله ، وأثبت الشرباصي كلمة التقديم كاملة ، وألقي في اليوم السادس والعشرين محاضرة في جمعية الإرشاد الإسلامي ، وكان الشاعر محمد على الحوماني موجودا فألقي قصيدة في ذلك اللقاء ، وتحدث في حفل شاء أقامته الجمعية المذكورة على شرف مرسي المدرسة المباركية ، ثم يقول : (( بعد ذلك بدأت سلسة من الأحاديث ألقيها في المدرسة كل يوم ثلاثاء ، في وقت المساء ، وذكر في اليوم التاسع والعشرين ما يلي : (( جاءني في منزلي مذيع المحطة الكويتية لتسجيل بعض الأحاديث الصباحية وأحاديث الجمعة تطوعا بلا مكافأة !!)) وقد استغرقت الصفحات من 406 حتى 421 الأحاديث التي قالها للإذاعة ومقالة نشرتها له مجلة الرائد التي يصدرها نادي المعلمين .
الحق ذلك ببيان عن تحركاته وأغلبها عن لقاءات ومحاضرات منها لقاؤه بالشيخ فهد السالم الصباح واستماعه لمحاضرة المجاهد التونسي محيي الدين القليبى .
وحضر في يوم الخميس العشرين من شهر نوفمبر حفل قرآن الأستاذ عبد الله زكريا الأنصاري في المدرسة القبلية ، ووصف هنا أسلوب الاحتفال بالزواج عند الكويتيين ، ثم اثبت مقالا كتبه أخوه السعيد الشربينى الشرباصي عنوانه (( القوا الأحبة في البحر )) ، ثم أورد قصيدة كتبها الشاعر محمود شوقي الأيوبي عن محمد نجيب ومعها رسالة فقام الشرباصي بإرسال القصيدة والرسالة إلى الرئيس المصري .


الشيخ عبدالله الجابر ويرى أول اليمين الاستاذ عبدالله زكريا الانصاري ثم الشيخ احمد الشرباصي

ثم استمرت الزيارات والمحاضرات وتسجيل الأحاديث للإذاعة والرحلات بين عدد من المناطق الكويتية ، وأورد عدداً من الخطب التي قالها إلى أن أفرد فصلا عن رحلة قام بها إلى الجهراء وقد وصف القرية التي صارت اليوم مدينة كبيرة ، ووصف مزارعها وطرق الري فيها ، وكذلك القصر الأحمر ، وبعد ذلك خاض في مثل ما خاص به من قبل ، وختم ذلك بالحديث عن رحلته إلى الفحيحيل والشعبية ووصف – كعادته – كل شيء
رآه في رحلته ثم ذكر أن مجلة الرائد قد نشرت له مقالا بعنوان ((بيوت بلا نوافذ )) اثبته كاملا في هذا الموضع من كتابه .



الشيخ احمد الشرباصي وهو جالس في مدرسة الجهراء

في مساء يوم الاثنين العاشر من شهر يناير زار بصحبة الأستاذين عبد العزيز حسين وحمد الرجيب موقع المقوع حيث انفجرت بئر للنفط واشتعلت فيها النيران ، وكان الناس يذهبون لرؤية هذا الحدث .
يوم الجمعة السادس عشر من شهر يناير كان حافلاُ بالنشاط ففيه وصل إلى الكويت المجاهدان الجزائريان محمد البشير الإبراهيمي و الفضيل الورتلاني ، كما حضر في المساء الدكتور عبد الوهاب عزام ، وقد استدرك الشرباصي فقال أن البشير الإبراهيمي لم يحضر في ذلك اليوم لمرضه ، وكانت أول زيارة لهذه المجموعة ( في المساء ) للنادي الأهلي ، وقد ألقين كلمات الترحيب التي رد عليها الدكتور عزام .


الشيخ عبدالله الجابر ويظهر الشيخ احمد الشرباصي في اول اليمين

ومنذ ص 474 صار يتحدث عن زيارة الدكتور عزام الذي رافقه طوال زيارته للكويت ، ثم اثبت حديثا إذاعته له إذاعة الكويت وكان موضوعه (( مكانه الأزهر الشريف )) .
ومما لفت نظري في الكتاب شدة اهتمامه بموضوع الحفاء ، فهو يقول في اليوم الثامن من شهر مارس : (( بدأت بين التلاميذ الدعوة إلى محاربة الحفاء بصورة واسعة ففي كل فصل أدخله أبدأ لمدة دقائق بالحديث عن أخطاء الحفاء )) .
وفي اليوم التالي ذكر أنه واصل حملته هذه ، وفي مسجد البدر ألقي كلمة بعد صلاة الجمعة حث فيها على تجنب الحفاء وكأن هذه المشكلة من المشكلات التي تشغل الكويت والواقع عكس ذلك ، ويبدو أنه جاء وفي ذهنه هذا الموضوع الذي أثير في مصر ، فظن أن البلدان الأخرى بما فيها الكويت تعاني من مثل هذه المشكلة .
وهنا لا أريد ذكر الصفحات الأخيرة من الكتاب ، وهي صفحات قليلة لأنها كلها كانت منشورة في محلة البعثة ، ولكني أود أن أنشر هنا نبذة مما نشرته مجلة ((الأهرام العربي )) في اليوم السادس من شهر أكتوبر لسنة 2007م ، لعلاقتها بموضوع الحفاء ، ولدلالتها على ما أشرت إليه من أن الشرباصي جاء إلى الكويت وهو متأثر بهذا الموضوع ، وهذا هو ما وقع عليه اختياري من المقال :
(( ولنا أن نعلم أن وزارة النحاس باشا كانت إحدى خططها محاربة ((الحفاء)) وكانت البغلة رمزا للتفاخر فكانت في أول أمرها يحملها صاحبها تحت أبطيه وهو ذاهب للمأتم والأفراح وليس في قدميه إلا قبيل المكان المقصود بخطوات قليلة .
أما الطريقة القومية فقد حدثت عندما تزوج الملك فاروق الملكة ناريمان وكان من علامات تقربه للناس أن جعل الدعوة عامة بكل المواطنين من كل أنحاء المملكة المصرية ، فما كان من المرحوم عم فواز الرجل الفقير المعروف بنزاهته إلا أن باع البقرة الوحيدة التي يمتلكها وعقد العزم على حضور فرح الملك ، وكانت هدية الملك للرعية أن أمر بتوزيع البلغ والمراكيب على من حضروا الفرح إلى جوار الطعام الحلوى .
وعاد فواز بالبلغة فرحا مسرورا حاملا إياها بجلال وتقدير ، وكأنه قد عاد بقطعة من كسوة الكعبة ، وجعل لها رفا خشبيا في داره وجعل أهل القرية بل والقرى المجاورة يتوافدون لرؤية بلغة الملك ، وقد بلغ من حرصه عليها أن حرم عليهم ملامستها حتى لا تتأثر بالأيدي الخشنة ، وحدث أن طلب عمدة القرية رؤية البلغة وعندما ابلغه شيخ الخفر برغبة العمدة قال فواز قولته التي صارت مثالا فقد نظر إلى شيخ الخفراء نظرة استعلاء ودهشة قائلا : (( بلغة جلالة الملك لا تذهب إلى أحد .. حتى لو كان حضرة العمدة )) .
(البلغة : نوع من الأحذية يلبسها عامة الشعب ) .



الشيخ احمد الشرباصي يتحدث مع وزير خارجية مصر محمد صلاح الدين

هذا هو الشيخ أحمد الشرباصي وهذا هو كتابه (( أيام الكويت )) وهذه هي حكايته مع الكويت وأهلها ، وعلى الرغم من الملاحظات التي عرضنا إلا أن الرجل قد صنع خيراً بجمعه كل هذه المتفرقات التي لا يخلو عدد كبير منها من فائدة ، ويبقى أن نذكر علمه وحصافته وقدرته الفائقة على ارتجال الأحاديث في مختلف الموضوعات ، وتمكنه من التأليف المتنوع الذي كان منه البحوث العلمية المفيدة ، والمحفوظات وحديث الرحلات ، ومدارسة القرآن الكريم إضافة إلى ما قدمه من أحاديث إذاعية ومقالات صحفية من يطلع عليها يعرف مدى الجهد الذي كان يبذله هذا الرجل .
رحم الله الشيخ أحمد الشرباصي فقد كان شعلة وهاجة أفاد الناس واستحق المحبة والتقدير رحمه الله وأثابه .



المراجع:
الوطن 21/5/2008
كتاب ايام الكويت

__________________
www.flickr.com/photos/aljamea
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19-04-2010, 01:45 PM
الصورة الرمزية الجامع
الجامع الجامع غير متواجد حالياً
مراقب قسم الوثائق والصور التاريخية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
الدولة: الكويت
المشاركات: 560
افتراضي

مقدمة الكتاب

هذا كتاب ((أيام الكويت )) ، جمعت فيه بين رواية التاريخ ووصف المشاهدة ولمحة الذكرى ؛ وقد يكون في هذه النواحي الثلاث قسط يشترك في تقديره أو تصويره أكثر من كاتب ؛ ولا تثريب ، فليست شئون الأمم أو الموضوعات العامة مما ينفرد به كاتب أو مؤرخ .
وقد شاءت الأقدار ألا أظهر كتاباً عن الكويت – على الرغم من صلتي الأدبية القديمة بها وبأبنائها – إلا بعد أن أقضي بين ربوعها عاماً دراسياً هو عام 1953م ، حيث كنت مبعوثاًُ للأزهر الشريف هناك ؛ ولعل هذا من الخير ، فأنباء الرواية والاستماع غير أنباء اللقاء والاجتماع .
والكويت الآن في مفترق الطرق ، كانت بالأمس تجاهد في سبل الحياة صابرةً بما تهيأ لها من وسائل أو أسباب ، ثم نفجر فيها ينبوع الثروة ((النفط)) ، فتفتحت أمامها أبواب النهضة ، وأسرف في تزيين الدعاوى لهذه النهضة من أسرف ، وحدا ركبها بخسن الظن وصدق التوجيه وتوقع الخير وتجنب الشر من حدا ؛ والله المسئول أن يجعل مستقبل هذه الإمارة العربية الإسلامية أكثر مما عليه حاضرها من خير وتعمير .
وسنتنا في الحديث هي الطريق الوسط . فنحن لا نكيل المديح لإنسان مهما كان ، إذ لا غرض عندنا ولا مرض ، ونحن لا نسرف في التحامل أو التثبيط ، إذ لا حقد ولا تشاؤم ، بل نزكي الأعمال حينما تزكو ، ونشكر للعاملين ما قدموا ، ونستزيدهم وغيرهم من الخير ، ونحذرهم من مواطن الخطل في رفق ولين ، بالتلميح حيناً وبالتصريح حيناً آخر ، شان الصديق يخاطب الصديق ...
وقد يستقى القلم في بعض المواطن من ينابيع العاطفة والشعور ، فتكتسي كلمات بألوان الأزاهير ، والقلم حينئذ يناجى المبادئ ولا الأفراد ، ويستثير كوامن الإحساسات النبيلة المتصلة بالوطن والقومية والعقيدة .
والكمال لله وحده ، والعصمة لأنبيائه ورسله ، والتصحيح خير من التجريح ، ونحن في الطريق ....
أحمد الشرباصي
__________________
www.flickr.com/photos/aljamea
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24-04-2010, 11:53 AM
الصورة الرمزية أدبنامه
أدبنامه أدبنامه غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
الدولة: في كل مكان يذكر فيه اسم الله
المشاركات: 284
افتراضي الموسوعه الشرباصيه

شكرا الاخ الجامع على الموضوع الشيق
وللشيخ موسوعه قيمه من خمس اجزاء
على موقع اركايف
الموسوعه الشرباصيه في الخطب المنبرية
SHARBASY
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

ادبنامه لوطرقت الارض شرقا او جنوبا في تهامه لن تجد للاسم ذما يفرض الاسم احترامه غايتي ان ابقى دوما في جبين العز شامه
الآرض تحيا اذا ما عاش عالمها متى يمت عالم منها يمت طرف
كالأرض تحيى أذا ما الغيث حل بها وأن أبى حل بها التلف
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25-04-2010, 03:24 PM
الصورة الرمزية سعدون باشا
سعدون باشا سعدون باشا غير متواجد حالياً
عضـو متميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
الدولة: دولة الكويت
المشاركات: 788
افتراضي

الأخ العزيز والصديق المحترم
الجامـــــــع
كل الشكر والتقدير لشخصك الكريم
لما تبذله من جهود في هذا الصرح
( منتدى تاريخ الكويت )
موضوع يفوق الوصف يحمل في طياته سيرة رجل فاضل
له إسهاماته الكثيرة في تاريخ دولة الكويت والأمة الإسلامية

أخي الجامع لي إضافة متواضعة في موضوعك الرائع


الصورة تجمع بين كل من
من اليمن: أحمد جميل مقدمي - الأستاذ عبدالكريم عرب - الشيخ أحمد الشرباصي - الشاعر محمود شوقي الأيوبي

مصدر الصورة من أرشيفي الخاص
__________________
<img src=http://www.kuwait-history.net/vb/up/uploads/127526942620100531.jpg border=0 alt= />
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25-04-2010, 11:21 PM
الصورة الرمزية الجامع
الجامع الجامع غير متواجد حالياً
مراقب قسم الوثائق والصور التاريخية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
الدولة: الكويت
المشاركات: 560
افتراضي


العفو اخواني
أدبنامه
و
سعدون باشا

واشكركم على اضافتكم ومروركم الطيب
ويعطيك العافيه عزيزي
سعدون باشا على هذه الصوره النادره الرائعه
__________________
www.flickr.com/photos/aljamea
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 26-04-2010, 03:57 PM
كويتي من ذهب كويتي من ذهب غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
الدولة: في قلب الوطن
المشاركات: 8
افتراضي

الله يرحمك يا الشرباصي

الكويت أتى زمان عليها كانت قبلة ومنبر للعلماء والفطاحل
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 29-04-2010, 04:19 PM
الصورة الرمزية الجامع
الجامع الجامع غير متواجد حالياً
مراقب قسم الوثائق والصور التاريخية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
الدولة: الكويت
المشاركات: 560
افتراضي


اشكرك اخي الفاضل
كويتي من ذهب
على مرورك الطيب
__________________
www.flickr.com/photos/aljamea
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 07-01-2012, 11:23 AM
الصورة الرمزية الجامع
الجامع الجامع غير متواجد حالياً
مراقب قسم الوثائق والصور التاريخية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
الدولة: الكويت
المشاركات: 560
افتراضي

مع كتاب «أيام الكويت» لمؤلفه أحمد الشرباصي


إعداد فرحان عبدالله الفرحان


قبل ستين سنة (19852 ــــ 1953) حل الفاضل الشيخ أحمد الشرباصي مدرساً في المدرسة المباركية في الكويت، وهو شخصية من اثنتين عملا في الكويت بالتدريس منتدبين من مصر تركا بصمات مدة اقامتهم في الكويت. الشرباصي قبل ستين سنة عندما ألّف كتابه «أيام الكويت»، وبعده، وقبل أربعين سنة تقريبا ألّف الدكتور عبدالعزيز مطر الذي كتابيه عن اللهجة الكويتية «خصائص اللهجة الكويتية»، والثاني «من أسرار اللهجة الكويتية». لكن الشرباصي، بلا شك، ترك بصمات لا تنسى. ونحن في هذا البحث سنلقي الضوء على هذا الكتاب وصاحبه في الكويت، علما بأنه أقام سنة واحدة في الكويت فقط.
أول معرفة لي مع الشرباصي عند وصوله إلى الكويت، حيث احتفلت جمعية الارشاد به وأقامت حفلة على شرفه وطُل.ب منه إلقاء كلمة. وأتذكر أنه تردد بتمنع، لكنه وقف في آخر الحفل وألقى كلمة شكر فيها الحضور قائلا: آسف لأني وصلت من مصر للتو وأنا في حاجة إلى التعرف على الكويت وأهلها الكرام. هذه أول معرفتي بهذا الرجل النشط الذي ترك بصمات في تاريخ الكويت، والذي يعد كتابه سجلا لسنة من عمر الكويت، لأنك عندما تقرأ الكتاب، رغم أنه يسجل شخصية الشرباصي، تجده يعطيك نبذة عن الكويت في تلك الحقبة في صفحتي (329 و330) وتحدث عن أولوياته في الكويت.


الشرباصي وإلي جانبة د. سند الفضالة خلال ادارة ندوة للاتحاد الوطني لطلبة الكويت في القاهرة


وهنا أسجّ.ل مقتطفات مما كتبه، حيث يقول:

تاريخ صداقة
لبعض الصداقات تاريخ يجب أن يقال ويكتب، لما فيه من ذكريات حلوة، ودلالات معنوية عميقة الأثر، ولأن الإنسان لا يستطيع مهما حاول أن يقطع أسبابه من الماضي، بل لا بد له من الالتفات الى أمس، يستعرضه ويستعيد حوادثه وأحداثه، وكثيرا ما يجد لذة عجيبة في هذا الاجترار، حتى في استعادة المواقف العصيبة، والأحداث الرهيبة، وأي إنسان يستطيع أن يقيم دعائم حاضره من دون استناد على أسس من ماضيه؟!
ولي مع إمارة الكويت (لؤلؤة الخليج كما أحب دائما أن أنعتها وأسميها) صداقة لها تاريخ، وليس ثمة من عاب، وقد هبطت الكويت مبعوثا من الأزهر المعمور للتدريس في معاهدها، أن استعيد ذكريات هذه الصداقة، وأن أسجلها، ففيها الذكرى، وفيها التقييد لتاريخ نخشى أن يضيع..
في سنة 1939 تقريبا - أي منذ ثلاثة عشر عاما تقريبا - هبط مصر المفداة نفر من أبناء الكويت يريدون طلب العلم في أزهرها الشريف وغيره من الجامعات، وكان في طليعة هؤلاء النفر الأساتذة عبدالعزيز حسين ويوسف عمر وأحمد العدواني، وسارع كاتب هذه السطور حين علم بمقدمهم فسعى اليهم وتعرف بهم، إذ كان يرى من واجبه - وهو شاب عربي مسلم - ان يعرف أكبر عدد ممكن من شباب البلاد الغربية والأقطار الإسلامية، وقد أكثر من الحديث عن ذلك في ما كتب وفي ما خطب.. وظلت الصلة بين فتى النيل وفتية الخليج تزداد على الأيام تأصلا وتأكدا، وبعد أن كانت صلة لقاء غدت صلة اخاء ورابطة قلوب وتقارب مشارب، حتى تلطف أبناء الخليج فأخذوا ينعتون صاحبهم فتى النيل بأنه «صديق الطلبة الكويتيين في مصر».. وكان فتى النيل يجد في نفسه من هذه الصداقة، وكان يستعين ربه - ما قدر واستطاع - في أن يؤدي لهذه الصداقة ما تستلزمه وتتطلبه، حتى يتحقق فيها معنى الصداقة، وتبادل الطرفان هذا الشعور فآويا من خالص الإخاء الى ظل ظليل..
ومرت الأيام تتلوها اخوتها، وكان فتى النيل يتناجى مع فتيان الخليج في جلساتهم ومحاوراتهم، فيتمنى الجميع لو كثر عدد الطلبة الكويتيين في مصر، ولو تعددت الجامعات والمعاهد التي يدخلونها، ولو انشئت ادارة لبعثات الكويت في مصر، حتى توجهها وتنظم شؤونها وتشرف عليها، ولو تخرج عدد كبير من ابناء الكويت في معاهد مصر، حتى يصيروا اساتذة مربين، وعلماء مثقفين، فيعودوا الى بلادهم، ليتولوا بأنفسهم قيادة النهضة فيها، بدل الاعتماد في الغالب على المدرسين المندوبين من مختلف الأقطار العربية، وان كنا لا ننسى ما في استقدام هؤلاء المدرسين من توثيق الروابط بين البلاد العربية، ومن تلاقح العقليات العربية، ولكن «أهل مكة أدرى بشعابها»، وأبناء البلدة أولى بتوجيه شبابها، ومن الممكن مع هذا تبادل الأساتذة بين هذه الأقطار بصورة لا تطغى على النشاط القومي، وفي الوقت نفسه تحقق الترابط العربي العام.
عندما تطوف في هذا الكتاب تراه يتحدث عن ماضي الكويت، وينتقل إلى التجارة التي تولتها سفن الكويت العابرة الى الهند، ثم إلى علاقات مصر والكويت التاريخية ويتحدث عن مجلس الأمير الذي يتشرف بلقائه بين الفينة والفينة، وهو يقول إن الشيخ عبدالله السالم دائماً يتمثل في شعر المتنبي، ويذكر أبوراشد المناعي راوية المتبني ويتحدث عن المجلات الكويتية ويخص مجلة «البعثة» التي كانت تصدر في مصر والتي تولاها صاحبه عبدالعزيز حسين الذي تولى إدارة بيت الكويت في القاهرة، مكتب البعثات، وصديق الشرباصي، يتحدث الشرباصي عن المدرسة المباركية التي درس فيها سنة واحدة وتاريخها، ثم يعرج على شعراء الكويت وأدبائها وعن إذاعة الكويت الوليدة التي كان يلقي فيها أحاديث على الهواء بصورة مستمرة، كان يتحدث عن القرى في الفنطاس والفحيحيل والشعيبة والجهراء وغيرها، وكانت له رفقة مع عبدالوهاب عزام سفير مصر في باكستان في تلك الحقبة، الذي زار الكويت للتعرف فقط على منطقة كاظمة وقد احتفل به المسؤولون في الكويت وعقدت معه اللقاءات.
ويسرني ان أنقل بعض ذكريات الشرباصي إلى كاظمة في تلك الحقبة من الزمن فيقول في صفحتي (476 و475) التالي:
في يوم الاثنين 19 يناير: دعاني الدكتور عزام لمصاحبته في رحلة الى (كاظمة) مع الاستاذ الفضيل، وكاظمة يقول عنها القاموس انها مكان معروف، ولم يتحدث عنها ياقوت في معجمه. وقد روى الطبري في تاريخه ان خالد بن الوليد كتب قبل خروجه الى (الأُبُلَّة) - وهي ثغر على الخليج الفارسي عند مصب دجلة، وهي قرب البصرة من جانبها البحري - كتابا الى هرمز يقول فيه: «أما بعد، فأسلم تسلم، او اعتقد لنفسك ولقومك الذمة، واقرر بالجزية، والا فلا تلومن الا نفسك، فقد جئتك بقوم يحبون الموت كما تحبون الحياة». وجمع هرمز جموعه، ونشبت الحرب بينه وبين خالد في (كاظمة)، وانجلت عن قتل هرمز وهزيمة الفرس.
و(كاظمة) هي التي عاش فيها الفرزدق حينا، وقد اشار الى نواحيها في شعره حتى جمعها، فقال:
ويا ليت زوراء المدينة اصبحت
باحفار فلج او بسيف الكواظم
وقال :
وما علم الاقوام مثل اسيرنا
اسيرا، ولا اجدافنا بالكواظم
ودفن والد الفرزدق غالب بن صعصعة هناك، وكان الفرزدق كثير التعظيم لقبر ابيه، فلا يأتيه احد يستجير به الا اعانه على بلوغ قصده!
ركبنا سيارة الحكومة ومعنا دليل الطريق، وخلفنا سيارة احتياطية، وسرنا في طريق الجهرة، وبعد ساعة ونصف بالسير المتوسط بلغنا كاظمة، بعد ان مررنا على الجهرة ومنطقة المطلع، ورأينا كاظمة رأسا ممتدا في الخليج، وليس فيه الا بعض اعشاب، وفرضة صغيرة للسفن، وبعض احجار قيل انها بقايا المعسكرات التي كانت موجودة في الحرب العالمية الاولى، وبعض اكواخ للصيادين، ووقفنا نتطلع الى الماء مرة، والى الصحراء اخرى، ونسترجع ذكريات التاريخ ثالثة. واستطعنا ان نرى الجهرة من موقفنا بالمنظار المقرب، وان نرى رؤوس المنازل في الكويت، وكان الجو صحوا والسماء مشرقة والهواء دافئا، واسف الدكتور لاننا لم نصطحب آلة تصوير ورجعنا والسائق الماهر يمرق بالسيارة المتينة بين المسالك الضيقة التي لم تمهد، ويحاذر معاطب الرمال، وحيا الدكتور عزام كاظمة ببيتين هما:
بكاظمة طوفت في ميعة الضحى
وقلبي الى الماضين جم التشوق
اكاد ارى في رملها قبر غالب
واسمع في الآفاق شعر الفرزدق
وتذكرنا البوصيري حين قال:
ام هبت الريح من تلقاء كاظمة
واومض البرق في الظلماء من اضم
وبلغنا الجهرة فزرنا مدرستها، وتجولنا في القرية، ودخلنا احد بساتينها، وألممنا بالقصر الاحمر، ثم غادرنا الجهرة الى (الاحمدي)، حيث زرنا الميناء والآبار.
هذا الكلام والحديث الذي يقوله الشرباصي في تلك الحقبة، عندما ننظر اليوم الى المنطقة نرى انها تغيرت مائة درجة، وهذا يعطينا ان الرجل سجل جزءا من تاريخ الكويت في فترة لم يسجل بعده الا عبدالله خالد الحاتم فقط.
عندما ألقيت نظرة سريعة على هذا العالم، الذي ترك بصمات في الكويت بكتابه «أيام الكويت»، وهو ذكرى وذكريات، نقول من هو هذا الشرباصي؟ انه أحمد الشربيني جمعة الشرباصي الذي ولد عام 1918 وتوفي سنة 1980، ولد في الدهقلية ودرس في الازهر في كلية اللغة العربية، هناك تعرف على عبدالعزيز حسين، الذي عمل بعدها مديرا لبيت الكويت ـ البعثات وبعدها مديرا للمعارف، فطلب عبدالعزيز حسين من زميله وصديقه الشرباصي ان يدريس في الكويت في اول الخمسينات.
كان الشرباصي ألف مجموعة من الكتب، وهذا يدل على نشاطه منها: الحركة الكشفية، الفدائيون، تاريخ الاسلام، بين صديقين، محاضرات الثلاثاء، عائد من باكستان، واعظ أسير، من أجل فلسطين، الإسلام والاقتصاد، في عالم المكفوفين، الأئمة الاربعة، امير البيان شكيب ارسلان، رشيد رضا صاحب المنار والحاكم العادل.
هذه بعض الكتب التي اطل بها علينا بالاضافة الى كتابه عن الكويت «أيام الكويت».
بعد رجوعه الى مصر، وكنت ازوره بين الفينة والفينة، اهداني كتابه عن الكويت قائلا لي: يا ابني هذه ذكرياتي معكم في بلدكم الكويت.
أخيرا.. هذا هو احمد الشرباصي العالم والكاتب الذي اقام في الكويت سنة واحدة كان فيها شعلة ونشاطا في التدريس والرحلات والعلاقات العامة في الاذاعة والمنتديات، وتجده في مكتبة المعارف غالبية الامسيات يتنقل من كتاب الى كتاب وهو يكتب ويسجل حتى ترك هذا السجل كتاب «أيام الكويت».


القبس 7/1/2012
__________________
www.flickr.com/photos/aljamea
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 08-09-2012, 10:19 PM
ندى الرفاعي ندى الرفاعي غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 693
افتراضي

مجلة البعثة عدد يونيو 1948

__________________

*****
๑۩۞۩๑

{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِين}
هود114
๑۩۞۩๑

*****
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الشاعر محمد بن لعبون في الكويت - يعقوب الغنيم AHMAD المعلومات العامة 13 13-12-2017 11:59 AM
هذه هي ثروة الكويت - يعقوب الغنيم AHMAD المعلومات العامة 1 17-09-2017 01:35 PM
أحمد الجابر وسلمان آل خليفة ( يعقوب الغنيم ) AHMAD تاريــــــخ الكـويت 0 17-01-2009 03:44 AM
الشيخ مبارك الصباح واتفاق الحماية البريطانية - يعقوب الغنيم AHMAD تاريــــــخ الكـويت 1 13-11-2008 09:33 PM


الساعة الآن 05:51 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت